· نغروبونتي: لست واثقاً إن كانت الحرب على العراق قد زادت العنف الأصولي
· "تأثير العراق" يترجم الى عمليات انتحارية في أفغانستان لم تعرفها من قبل
· بلير: العالم أصبح أكثر أمناً بعد إطاحة صدام
· بولر: الغرب سيعاني لجيل كامل نتيجة غزو العراق
بقلم: كيم سنغوبتا وباتريك كوكبيرن
يدفع أناس أبرياء في جميع أنحاء العالم ثمن "تأثير العراق" IRAQ EFFECT مع سقوط المئات من الضحايا في أحداث لها صلة مباشرة بغزو واحتلال العراق من قبل القوات الأمريكية والبريطانية·
فقد أظهرت دراسة أمريكية موثوقة، للهجمات الإرهابية التي وقعت بعد غزو العراق عام 2003، ما يناقض إنكار جورج بوش وطوني بلير المتكرر لوجود صلة للحرب على العراق بتنامي العنف الأصولي في شتى أنحاء العالم· ويقال إن الدراسة هي الأولى من نوعها التي تحاول قياس "تأثير العراق" على الإرهاب الدولي· وخلصت الدراسة الى أن عدد الذين قتلوا في هجمات جهادية في مختلف أنحاء العالم قد ارتفع بصورة دراماتيكية منذ بدء الحرب على العراق عام 2003· وقارنت الدراسة الفترة ما بين الحادي عشر من سبتمبر 2001 والتاسع عشر من مارس 2003 والفترة من العشرين من مارس 2003 وحتى 30 سبتمبر 2006· وأظهرت الأرقام باستثناء تلك المتعلقة بالصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، أن أعداد القتلى الذين سقطوا في حوادث إرهابية ارتفع من 729 قتيلاً الى 5420 قتيلاً· وبالإضافة الى هجمات وقعت داخل أوروبا، ارتفع عدد الهجمات كذلك في الشيشان وكشمير، منذ غزو العراق·
وأكدت الدراسة التي أجراها مركز القانون والأمن في مؤسسة NYU بالتعاون مع مجلة MOTHER JONES أن الغزو الأمريكي للعراق ساعد في تنامي العنف الأصولي داخل العراق نفسه، وأوردت أن ضحايا مثل هذا الشكل من الإرهاب كانوا في الفترة السابقة (من سبتمبر 2001 وحتى 19 مارس 2003) سبعة أشخاص فقط مقابل 3122 شخصاً خلال الفترة الثانية من 20 مارس 2003 وحتى نهاية سبتمبر عام 2006)· وشهدت أفغانستان التي تعرضت للغزو الأمريكي كنتيجة مباشرة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 تصاعداً في عدد ضحايا الإرهاب من بضعة أشخاص قبل عام 2003 الى 802 شخصاً منذ ذلك الحين وحتى اليوم· وفي الشيشان زاد العدد من 234 قتيلاً الى 497· وفي كشمير وفي كل من الهند وباكستان، ارتفع العدد من 182 شخصاً الى 489· وفي أوروبا من لا أحد الى 297 شخصاً·
إنجاز المهمة
فبعد عامين على إعلان الرئيس جورج بوش الشهير عن "انتهاء المهمة" في العراق، ما زال الرئيس يصرّ على "إننا أن لم نكن نقاتل وندمر العدو في العراق، فسوف يتأمرون ويقتلون الأمريكيين في كل أنحاء العالم وحتى داخل حدودنا· فبمواجهة هؤلاء الإرهابيين في العراق، يقوم جنودنا بإلحاق الهزيمة بتهديد مباشر للشعب الأمريكي"·
ويكرر طوني بلير المرة تلو المرة أن الحرب على العراق ليست مسؤولة عن الهجمات الأصولية كتلك التي وقعت في لندن في السابع من يوليو عام 2005، والتي أدت الى مقتل 52 شخصاً· وأعلن بلير في شهر يوليو 2004 أن "العراق والمنطقة والعالم أصبح أكثر أمناً دون صدام حسين"·
وينفي رئيس وزراء بريطانيا بشدة، الاتهامات من قبل بعض أعضاء مجلس العموم البريطاني بوجود صلة بين غزو العراق وتدهور الأوضاع الأمنية في مناطق مختلفة من العالم·
وصرح مدير الأمن القومي الأمريكي جون نيغروبونتي في شهر فبراير الماضي، أنه "ليس واثقاً" من أن الحرب على العراق شكلت عاملاً لنجاح شبكة القاعدة في تجنيد العناصر، وأصرّ على أنه لا يعتقد بأن ثمة "نمواً واسعاً في التطرف الإسلامي يتجاوز حدود العراق"·
ومع ذلك، تشير الدراسة الى تقرير رسمي صادر عن الإدارة القومية لتقييم المعلومات الاستخباراتية حول "اتجاهات الإرهاب العالمي وانعكاساته على الولايات المتحدة"، الذي رُفع عنه غطاء السرية جزئياً مؤخراً، وورد في هذا التقرير أن "الحرب على العراق أصبحت قضية مشتركة للجهاديين·· وتقوم بصوغ جيل جديد من القادة والعناصر الإرهابيين"·
ويجادل معدّا هذه الدراسة الجديدة بيتر بيرغين وبول كروشانك أنه على العكس مما يقوله بوش وبلير، فإن "الحرب في العراق زادت بشكل كبير، من انتشار الفيروس الإيديولوجي لتنظيم القاعدة، وهو ما يظهر من ارتفاع عدد الهجمات الإرهابية خلال السنوات الثلاث الماضية من لندن الى كابول ومن مدريد الى البحر الأحمر·
ويضيف المؤلفان أن "دراستنا تُظهر أن الحرب في العراق أحدثت زيادة مدهشة في المعدل السنوي للهجمات الجهادية المميتة، تصل الى مئات الهجمات الإضافية والأرواح التي تزهق، وحتى عند استثناء الهجمات الإرهابية في كل من العراق وأفغانستان، فقد زاد عدد الهجمات الإرهابية القاتلة في باقي أنحاء العالم بأكثر من الثلث·
أخذ وعطاء
وفي محاولة لقياس "تأثير العراق" ركز المؤلفان على عدد الهجمات الإرهابية التي وقعت خلال الفترة من 11 سبتمبر 2001 وحتى 19 مارس 2003 مقارنة بالفترة من 20 مارس 2003 وحتى 30 سبتمبر 2006· وقد تم استفاء المعلومات من قاعدة البيانات الخاصة بالإرهاب في مؤسسة "راند" الأمريكية·
ويجد تأكيد التقرير بأن غزو العراق أدى الى تنامي موجة التطرف الأصولي، تأييداً واسعاً من قبل المؤسسة الأمنية في بريطانيا· فقد أبلغ مسؤولون رفيعو المستوى في مكافحة الإرهاب، هذه الصحيفة أن الحرب على العراق والمزاعم الأمريكية والبريطانية التي ثبت زيفها عن امتلاكه أسلحة الدمار الشامل، دفع بالمزيد من الشباب المسلم للانخراط في نشاطات متطرفة، أكثر مما فعلته الحرب على أفغانستان· وقد صرحت ديم اليزا بولر رئيسة جهاز الأمن البريطاني الخارجي M15 مؤخراً "أنه يتم تصوير الهجمات في العراق بانتظام بواسطة الفيديو أو الكاميرات العادية ثم يتم تحميلها على شبكة الإنترنت، ونحن نرى تأثير ذلك هنا في بريطانيا، إذ تولدت لدى بعض الشباب الرغبة في أن يصبحوا مفجرين انتحاريين، وهذا خطر كبير وجدي وأخذ في التنامي، وأعتقد أنه سيظل يواجهنا لجيل كامل"·
ويعترف الملا عبدالله، أحد زعماء حركة طالبان بالأهمية الحاسمة لـ"تأثير العراق" على الصراع في أفغانستان، حيث يقول "نحن نأخذ ونعطي للمجاهدين في العراق"· وربما يكون الدليل الأقوى على ذلك، الزيادة الدراماتيكية في عدد العمليات الانتحارية في أفغانستان، وهي الظاهرة التي لم تكن موجودة طول عشر سنوات من الحرب ضد السوفييت في الثمانينات·
وورد في التقرير أن "تأثير العراق" طال نزاعات مختلفة استناداً الى عدد من العوامل مثل تواجد قوات لبعض الدول في العراق وقربها الجغرافي من العراق والشعور بالتعاطف مع العراقيين وتبادل المعلومات بين المجموعات الأصولية المختلفة· ويذهب التقرير الى أن "ذلك قد يفسر لماذا كانت بعض المجموعات الجهادية في أوروبا ودول عربية وأفغانستان أكثر تأثراً بالحرب في العراق من مناطق أخرى"· لقد استخدمت روسيا - كما الولايات المتحدة - مصطلح الحرب على الإرهاب في حربها على الشيشان، وعزز تنظيم القاعدة وأتباعه مواقعهم في المناطق الحدودية مع باكستان وبدأوا من هناك، بشن هجمات في كشمير وباكستان والهند·
وتظهر إحصاءات النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني كذلك، زيادة في عدد الهجمات الفلسطينية ضد الإسرائيليين في الأراضي المحتلة، وكذلك زيادة في عدد الهجمات التي شنها المستوطنون ضد مواطنين فلسطينيين، بعد الغزو الأمريكي للعراق، وإن كانت هناك شكوك تحيط بمنهجية البحث المتصلة بهذا الصراع الدائر منذ عقود·
"عن: الإندبندنت"