رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 28 مارس 2007
العدد 1767

بعقوبات مجلس الأمن ومن دونها:
واشنطن تدير حربها السرية داخل إيران

جريجوري إليتش:*

بينما يزداد تركيز الانتباه على استعدادات حكومة بوش لحرب محتملة على إيران، وعلى ضغطها من أجل فرض العقوبات أيضا، تتكشف أبعاد سياسة تحظى بانتباه أقل، سياسة قد يثبت أن لها تبعات قاسية على المنطقة· هناك حرب سرية تجري في إيران، رغم أنها في بدايتها، إلا أنها تحمل علامات تصعيد يثير القلق· ومع أن المدى الكامل لانخراط حكومة بوش في عالم حرب العصابات الخفي هذا لم ينكشف بعد، إلا أن ما هو معروف حتى الآن يكفي لرسم صورة مزعجة·

ويوفر تقديم المساعدة للقوى المناوئة للحكومة الإيرانية مزايا معينة لحكومة بوش، إذ لا حاجة إلى إنفاق جهود لكسب دعم لهذه السياسة، فالعمليات يمكن أن تدار بعيدا عن رقابة الجمهور في وقت تتنامى فيها المعارضة الداخلية للحرب في العراق، والرأي العام الدولي نافل بكل بساطة حين تكون الوقائع غير معروفة معرفة كافية·

وفي لغة المصروفات، تعتبر العمليات السرية وسائل ذات تكلفة فعالة لخلق انعدام الاستقرار في أمة، وهي قريبة نسبيا من شن الحرب·

لا جديد في هذه التقنية، وقد برهنت على أنها وسيلة فعالة للإطاحة بالحكومات الأجنبية في الماضي، كما كان الأمر في حالة أفغانستان الاشتراكية ونيكاراغوا· وفي يوغوسلافيا، ساعدت شحنات الأسلحة الأمريكية والبريطانية والتدريب على تطوير جيش تحرير كوسوفو الانفصالي، من قوة صغيرة تتكون من 300 جندي إلى جيش عصابات ذي حجم كبير جعل السيطرة الحكومية على كوسوفو غير ممكنة وكانت الفوضى ذاتها التي فعل الغرب الكثير من أجل خلقها هي التي استخدمت في ما بعد كذريعة لقصف يوغوسلافيا·

وفق أقوال مسؤول استخباراتي في السي· أي· إيه (المخابرات المركزية الأمريكية) فإن تمويل الجماعات الانفصالية المسلحة في إيران يتم من ميزانية المخابرات السرية· والهدف، كما يزعم فريد بورتون، أحد عملاء مكافحة الإرهاب السابقين في وزارة الخارجية، هو "تجهيز وتدريب" هذه الجماعات للإخلال بالنظام الإيراني" كما كتب وليم لوثير وكولن فريمان في الصنداي تلغراف اللندنية في مقال تحت عنوان "الولايات المتحدة تمول الجماعات الإرهابية لزرع الفوضى في إيران" (25 فبراير 2007)·

أكبر المنظمات المعادية للحكومة الإيرانية والأكثر شهرة هي "مجاهدي خلق" التي تعمل انطلاقا من العراق· وكانت هذه المنظمة قد شنت طيلة سنوات هجمات عبر الحدود وقامت بأعمال إرهابية ضد إيران بدعم من صدام حسين· وبعد أن كانت الولايات المتحدة تعتبر هذه المنظمة منظمة إرهابية منذ العام 1977، وجردها الجيش الأمريكي من الأسلحة الثقيلة بعد ست سنوات، أصبحت واشنطن تنظر إليها الآن في ضوء مختلف· فقبل ثلاث سنوات اقترح مسؤولو الاستخبارات الأمريكية النظر إليها بطريقة أخرى، على أن يعاد تسليحها وتستخدم لخلق عدم استقرار في إيران، وهي توصية من الواضح أنه تم قبولها، حسب المعلومات التي توفرت من مصادر مختلفة، بما في ذلك موقع منظمة الأمن العالمي، وما أشارت له صحيفة "الصحيفة" الإيطالية في تقرير حول منظمة مجاهدي خلق التي تجمع الأموال في إيطاليا (2 أكتوبر 2006)·

وتريد الحكومة العراقية الحالية التي تتهم هذه المنظمة بالضلوع في عمليات صدام حسين القمعية، إغلاق معسكر "أشرف" الذي يقع خارج بغداد، ويتمركز فيه الكثيرون من مقاتلي مجاهدي خلق· ولكن المعسكر يعمل تحت حماية الجيش الأمريكي، ويقوم سائقون أمريكيون بمرافقة قادة مجاهدي خلق في تنقلاتهم، وليس من المحتمل أن تنجح الحكومة العراقية في إغلاق المعسكر ما دامت "مجاهدي خلق" أصبحت تعد مصدر الولايات المتحدة الرئيس للمعلومات الاستخبارية حول إيران· (واشنطن، بوست،  14 مارس 2007)·

ويكشف مصدر استخباراتي أمريكي عن أن المسؤولين الأمريكيين "جعلوا أعضاء مجاهدي خلق يقسمون على الولاء للديمقراطية ويستقيلون من المنظمة، ثم يقوم رفاقنا عندئذ بإدخالهم في وحدة من وحداتهم وتدريبهم"، وبدأ الاعتماد على منظمة مجاهدي خلق في عهد وزير الدفاع رونالد رامسفيلد بتوجيه من نائب الرئيس ديك تشيني، وسرعان ما بدأ جنودها يستخدمون في عمليات خاصة داخل إيران· وقال هذا المسؤول الاستخباراتي من الفريق الذي يتعامل مع هذه المنظمة "إنهم يقومون بكل ما يريدون، ولا حدود لعملهم على الإطلاق" (لاريسا الكساندروفا، شبكة أخبار روستوري، واشنطن، 13 إبريل 2006)· وهناك منظمة أخرى تقوم بهجمات في إيران عبر الحدود هي "حزب الحياة الحرة في كردستان"· وتوفر إسرائيل لهذه الجماعة "المعدات والتدريب" كما يقول مستشار في وزارة الدفاع الأمريكية، بينما تزودها الولايات المتحدة "بقائمة أهداف داخل إيران ذات أهمية للولايات المتحدة"· ويقول هذا المستشار: إن المساعدات لمجموعات العصابات هذه "هي جزء من جهد للتعرف على وسائل بديلة تستخدم للضغط على إيران" (سيمور هيرش، التحرك القادم، نيويوركر، 27 نوفمبر 2006)· ولوحظ أن حزب الحياة الحرة أظهر منذ وقت قريب أنه اكتسب قدرة فعالة خلال عملياته، من ناحية الحجم والتسليح على حد سواء، وهي حقيقة لا ريب أنها يمكن أن تنسب للدعم الغربي (جيمس براندون، تحليل الإرهاب العالمي، 6 مارس 2007)·

وتنشط في منطقة سيستان البلوشية الإيرانية منظمة سنية متطرفة تدعى "جندالله" وتشن هجمات مسلحة وتزرع المتفجرات، وتلغم السيارات المتفجرة، وتقوم بعمليات اختطاف· وليس من الواضح ما إذا كانت هذه المنظمة وقاعدتها باكستان، مرتبطة بمنظمة باكستانية تحمل الاسم نفسه وذات روابط بتنظيم "القاعدة" (أسوشيتد برس، 6 مارس 2007)· وتنكر منظمة "جندالله" أي علاقة لها بالقاعدة أو الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن المسؤولين الإيرانيين يدعون أن معتقلا من عصابات جندالله اعترف أنه تلقى تدريبه في الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى يد ضباط مخابرات بريطانيين· وليس هناك من سبيل للتحقق من صدقية مثل هذا الاعتراف، وما إذا كان قد تم حقا، إذ ربما أخذ تحت التعذيب، إلا أن الادعاء الإيراني لا يناقض ما تقوم به الولايات المتحدة في أماكن أخرى في إيران (شبكة أخبار إيران، طهران، 17 فبراير 2007)·

ومن المحتمل أن تقوم حكومة بوش في الأشهر القادمة بتوسيع دعمها للقوى المناوئة للحكومة الإيرانية لإحداث المزيد من عدم الاستقرار والحصول على المعلومات الاستخبارية· فوفقا لما ذكره ريتشارد سيل في تقرير "لعبة القط والفأر حول إيران"· وبثته اليونايتد برس في 26 يناير 2005 ، فإن القوات الأمريكية الخاصة تنشط الآن في إيران لجمع المعلومات وزرع أجهزة التجسس، وتحديد الأهداف الكترونيا، وتتعاون معها في هذا القوى الانفصالية· وعلق مسؤول سابق في السي· أي· إيه بالقول "يبدو أن هذه العملية تتحول الى عملية سرية واسعة النطاق"· ويقول تقرير اليونايتد برس إن مسؤولين أمريكيين وإسرائيلين أنشأوا جبهة من الشركات لتمويل هذه الحرب السرية· وحسب ما جاء في صحيفة الفايننشال تايمز بقلم جاي دنمور (23 فبراير 2006)، فقد طلبت قوات البحرية الأمريكية دراسة

من شركة هكس ومجموعاتها التي تعمل كمقاول لوزارة الدفاع، عن المجموعات العرقية في العراق وإيران ونزاعاتها لاستثمار الاختلافات العرقية في المحيط الإيراني استثمارا تاما·

ولم يمنع كون هذه المنظمات الانفصالية منخرطة في الإرهاب حكومة بوش من دعمها· فالإمكانيات المنتظرة من هذا الدعم لا يستهان بها· وكان دعم السي·أي· إيه، للمجاهدين المعادين للسوفيات والاشتراكية في أفغانستان قد ولّد حركة تطرف إسلامي على نطاق عالمي، وفتت الدعم الغربي للحركات الانفصالية العرقية يوغسلافيا، وأشعل الغزو الأمريكي للعراق الخلافات العرقية وجعل الحياة المشتركة بين الأعراق أمرا محالا· ويبقى أن نرى ما إذا كانت حكومة بوش تستطيع تحقيق هدفها في إحداث تغيير في النظام في إيران· مثل هذه العملية يمكن أن تكون لها تبعات مخربة بالنسبة للشعب الإيراني، ولكن مسؤولاً سابقاً في السي· أي· إيه يشرح المسألة على النحو التالي: "إن أولئك المسؤولين في حكومة بوش الذين يدافعون عن العمليات السرية ويطبقونها، يعتقدون أنك تستطيع دخول إيران ببساطة وضرب المنشآت وإحداث عدم استقرار، ويؤمنون أنك تستطيع أن تتخلص من قلة من الملالي المجانين، والمجيء بشبان يحبون ارتداء "الجينز" وستحل كل مشاكل العالم· ولكنني أعتقد أنهم يضللون أنفسهم بهذا" (في حديث للغارديان البريطانية، 18 يناير 2005)·

 *صاحب كتاب "أغرب المحررين:

العسكرة والتشويه والسعي وراء الأرباح"·

عن: www.globalresearch.ca

طباعة  

فيما اعتبرت تشكيلة توازنات في الأسرة والمجلس
العناصر الخاسرة لن تتركها وشأنها

 
رغم إيجابياتها الواضحة
الحكومة الجديدة بين فرص النجاح وهواجس الفشل

 
بعضهم ورث تركة كبيرة من تراكمات الفساد
ملفات الإصلاح بانتظار الوزراء الجدد

 
الترخيص سرداب وثمانية أدوار والبناء سردابان و20 دوراً
مستشفى يخالف ترخيص البلدية وينفذ المشروع

 
ولادة متعثرة استمرت ثلاثة أسابيع
"العمل الوطني": نمد يد التعاون للحكومة إن كانت جادة في الإصلاح

 
فشل في إقناع حزبه بمقاطعة الحكومة
صاحب الوسيلة يفقد صوابه

 
قمة تجمع الرؤساء والحركات الاجتماعية
الجماعة الأمريكية الجنوبية قريباً!

 
مصر:
الدولة البوليسية تستفتي الناس بالقوة!

 
رايس تستبق القمة العربية وأولمرت يدخل على الخط
سؤال مشروع أمام القمة: لماذا يسعى التطبيعيون إلى تأكيد التطبيع والتشبث به؟

 
اتجاهات
 
فئات خاصة