كتب محرر الشؤون المحلية:
بعد مخاض بدأ باسترخاء سمو رئيس الوزراء وانتهى قاب قوسين من أزمة صعوبة أو ربما استحالة التشكيل، جاءت الوزارة الجديدة تحمل معها إيجابيات تبدو مهمة إذا ما قورنت بالتشكيلات السابقة كما انطوت على بعض الهواجس التي يرى المراقبون احتمال عرقلتها لمسيرة التشكيلة بعد فترة الهدوء المفترض·
فيرى المراقبون أن إزاحة بعض الوزراء الذين شكلوا عناصر تأزيم مع بعض القوى السياسية كالدكتور إسماعيل الشطي وربما خروج وزير الصحة في اللحظة الأخيرة ولأسبابه الخاصة، جاءت لتخفف من الاحتقانات المتوقعة فيما لو عادت الحكومة بهما·
كما رأى المراقبون إيجابية واضحة في استجابة رئيس الوزراء الى المطالب النيابية المتنوعة لعدم توزير النائب طلال العيار الذي اعتبر أحد رموز وزراء الخدمات الذين عاثوا في الوزارات التي تولوها تخريباً حتى اضطر مجلس الخدمة المدنية لإلغاء أغلب تلك القرارات·
ويشير المراقبون كذلك الى أهمية المشاورات والتفاوض التي تم بين رئيس الحكومة والقوى السياسية واعتبروه تطوراً إيجابياً ذا دلالة وفي الاتجاه الصحيح·
ويضيف المراقبون في إطار الإيجابيات أن التشكيلة بشكل عام جاءت على خلاف ما أراده وسعى من أجله حلف الفساد، بل ربما أتت في الاتجاه المعاكس تماماً لما أراد الناشطون أو من تبقى ناشطاً من (الثلاثي + واحد)·
لذا يتوقع المراقبون إمكانية أكبر لحكومة ناصر المحمد الجديدة في الاستقرار وربما في التعامل مع مجلس الأمة المختلف عن مجالس هيمنة (الثلاثي + واحد) ونوابهم· فقد أخذ رئيس الحكومة وزراء من ثلاثة كتل سياسية ونسق (وإن بشكل غير مباشر) مع كتلة العمل الشعبي التي تحقق لها جزء مهم مما أرادت عندما أبعد الشطي، هذا التنسيق برأي المراقبين يعطي الحكومة حصانة من الاستجوابات المؤثرة (في حال عدم انقلاب الكتلة الإسلامية رغم وجود وزيريها كما فعلت في وجود الشطي)·
من جانب آخر لاحظ المراقبون تداول عدد من الهواجس التي ربما تحولت الى نقاط ضعف في الحكومة على المدى الأبعد، منها إعادة بدر الحميضي وزيراً للمالية على الرغم مما نقل عن رئيس الوزراء من توفر عدد عشرة أعضاء لطرح الثقة فيه وعلى الرغم من إعلان أحد النواب نيته استجوابه إن هو عاد الى الحكومة ناهيك عما يمكن أن يثيره تكتل العمل الشعبي من ملفات حول حقيبة المالية التي سيكون الوزير في وضع حرج إن لم يعالج الملفات التي لدى التكتل الشعبي ويعلم بها الوزير·
أما الهاجس الثاني فقد يتمثل في إعادة المعتوق وزير للعدل والأوقاف بعد أن كان قد أبلغ بعدم العودة عندما عرضت الوزارتان على أحمد العبدالله بعد أن كان قد اعترض على تولي وزارة العدل لوحدها· عودة المعتوق ستثير عدداً من النواب المحسوبين على الحركة السلفية (العلمية) وقد يمثل وجوده بؤرة قد يبنى عليها·
ويضيف المراقبون في عرضهم للهواجس ما يمكن أن تواجهه الوزيرة الجديدة نورية الصبيح في وزارة التربية نتيجة لعدد من العوامل منها العلاقة المحتملة مع القيادات الجديدة التي زرعها الوزير السابق عادل الطبطبائي والتي تعتبر أغلبيتها من طاقم جمعية المعلمين والمقربين من (حدس) أو المحسوبين على نواب بعض القبائل· يضاف الى ذلك أن جل إمكانياتها تتمثل في معرفتها الدقيقة في شؤون وزارة التربية يقابله قلة خبرة فيما يتعلق بالتعامل مع مجلس الجامعة ومجلس التعليم التطبيقي الذين سترأسهما·
كما ينظر المراقبون الى توزير الصبيح (رغم الثناء على كفاءتها) على أنه دليل على انعدام وجود سياسة ثابتة لمجلس الوزراء يختار الوزراء على أساسها، فهو الذي اختار عادل الطبطائي الذي دفع نورية الصبيح على الاستقالة ثم في التشكيل التالي يخرج الطبطبائي وتكلف الصبيح في حقيبة التربية!!
أما الملاحظات الأخرى التي يتداولها الناس فتتمثل في النقلة الواضحة لاختيارات رئيس الوزراء التي كان قد عبر عنها بعيد استقالة الحكومة وتلك التي انتهى إليها عند إعلان التشكيل·
فقد نقل عن سموه غضبه الشديد من الطريقة التي عاملته فيها الحركة الدستورية في استجواب أحمد العبدالله وأنه سيعبر عن ذلك في التشكيل الجديد، ثم انتهى الأمر الى توزير محمد العليم رغم كونه الناطق الرسمي للحركة بل هو الذي أعلن عن الاستجواب قبل النواب المستجوبين·
وفي نفس الإطار جاء تعيين شريدة المعوشرجي وهو من قيادات السلف (إحياء التراث) رغم كونهم من فاجأ الحكومة ورئيسها بطرح الثقة·
وقد اعتبر بعض المراقبين قرارات الرئيس هذه بمثابة تعامل سياسي بعيد عن الانفعالات إلا أن آخرين حذروا من احتمالات "مفاجآت" أخرى ربما من (حدس) على وجه التحديد ستخرجها إن اضطرت بإخراج العليم (شكلياً كما حدث مع الشطي) من عضوية الحركة وتبرير الانقلاب الجديد·
يبقى أن الحكومة الجديدة يتوفر لديها ما لم يتوفر لدى أغلب الحكومات التي تلت تحرير الكويت إن هي قررت السير في طريق الإصلاح الذي لا تخطئه عين ويعرف به جميع الوزراء بل قد بدأ فيه سمو الرئيس وليس أمامه سوى أن يكمل المسيرة بطاقم وظروف أفضل، ولا مبرر للتردد، فهذه كما يقول المراقبون هي الفرصة الأهم والتي ينتظرها كل الساعين الى الإصلاح·