رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 28 مارس 2007
العدد 1767

الإخوان المسلمون... نظرة من الداخل
استراتيجيات هدفها السيطرة على المجتمع وصولا إلى دولة الإخوان "2"

                                                                     

 

·         الهدف عشرة آلاف مقاتل أعلن عنهم المرشد

·         تدريب الشباب على الرياضات العنيفة استعدادا للمواجهة

·         أنظمة الحكم غير شرعية وهي لا تحترم الأسس الدستورية والقواعد القانونية

·         عاكف: أعطوني جيشا لكي أغزو به العالم!

·         التنسيق مع القوى السياسية واستغلال هذا التنسيق لصالحهم

 

لن نعود إلى بدايات تأسيس النظام الخاص للجماعة والذي أراده مؤسس الجماعة بأن يكون درعا واقيا للتنظيم المدني وأن يكون قادرا على الدفاع عن الجماعة في أية لحظة يتهدد فيها كيانها، ولكننا سنتوقف أمام التنظيم الخاص الجديد ومكوناته وأساليبه وبخاصة بعد ظهوره بشكل علني وواضح في أحداث جامعة الأرهر الأخيرة·

فقد تم التجهيز لهذا التنظيم بشكل جيد من خلال توفير كوادر خاصة إضافة إلى العنصر المالي والذي يضمن استمرارية هذا النظام إلا أن البداية الفعلية بدأ تنفيذ فصولها في العام 2002 أثناء ولاية المرشد السابق مصطفى مشهور الذي كان أحد أهم الشخصيات في النظام الخاص حيث وضعت الخطط والتجهيزات والتي من المفترض أن تأتي بثمارها بعد خمس سنوات·

حيث طرح إعادة تنظيم للجناح العسكري للجماعة عى أساس أن يتكون هذا التنظيم من شعب، وكل شعبة يكون لها مسؤول ويكون له أسرة خاصة مكونة من 3 أعضاء وعليها شخص يديرها يصبح الرابع في تشكيلها وهناك برنامج رياضي وقتالي يقوم به هؤلاء (26)، على أن يصل العدد في نهاية الأمر إلى 50فردا يشكلون النواة الأساسية لهذا التنظيم·

ومع تولي المرشد الحالي مهدي عاكف والذي يعد من أهم العناصر التي ساهمت في أحياء هذا التنظيم العسكري، ظهرت معطيات عديدة كقراره الذي كلف بموجبه خيرت الشاطر بتجهيز جيش أخواني عندما طلب منه تحديدا "أريد منك أن تجهز لي جيشا أغزو به العالم"! (27)

هؤلاء ال (50) يتم إعادة تأهيلهم من جديد وفق معطيات أخرى كالتدريب على السلاح، كما سيتولى كل فرد من هؤلاء تدريب 200 فرد آخر على آخر ما توصلوا إليه من فنون القتال حتى يصل العدد ألى عشرة آلاف مقاتل إخواني وهو الرقم الذي أعلنه مهدي عاكف (28)، إلا أن هذا الرقم لم يأت عفويا والذي له دلالات إخوانية ويعد من المأثورات التي توارثتها أجيال الأخوان عن مرشدهم الأول حسن البنا حين قال "أعطوني عشرة آلاف أستطيع أن أغزو بها"، وقد تكرر هذا الرقم مع مصطفى مشهور الذي كان يعتقد أن الأهم من التسليح هو تجهيز الأفراد أما التدريب على السلاح فلن يحتاج حسبما نقله عنه سوى ستة أشهر مؤكدا على ما قاله البنا مضيفا "أعطوني عشرة آلاف ممن لديهم صدق ونية خالصة لوجه الله"·(29)

ويشبه المنظر الأخواني محمد أحمد الراشد العمل الحركي للإخوان المسلمين بالعمل العسكري والقادة الحركيين بالقادة العسكريين والدعوة والحركة بالحرب والمعركة، وهو ينصح بقراءة أدبيات الثورة الإيرانية ثم يغرق في تفاصيل لما يسميه "مذهب السيف" ويقصد به الانقلاب العسكري (30)، وبسبب هذه الطبيعة للحركة فأن رمزا من رموزها وهو جاسم المهلهل يقول إن دعوة الإخوان ترفض أن يكون في صفوفها أي شخص ينفر من التقيد بخططهم ونظامهم ولو كان أروع الدعاة فهما للإسلام وعقيدته وأكثرهم قراءة للكتب ومن أشد المسلمين حماسة وأخشعهم في الصلاة، وما هذا إلا لأن التنظيم عسكري سياسي هدفه الدنيا قبل أن يكون تنظيما دينيا عايته الآخرة(31)·

 

معسكرات الإخوان

 

وإذا كان ما سبق هو خطة الإخوان بالنسبة للنظام العسكري أو الخاص، إلا أن تنفيذ مثل هذه الخطة استلزم إصدار تعليمات من قيادات الإخوان بأن يتلقى جميع عناصر الجماعة وبخاصة الفئات الشبابية تدريبات على الرياضات العنيفة مثل الكاراتيه والكونغوفو  من خلال معسكرات الإخوان الصيفية والشتوية (32)·

وخلال هذه المعسكرات والتي يقسم فيها المشاركون إلى كتائب يتم فيها الحرص على إكساب المشاركين فيها مهارات الدفاع عن النفس حتى يقوم بعدهابتلقين باقي زملائه التدريبات اللازمة، ويحرص الإخوان أن تتم التدريبات الرياضية القائمة على الاحتكاكات في أماكن مغلقة، أما عملية زيادة اللياقة البدنية والجري فتتم في الساحات المفتوحة والكبيرة، كما أن عمليات التدريت العضلي تقام في الصالات الرياضية الخاصة أو في الأندية الرياضية، حيث يلاحظ في هذا المجال توسع عدد من أعضاء الجماعة في إنشاء صالات رياضية متنوعة (33)·

 

التنظيمات الطلابية والشبابية

 

تؤكد الوقائع على وجود تنظيمات طلابية متشعبة في مختلف الجامعات الدراسية حيث يتوزع الطلاب الإخوان على شكل فرق أو قوائم طلابية يكون عليها قائد ثم مسؤول بالكلية، وعلى المستوى الأكبر هناك قيادة طلابية لكل جامعة، وفي النهاية هناك من يمثل الرأس القيادية على مستوى الطلاب ويشرف على هذا التنظيم الطلابي أحد أعضاء هيئة التدريس والذي يكون حلقة الوصل بين مكتب الإرشاد للأخوان وبين القيادات الطلابية الإخوانية في الجامعة حيث يتم التحرك بتوجيهات واضحة من مكتب الإرشاد·(34)

وفي قراءة سريعة للأحداث الجامعية تؤكد ذلك حيث يصاحب النشاط الطلابي عدة مساندة منظمة من قبل قيادات إخوانية بارزة سواء على مستوى التنظيم أو من أعضاء الإخوان في البرلمان، أو أن يتم التصعيد داخل الجامعة بغرض لفت الأنظار أو توصيل رسالة سياسية معينة عندما يكون أداء الجماعة باهتا وضعيفا في الشارع المحلي (35) كما حدث على سبيل المثال في الكويت عام 2006 عندما فرض الاتحاد الوطني لطلبة الكويت بقيادة الإخوان المسلمين نفسه على التجمعات الشبابية المطالبة بتعديل الدوائر وإفساح المجال له بالمشاركة بعدما كان بعيد عن المساهمة فيها·

 

تجنيد الصغار

 

تبدأ محاولات الإخوان لاختراق المجتمع بداية من الأسرة وتحديدا من خلال الأطفال وتجنيدهم في المدارس، حيث يسير هذا المخطط في اتجاهين رئسيين متوازيين في نفس الوقت (36)·

الأول: تسعى الجماعة لامتلاك أكبر عدد ممكن من المدارس الخاصة من خلال رجال الأعمال من الإخوان لاستثمار في التعليم وضخ مبالغ كبيرة لامتلاك هذه المدارس أو بشكل مستتر عبر الجمعيات الأهلية والخيرية وكذلك الدروس التعليمية التي تقيمها في مختلف الأماكن والمناطق تحت ستار "المساعدة في الدراسة" والتي بدأت في الانتشار بشكل واضح·

والثاني: من خلال الدفع بكوادرهم من المدرسين المنتمين للجماعة العاملين في المدارس الحكومية لنشر دعوتهم بين تلاميذ هذه المدراس ومحاولة السيطرة على مخرجات كليات التربية لصالحهم·

وتبدأ خطة الإخوان للسيطرة على الأطفال الصغار من خلال استغلالهم لفطرة الصغار وذلك بتوزيع الهدايا العينية في مواسم الأعياد ولعب قيمة بهدف ربطهم والسيطرة على مشاعرههم وتوجيههم إلى مساجد معينة (37)·

ويلي هذه المرحلة دعوة الأطفال إلى معسكرات أثناء الأجازة الصيفية والتي هي في الأساس دورات مكثفة حيث يتم فيها تغيير المفاهيم لديهم عبر المحاضرات الدينية التي تقام لأجلهم (38) ويتطور هذا الأمر إلى إلزام بعضهم بالاشتراك في الأندية التي تشرف عليها الجماعة والتي أطلق عليها أسماء تدل في مدلولها على الجانب الأخلاقي مثل " نادي الصحبة الصالحة" وغيرها من الأسماء

 

استراتيجية التعامل

 

حدد الإخوان المسلمون أسلوب عملهم في أي مجتمع يتواجدون فيه من خلال السيطرة والتحكم على كافة أوجه الحياة الموجودة به· ولتحقيق كافة تطلعاتهم في الوصول إلى الحكم وإقامة دولة الإخوان المسلمين·

وفي هذا السياق، فقد كشف أخيرا عن وثيقة استراتيجية عامة وضعها قادة الإخوان المسلمين في مصر والتي حملت عنوان "حوار حول استراتيجية التعامل في الفترة القادمة" حيث حددت الجماعة فيها بكل وضوح هوية الأنظمة السياسية القائمة وعيوبها وكيفية القضاء والقفز عليها (39)· ومن خلال هذه الوثيقة يمكن لنا فهم تصورات الإخوان حول أنظمة الحكم التي تدخل الجماعة معها في صراعات دائمة أو حالات من المهادنة تمهيد للقضاء عليه·

ففي رأي تنظيم الإخوان المسلمين أن النظام الحاكم هو "التحدي الأول والأساسي الذي يعوق جهودها ويتناقض معها··· وهو لا يطبق في سياساته الفكرة الإسلامية بل يحاصرها ويعاديها"، وتؤكد الوثيقة على علمانية أنظمة الحكم وهذه الأنظمة تتصف برأيهم بـ " عدم الشرعية"، فالنظام الحاكم " نطام لا يحترم الأسس الدستورية أو القواعد القانونية في البلاد" (40)·

وتعتبر الوثيقة أن "القوى الخارجية" هي أهم مصادر قوة النظام الحاكم، فهو "يحقق أهداف هذه القوى في المنطقة وهو جزء من استراتيجيتها العامة" ولعل هذا الأمر هو الذي يجعل من الإخوان يحاولون مد جسور التعاون والاتصال مع عدد من القوى الخارجية (41)·

وبعد أن تستعرض الوثيقة قوة النظام الحاكم داخليا، تطرح الجماعة عناصر الضعف، وتذهب إلى أحد أهم العوامل والتي تتمثل في "عدم امتلاكه (أي النظام الحاكم) لفلسفته أو عقيدة حقيقية يمكن أن يحشد بها الجماهير حوله·· أو بعبارة أخرى ليس لديه مشروع قومي (أو برنامج وطني) يحظى بإجماع غالبة الشعب"· إضافة إلى "عدم وجود مؤسسات حقيقية يعتمد عليها النظام في رسم سياساته وتنفيذها" فهو يعتمد على أشخاص معينين وعلى عناصر الثقة فيهم مما يجعل السياسة غير مستقرة(42) ·

وفي المقابل، يرى التنظيم ضرورة التنسيق مع كافة الحركات الإسلامية التي تتفق معها سواء في الداخل أو الخارج تحت شعار "التحالف الإسلامي" ودون إغفال التنسيق مع التيارات والأحزاب الأخرى غير الإسلامية في قضايا الحريات والفساد (43)، ولا يمنع هذا التنسيق من استغلاله لصالحهم في أية انتخابات سواء أكانت برلمانية أو نقابية أو غيرها·

وحسب ما جاء في هذه الوثيقة، فإن الجماعة تحرص على تبديد مصادر الخوف والقلق لدى النظام الحاكم من خلال الحرص على "ضرورة فتح قنوات اتصال بين النظام والجماعة وخلق أجواء للحوار والتفاوض" مرحليا وأنهم مستعدون لأي حوار "وحتى وإن لم يكن مجديا" (44)·

وانتهت الوثيقة إلى وضع استراتيجية طويلة الأمد "تستهدف تحقيق أهداف محددة في الفترة القادمة تؤدى في النهاية إلى انتهاج أسلوب يتسم بالعقلانية المعتادة والهدوء النسبي الذي لا يؤدي إلى خمول الصف ولا إلى جمود الحركة" ويكون هذا الأمر من خلال مشروعات محددة مثل:

1- مشروع إنشاء مدارس خاصة·

2- مشروع أنشاء مستشفيات خاصة·

3- مشروع إنشاء فروع تجارية تخدم مناطق ومحافظات معينة·

4- مشروع أنشاء دور رعاية للأيتام·

5- إنشاء فروع للجمعيات أو النقابات في كل منطقة للتجمعات·

وفي الجانب الاقتصادي، أكدت الوثيقة على ضرورة " استغلال الكيانات الاقتصادية القائمة والعمل على تطويرها مستفيدين من فرص الانفتاح والاستثمار التي أعلن عنها وإنشاء شركات تتناسب مع هذا التطور مع الاشتراك في أكبر عدد من جمعياتها العمومية" (45)·

 

* * *

 

هوامـش ومراجع الجزأين

 

1- للمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع، انظر: جريدة المصري اليوم· العدد (911)، الصادر في 11ديسمبر 2006

2- جريدة الموجز (مصر)، السنة الرابعة، العدد 43 ، الإصدار الثاني، الثلاثاء 26 ديسمبر 2006·

3- عبدالله أبو عزة: نحو حركة إسلامية علنية، في: عبدالله النفيسي (محررا): الحركة الإسلامية رؤية مستقبلية أوراق النقد الذاتي، الكويت، ظ 1·1989 ، ص 183.

4-المصدر السابق، ص 186·

5-المصدر السابق، ص185·

6- توفيق الواعي: الأخوان المسلمون كبرى الحركات الإسلامية شبهات وردود، مكتبة المنار الإسلامية ط 1،2001 ص 485·

7- المصدر السابق، ص 485 - 493·

8- المصدر السابق، ص 494 - 497·

9- صلاح الدين الجورشي: الحركة الإسلامية مستبقلها رهين التغييرات الجذرية، في: النفيسي: (محررا): الحركة الإسلامية رؤية مستقبلية أوراق في النقد الذاتي، مصدر سابق، ص 137·

10 - المصدر السابق، ص 137 - 138·

11- حسام تمام: تحولات الإخوان المسلمين تفكك الأيديولوجيا ونهاية التنظيم، القاهرة، مكتبة مدبولي، ط 1، 2006· ص 9·

12- انظر: علي حسين العوضي: التمكين وخطة إخوان الكويت، جريدة السياسة (الكويت)، 20 فبراير 2006·

13- حسنين توفيق إبراهيم: النظام السياسي والإخوان المسلمون في مصر، بيروت، دار الطليعة للطباعة والنشر، ط1، 1998، ص 23 - 28·

14- المصدر السابق، ص 29 - 33·

15- النظام العام للإخوان المسلمين·

16- علي حسين العوضي: احتفالية الإخوان بمئوية "الإمام" جريدة الطليعة (الكويت) العدد 1752 ، 29 نوفمبر 2006·

17- عبدالله النفيسي: الإخوان المسلمون في مصر التجربة والخطأ، في: النفيسي (محررا): الحركة الإسلامية رؤية مستقبلية أوراق في النقد الذاتي، مصدر سابق، ص 251·

18- جريدة النبأ الوطني (مصر)، السنة  17، العدد 907، الأحد  21 يناير 2007·

19- المصدر السابق·

20- جريدة الفجر (مصر) السنة الثانية)، العدد 82، الاثنين 10 يناير 2007·

21 - جريدة الأنباء الدولية (مصر)، الإصدار الثاني، العدد 11/592، الثلاثاء  23يناير 2007·

22- مروة سنبل: الإخوان يخرجون من القمقم، جريدة الأنباء الدولية (مصر)، الإصدار الثاني، العدد الخامس 586· 5 ديمسبر 2006·

23- المصدر السابق·

24- المصدر السابق·

25- انظر على سبيل المثال: الإنذار الرسمي الذي وجهه حزب الوسط إلى مرشد الإخوان، موقع حزب الوسط الجديد على الانترنت: www.aalwasatpary.com

26- مروة سنبل: الإخوان يخرجون القمقم (3) جريدة الأنباء الدولية (مصر)، الإصدار الثاني· العدد السابع/ 588، 19 ديسمبر 2006·

27- المصدر السابق·

28 - المصدر السابق·

29- حمدي رزق: الجناح العسكري للإخوان، مجلة المصور (مصر)، العدد 4289 ، 22 ديسمبر 2006·

30- مجلة الوطن العربي، العدد 1556، السنة الثلاثون، 27 ديسمبر 2006·

31- المصدر السابق·

32- عبدالحفيظ سعد: خطة الإخوان رقم "صفر" للاستيلاء على الحكم، جريدة الفجر (مصر)، العدد 80، السنة الثانية، 18 ديسمبر 2006·

33- المصدر السابق·

34- عبدالجواد أبو كب: قصة الجناح العسكري للإخوان، مجلة صباح الخير (مصر) العدد 2659، 19 ديسمبر  2006·

35- المصدر السابق·

36- مجلة روز اليوسف (مصر)، الطبعة العربية، العدد 4098، 25 ديسمبر 2006·

37- المصدر السابق·

38- المصدر السابق·

39- عادل حمودة: وثيقة سرية تكشف بروتوكولات حكماء الإخوان، جريدة الفجر (مصر)، السنة الثانية· العدد 88، الاثنين 12 فبراير 2007·

40 - المصدر السابق، 41 - المصدر السابق،  42- المصدر السابق،

43- المصدر السابق، 44- المصدر السابق، 45- المصدر السابق·

طباعة  

كتاب
أشباح فانون.. نتغير ونحن نغير العالم!!