رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 21 مارس 2007
العدد 1766

جملة مفيدة

الشعراء الجدد وعصر الوصاية الأدبية

 

آدم يوسف

على المستوى الشخصي ليست لدي أية مشكلة مع شاعر كبير أو صغير، أو طويل أو قصير، ما يهمني بالدرجة الأولى هو النص، ومدى تحقيقه لشروط الجمالية والمفارقة الشعرية· فالنص بمتنه وهوامشه، بأسطره وما بين أسطره، بفضائه المرئي واللامرئي، بعباراته المنطوقة والمسكوت عنها، هو المقياس والحكم، فهل حقق النص الشعري العربي هذه الموازنة؟ وهل هو خاضع لمقاييس الحكم الصحيح الخالية من أية تأثيرات خارجية أو أحكام مسبقة، أشك في ذلك· فمنذ أكثر من عشرة أعوام ونحن نتابع بشيء من الاهتمام كثيرا من المجلات والدوريات الأدبية التي تصدر في الوطن العربي، سواء تلك التي تصدر عن جهات ومؤسسات حكومية، أو عن مؤسسات خاصة، وأول ما يشدنا في هذه الإصدارات هو النصوص الأدبية، لا سيما الشعرية منها، وبعد قراءة أولية وثانية وثالثة نجد أنفسنا محبطين للغاية، فالنصوص التي تقع بين أيدينا في الغالب (حتى نبتعد عن التعميم) هي نصوص ركيكة وضعيفة ولكنها مذيلة بأسماء شعراء (كبار)، أو هكذا يوصفون، وهذا الأمر يضعنا أمام مؤشر خطير للغاية، فإما أن يكون القائمون على هذه المجلات والصفحات الأدبية يفتقرون إلى الذائقة السليمة والتقييم الصحيح للنصوص، أو إما أن يكونوا (وهذا هو الأرجح) مصابين بعمى الأسماء الكبيرة، مما يجعلهم يستسلمون لسطوة الاسم فيهتمون بالنص ويولونه العناية الكبيرة، دون النظر إلى محتواه أو أسلوبه أو لغته ومضمونه·

ومن المؤسف أن هناك أسماء كرس لها منذ الستينات والسبعينات من القرن المنصرم، ومازالت تعيش على فتات تلك الحقبة، فهذه الأسماء على الرغم من أنها استنفدت كل ما لديها مازالت تسيطر على المؤسسات الثقافية العربية من خلال توغلها في مجالسها الاستشارية، وعضويتها لكثير من لجان التحكيم، وهي لجان في الغالب تفرض وصاية مشوهة على الإبداع، ليس على أسس فنية سليمة، وإنما على أساس من الحفاظ على الوزن والقافية والعادات والتقاليد الإبداعية، إن صح أن للإبداع عادات وتقاليد، ولست أدري كيف يبدع شاعر نصا جميلا وهو يكتب تحت سطوة الوزن ويجلد ذاته ليجد كلمات يلصقها في نهاية البيت ليستقيم الروي وتنشط القافية، وهو بين هذا وذاك مأخوذ بصور شعرية بالية أكل الدهر عليها وشرب·

وإذا شئنا أن نضرب أمثلة لذلك يمكن أن نشير إلى مهرجان الشعر العربي الأخير في القاهرة، والأسماء المشاركة فيه، وكذلك الجوائز التي تمنحها بعض المؤسسات الثقافية في الكويت والإمارات وسلطنة عمان، وباستثناء جوائز دار سعاد الصباح المخصصة للشباب كنت أتمنى أن تكون لهذه المؤسسات أو لجان التحكيم التابعة لها الجرأة الكافية للإعلان عن فوز شاعر لم يسمع به أحد، أو سمع به قليل من الناس، ولكن يبدو أن لجان التحكيم هذه تنظر إلى اسم الشاعر قبل النظر إلى مضمون القصيدة وفحواها·

وقد أدرك كثير من الشعراء الشباب المأزق الذي تمر به هذه المؤسسات والجهات الرسمية، فانطلقوا مع ذواتهم، محلقين بالكتابة الشعرية كيفما يحلو لهم دون وصاية أو قيود، بعيدا عن هذه المؤسسات واشتراطاتها القائمة على أحكام مسبقة، وهذا ربما يكون السبب في كثرة الإصدارات الخاصة التي نقرؤها لشعراء شباب بين حين وآخر، وحسنا فعل هؤلاء الشعراء·

إن النصوص الجيدة تصل إلى القارىء أينما كان، وأقصد هنا القارىء المتذوق الحقيقي، وليس القارىء الذي يخضع لأحكام مسبقة، أو يستسلم لأسماء شعرية، قيل لنا إنها كبيرة، واكتشفنا فيما بعد عكس ذلك·

ليس المهم على الإطلاق دار النشر، أو شكل الكتاب الذي يضم النصوص أو حجمه، وإنما المهم هو فحوى هذه النصوص ومضمونها الرؤيوي، وتقاطعها مع واقع الحياة، ومفارقاته وتفاصيله اليومية· وقد حان الوقت الذي يدرك فيه الشعراء الشباب أنه لا وصاية لأحد على الإبداع والفن، فالمعرفة متاحة للجميع، وفضاء الكتابة مفتوح على مصراعيه، ولنا في الشبكة العنكبوتية خير شاهد·

لكم أن تكتبوا، ولنا أن نقرأ· وللدهر بتصرفاته وأحواله أن يميز الجيد من الرديء، مع أني أشك أن هناك إبداعا جيدا وآخر رديئا، بل هناك إبداع نتذوقه، ونستلذه وآخر نعجز عن فمهمه أو التواؤم معه·

 adamyosef@hotmail.com

طباعة  

مجموعته القصصية تثير السخرية وتدفع الى الضحك
يوسف المحيميد شاعر وقاص عصي على الكتابة

 
إصدارات
 
إشراقة
 
شعر
 
وجهة نظر