رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 21 مارس 2007
العدد 1766

الإخوان المسلمون... نظرة من الداخل(1)
استراتيجيات هدفها السيطرة على المجتمع وصولا إلى دولة الإخوان

                                                                  

 

·         زرع الولاء الكامل... والتنظيم فوق العائلة والمجتمع والوطن

·         صياغة تنظيم يوازي الدولة بجميع تقسيماتها الإدارية

·         الخطة الإعلامية:

- هدم الدولة والترويج لحكم الإخوان

- تقسيم المجتمع إلى ثلاثة أقسام وشراء الصحف والإعلاميين

·         مالية الجماعة:

- المضاربة في البورصات العالمية وغسيل للأموال في عواصم المال

- إيداع مبالغ كبيرة في رصيد قيادات الإخوان في الخليج العربي في أحد البنوك الفرنسية بدبي

- منح الشباب مشاريع تجارية لضمان ولائهم للجماعة

 

إعداد علي حسين العوضي:

في 25 نوفمبر من عام 2006 أجرت صحيفة (الأخبار) اللبنانية لقاء موسعا مع النائب الأول لمرشد جماعة الإخوان المسلمين في مصر د· محمد حبيب والذي أعلن في هذا اللقاء عن استعداد وجاهزية الإخوان المسلمين لحكم مصر، وجاء هذا اللقاء بعد التصريحات التي أطلقها مرشد الجماعة مهدي عاكف والتي أثارت العديد من المراقبين عندما صرح في صيف العام ذاته - في أثناء أحداث لبنان - أن لديها جيشا مكونا من عشرة آلاف جندي جاهزون للمقاومة في لبنان· وقد توجت هذه التلميحات الصحافية من مسؤولين في الجماعة بعرض عسكري لميليشيات تنظيم الإخوان عندما تحملت ساحة جامعة الأزهر في ديسبمر الماضي إلى معسكر تدريب لهذه الميليشيات استعرضت فنونا قتالية منوعة(1)، وصولا الى ما تم تداوله إعلاميا بشأن خطة الإخوان للاستيلاء على الحكم وخاصة مع إعلان المرشد بأن "الجماعة تملك مقومات الدولة بدءا من الأيديولوجية العامة لسياستها ومرورا بالجيش وصولا إلى العلاقات الخارجية!"(2)، مما عرض الجماعة في مصر إلى ملاحقات وضربات أمنية استباقية·

وقد شهدت الجماعة في السنوات العشر الأخيرة تطورات بارزة ومهمة على جميع المستويات والأصعدة وبخاصة على المستوى التنظيمي الداخلي، مما استجوب فتح ملفات هذه الجماعة من جديد والبحث في هيكليتها ونظامها وبخاصة في الجوانب المالية و(العسكرية) اللذين يشكلان قوة الجماعة وسر بقائها الطويل الممتد منذ تاريخ نشأتها في العام 1928 على يد مرشدها الأول حسن البنا والذي فرض الطاعة كركن أساسي في تنظيمه·

وتعتمد الجماعة في انتشارها على تجميع أكبر عدد من الأنصار والمؤيدين من خلال طرح شعارات عامة ونداءات ومقولات لا تستند على دراسات واقعية للمجتمع، والتزمت بعموميات دون الدخول في تفاصيل محددة، حيث لا يختلف أحد على المقولات(3)· وهذا الأمر أدى إلى اصطدام أعضاء الجماعة بخصومها،، وفي حالات كثيرة نجدهم يعطون لأنفسهم حق تنفيذ العقوبات بأيديهم(4)، كما اتجهوا أيضا في أحيان كثيرة إلى تكفير الناس والحكام بل والمجتمعات بأكملها(5)، وهو الأمر الذي طرحه سيد قطب في كتابه الشهير (معالم في الطريق) والذي يعد من أهم المصادر الفكرية التي تحرك الجماعة·

تعمد الاستراتيجية الإخوانية على ثلاث مراحل متصلة، فتبدأ أولا بالتعريف، ومن ثم التكوين، وأخيرا مرحلة التنفيذ، وهذه المراحل تتم إعادتها وبلورتها من جديد من فترة وأخرى بحسب الاستراتيجيات الموضوعة، بحيث إذا ما فشلت واحدة جاؤوا بأخرى وبالمراحل نفسها لتطبيقها·

 

العلاقات الداخلية للجماعة

 

وضع حسن البنا أصول الإخوان أو أركان البيعة والتي تمثلت في: الفهم، والإخلاص، والعمل، والجهاد، والتضحية، والطاعة، والثبات، والتجرد، والأخوة والثقة(6)·

وهذه الأصول والتي سعى إليها البنا تمثل في حقيقة الأمر مصدر قوة الإخوان، فالفهم من منظورة الإيقان بأن فكرة الإخوان فكرة "إسلامية صميمة" وأن على الجميع فهم الإسلام كما يفهمه الإخوان· وأما الطاعة فهي "امتثال الأمر وإنفاذه توا في العسر واليسر والمنشط والمكره"· وقصد البنا بالثبات "أن يظل الأخ عاملا مجاهدا في سبيل غايته مهما بعدت المدة وتطاولت السنوات والأعوام"· ويرى في التجرد أن يتخلص الفرد من كل المبادىء والأشخاص ما عدا مبادىء الإخوان لأنها أسمى الأفكار وأجمعها وأعلاها· في حين أن الثقة أراد بها "اطمئنان الجندي إلى القائد في كفاءته وإخلاصه اطمئنانا عميقا ينتج الحب والتقدير والاحترام والطاعة"·(7)·

وحتى تتحقق هذه الأصول، حدد البنا عددا من الواجبات الأساسية التي على الفرد "الإخواني" أداءها والالتزام بها حتى تكون جماعته لبنة قوية في البناء، ومن أهم هذه الواجبات(8):

1- أن يكون وفيا بالعهد والكلمة والوعد·

2- أن يكون شجاعا عظيم الاحتمال، وأفضل الشجاعة الصراحة في الحق وكتمان السر·

3- الإكثار من المطالعة في رسائل الإخوان وجرائدهم ومجلاتهم·

4- عدم الحرص على الوظيفة الحكومية واعتبارها أضيق أبواب الرزق·

5- المشاركة في دعوة الإخوان بجزء من المال·

6- مقاطعة المحاكمة الأهلية وكل قضاء غير إسلامي·

7- استصحاب نية الجهاد وحب الشهادة والاستعداد لهما·

8- التخلي عن الارتباط بأي هيئة أو جماعة لا يكون الاتصال بها لصالح الإخوان·

وتأسيسا على ذلك، فإن العلاقات الداخلية لجماعة الإخوان المسلمين أوكلت مهمة التربية والتكوين للمفاهيم السابقة، وأصبحت الجماعة تتمتع بصلاحيات واسعة للتصرف بحياة الأفراد ومصائرهم(9)· وحتى تتحكم الجماعة بهذا الأمر وتفرض قبضتها على أفرادها، عمدت إلى زرع الولاء الكلي للجماعة إلى درجة جعلها فوق العائلة والمجتمع والوطن واعتبار الجماعة بديلا عنهم، إضافة إلى تضخيم القيادة وإضفاء حالة من القدسية عليها وإعطائها مكانة خاصة حتى تمنع أي انفلات من القاعدة والمؤيدين عليها، كما اتجهت الجماعة إلى ازدواجية التنظيم ما بين السري والعلني، وما بين جناح مدني وآخر عسكري·(10)

وعمدت الجماعة إلى بناء تنظيم قوي وتطوير قدراته الذاتية، وتمت صياغة هذا التنظيم بشكل يوازي الدولة حتى في أدق التقسيمات الإدارية، فمكتب الإرشاد يوازي مجلس الوزراء، ومجلس الشورى يقوم بمهام البرلمان، ومكاتب الجماعة الإدارية هي المحافظات نفسها، والمناطق تنطبق حدودها مع الدوائر الإدارية والانتخابية تماما بحيث صار التنظيم دولة إزالة دولة·(11)·

ومن الواضح أن الإخوان المسلمين قد استكملوا هياكلهم التنظيمية في مختلف الدول والأقطار التي تتواجد فيها، واستكملت أيضا خططها واستراتيجيتها وأساليب عملها الرامية إلى القفز على الجميع وصولا إلى السلطة والحكم وإلغاء المؤسسات القائمة واستبدالها بالمؤسسات الإخوانية·(12)

 

الأدوار السياسية والاجتماعية

 

يمكن لنا رصد أهم ملامح الدور السياسي والاجتماعي المتنامي للإخوان في:(13)

1- التأثير المتزايد على بعض الأحزاب السياسية من خلال اتساع القاعدة الاجتماعية للإخوان مقارنة مع بقية الأحزاب الأخرى·

2- المشاركة في الانتخابات البرلمانية وتطور ممارساتهم داخل هذه المؤسسة·

3- البروز الكبير والقوي وسيطرتهم على عدد كبير من مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني مثل النقابات المهنية أو جمعيات النفع العام أو الاتحادات الطلابية·

4- تأسيس شبكة واسعة من المؤسسات الاجتماعية والمالية والتربوية والثقافية والصحية والتي تقدم خدماتها لقطاعات عريضة من أفراد المجتمع·

ويستند هذا البروز السياسي والاجتماعي إلى عدد من عناصر القوة والتأثير، والتي من أبرزها(14):

1- العمق التاريخي للجماعة وقدرتها على الاستمرار، فهي في العام القادم تكمل مسيرة 80 عاما، ولذلك أصبحت صاحبة تجربة سياسية عريضة في العمل السياسي·

2- تعتبر الجماعة بمثابة الحركة الأم للعديد من التنظيمات التي خرجت من تحت عباءتها أو نشأت مرتبطة بها·

3- القدرات التنظيمية الكبيرة والتعبوية العالية للجماعة·

4- جاذبية الشعارات التي تطرحها وترفعها وبخاصة شعاري (الإسلام هو الحل) و(تطبيق الشريعة الإسلامية)·

5- اتساع قاعدة التأييد للجماعة في صفوف الطبقات الوسطى·

6- القاعدة الاقتصادية الكبيرة·

7- تعدد وتنوع قنوات الاتصال بين الإخوان والمجتمع·

8- ضعف وهشاشة الأحزاب السياسية الأخرى·

 

مالية الجماعة

 

تعتبر مصادر التمويل المالي لجماعة الإخوان المسلمين من الأسرار الخاصة والغامضة في الوقت نفسه، إلا أن اتساع رقعة التنظيم للجماعة وضخامته فتح الباب للعديد لمتابعة النمو المالي الكبير لهذه الجماعة التي تعتمد أساسا على الشرط الذي وضع في عضويتها في المادة الخامسة من الباب الثالث من النظام العام للإخوان المسلمين حول الأعضاء وشروط العضوية، والتي تنص "على كل عضو أن يدفع اشتراكا ماليا شهريا أو سنويا وفق النظام المالي لكل قطر، ولا يمنع ذلك من المساهمة في نفقات الدعوة بالتبرع والوصية والوقف وغيرها كما أن للدعوة حقا في زكاة أموال الأعضاء القادرين على ذلك(15) وهذا الاشتراك تحدد لاحقا بـ%8 من دخل العضو الشهري والذي ينتطر أن يتطور إلى %15 من دخله العام(16)· كما أن مالية الجماعة ترتكز أساسا على إخوان الخليج والذين دائما ما يتم توظيفهم في عملية "جباية الأموال" لصالح التنظيم الدولي·(17)·

ويعتمد الإخوان في تمويلهم على دعم رجال الأعمال والذين عادة ما ينكرون صلاتهم بتنظيمات الإخوان المنتشرة في كل مكان، ومن الملاحظ توسع نشاط الإخوان المالي وبخاصة في منطقة الخليج العربي وعلى الأخص في دبي وقطر من خلال المضاربة في البورصات العالمية، وفي دبي على وجه التحديد عن طريق شركة عالمية لإدارة المحافظ المالية حيث يضخ الإخوان في هذه الشركة ما يزيد عن 100 مليون دولار سنويا ولا تتم المضاربة على إجمالي المبلغ بل على جزء منه للاستثمار في المباني والعقارات وأسهم في شركات، وجزء آخر موضوع في أحد البنوك الفرنسية الكبرى في دبي باسم قيادات الإخوان في الخليج العربي·(18)·

ويتحكم الإخوان بهذه الأموال من خلال توكيل لإدارة الأعمال والسحب منها صادر لعدد محدد من الإخوان، ولكل واحد منهم من حملة التوكيلات الحق في إدارة الأموال والسحب منها وهذه الأموال التي لا يمكن حصرها أو معرفة رقمها بشكل دقيق يتم تحويلها من الخارج مباشرة من خلال عمليات غسل الأموال في عدد من عواصم المال·(19)·

وتتوزع مصادر التمويل للإخوان على عدد كبير من الأنشطة الاقتصادية، مثل إنشاء دور للنشر والدخول في سوق الكمبيوتر من خلال إصدار البرامج الخاصة وشركات لتصميم مواقع للإنترنت إضافة إلى مجال الصوتيات، وامتدت الأنشطة أيضا إلى مجال بيع العطور والملابس الإسلامية، وقد نجح الإخوان في الاستفادة من هذه الأنشطة اقتصاديا وتنظيميا والتي عن طريقها ضمنت قيادات الإخوان الولاء التام للشباب الذين منحتهم مثل هذه المشروعات والأنشطة·(20)

وتدليلا على قوة جماعة الإخوان المسلمين ماليا، فقد أعلن عاكف بعد توليه مسؤولية الجماعة مباشرة بأنه المرشد على كل إخوان العالم، وأن الإخوان مؤسسة تتخطى كل أقطار العالم وأنه يستطيع أن يجمع مئة مليون جنيه في ساعة واحدة إذا أراد·(21)·

 

الجهاز الإعلامي للإخوان

 

في عام 2000 وضع تنظيم الإخوان المسلمين خطة إعلامية تستهدف الانتشار الواسع في الصحافة العربية والتي ارتكزت على ركائز معينة يتم من خلالها توجيه الرسالة الإعلامية لهم·

ويضع (الجهاز الإعلامي) الخطط الإعلامية التي يجب أن تنتهجها الآلة الإعلامية للإخوان، ويضم هذا الجهاز عددا من الأفراد بعضهم أعضاء في اللجنة أو المكتب السياسي، وتتمحور خطة الجهاز الإعلامي للإخوان في عمليتي الهدم والبناء ووضع خطط إعلامية كفيلة بالقضاء على الدولة وعناصرها من خلال المهادنة أحيانا أو الهجوم الحاد عليها، وبعد ذلك يتم الترويج للأفكار الإسلامية وأهمية حكم الإخوان·(22)

وقد صنف (قسّم) الإخوان المسلمين أفراد المجتمع إلى ثلاثة أقسام(23): الأول مؤيد لفكر الإخوان المسلمين، والثاني المحايد والذي يمكن استقطابه ليكون من المؤيدين· وأما القسم الثالث فهم المعادون لتنظيم الإخوان والذين لهم مواقف محددة تجاههم· وأفراد القسم الثالث هم الذين يتوجه إليهم الإخوان بصفة أساسية إما لتحييد آرائهم ومن ثم نقلهم لفئة المؤيدين وإذا لم ينجح هذا التوجه فيتم تشويه صورتهم أمام المجتمع حتى يفقدوا مصداقيتهم أمام الناس وهذا الأمر موجه للكتاب والإعلاميين·

ووضع التنظيم وسائل عديدة لتطبيقها، والتي تمثل في(24):

1- تجنيد الصحف وكبار رؤساء التحرير عن طريق تمويل الصحف وشراء نسخ كبيرة من الصحف والتي تتراوح ما بين 10 إلى 20 ألف نسخة على أن يكون هناك حوار أو مقابلة مع أحد أفراد المسلمين أو أن يكون فيها أحد الموضوعات التي تؤيد الإخوان أو تستعرض توجهاتهم·

2- الطلب من بعض الأكاديميين والكتاب الإعلاميين كتابة أبحاث ودراسات لبعض مراكز الدراسات التابعة للإخوان عن علاقة الحركة الإسلامية ببعض ظواهر المجتمع، كعلاقة الإخوان بالفنون والجهاد وبعض القضايا الأخرى في الديمقراطية والاقتصاد، ويتم رصد مبالغ كبيرة كمكافأة لهذه الأبحاث حتى إذا قالوا عكس ما يكتبون واجهوهم وأصبحت مكانتهم مهددة وفقدوا مصداقيتهم·

3- الطلب من بعض الإعلاميين العمل كمستشارين إعلاميين حتى إن كانوا من خارج الإخوان بحجة الاستفادة من خبراتهم، وإذا رفضوا يتم تشويه صورتهم إعلاميا·

4- كما قام الإخوان بتشويه صورة العديد من الأفراد الذين انشقوا عن الجماعة وخرجوا منها ولعل حادثة المهندس أبوالعلا ماضي وعصام سلطان اللذين انشقا من الجماعة في مصر أحد أبرز الأمثلة في هذا الاتجاه·(25)

5- إضافة إلى ذلك، إصدار صحف تتبع التنظيم بصورة مباشرة ونشرات ومطبوعات تمثل وجهة نظرهم، ومثال على ذلك جريدة (الحركة) الأسبوعية التي أصدرها تنظيم الإخوان الكويت·

يتبع

 

طباعة