رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 21 مارس 2007
العدد 1766

شخَّص فيه الدور الراهن للمؤسسة الثقافية الإيرانية في دفاعها عن طموحات أهل السياسة
حوار مع الدكتور السيد الأردكاني المستشار الثقافي الإيراني لدى دولة الكويت

 

 

·         الدكتور الأردكاني رجل سياسة بعباءة رجل دين وعقلية أهل الفلسفة والثقافة والعلم

·         الثقافة الإيرانية تفرق بين الإرهاب والمقاومة·· وعلى أمريكا تقديم تعريف واضح لمعنى الإرهاب

·         الأدوات الثقافية الإيرانية من سينما ومسرح وموسيقا وشعر قادرة على إيصال صوتنا الى العالم

·         إيران من أولى الدول التي أدانت الإرهاب ومن أولى الدول التي دفعت فاتورته مبكراً لكنهم يديرون ظهورهم للحقائق

·         المؤسسة الثقافية الإيرانية تتخندق خلف متاريس رجال السياسة وتقاتل من أجل توضيح الحقائق

·         انتخاباتنا حرة ومراقبة.. وحماس وصلت بإرادة الشعب الفلسطيني.. ومع ذلك أمريكا تتهم ديمقراطيتنا الشرقية بالإرهاب.. كيف ذلك؟

 

حوار الدكتور نادر القنّة:

هذا الحوار مع سماحة حجة الإسلام "السيد أبو فاضل رضوي الأردكاني" المستشار الثقافي بسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى دولة الكويت، حوار غير تقليدي يكتسب أهميته الخاصة من شخصية "السيد رضوي" ذاته الذي يجمع في آن واحد بين العمق المعرفي الديني والسياسي، والثقافي، والفكري تنظيراً وممارسة·

علاوة على أنه - أي الحوار - يأتي في ظل مرحلة تاريخية حرجة تعيشها المؤسسات: السياسية، والاقتصادية، والثقافية والفكرية في إيران المعاصرة· حيث تخوض جمهورية "أحمدي نجاد" باسم الأمة الإيرانية معركة من نوع خاص مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية ومن حالفهما في المعسكر الغربي· وذلك بسبب إصرار إيران على الدخول في السباق العالمي لامتلاك المعرفة النووية، التي تراها حكومة نجاد معرفة ضرورية للأغراض السلمية من شأنها أن تحقق لإيران أهدافاً سياسية واستراتيجية ذات أبعاد سيادية· في حين تراها الإدارة الأمريكية معرفة تقود إيران الى طموح سياسي واسع للهيمنة عسكرياً على شؤون المنطقة في بعديها: الإقليمي والشرق أوسطي· وهو ما يتعارض مع المصالح الأمريكية في المنطقة، بل ويعرضها الى الكثير من الخطر، وذلك وفق ما عبرت عنه التصاريح الأمريكية·

المؤسسة الثقافية الإيرانية - التي تحظى باحترام عالمي واسع، وشبكة من العلاقات الثقافية الدولية المتوازنة - وجدت نفسها في موقف لا تحسد عليه، إذ دخلت بؤرة المعركة الإعلامية المتصاعدة من أوسع أبوابها، وصار لزاماً عليها أن تلعب دوراً سياسياً وثقافيا مزدوجاً، في الداخل والخارج· فعلى المستوى الداخلي العمل تعبوياً على تأهيل الناس لاستيعاب كل الاحتمالات الواردة، وعلى المستوى الخارجي العمل بشفافية عالية على إقناع الناس بعدالة وقانونية الموقف الإيراني، وهو ما يعني القيام بإعادة صياغة الخطاب الثقافي الإيراني المسيس في شكله وجوهره·

هذا التخندق والتمترس خلف وبموازاة المؤسسة السياسية الإيرانية يضع المؤسسة الثقافية والفكرية القومية في إيران للمرة الثالثة - في ربع قرن من الزمان - محل اختبار للقدرات الذاتية· ففي المرة الأولى نجح المثقفون الجدد الذي انطلقوا من أرضية دينية في قيادة مرحلة إعلان الثورة الإسلامية وتوضيح مبادئها وإدارة دفة التغيير الفكري في المجتمع الإيراني، والمساهمة في الترويج السياسي للنظام الجمهوري الإسلامي وذلك في نهاية سبعينات القرن الماضي· أما في مطلع عقد الثمانينات من  القرن ذاته فقد علمت المؤسسة الثقافية  الإيرانية المحافظة على حماية مصالح الثورة وأسس النظام، وبخاصة إبّان حرب الخليج الأولى·· واليوم وفي منتصف العقد الأول من الألفية الجديدة صار مطلوباً منها ومن كل المثقفين الإيرانيين المحافظين، ومن المثقفين الليبراليين التنويريين العمل بشكل مكثف على تحسين الصورة السياسية الإيرانية، والتصدي للحملة الصهيوينة والأمريكية والغربية التي تحاول إظهار إيران في صورة الدولة الخارجة عن القانون بامتلاكها المعرفة النووية·

تحاول المؤسسة الثقافية الإيرانية اجتياز هذه الأزمة بنجاح كما فعلت في المرات السابقة، هاجسها في ذلك إظهار موقف الاعتدال السلمي للسياسة الإيرانية· معّوله في برنامجها هذه المرة على ما تمتلكه من إرث سياسي وثقافي وخبرة ماضوية لا يستهان بها في إدارة الملفات الشائكة، وعلى ما تمتلكه من جسور ثقافية تعاونية ممتدة مع الآخر· وعلى ما تتمتع به من قدرة حوارية فائقة في محاورة الآخر·

وبغرض الوقوف على بعض تفاصيل ميكانيزمات الموقف الثقافي الإيراني في إدارته لهذه المعركة الإعلامية المسيسة وتبيان صورة تفكيره وتصورات الآخر منه التقينا سماحة حجة الإسلام "السيد أبو فاضل رضوي الأردكاني" المستشار الثقافي بالجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى دولة الكويت·

 

فقيه سياسي موسوعي

 

السيد الأردكاني جاء الى عالم السياسية من الحوزة العلمية الدينية مسلحاً بالعلوم الدينية والفلسفية· ومن ثم أطلق جناحه في عالم الثقافة استناداً الى إرث ديني سياسي متين، سنده في ذلك قوة المعرفة، وأصالة الممارسة، وعمق التجربة، فجمع في آن واحد - كما أسلفنا - بين عمامة رجل الدين، وديبلوماسية رجل السياسة وموسوعية رجل الثقافة· يخدم الدين من بوابة السياسة والثقافة ويمارس السياسة من غير أن يخلع عباءة الدين أو يتنكر لدور الثقافة· ويلعب دور رجل الثقافة بجناح ديني وجناح سياسي· بعقلية رجل عصري منفتح، قادر على الموازنة بين الأشياء، مرده في ذلك جذوره المرجعية التي تستمد قيمها من الثوابت الإسلامية، ومن الطروحات الفلسفية الإيرانية  المعاصرة التي تدعو الى الانفتاح والتوافق مع التجربة العالمية من غير انتقاص  لتجربة الذات·

سماحة الدكتور الأردكاني شخصية إسلامية إيرانية علمية موسوعية بارزة، فقد أحاط بالعلوم الإسلامية وفلسفتها من خلال حصوله على درجة دكتوراه الفلسفة في الفقه الإسلامي من الحوزة العلمية في قم·

وله جهود فكرية إسلامية غير قليلة في الحياة الثقافية الإيرانية· فهو صاحب نتاج مهم في الدين والفكر والثقافة والأدب، أثرى من خلالها المكتبة الإسلامية الإيرانية بالعديد من المؤلفات كان من أبرزها:

1- الدفاع عن الحق·

2- ثورة زيد ابن علي ابن الحسين·

3- ثورة مختار الثقفي في أخذ ثأر الحسين وأصحابه·

4- ثورة الفخ في شرح ثورة بني الحسن ضد العباسيين·

5- ترجمة التاج المواليد لمؤلفه الطبرسي·

6- تاريخ الحرمين الشريفين "مكة والمدينة"·

7- القول والصواب في ذبائح أهل الكتاب·

بالإضافة الى ما قدمه الأردكاني من دراسات وأبحاث دينية وأدبية وسياسية في المؤتمرات والدوريات المتخصصة، وما ألقاه من محاضرات في مناسبات مختلفة·· كشفت عن عمق تفكيره، وعن جدية  طروحاته، ودفاعه المستميت عن الثقافة الإسلامية بكل أوجهها·

ولعل شخصيته الأكاديمية الرصينة فرضت عليه أسلوبا خاصاً في التفكير وفي التعاطي مع الأشياء، وبخاصة أنه مكث خمس سنوات متواصلة في إدارة شؤون المدارس العلمية الدينية في محافظة فارس "2000-2005" قبل أن يتم ترشيحه مستشاراً ثقافيا لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى دولة الكويت "2005"·

أما على صعيد الممارسة السياسية فقد كان نائبا في البرلمان الأول لمجلس الشورى الإسلامي في إيران خلال الفترة من "1980-1984" ومن ثم نجح في الوصول لهذا البرلمان في الدورة الرابعة والخامسة وهي الفترة الممتدة من 1992 وحتى 1999·

 

منطق السياسة·· وجوهر الحقيقة

 

حول تشخيص وتقييم موقف المؤسسة الثقافية الإيرانية في هذه المرحلة، وكذلك رؤيته لأداء المثقفين الإيرانيين في الدفاع عن تصريحات المؤسسة السياسية قال الدكتور رضوي الأردكاني:

بالتأكيد للمؤسسة الثقافية الإيرانية، وكذلك للمثقفين الإيرانيين دور فاعل في هذه المرحلة، ونحن قادرون على تفنيد سلسلة الاتهامات التي توجه زوراً ومن غير وجه حق الى إيران· فأنت ترانا نتحدث بثقة عالية، لأننا أولاً مسلمون لنا كرامتنا وعزتنا وقيمنا التي نستمدها من الإسلام، والذي يطلب منا ألا نكون أمام المعتدي علينا في موقف الضعف والهوان· ولأننا ثانيا أصحاب حق، وحقنا واضح أمام الشعوب والأمم، وأمام من يريد أن يرى الحقيقة كما هي من غير التباس وتشويه، فإيران صاحبة حضارة وصاحبة إرث تاريخي عظيم، وصاحبة قيم إسلامية، وتطرح نفسها اليوم كنموذج للدولة الإسلامية المعاصرة التي تحاول أن تأخذ بكل أسباب التقدم والازدهار المدني· والعالم ضمنا يعرف جيداً ألية السياسة الأمريكية، وطريقة العقلية الأمريكية في التفكير وقياس الأمور·· باختصار، من لم يكن مع الأمريكان، أو على وجه الدقة: من  كان ضد الأمريكان، فالسياسة الأمريكية تصنفه بأنه "إرهابي"· وتعمل جاهدة على تسويق هذه الصفة بين أتباعها أولاً، ومن ثم في المجتمع الدولي، وغايتها في ذلك عُزلة هذا القطر أو ذاك عن المنظومة العالمية حتى ينهار اقتصاديا ومعنوياً، ويصبح وحيداً  في مواجهة العالم بأسره·

إننا في إيران نفهم منطق السياسية الأمريكية جيداً،  والمثقفون في إيران يدركون أبعاد هذه السياسة، ويتحركون للدفاع عن كيانهم الإسلامي من منطلق توضيح الحقيقة للآخرين، بأن بلدهم وشخصيتهم الإسلامية مستدفهان· لذلك فإن الثقافة الإيرانية معنية في هذه المرحلة بالدفاع عن الثوابت الإسلامية التي نلتزم بها في إيران، وكشف المخططات الصهيونية والأمريكية المعادية للتقدم الإسلامي·

أنا على ثقة بأن دول العالم جميعا تعرف بأن السياسة الأمريكية غير صادقة، وأنها تخلط الأوراق وفق تركيب مصالحها، فهي ترى أن دولاً ديمقراطية إرهابية، وترى أن من يدافع عن حقوق الشعوب فهو إرهابي، وأن من يمارس ديمقراطيته بعكس الاتجاه الأمريكي فهو أيضا إرهابي·

السياسة الأمريكية لا تدافع عن حقوق الشعوب والمستضعفين في الأرض ولا تدافع  عن  الآخرين، من أجل تعليميهم فن ممارسة الديمقراطية بل هي تدافع عن حقوقها الذاتية، ومصالحها الشخصية· انظرك بنفسك الى الوجود الأمريكي في العالم وستعرف الحقيقة بنفسك·

إيران اليوم، غير إيران الأمس· فنحن اليوم دولة إسلامية ديمقراطية وانتخاباتنا حرة ومراقبة بشهادة العالم··· وحكومة حماس جاءت بإدارة الشعب الفلسطيني ووفق ما أفرزته صناديق الانتخابات الديمقراطية·  وقد كانت انتخابات مراقبة من المجتمع  الدولي· ومع ذلك فهي ترى أن هذه الديمقراطية هي صورة من صور الإرهاب· في حين أن هناك أنظمة استبدادية وقمعية وإرهابية لا تصنفها أمريكا بأنها إرهابية لأنها ترتبط بمصالح معها، فتغض عنها النظر·

وأنت هنا تسأل: كيف ذلك؟ وأين الحقيقة؟ ولماذا هذا القلب في المعايير؟

المؤسسة الثقافية في إيران اليوم، بما تمتلك من أدوات فاعلة وجسور اتصال مع الأخرين تعمل بكل جد على توضيح الحقائق· ونحن هنا لا يعنينا إلا تبيان الحقيقة· فليس لدينا شيء نخفيه، بل نحن نفضح ما يخفيه الغير، لأن الذي يهمنا أن يعرف العالم الحقيقة كما هي دون تغيير، لذلك نحن مطمئنون بأن الثقافة الإيرانية قادرة على المواجهة والتحدي والتصدي للأساليب الأمريكية·

 

الثقافة والإرهاب

 

وعن طبيعة فهم العقلية الثقافية الإيرانية لمعنى الإرهاب وتصوراتها للجدل القائم حول ذلك قال الدكتور الأردكاني:

أنا أتفق معك هناك جدل لا حدود له يدور حاليا في الأوساط الثقافية العالمية حول المعاني الملتبسة للإرهاب· وهذا يعود الى عدم وجود معنى واضح للإرهاب في الذاكرة الثقافية العالمية بحكم ما أملته وتمليه السياسات الأمريكية على الآخرين من وجهات نظر متناقضة، لا تستند الى حقائق أو ثوابت·

المؤسسة الثقافية في إيران تفهم الإرهاب من منطلق الطرح الإسلامي الواضح الذي لا يقوم على أي  التباس أو تناقض·· الإرهاب في عرفنا وعقيدتنا هو قتل الأبرياء، واغتيال الشعوب من غير وجه حق، وهو نشر الفتنة وإذكاء روح الحروب الطائفية بين أبناء المجتمع الواحد· وهو احتلال أراضي الغير بالقوة، وسرقة ثروات الشعوب وزج الأبرياء في السجون وحرق الأرض واقتلاع الأشجار ونشر ثقافات الموت العبثي، واغتيال قادة الشعوب ورموز الإصلاح وتجريد الشعوب المستضعفة من أبسط حقوقها في الحياة الكريمة·· كل ذلك إرهاب·

انظر ما يحدث الآن في فلسطين من اعتداء سافر على الشعب العربي المسلم هناك من قتل واعتداء، وانظر ماذا يحدث لمقدسات الإسلام في بيت المقدس، وانظر ماذا يحدث في العراق من حرب وفتنة طائفية· وفي نهاية الأمر دعنا نسأل: من المسؤول عن هذا الإرهاب؟ ومن الذي يشجعه؟ ومن الذي يمده بالقوة والسلاح، والمساندة الدولية؟ هنا بالضبط تعرف من هو الإرهابي؟ وكيف يفكر هذا الإرهابي؟

الثقافة الإيرانية تفرق بين المقاومة والدفاع عن المقدسات وعن النفس، وعن الحق وبين الإرهاب، وتغرق بين حقوق الشعوب المستضعفة في الحياة وبين القوى الكبرى التي تحاول الهيمنة على ثروات الغير ونزعها حق الحياة من الآخرين·

المثقفون الإيرانيون لا يعملون في معزل عن مرتكزات وثوابت الأمة فهم ينتمون الى حكومة إسلامية أساس أركانها ونظامها المبادئ الإسلامية· وفي نظر الإسلام "قتل الأبرياء هو الإرهاب"·

من هذا المنطلق تتحرك الفلسفة الثقافية في إيران في التعاطي مع الأشياء· كل شيء مرده الى الإسلام بوصفه المرجعية الأساسية· فهم يدافعون عن كيانهم وذاتهم، وحقوقهم، وحقوق الشعوب المستضعفة التي ترفع لواء المقاومة في وجه الإرهاب·

الحكومة الإسلامية في إيران ليس لها علاقة بالإرهاب، ونحن مثل غيرنا دفعنا فاتورة الإرهاب في السنوات الماضية مثل اغتيال رئيس مجلس الوزراء وعدد آخر من الاغتيالات  وقعت في إيران راح ضحيتها أناس أبرياء· كل ذلك من أجل تمسكنا بقيمنا وديمقراطيتنا الإسلامية التي رأينا فيها طريقاً جديداً للحياة، منذ جاءت الثورة الإسلامية وشكلت النظام الجمهوري الإسلامي في إيران·

لقد كانت إيران من أولى الدول التي أدانت أحداث الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية·· المؤسسة السياسة، وما يتبعها من مؤسسات شعبية، ومعها المؤسسة الثقافية الإيرانية على اختلاف أنماطها وتراكيبها، وكل المؤسسات في إيران أدانت جميعها أحداث الإرهاب في الحادي عشر من سبتمبر·· نحن نرفض الإرهاب بكل أشكاله وألوانه ولا نبرر غاياته، فالإرهاب هو إرهاب·· والمقاومة هي مقاومة، ولا مجال للخلط بين هذا وذاك·

المؤسسة الثقافية الإيرانية نجحت في تعريف دول العالم الثالث، ودول أعضاء المؤتمر الإسلامي، والدول الصديقة المحبة للسلام بأن الإرهاب ليس من طابع النهج الإسلامي الذي يقوم على احترام إنسانية الغير، وعلى احترام حقه في الحياة الكريمة وفق الشرائع والقوانين· لذلك فلا تضارب بين فهم المؤسسة السياسية وفهم المؤسسة الثقافية لمعنى الإرهاب·· غير أنني أطالب من يتشدقون بهذا المصطلح وضع تعريف واضح له·

 

السينما الإيرانية

 

عن الدور الإصلاحي والجمالي الذي تحاول أن تلعبه السينما الإيرانية في الدفاع عن المؤسسات السياسية قال الدكتور الأردكاني: الإصلاح والتنوير هما هاجس الثقافة الإيرانية المعاصرة سواء كان ذلك من خلال السينما، أو المسرح، أو الصحافة، أو المنتديات أو الحوار، أو الموسيقا أو أي أداة ثقافية أخرى·· فالمثقفون الإيرانيون يعملون دوماً على تفعيل المشاركة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لكل الشرائح الاجتماعية عبر إحالة الملفات والقضايا الخاصة المثارة للنقاش الى قضايا  ثقافية جماهيرية وذلك حتى يتسنى لكل الناس الإدلاء بآرائهم وتصوراتهم حيال ما هو خاضع للمناقشة بغية تحقيق الإصلاح المنشود، والتغيير الضروري للفكر وللمنهج من دون إقصاء لرأي ما، أو فرض هيمنة ما على آراء العامة·

من هذا المنطلق حملت السينما الإيرانية عبء المجتمع وقضاياه وعملت على تجسيده وفلمنته بعد الثورة الإسلامية، بغرض تحقيق هذا الإصلاح·

في الفترة السابقة للثورة الإسلامية أي في ظل عهد الشاه، كانت السينما غير أخلاقية، بمعنى كانت فاسدة·· بعد الثورة، كان الوضع مغايرا للماضي·· الثورة دشنت في السيناريوهات والمعالجات والأشرطة السينمائية قيما ثورية إسلامية جديدة تقوم على الثوابت الإسلامية، ولكننا كنا بحاجة الى وقت غير قصير لحصد النتائج· كنا بحاجة الى جيل جديد يؤمن بالدور الجديد للسينما أي بالدور الأخلاقي، بالدور الذي يجمع في لحظة واحدة بين المتعة الثقافية والمعرفية والدور الأخلاقي والاجتماعي والإنساني للمجتمع الجديد في إيران، وبخاصة أن هذا المجتمع  بعد الثورة صارت له مشاكله الخاصة وقضاياه المختلفة، وهنا لا ننسى الحرب التي فرضت علينا وجاءت على ثرواتنا وعملت على تجميد كل مشاريع التنمية في إيران·

الثورة الإسلامية الإيرانية لم تقف ضد السينما، والمسرح والموسيقا بوصفها أدوات ثقافية فاعلة، بل عمدت الى تفريغها من محتواها اللا أخلاقي الذي لا ينسجم مع مبادئ الثورة الإسلامية ومن ثم أعادت تشكيلها من جديد حتى تترجم بواقعية تطلعات المجتمع الجديد في إيران مع احترام شديد لكل الإثنيات والعقائد الدينية·

المسألة لم تكن سهلة حتى نحقق الإنجازات على أرض الواقع، كنا بحاجة الى وقت والى أموال بعد أن نضبت مواردنا بسبب الحرب الجائرة غير المبررة (حرب الخليج الأولى) وكنا بحاجة الى جيل جديد لديه القدرة على استيعاب مبادئ الثورة ولعب دور ثقافي مهم في الحياة العامة·

وحينما تحقق كل ذلك لنا·· ها أنت ترى بنفسك وأنت الأكاديمي المتخصص كيف استطاعت السينما الإيرانية  تثبيت موقعها المتقدم في السينما العالمية· وكيف استطاعت جني الجوائز باقتدار شديد، والأهم من ذلك كيف استطاعت خلال فترة قصيرة نسبياً أن تكسب احترام رجال الثقافة والسينما في العالم·

الجيل السينمائي الذي يقود السينما الإيرانية هو جيل إصلاحي نشأ في ظل الثورة الإسلامية، وامتص مبادئها· فكما قام في السنوات الأولى بتجسيد قضاياها ها هو اليوم يقود بجدارة معركة  الإصلاح من خلال تقديم أفلام نظيفة تنبض بإحساس العامة·

ولعل البعض يسأل عن مقومات هذا النجاح، وأنا هنا أقول: إن الثورة الإيرانية المعاصرة قبل أن تكون سياسية واجتماعية  كانت ثورة ثقافية استمدت أفكارها من المبادئ الإسلامية  العظيمة، لذلك يخطئ كل من يعتقد أن يتصور أن إيران تعمل على تصدير الثورة الإسلامية خارج حدودها·· هذه إشاعة مغرضة تطلقها الأنظمة المعادية من أجل تشويه صورة إيران· نحن عمل على إحياء الفكر الإسلامي، ذلك الفكر الذي صارت له مكانة خاصة لدى الدول المتقدمة التي تؤمن بحوار الثقافات الإنسانية·

السينما الإيرانية قربت بيننا وبين شعوب المنطقة وشعوب العالم بشكل غير مسبوق·· انظر الى مصر مثلا العلاقات السياسية بيننا وبينها ليس كما يجب، ومع ذلك الجيل المعاصر في مصر الآن يحملون لإىران قدراً كبيراً من المحبة والتقدير، وقد لاحظت هذا خلال زيارتي للقاهرة، ومن خلال كتابة النقاد والباحثين عن السينما في إيران وعن المجتمع الإيراني·

نحن لا نقف ضد فكر الناس، ولا نصدر لهم أفكارنا وثورتنا الإسلامية فنحن نتمتع بشفافية إسلامية عالية، وهو ما أوجد لنا شعبية واسعة وسط الناس، من هنا تأتي الحرب ضدنا، ومن هنا تأتي الاتهامات ضد إيران بأننا نتدخل في شؤون الآخرين، هل المطلوب منا أن نقول للناس لا تحبونا؟ أو نقول لهم: لا تشاهدون السينما الإيرانية التي تجسد واقعنا المحلي والإقليمي والدولي؟ أو نقول لهم: أديروا ظهوركم للسينما الإصلاحية في إيران؟ لا أعرف ماذا يريدون!!!

 

 

طباعة  

رئيسة مركز معالجة الإدمان في مستشفى الطب النفسي
هيا المطيري:لا تنسيق بين اللجان المعنية بمشكلة المخدرات

 
البدون يتحدثون
 
دربيل
 
في تحقيق أجرته "الطليعة" حول أسباب الأزمات المتكررة بينهما
الحكومة والمجلس... إلى أين؟

 
رصدها ديوان المحاسبة
8 ملايين دينار فائض عدم دقة التقدير في الميزانية
انتهاء العمر الافتراضي لرافعات مؤسسة الموانىء.. ومخالفات مالية وإدارية في المنطقة الحرة

 
من المجلس
 
"الزراعة" ترد على موضوع "الطيور"