رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 14 مارس 2007
العدد 1765

لغم أردني- إسرائيلي في أساس القمة العربية!

القاهرة- خاص بـ"الطليعة":

وصفت المصادر السياسية المشاركة في اجتماع وزراء الخارجية العرب تمهيدا للقمة العربية في الرياض ما حدث بين الوفد السوري والأردني  بأنه شجار حول تعديل المبادرة العربية، حقيقة الأمر أنه لم يكن شجاراً انتهى بإقرار الموقف السوري الرافض لإفراغ المبادرة العربية الشهيرة في قمة العام 2000 من مضمونها وثوابتها ودعمه من قبل السعودية ومصر وأمين عام الجامعة العربية بل كان جهداً سورياً لإزالة لغم حمله وزير الخارجية الأردني لتقويض قمة الرياض قبل أن تبدأ بعد أن وضعته وزيرة الخارجية الإسرائيلية في عهدة النظام الأردني قبل أيام قليلة من انعقاد مؤتمر وزراء الخارجية العرب حين طالبت العرب الذاهبين الى قمتهم في الرياض، بشطب بند النص على حق الفلسطينيين في العودة، وبند شرط الانسحاب الى حدود الرابع من حزيران 1967 لتصبح المبادرة مقبولة إسرائيلياً·

من سمع تصريحات وزيرة الخارجية الإسرائيلية "ليفني" لم يخطر بباله أنها أرادت بهذا وضع لغم في أساس القمة وأن الوفد الأردني "سيقاتل" لوضع تصور "ليفني" موضع التطبيق في أول فرصة تسنح له، ولكن عودة سريعة الى الوراء الى ما قبل أسبوعين على الأقل يمكن للمراقب السياسي أن يدرك أن التحركات الأردنية تسير  في خط شق الصف العربي الهش في تماسكه أمام العدو الإسرائيلي وهو ما تجلى في التصريحات المتوالية للملك الأردني عبدالله عن "خطر الهلال الشيعي" في نقل حرفي للدعاية الأمريكية - الإسرائيلية عن ما تسميه خطراً في المنطقة على سياساتها بلسان عربي، ثم عن "ضرورة أن تلتزم حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية بمطالب الرباعية الدولية" بعد أسبوع فقط من إنجاز اتفاق مكة، وهو تكرار أيضا ونقل حرفي للمطالب الأمريكية - الإسرائيلية التي لم تعد تجد أذنا صاغية حتى في أوساط اللجنة الرباعية، وأخيراً  يجيء هذا الموقف الأردني الذي يتبنى حرفيا أيضا الموقف الإسرائيلي من مبادرة اجتمعت عليها الحكومات العربية ويطالب بشطب جوهرها وتحويلها الى مبادرة "إسرائيلية" بكل معنى الكلمة·

قيل في بعض التحليلات إن النظام الأردني لا يتحرك لوحده ولكن في ضوء أنه يتصادم مع موقف دولة مثل السعودية هي التي أطلقت المبادرة وغالبية الدول العربية الذاهبة الى القمة على إيقاع قراءة الواقع الراهن في ضوء المأزق الأمريكي- الإسرائيلي والمتغيرات الدولية المواتية لموقف عربي إن لم يكن مقاوماً فسيكون متوازناً وعاقلاً على الأقل يراعي تشرذم الأوضاع العربية، فإنه يتحرك لوحده كما يبدو في إصراره على متابعة برنامج بدأت تتخلى عنه الحكومة الأمريكية، ويثير تخليها مخاوف إسرائيلية، أي برنامج حرب الشرذمة السنية- الشيعية المخطط أن ينتهي بإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط العربي بحدود جديدة·

فإذا تذكرنا الخريطة التي تدرس الآن في الكليات العسكرية الأمريكية وقواعد أمريكا في مختلف أنحاء العالم ونشرتها مجلة "القوات المسلحة الأمريكية" في حزيران - يونيو 2006 بقلم الضابط "رالف بترز" نلاحظ أنها قسمت الدول الشرق أوسطية بتعبير صناع الخريطة الى دول خاسرة ودول مستفيدة، وعلى رأس الدول المستفيدة من "حدود الدم" الجديدة أي الحدود التي سترسمها الحرب الطائفية، النظام الأردني،  فالخريطة الجديدة ستحوله الى "أردن كبرى" إذ تضم إليه مساحات أراض هي الآن ضمن الأراضي السعودية الشمالية في منطقة الحجاز، وسيكون الأمر على حساب السعودية بالطبع، وثمن هذا التوسع وتجزئة السعودية سيكون غالياً بل رهيباً إذا ما عرفنا أن حظ السعودية من هذا المخطط هو أن يذهب جزء من أراضيها الى الأردن وجزء الى اليمن وتفصل عنها منطقة مكة المكرمة والمدينة وتتحول الى حاضرة دينية دولية وينحصر الحكم السعودي في منطقة نجد·

هل هذا هو الحلم الذي يداعب خيال النظام الأردني ويقف وراء إصراره على المضي في مخطط الشرق الأوسط الجديد ولو منفرداً عن المجموع العربي ومنضويا انضواء تاما تحت راية حامليه؟

هذه التصريحات المتوالية المثيرة للريبة التي صدرت وتصدر عن النظام الأردني وترجمت الآن في كواليس اجتماع وزراء الخارجية العرب من المتوقع أن تجد بعد الصد السوري- السعودي- المصري موقفا أقوى قد يدفع الأردن الى مقاطعة القمة بعد أن تبين بوضوح أن قراءته للواقع العربي والإقليمي والدولي لم تعد بذكاء قراءات سلفه في عهد الملك حسين الأكثر مهارة في تدبير أموره سراً وبدهاء أكثر من دهاء خليفته·

طباعة  

تحول استراتيجي أمريكي يعيد توجيه السياسة الأمريكية
السلفيون والقاعدة والعمليات السرية هي الأسلحة المفضلة!

 
تجميد خطة تشيني السرية ومؤتمر بغداد
حكومة بوش تهدىء اللعب بعد أن تساقطت الكثير من لافتاتها الحربية!