رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 14 مارس 2007
العدد 1765

شارك بها في الأسبوع الثقافي الكويتي بالجزائر وأعادها بمركز كاظمة الثقافي في الكويت
محاضرة الفنان ما بين النقل والابتكار والإبداع للتشكيلي قاسم ياسين

   

 

·         العقل هو المحرك والمنظم  الأول لكل مرافق وخلايا الجسم الإنساني

·         الفنان التشكيلي يتصف  بالإبداع لشغفه بالابتكار ومحاولته التميز عن الآخرين

·         وسائل النقل الإبداعي كثيرة  تبدأ من نقل الطبيعة وتنتهي بالنقل عبر المربعات الرقمية

·         الثقافة والرؤية والخبرة  والإلمام بالأدوات والخامات من مقومات الإبداع والابتكار

 

كتب محرر الشؤون الفنية:

ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي الكويتي بالجزائر والذي جاء بمناسبة إعلان الجزائر عاصمة للثقافة العربية، قام الفنان التشكيلي قاسم ياسين بإلقاء محاضرة بعنوان "الفنان ما بين النقل والابتكار والإبداع"  حضرها أعضاء من مكتب السفارة الكويتية بالجزائر بالإضافة الى الفنانين والأدباء الكويتيين المساهمين في هذا الأسبوع وعدد من الفنانين التشكيليين الجزائريين·

وفي هذا الأسبوع قام التشكيلي قاسم ياسين بإلقاء المحاضرة ذاتها في مركز كاظمة الثقافي بالعديلية ضمن اللقاء الدوري الذي يعقده المركز بهدف تنشيط الجوانب الثقافية لدى رواده من محبي الثقافة·

 

محاور

 

الفنان ما بين النقل والابتكار والإبداع في ثلاثة محاور رئيسية:

المحور الأول: يحوم حول العقل ودوره في الإبداع

والمحور الثاني: حول النقل وصلته بالإبداع

والمحور الثالث: حول الابتكار وعلاقته بالإبداع·

 

العقل والإبداع

 

المحور الأول: (العقل) ودوره في الإبداع:

وينقسم إلى أربعة نقاط رئيسية:

النقطة الأولى: عن إمكانيات وخواص عقل الإنسان وارتباطه المباشر وصلته الرئيسية بالإنسان ودوره في توجيه رغبات وميول الإنسان والإعجاز العلمي في تكوين هذا الإنسان وبالأخص عقله كما بينه لنا الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) وهذا التقويم يدور حول كل جزء من أجزاء هذا المخلوق بما فيه العقل والذي يعتبر المحرك والمنظم الأول لكل مرافق وخلايا جسم الإنسان والذي من خلاله يقوم بتوجيه كل رغبات وميول الإنسان في حياته ومن خلاله يقوم بالمراقبة والإشراف المباشر على سلوكياته وميوله ورغباته كما بينه لنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حين الوصية للإمام علي (كرم الله وجهه) حيث قال : "يا علي، إن أول خلقٍٍ ٍ خلقهُ الله عزَ وجل (العقل) فقال له: أقبل فأَقبل، ثم قال له: أدبر فأَدبر· فقال له: وعزتي وجلالي ما خلقتُ خلقاً هو أَحبُ إليّ منك، بكَ آخذ وبكَ أُعطي وبك أُثيب وبكَ أُعاقب" فمن خلال هذا الحديث القدسي نعرف أهمية ودور هذا العقل وارتباطه المباشر بالخالق وسلطته العظمى على مكونات هذا الإنسان ودوره في اختيار ما تستهويه من أفكار ورغبات وميول وطموحات وغيرها من أمور الدين والدنيا كما وضحه لنا الشاعر مؤيد الدين الأصبهاني (الطغرائي) المتوفى سنة 513 هجري في أحد أبياته الشهيرة عن العقل عندما قال: (أرى العقل مرآة الطبيعة إذ به ِ نرى صور الأشياءِ في عالم الفكرِ)·

النقطة الثانية: عن دور العقل في توجيه رغبات وميول الإنسان وأن عقل الإنسان ينقسم على جزأين رئيسيين أيمن وأيسر وكل جزء له خاصية ويؤدي ما عليه من واجبات ومهام· فالجزء الأيسر يقوم بحفظ المعلومات التي يحصل عليها الإنسان من خلال المدارك الخاصة به كالحواس الخمس فيقوم بتخزين كل ما يحصل عليه من معلومات في هذا الجزء· وكذلك يتصف هذا الجزء بحفظ الأرقام والأحرف والكلمات والألوان والأشكال والأسماء واللغات والصفات وغيرها, أما الجزء الأيمن من المخ فهو يقوم بالتعبير عن العواطف والانفعالات والرغبات والميول والابتكارات والإبداعات والاختراعات والاكتشافات وغيرها·

النقطة الثالثة: عن علاقة عقل الإنسان بالحاسب الآلي (الكمبيوتر) ودور وواجبات كل منهما ووجه التشابه بينهما، ووجه الاختلاف فيما بينهما وردة الفعل لكليهما نتيجة الفوز أو الخسارة، فمن الملاحظ بأن الإنسان نتيجة تحقيق غرض ما، أما أن يفرح أو يحزن، لأن عواطفه هي التي تقوم بترجمة الصورة الفعلية والتعبير عن ما أنتجه، أما الكمبيوتر فإنه عند تحقيق غرض أو إنجاز مشروع ما مهما صعب أو كان معقداً، فإنه في كلا الحالتين لا يعبر عاطفياً بأي شكلٍ من الأشكال عن الفشل أو النجاح وبأي تصرف، لأنه مجرد آلة صماء لا شعور لها ولا إحساس كالبشر، فعقل الإنسان حقيقة نموذج قريب من هذه الآلة العصرية ولكنه يمتاز ويتصف عن الكمبيوتر بأمور كثيرة مثل (الانفعالات والعواطف والأحاسيس والرغبات والميول والطموحات والتحدي والمثابرة والمنافسة والاكتشاف والابتكار والإبداع وغيرها)·

النقطة الرابعة: عن دور العقل في توجيه رغبات الفنانين وميولهم ومدى حاجتهم للابتكار والإبداع، فمهما زادت مخزون الفنان ذهنيا من معلومات وثقافات وعلوم وتجارب وممارسات، كان تأثيره على توجهاته وميوله كبيراً ومهما نقصت فطموحاته تصبح محدودة بقدر الاستفادة من قدراته وإمكانياته، وهذه تنعكس على مختلف الثقافات والفنون والآداب وليست بقاصرة على الفنانين وإن كان الفنان التشكيلي دائما ً ما يطلق عليه صفة المبدع لتمرسه وشغفه للابتكار ومحاولته التمييز عن الآخرين·

 

النقل والإبداع

 

المحور الثاني: (النقل) وصلته بالإبداع:

- الوسائل والطرق التي يلجأ لها الفنانون لنقل مواضيعهم وأفكارهم :

1- النقل من الطبيعة مباشرة

 2- النقل من الصور الفوتوغرافية

3- النقل من الطبيعة الصامتة

4-النقل لعناصر من الذاكرة·

- الوسائط المستخدمة لدى الفنان لنقل أفكاره أو مواضيعه لسطح اللوحة:

1- الفانوس السحري

2- البروجكتر

3-الأوفرهيد

4-الناسخ الحراري أو الفوتوكبي·

5- النسخ عن طريق الكربون أو الشفافات الورقية·

6- النقل عن طريق المربعات الرقمية المرتبطة بالنسبة والتناسب·

-الغرض والهدف من استفادة بعض الفنانين لتلك الوسائط:

 أولاً: لرسم تفاصيل الأشياء دون الوقوع في الخطأ

ثانياً: الدقة في رسم أصعب الخطوط والأشكال

ثالثاً: السرعة في رسم كل التفاصيل والاستفادة من الوقت

 رابعاً: التغطية على ضعف قدرات بعض الفنانين في الرسم إن وجدت·

المسميات التي تم إطلاقها على الرسامين والفنانين الذين يستخدمون الوسائط في نقل أفكارهم وموضوعاتهم عبر الأزمنة المختلفة:

 (النساخون، النقالون، المحولون، المصورون، المقلدون، الواقعيون، الحرفيون، المهاريون، المطابقون، المتماثلون، والمتشابهون)·

وينقسم الفنانون النقالون إلى قسمين:

الأول: فنانون ملتزمون بالنقل حرفياً

الثاني: فنانون غير ملتزمين بالنقل حرفياً وكثيراً ما يضيفون من عندهم التعبيرات الخاصة ليصنعوا ابتكاراً في أعمالهم·

منذ العهود البدائية القديمة من عصر إنسان الكهوف، أخذ هذا الإنسان على عاتقه الكيفية في نقل أفكاره على سطوح وجدران الكهوف والمغارات، مستفيداً من قدراته العقلية في حفظ وتسجيل أفكاره وتدوينها ورسمها على هذه الجدران على شكل قصص وأحداث لحياته اليومية وتعبيراً عن شجاعته وقوته ودوره في مواجهاته المخاطر والصعاب، وتعبيراً عن قدراته العالية في الصيد والقتال، كما توضحها الرسومات التي تم اكتشافها على جدران كهوف مغارة (لاسكو) بمدينة دور دجن بفرنسا والتي تعتبر مرسومة وملونة بألوان عالية الجودة منذ 15 ألف سنة قبل الميلاد·

ومع مرور السنين قام الإنسان بتسجيل ونقل أفكاره على سطوح جدران المعابد وواجهات القصور لمختلف الحضارات التي مرت على البشرية، على شكل رسومات ملونة أو نقوش غائرة،  إلى جانب نقل الكثير من الأفكار والمواضيع على (أوراق البردي) والتي اشتهر بها المصريون القدماء وإن كانت هناك شعوب وأمم كثيرة تم نقل أفكارهم ومواضيعهم الدينية والدنيوية على جدران وأسقف المعابد والكنائس كما نشاهد ذلك في (سقف كنيسة القيامة للفنان /مايكل أنجلو) إلى أن لجأ الكثير من الفنانين بعد ذلك للرسم ونقل أفكارهم ومواضيعهم على أسطح قماش التوال (الكانفس) وذلك لسهولة نقله وحفظه من التلف نتيجة للدمار والغزوات والحروب، وكانت معظم الأعمال التي تم تنفيذها عن الرموز الدينية والشخصيات السياسية أو عن الأحداث التاريخية والعقائدية والاجتماعية، إلى أن تم اكتشاف آلة التصوير البدائية في الصين في القرن الخامس الميلادي وتم تطويره وانتشاره في أوروبا في القرن التاسع عشر واستفاد بعض الفنانين من هذه الآلة وتمسكوا بها وجعلوها جزءاً أساسياً من حياتهم الفنية ومن خلالها يرون مشاهداتهم الحقيقية وبها يتعاملون كوسيط داعم ودائم لأعمالهم الفنية كأمثال الفنانين (إنجرس Ingres دي ليكورواه (Delacroix  وكذلك ما فعله الفنان الأمريكي والمصور الفوتوغرافي / ثوماس إيكنز (Thomas Eakins) والذي اشتهر بلوحة (العيادة العامة المكشوفة) الذي رسمها بالاستعانة بالصورة الفوتوغرافية وبخامة الحبر الهندي والألوان المائية عام 1875م· وبعد انتشار المدارس الحديثة في أوروبا لجأ الكثير من الفنانين أمثال (مونيه وسوراه ومانيه وسيزان وفان جوغ وجوجان وغيرهم) بنقل أفكارهم ومواضيعهم مباشرة من الطبيعة وبإضفاء لمسات خاصة لكل منهم واختيار أسلوب فني يمتاز بها كل عن الآخر وتم في حينها بتأسيس المدارس الفنية المتعددة كل حسب تصنيفاته الفنية كالمدرسة (التعبيرية والانطباعية والتكعيبية والسريالية والدادية) وغيرها، ومتحدية لما تقدمه الصورة الفوتوغرافية ومعبرة عن عالم لوني جديد ومبهر، وهذا ما لجأ إليه الكثير من الفنانين الأمريكيين عند تأسيسهم للمدارس الحديثة في الولايات المتحدة الأمريكية (كمدرسة نيويورك) بشعبتيها اللونية والإيمائية وكذلك مدارس (البوب آرتPop Art  الفن الشعبي ) و (الأوب آرت Op  Art الفن البصري) وغيرها، فكان هدف معظم الفنانين التعبير من خلال ما يرونه في الجانب الأيمن من المخ والمحاولة في التجديد والابتكار والتجربة والاكتشاف لعالم فني جديد وصاخب ومؤثر ومتطور ومندفع·

ومن جانب آخر نرى ونستمتع بتجربة الفنانة والمصورة الفوتوغرافية المشهورة / جان كونز (Jan Kunz) الحديثة في عالم النقل ومحاولتها ترجمة أعمالها الفنية باستخدامها للصورة الفوتوغرافية وطريقة معالجتها للصورة الواحدة وتجربتها عند الرسم من صورتين مختلفتين وكيفية توليفهما معا وكذلك تجربتها لعمل لوحة واحدة من عدة صور في تكوين فني مترابط يدل على مهارتها العالية وإبداعها في نقل مشاهدتها وتفوقها في الابتكار من خلال توظيف عدة صور وتجميعها ضمن إطار عمل واحد وصياغتها على شكل لوحة واحدة تنم على مقدرتها العالية في النقل والابتكار، وكذلك تجربة الفنان الإيراني الشهير / مرتضى كاتوزيان عندما أبدع وأظهر قدراته العالية في النقل والابتكار والإبداع ·

 وهذا ما تعلمناه وعرفناه عن دور آلات التصوير في نقل المشاهدات ومدى استفادة الفنان التشكيلي من هذه الآلة كوسيلة سهلة لاختيار الوقت والزاوية والزمان والتحكم بظروف الجو والمناخ بدلاً من المكوث في موقع الرسم مباشرة والتعرض لطبيعة المناخ وتأثره بتغيير زوايا الظل والنور من سطوع الشمس تارة وتكسية السماء بالغيوم تارة أُخرىً، واعتبار هذه الوسائط وهذه الآلات المستخدمة كوسائل عصرية تساعد وتسهل للفنانين نقل أفكارهم بالدقة والسرعة، وبأنها وسائل حضارية متطورة تساعد على التقدم والتطور والنماء الفني وتساير بقية الشعوب والأمم والحضارات المتقدمة ·

 

الابتكار والإبداع

 

المحور الثالث : (الابتكار) وعلاقته بالإبداع:

المقومات الأساسية التي تساعد أي فنان للوصول لمرحلة الابتكار والإبداع:-

1) أن يكون الفنان ذا ثقافة فنية عالية·

2) أن تكون لديه رؤية فنية ثاقبة تفحص وتحوم نظراته في كل اتجاه ويستطيع مشاهدة ما يصعب عليه الآخرون·

3) أن يكون هذا الفنان ذا خبرة وتجارب متنوعة ومتمرس بالحرفية الفنية والمهارة العالية في الرسم والتلوين·

4) أن يكون ملماً بأدواته وعارفاً لخاماته ومتمرساً بتكنولوجيتها ·

5) أن تكون أفكاره مميزة بفلسفة فكرية نابعة عن قراءات لمستجدات الحياة اليومية·

6) أن تكون أعماله ذا تقنية عالية تنم عن معرفة وخبرة وثقافة بعالم التقنية والتكنيك·

7) أن تتميز أعماله عن أعمال غيره من الفنانين محلياً أو عالمياً بطابع خاص به·

8) أن تحظى أعماله بالرضا والقبول حين المشاركات العالمية المختلفة ·

 

الفنانون المبتكرون

 

وينقسم الفنانون المبتكرون إلى قسمين:

الأول: فنانون ينسجون أفكارهم من خلال عقولهم

الثاني: فنانون يصوغون أفكارهم عشوائياً وعفوياً وحداثياً باستخدام أدوات ووسائط مختلفة ومبتكرة·

·         ماذا نحتاج؟

حاجة المجتمعات العربية والإسلامية:

1) إلى المبدعين سواء النقالين منهم أو المبتكرين·

2) إلى المناهج الحديثة لتطوير لغة الثقافة وتوفير الإمكانات الفنية المتطورة بالعمل والتجربة والاستفادة من الأدوات والتقنيات الحديثة، التي تواكب وتساير المجتمعات المعاصرة ·

3) إلى المشاركة الجدية والفاعلة في هذه المحافل العالمية بكل الإمكانات المتوافرة لكي نتساوى بعد ذلك بمنهجية الثقافة·

والسؤال:

·         هل كل الفنانين النقالين مبدعون؟

·         هل كل الفنانين المبتكرين مبدعون

طباعة  

ورشة تشكيلية كويتية إيطالية وبرنامج ثقافي حافل في "الفنون التشكيلية"