لا تزال الحصبة من الأسباب الرئيسية لوفاة صغار الأطفال، وذلك على الرغم من توافر لقاح مأمون وناجع ضدها منذ أربعين سنة· وتشير التقديرات إلى أنّ الحصبة أودت في عام 2005 (آخر سنة تتوافر أرقام بشأنها) بحياة 345000 نسمة معظمهم من الأطفال·
والحصبة من أكثر الأمراض المعدية المعروفة· وتصيب العدوى جميع الأطفال غير المُطعّمين تقريباً إذا ما تعرّضوا للفيروس· والحصبة مرض فيروسي حاد يتسبّب فيه فيروس من فصيلة الفيروسة المخاطانية· وينمو الفيروس، باعتباره فيروساً يتسبّب في مرض تنفسي، في الخلايا التي تغطّي البلعوم الأنفي والرئتين· والحصبة من الأمراض التي تصيب البشر ولا يُعرف لها أي مستودع حيواني·
وقد أثّرت عمليات التطعيم تأثيراً كبيراً في وفيات الحصبة· فقد تم بين عامي 2000 و2005 تطعيم أكثر من 360 مليون طفل في جميع أرجاء العالم باللقاح المضاد للحصبة في إطار أنشطة التمنيع التكميلي· كما تم، خلال تلك الفترة، إدخال تحسينات على أنشطة التمنيع الروتيني· وأدّت تلك الأنشطة المعجّلة إلى حدوث انخفاض هائل في وفيات الحصبة المقدرة على الصعيد العالمي· فقد انخفضت تلك الوفيات إجمالاً بنحو %60 بين عامي 1999 و2005· وتم تحقيق أكبر المكاسب في أفريقيا التي انخفضت فيها حالات الحصبة والوفيات الناجمة عنها بنسبة %75·
العلامات والأعراض
تتمثّل العلامة الأولى للمرض عادة في حمى شديدة تبدأ في اليوم العاشر أو الثاني عشر بعد التعرّض للفيروس وتدوم من يوم إلى سبعة أيام·
· قد يُصاب المريض في المرحلة الأولى، بزكام (سيلان الأنف) وسعال واحمرار في العينين ودمعان وبقع صغيرة بيضاء داخل الخّدين·
· بعد مضي عدة أيام يُصاب المريض بطفح يظهر عادة في الوجه وأعلى العنق·
· خلال ثلاثة أيام تقريباً ينزل الطفح إلى أسفل الجسم ويطال اليدين والقدمين في نهاية المطاف·
· يدوم الطفح فترة تتراوح بين خمسة وستة أيام، ثم يختفي بعد ذلك· ويحدث ذلك الطفح في غضون فترة تتراوح بين سبعة أيام و18 يوماً عقب التعرّض للفيروس، ومتوسطها 14 يوماً·
المضاعفات
1- تصيب الحصبة الوخيمة صغار الأطفال الذين يعانون سوء التغذية، وبخاصة الذين لا يتلقون الكمية الكافية من الفيتامين "ألف"، أو الذين ضعُف نظامهم المناعي بسبب الأيدز والعدوى بفيروسه أو أمراض أخرى.
2- لا تتسبّب الحصبة عادة في وفاة الأطفال بشكل مباشر، بل تتسبّب في مضاعفات تؤدّي إلى الوفاة· وكثيراً ما تحدث تلك المضاعفات لدى الأطفال دون سن الخامسة أو البالغين الذين تتجاوز أعمارهم 20 عاماً·
3- أكثر المضاعفات وخامة العمى والتهاب الدماغ والإسهال الوخيم (الذي قد يؤدي إلى الجفاف) وأنواع العدوى التي تصيب الأذن وأنواع العدوى التنفسية الوخيمة، مثل الالتهاب الرئوي الذي يُعد أكثر أسباب الوفاة الناجمة عن الحصبة شيوعاً·
الأشخاص الأشدّ وقوعا
في الخطر
إنّ الأشخاص غير المطعّمين، وصغار الأطفال بوجه خاص، هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالحصبة ومضاعفاتها، بما في ذلك الوفاة·
ويمكن أن تصيب الحصبة أيضاً الأطفال الأكبر سناً والمراهقين والشباب الذين لم يُطعّموا ضد المرض· ويواجه احتمال الإصابة بالعدوى جميع من لم يتلق التطعيم اللازم أو من لم يكتسب المناعة اللازمة عن طريق التعرّض للمرض في صغره·
انتقال الفيروس
ينتقل فيروس الحصبة الشديد العدوى عن طريق الرذاذ المنتشر في الهواء (عن طريق السعال أو العطس) أو مخالطة شخص موبوء عن كثب أو مخالطة الإفرازات الصادرة عن أنفه أو حلقه بشكل مباشر· وبناء عليه، ينشأ احتمال ظهور الحصبة على شكل أوبئة قد تتسبّب في حدوث العديد من الوفيات، وبخاصة في صفوف صغار الأطفال ممّن يعانون سوء التغذية·
ويظل الفيروس نشطاً ومعدياً في الهواء أو على المساحات الموبوءة طوال فترة قد تبلغ ساعتين من الزمن· ويمكن أن ينقل الشخص الموبوء الفيروس إلى شخص آخر خلال فترة تتراوح بين اليوم الرابع الذي يسبق ظهور الطفح عليه واليوم الرابع الذي يلي ذلك· وإذا أُصيب شخص بالحصبة، فإنّ ثمة احتمالاً بأن ينتقل الفيروس إلى نسبة كبيرة من مخالطيه الحميمين·
الوقاية
يمكن، بسهولة، توقّي المعاناة والمضاعفات والوفيات الناجمة عن الحصبة عن طريق التمنيع· واللقاح المضاد للحصبة من اللقاحات المأمونة والناجعة والزهيد التكلفة، إذ يكفي توفير أقلّ من دولار أمريكي واحد (يشمل ذلك المبلغ تكلفة اللقاح ومعدات الحقن والتكاليف التشغيلية) لتمنيع طفل ضد الحصبة، ممّا يجعل التطعيم ضد الحصبة من أعلى التدخلات مردوداً من ضمن ما هو متاح في مجال الصحة العمومية لتوقّي الوفيات· وتنطوي عملية التمنيع ضد الحصبة على أكبر عائدات صحية مقابل الأموال المُنفقة، إذ تمكّن كلفة اللقاح الواحد من إنقاذ عدد أكبر من الأرواح·
العلاج
من الممكن تلافي المضاعفات الوخيمة الناجمة عن الحصبة بفضل التدبير العلاجي السريري الملائم· ومن الضروري توفير الدعم الغذائي العام وعلاج الجفاف بإعطاء محاليل الإمهاء الفموي· كما ينبغي وصف المضادات الحيوية لعلاج الالتهاب الرئوي وأنواع العدوى التي تصيب العين والأذن· ومن الأهمية بمكان، لتحسين معدلات البقاء على قيد الحياة، تزويد الأطفال بكميات كافية من الغذاء والسوائل·
وينبغي أن يتلقى أطفال البلدان النامية الذين أثبت التشخيص إصابتهم بالحصبة جرعتين من الفيتامين "ألف" كمكمّل غذائي، مع ضمان مرور 24 ساعة بين الجرعة والأخرى· فإعطاء تلك المكمّلات وقت التشخيص من شأنه المساعدة على توقّي العمى والأضرار التي تلحق بالعين·
* * *
إحصاءات
· تشير التقديرات إلى أنّ التهاب الدماغ يحدث لدى حالة واحدة لكل 1000 حالة من المصابين بالحصبة يحدث التهاب الأذن الوسطى لدى نسبة تتراوح بين 5 و15% من مجموع حالات الحصبة·
· الالتهاب الرئوي يصيب نسبة تتراوح بين 5 و10% من مجموع الحالات·
· يتراوح معدل إماتة الحالات في البلدان النامية، عموماً، بين 1 و5%، ولكنّه قد يبلغ 25% لدى الفئات السكانية التي ترتفع فيها معدلات سوء التغذية وتنقص فيها فرص الحصول على الرعاية الصحية·
· تتكوّن لدى الأشخاص الذي يتعافون من الحصبة مناعة تدوم مدى الحياة·
· تبيّن أنّ التغذية التكميلية بالفيتامين "ألف" تسهم في تخفيض عدد الوفيات الناجمة عن الحصبة بنسبة 5%·
· تتسبّب في وفاة نحو 945 شخصاً في اليوم ووفاة 39 شخصاً في كل ساعة·