رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 7 فبراير 2007
العدد 1761

بوش لن يغير سياساته مهما كانت نتائجها كارثية

·         ضابط استخبارات رسم صورة قاتمة للعراق فتساءل الرئيس بوش عما إذا كان ديمقراطي الهوى

·         انتخابات الكونغرس الأخيرة وضعت حداً لسنوات سيطرت فيها الأجندة العسكرية على الانتخابات

·         العراق أصبح مقسما والنظام الكونفيدرالي هو الأصلح له

 

بقلم باتريك كوكبيرن:

أثناء "حرب الأفيون" التي اندلعت بين بريطانيا والصين في القرن التاسع عشر كان المسؤولون في بلاط الإمبراطور الصيني يواجهون مشكلة في إبلاغ الإمبراطور بالهزائم المتكررة والمذلة بجيوشه· واكتفوا بإبلاغه أن قواته قد انتصرت أو أنها توشك على تحقيق الانتصار على كل الجهات·

لقد تعامل المسؤولون الأمريكيون مع الأنباء الواردة من العراق بالطريقة ذاتها على مدى السنوات الثلاث الماضية·

وقد اتهموا الصحافيين بشكل متكرر، بأنهم لا يوردون التقارير حول التقدم السياسي والعسكري على الأرض، لقد تجاهل المسؤولون الأمريكيون أو أخفوا المعلومات حول فشل المغامرة الأمريكية في العراق·

وكان التلاعب بالحقائق يتم عادة بطريقة فجة، وعلى سبيل تشويه الحقائق كشفت لجنة دراسة العراق مؤخراً أن المسؤولين الأمريكيين أوردوا وقوع 93 هجوما في يوم واحد ولكن "مراجعة دقيقة للتقارير أظهرت وقوع 1100 هجوم" في ذلك اليوم·

وقد تحقق هذا الخفض الهائل في عدد الهجمات من خلال تجاهل الهجمات التي يقتل فيها عراقيون أو التي يستخدم فيها المتمردون العبوات الناسفة على جانب الطريق أو الصواريخ أو قذائف الهاون التي تستهدف القوات الأمريكية ولكنها لا تصيب أهدافها وبالتالي لا توقع الإصابات في صفوف الأمريكيين وأتذكر زيارة قمت بها لوحدة من سلاح  المهندسين الأمريكيين بالقرب من مدينة الفلوجة في يناير 2004 وأبلغوني أنهم توقفوا عن إرسال التقارير عن هجمات المتمردين عليهم إلا إذا وقعت إصابات في صفوفهم وذلك رغبة من قادتهم في تخفيض عدد الهجمات التي يتم الإبلاغ عنها، وقد رجاني أحد الضباط بعدم الكتابة عن ذلك لأن من شأن الكتابة عنه أن يسبب له المتاعب·

 

حاجز بيروقراطي

 

وربما كان الرئيس الأمريكي جورج بوش أقل رغبة في سماع الأنباء السيئة من الجبهة من الكثير من الأباطرة الصينيين وقد يكون مساعدوه أكثر ميلاً للمجاملة على حساب الحقيقة من العاملين في بلاط هؤلاء الأباطرة الذين كانوا يخفون عنهم الحقائق قبل 170 عاماً ولكن حتى حين يتجرأ مسؤولون يعرفون حقيقة الوضع في العراق على كسر حاجز البيروقراطية حول المكتب البيضاوي فإنهم لا يجدون الترحيب من الرئيس بوش، ففي شهر ديسمبر 2004 قال مدير مكتب وكالة المخابرات المركزية في بغداد إن التمرد في اتساع وتصعب مواجهته في المحافظات السنية كانت ردة فعل الرئيس اتهامه بأنه "شخص انهزامي"·

وبعد أسبوع واحد نقل هذا الرجل من مكان عمله وبعد عدة أيام، عبر الكولونيل ديريك هارفي المسؤول الأكبر لوكالة الدفاع القومي في بغداد، عن موقف مماثل حول التمرد أمام الرئيس بوش حين قال إنه يتصف بالحيوية وحسن القيادة والتعددية، وعندما سمع الرئيس بوش ذلك استدار نحو مساعديه وسألهم "هل هو ديمقراطي؟"·

وربما يكون هذا التساؤل رئيسا ضمن أولويات الرئيس بوش، فالهدف السياسي بعيد المدى لإدارة بوش من غزو العراق هو الحفاظ على السلطة في الداخل، ويمكنها أن تفعل ذلك من خلال تصوير الرئيس بوش بأنه "رئيس الأمن" ومن خلال استغلال المبالغة في خطر الإرهاب في الداخل والتصدي له في الخارج، وتصور صناع السياسة الأمريكية أنه سيكون بوسعهم تحقيق نصر عسكري  سهل في أفغانستان والعراق، وبذلك تجري الانتخابات الأمريكية وفقا لأجندة عسكرية يصور فيها الديمقراطيون بأنهم جبناء وغير وطنيين·

وقد نجحت هذه الاستراتيجية الى أن حان موعد انتخابات التجديد النصفية للكونغرس في شهر نوفمبر الماضي، لقد كان الرئيس بوش يخرج بصورة المنتصر من خلال عرض صورة زائفة للوضع في العراق، وهذا ما كشفت عنه لجنة دراسة العراق برئاسة وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر·

لقد عمل تقرير اللجنة على هز أساطير عمرت طويلا فعلى سبيل المثال ظل الرئيس بوش ورئيس وزراء بريطانيا طوني بلير يحاولان في معظم خطاباتهما التركيز على  دور رئيسي لتنظيم القاعدة والإرهاب الدولي في التمرد العراقي، لكن تقرير بيكر- هاملتون جاء ليعلن أن "تنظيم القاعدة مسؤول عن جزء بسيط من العنف، وأن الجزء الأكبر من التمرد هو عراقي المنشأ"· وقدر التقرير عدد المقاتلين الأجانب الذين ظل البيت الأبيض وداوننغ ستريت يعظمان من دورهم، بحوالي ألف وثلاثمئة مقاتل فقط في العراق· وبالنسبة لبناء الجيش العراقي والذي سيكون تدريبه المهمة الرئيسية للجيشين الأمريكي والبريطاني، يقول التقرير إن الفرق العشر المخطط إنشاؤها تتألف من جنود سيخدمون في مناطق تخضع لهيمنة الطائفة التي ينتمي إليها هؤلاء الجنود· وبالنسبة للجيش ككل، ليس من المؤكد بأنه "سينفذ المهمات من أجل أهداف وطنية بدلا من الأجندات الطائفية"·

 

تصور خاطىء

 

وعلى ضوء هذه الواقعية، فإن من المحزن أن يكون هناك تصور خاطىء لدى أعضاء مجموعة دراسة بمن فيهم بيكر وهاملتون، كما هو لدى بوش وبلير وهو درجة القبول التي يحظى بها أي جيش أجنبي في العراق· فمن المفترض أن يتم سحب أو إعادة نشر القوات الأمريكية بهدف إسناد القوات العراقية· وسوف تصبح القوات الأمريكية وحدات تدخل سريع قادرة على التدخل في أوقات الأزمات·

وقد أبلغني مسؤول سابق في وزارة الداخلية العراقية بأن ذلك "بكل بساطة لن ينجح، فالعراقيون الذين يعملون مع الأمريكيين موصومون بالعار ما قبل عائلاتهم· فكثيرا ما يضطر جنودنا إلى إنكار اتصالاتهم بالأمريكيين حتى مع زوجاتهم، وأحيانا يوازنون اتصالاتهم مع الأمريكيين بالعمل على الاتصال مع المتمردين في الوقت ذاته"·

لقد ظل الرئيس بوش ورئيس الوزراء بلير يرفضان حقيقة أن الاحتلال لا يحظى بشعبية لدى العراقيين، على الرغم من أن القادة العسكريين للبلدين شرحوا أكثر من مرة حقيقة أن الاحتلال هو الذي يغذي التمرد بالدرجة الأولى· لقد أغفل تقرير بيكر - هاملتون أن استطلاعات للرأي أظهر أن 61 في المئة من العراقيين يؤيدون الهجمات المسلحة ضد القوات الأمريكية· وإذا عرفنا أن الأكراد يؤيدون الوجود الأمريكي في العراق، فإن ذلك يعني ثلاثة أرباع العراقيين (من العرب) يؤيدون العمل العسكري ضد الأمريكيين·

أما نقطة الضعف الكبرى الأخرى في التقرير هي الإشارة بأن من الممكن إعادة توحيد العراق· فالحقيقة أن هذه البلاد أصبحت مقسمة· ففي بغداد، لا يستطيع السنة زيارة مقبرة المدينة لأنها تقع ضمن سيطرة الشيعة، لأنهم قد يتعرضون للقتل· ومستقبل العراق قد يكون النظام الكونفيدرالي وليس حتى الفيدرالي، بحيث تتمتع كل طائفة من الطوائف الرئيسية الثلاث: (السنة والشيعة والأكراد) بكيان شبه مستقل·

وهناك نقاط محددة يتفق عليها معدو التقرير مع إدارة بوش بشكل خطير، كالاعتقاد أنه بالإمكان دفع حكومة المالكي لمحاولة سحق الميليشيات (وهو الأمر الذي يعني عادة ميليشيا جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر) أو تشجيعه على الخروج من الائتلاف الشىعي· وهذا من شأنه أن يؤكد - في نظر الكثير من العراقيين - كونه مجرد مخلب أمريكي· أما بالنسبة، للتفاوض مع إيران وسورية، أو التحرك على صعيد الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، فإن من غير الممكن بالنسبة للرئيس بوش أن يتخلى، ببساطة وبشكل علني، عن السياسات التي انتهجها على مدى السنوات الثلاث الماضية، مهما بلغت كارثية نتائج هذه السياسات·

"عن الإندبندنت"

طباعة  

التزام إسرائيل بالقانون الدولي شرط أساسي لتحقيق السلام
 
الحزب الجمهوري منقسم بين بيكر وماكين