رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 7 فبراير 2007
العدد 1761

التزام إسرائيل بالقانون الدولي شرط أساسي لتحقيق السلام

                                 

 

·      الفصل العنصري... هي الكلمة التي أثارت اليهود على الرئيس كارتر

·      كارتر أول رئيس أمريكي يدرك أن الشرق الأوسط هو الخطر الأكبر على مصالح بلاده والسلم الدولي

·      إسرائيل تستخدم "محاربة الإرهاب" ذريعة لتهجير الفلسطينيين وسرقة أراضيهم

 

بقلم بول كريغ روبرتس*:

أصيب الرئيس جيمي كارتر الذي ربما يكون الرجل الأكثر نزاهة الذي يصل إلى البيت الأبيض بالكثير من الكرب الذي لا يستحق كثيرا منه إبان رئاسته، والآن، فقد جلب له كتابه الأخير بعنوان "فلسطين: سلام وليس تمييزا عنصريا" المزيد من الكرب الذي لا يستحق منه شيئا·

لقد بدأ تقريري لجيمي كارتر حديثا جدا وبعد صدور كتابه السابق بعنوان: "قيمنا تتعرض للخطر" الذي انتقد فيه كارتر انتهاكات إدارة بوش للدستور الأمريكي والقانون الدولي· ويظهر كتابه الأخير الذي يتصدر قائمة الكتب الأكثر مبيعا في الولايات المتحدة، أن الرجل يمتلك الشجاعة لحشد نزاهته والتزامه بالسلام في الشرق الأوسط معا·

ويمكن للمرء الزعم بأنه في الوقت الذي ركز بقية الرؤساء الأمريكيين اهتمامهم على الخطر السوفييتي أو الشيوعي، فقد أيقن الرئيس كارتر أن الخطر الأكبر على السلم العالمي والمصالح الأمريكية، يكمن في الشرق الأوسط· وبفضل الدعم الأمريكي، كانت إسرائيل قوة عسكرية متنامية، كان ينظر لوجودها وسياساتها بأنها تشكل تهديدا للدول العربية· وبعد نجاحات إسرائيل العسكرية وإفلاح الرئيس كارتر في إنجاز معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل، برزت توترات جديدة في العلاقات العربية - الإسرائيلية نتيجة رفض إسرائيل الانسحاب من فلسطين المحتلة والعودة إلى حدودها المعترف بها دوليا·

ومع مرور الوقت زرعت الأراضي المحتلة بالمستوطنات، والآن، أقامت إسرائيل الجدار الفاصل وخصصت طرقا خاصة بالإسرائيليين في الأراضي المحتلة، لا يمكن للسكان الفلسطينيين استخدامها، وقطعت إسرائيل المياه عن القرى الفلسطينية وحيل بين هذه القرى والحقول والبساتين والمدارس والمستشفيات، بل وفصلت هذه القرى والمدن عن بعضها البعض· وأصبح ما كان يعرف بفلسطين، بصورة أساسية، مجرد غيتوهات لا يمكن لسكانها الفلسطينيين الدخول إليها أو الخروج منها دون الحصول على ترخيص بذلك من سلطات الاحتلال الإسرائيلية·

 

دعاية إسرائيلية

 

وتهدف سياسات إسرائيل إلى تحويل الفلسطينيين إلى لاجئين وضم الضفة الغربية إلى إسرائيل· وقد بدأت بتطبيق هذه السياسات باسم محاربة الإرهاب والدفاع عن النفس، وبشكل بطيء· إذ لو حاولت أن تفعل ذلك دفعة واحدة لواجهت معارضة كبيرة من المجتمع الدولي ولأصبح من الصعب على العالم القبول بجريمة بهذا الحجم· أما اليوم، فقد أصبح التدمير الإسرائيلي التدريجي لفلسطين، جزءاً من نسيج الحياة اليومية·

ويعتقد كثيرون ومنهم النخبة الثقافية الإسرائيلية أن من غير الممكن تحقيق السلام في الشرق الأوسط من خلال القوة العسكرية وأن السلام يستدعي من إسرائيل التخلي عن سياسة سرقة الأراضي من أيدي الفلسطينيين·

ويعتبر جيمي كارتر الذي يؤهله انخراطه الطويل في هذه القضية ليكون واحدا من أكثر العارفين بتفاصيلها وأكثر والموثوق بهم للإدلاء برأيه في هذا الموضوع، يعتبر كارتر واحدا من هؤلاء الكثر·

والسبب الذي مكن إسرائيل من السيطرة على فلسطين، بدعم وتأييد من واشنطن، هو استفرادها بتفسير الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني· وإذا كان 90 في المئة من الأمريكيين يعرفون شيئا أصلا عن هذا الصراع، فإن قناة هذه المعرفة هي أجهزة الدعاية الإسرائيلية·

لقد تمكنت إسرائيل من احتكار تفسير الصراع بفضل قوة اللوبي الإسرائيلي في واشنطن الذي يصنِّف أي منتقد للسياسة الإسرائيلية بأن معاد للسامية ويرغب في هولوكوست آخر لليهود·

وفي كتابه "فلسطين سلام وليس فصلا عنصريا"، يجازف الرئيس كارتر بقول كلمة الحق في وجه هذه الدعاية· وكان من المتوقع أن يواجه كل هذا الهجوم من اللوبي الإسرائيلي وأعوانه من مجلة "ناشيونال ريفيو" المحافظة إلى الإعلام "الليبرالي" إلى المعلقين اليمنيين الذين حاولوا تشويه صورة كارتر ووصفه بأنه "معاد للسامية"·

ويجب علينا ألا نسمح للوبي الإسرائيلي بتشويه صورة رئيس أمريكي تجرأ على كشف زيف أكاذيبهم، ووصمه بمعاداة السامية·

فكتاب الرئيس بوش يعرض التاريخ الحقيقي للمسألة الإسرائيلية - الفلسطينية وتعرجاتها المختلفة· وربما كان الفصل الأقوى في الكتاب هو الذي عنونه الرئيس "الجدار كسجن"·

ويوضح كارتر أن لا علاقة للجدار بالأمن الإسرائيلي بل يستهدف ضم الأرض وتهجير سكانها الفلسطينيين·

ويقول كارتر في هذا الفصل: "إن من الواضح أن إسرائيل تسعى لتجريد الفلسطينيين من أرضهم التي يفترض أن يقيموا عليها الدولة القابلة للحياة، وجعلتهم محشورين بين الجدار الفاصل ووادي الأردن الخاضع للاحتلال الإسرائيلي· وسيكون من المستحيل أن يقبل الفلسطينيون أو أي مؤسسة دولية مسؤولة بهكذا مستقبل· وسيظل وضع إسرائيل مضطربا وغير آمن بشكل متزايد طالما ظل شعباً محروماً (من حقوقه) يقاوم الظلم، كما أن العدد النسبي للمواطنين اليهود يتناقص (مقارنة مع العرب) في كل إسرائيل وفلسطين· ويبدو هذا الاحتمال واضحا بالنسبة لمعظم الإسرائيليين الذين ينظرون لذلك أيضا، باعتباره تشويها لقيمهم· فالأحداث الأخيرة في غزة ولبنان تظهر التصعيد الحتمي للتوتر والعنف داخل إسرائيل واستياء أقوى وعداء أشد من المجتمع الدولي تجاه كل من إسرائيل والولايات المتحدة"·

 

تكتيك المراوغة

 

وقد لا يعبأ الصهاينة والمحافظون الجدد في الولايات المتحدة، كثيرا لما يفكر به المجتمع الدولي، فلا يهمهم سوى هيمنة إسرائيل في الشرق الأوسط· وهم يدركون أنه لن يتسنى لها ذلك إلا من خلال القوة العسكرية، ولذلك فقد أداروا ظهورهم لأية مفاوضات أو تسوية سياسية·

فقد رفض الرئيس جورج دبليو بوش، على سبيل المثال، التوصيات التي توصلت لها مجموعة دراسة العراق بالإجماع، بإجراء مفاوضات مع إيران وسورية· لقد أثبت جمهور الناخبين عجزه سواء في إسرائيل أو في الولايات المتحدة، حين نجد أن حفنة من المحافظين الجدد والمستوطنين الصهاينة يقودون دفة السياسات (الأمريكية والإسرائيلية) في الشرق الأوسط·

ويدرك الرئيس كارتر أن خطة "خارطة الطريق" التي طرحها بوش ليست سوى حيلة تستخدمها الإدارة للدعاية فقط· وكتب يقول "إن إسرائيل تستخدم الخطة كـتكتيك للمراوغة والمماطلة عبر سلسلة لا نهاية لها من الشروط المسبقة التي لا يمكن الإيفاء بها، في الوقت الذي تمضي فيه قدما في تطبيق أهدافها أحادية الجانب"· وأن الولايات المتحدة تستخدم الخطة (خارطة الطريق) "لإعطاء الانطباع بأنها تنخرط إيجابيا في عملية السلام والتي قال بوش بنفسه إنها لن تتوج في عهده"·

إن هناك أقلاما وأبواقا مأجورة يحاول اللوبي الإسرائيلي من خلالها إضفاء الصفات الشيطانية على الرئيس كارتر لأنه استخدم كلمة "فصل عنصري" APARTHEID لوصف الغيتوهات التي أقامتها إسرائيل للفلسطينيين· فالكلمات تعيد إلى الأذهان سياسة الفصل العنصري التي اعتمدتها جنوب إفريقيا ضد السود قبل عقود، والتي كانت أرحم مما يعانيه الفلسطينيون اليوم من القيود وعمليات التهجير التي تقوم بها إسرائيل· وقد انبرى بعض المعلقين للدفاع عن كارتر بمن فيهم الباحث اليهودي نورمان فنكلشتاين ووزيرة التعليم الإسرائيلية السابقة شلوفيت الوني· وأشار الإثنان إلى أن كلمة "فصل عنصري" تستخدم حتى داخل إسرائيل لوصف بعض السياسات والممارسات التي تنفذها إسرائيل ضد الفلسطينيين"·

ولو تمكن الأمريكيون من قراءة المناقشات الصريحة في الصحافة الإسرائيلية بشأن المعاملة الإسرائيلية غير الإنسانية تجاه الشعب الفلسطيني لتعجبوا من حجم عمليات غسل الدماغ التي يتعرضون لها على يد الصحافة الأمريكية "الحرة"!

 

فصل عنصري

 

ويختم الرئيس كارتر كتابه في لفتة من رجل دولة نزيه وصادق يندر أن نراها عند غيره، بالقول: "الخلاصة هي أن "إسرائيل والشرق الأوسط لن ينعما بالسلام إلا حين تلتزم إسرائيل بالقانون الدولي، من خطة خارطة الطريق إذا أصبحت سياسة رسمية للولايات المتحدة وبرغبة غالبية سكانها، وبالتزامها بتعهداتها السابقة، وبالقبول بحدودها القانونية· ويجب على جميع جيرانها العرب التعهد باحترام حق إسرائيل في العيش بسلام، بموجب هذه الشروط· فالولايات المتحدة تخاطر بهيبتها الدولية وبنواياها الطيبة وتعمل على تعزيز الإرهاب الدولي الذي يستهدف الأمريكيين، بتأييد، أو بغض النظر عن، قيام إسرائيل بمصادرة واستعمار الأراضي الفلسطينية· وستكون مأساة للإسرائيليين وللفلسطينيين وللعالم، إذا ما تم رفض السلام وسمح بسيادة نظام للظلم والفصل العنصري والعنف المستدام"·

ويمكن للمرء أن يضيف إلى خلاصة الرئيس كارتر أن إدارة بوش والمحافظين الجدد الأمريكيين وحكومة إيهود أولمرت في إسرائيل يعتقدون أن الحل يكمن في استخدام القوة العسكرية لتحطيم العراق وإيران وسورية و"حزب الله" وارتكاب مجزرة جماعية ثقافية بحق المسلمين من خلال تشويه صورة الإسلام· وهذا هو النهج الذي تقود إدارة بوش أمريكا إليه باستخدام أساليب الخداع والخيانة·

 

* مساعد وزير الخزانة في إدارة الرئيس رونالد ريغان وله من المؤلفات أو ساعد في تأليف الكتب التالية:

1-SUPPLY - SIDE REVOLUTION: An Insider Account of Policymaking in Washinghen.

2. ALIENATION AND THE SOVIET ECONDOMY AND MELTDOWN: Inside The Soviet Economy.

3.The Tyranny of Good Intentions: How Prosecutors and Bureacarts Are Tramplig the Constitution In the Name Of Justice.

عن: CRAATORS SYNDICATE

طباعة  

الحزب الجمهوري منقسم بين بيكر وماكين
 
بوش لن يغير سياساته مهما كانت نتائجها كارثية