زواج سريع.. طلاق سريع
إعداد: مظفر عبدالله
توجهنا بهذا السؤال الى وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الأسبق والناشط في المجال الاجتماعي المدني د· عبد الله غلوم الصالح: ما أسباب ظاهرة الطلاق السريع لأعمار زوجات في العشرينات فكانت الإجابة كالتالي:
ظاهرة المطلقات الصغيرات حقيقة تؤكدها أكثر من دراسة مكتبية وميدانية في المجتمعات الخليجية وبخاصة في الدول النفطية، ولكون نتائج هذه الدراسات لم تنل العناية المطلوبة من الأجهزة التشريعية والتنفيذية في هذه الدول ولأن الدعوة لخلق مجتمع الرفاهية أخذت أبعاداً اجتماعية تجاوزت الطبقات العليا الى الطبقات الوسطى والدنيا من شرائح المجتمع فإن هذه الظاهرة بدأت تأخذ نهجا، ومساراً جديداً وخطيراً تمثل في انتشار ظاهرة "الزواج السريع والطلاق الأسرع بين الشباب من الجنسين في مختلف شرائح المجتمع وبخاصة بين الشرائح الميسورة·
ويضيف الصالح: هذه الظاهرة الاجتماعية المعلنة التي أفرزها نمط الحياة الاقتصادية الاستهلاكية السريعة بدأت تفرض نفسها على الحياة الاجتماعية في العديد من الدول النفطية الثرية دون أن تجد من يتصدى لها في المؤسسات الرسمية أو مؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة والتي أخذت تشد انتباه الباحثين والمفكرين الاجتماعيين وتجعلهم يتساءلون عن أسبابها ويتابعون أحداثها المؤلمة وتداعياتها الخطيرة على الإنسان والبناء الاجتماعي للمجتمع·
وتشير النشرة السنوية للإحصاءات الحيوية الصادرة عن وزارة التخطيط الكويتية لعام 2003م أن عدد حالات الزواج المسجلة بين الكويتيين المتزوجين من كويتيات عام 2002م بلغت 9355 حالة وان حوالي %77 من هؤلاء الازواج تقل أعمارهم عن ثلاثين عاماً وأن عدد حالات الطلاق التي سجلت بينهم في العام نفسه بلغت 3014 حالة وأن حوالي %60 من هذه الحالات لم تكمل مدة الحياة الزوجية بينهم عامها الثالث·
ويقول الصالح: من جهة ثانية أكد مدير مركز تنظيم المعلومات بوزارة العدل الكويتية "القبس العدد/ 11560 أغسطس 2005م" أن حالات الزواج والطلاق التي سجلت بين الكويتيين المتزوجين من كويتيات خلال النصف الأول من عام 2005 م بلغت حوالي 4335 حالة زواج يقابلها 1364 حالة طلاق في الفترة نفسها وأن النسبة الكبيرة من هذه الحالات %60 تقع بين الشباب الكويتي الذي تقل أعمارهم عن ثلاثين عاما·
ويقول: إن المؤشرات الإحصائية لوزارة التخطيط الكويتية "2005 م" تشير أيضا الى أن نسبة الطلاق في الأشهر والسنة الأولى من الزواج في تصاعد مستمر بعد أن وصلت هذه النسبة الى حدود %35 من جملة حالات الطلاق التي تمت خلال عام 2005م، هو بطبيعة الحال مؤشر ينذر بالخطر ويدعو الى التصدي له بكل الطرق والوسائل الممكنة وفي مقدمتها نشر ثقافة الأسرة وعلاقاتها الإنسانية والحقوق المتبادلة في الحياة الزوجية·
ويختم الصالح بأن هذه الظاهرة لا تقتصر على الكويت وحدها بل تشاركها مجتمعات خليجية نفطية أخرى وهي حقيقة تؤكد أن الدعوة الى إقامة "مجتمع الرفاهية" قد أثرت سلباً على جميع مناحي حياة الفرد في هذه المجتمعات فكم كان مقبولا لو أن الدعوة جاءت لتنادي الى خلق مجتمع الكفاية الاجتماعية لتزرع في النفوس النزعة نحو الانتاجية، والابتعاد عن النظرة المادية والاستهلاكية وتجنب الاستجابة السريعة لقشور حضارة العولمة ورياحها العاتية·
لا شك أن القيم والمثل العليا التي كانت تتحلى بها المجتمعات النفطية قد تراجعت وأصبح المال ووفرته هو الأداة التي تتحكم في صيرورة الفرد، وبخاصة شرائح الشباب، وأن الخوف كل الخوف أن يصبح المال الذي ينساب بين الأيادي هو المعيار وسيد الموقف في تقييم كل ما يحيط بنا بما في ذلك نظرتنا للبشرية وتقييمنا للإنسان·