رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 24 يناير 2007
العدد 1759

القوات الأمريكية المتجهة إلى العراق تستهدف ضرب إيران أو سورية

                                 

 

·       أمريكا تتصرف كقوة استعمارية في عصر انتهى فيه الاستعمار

·         القوات الإضافية لن تحسم المعركة في العراق ولن يكون لها جدوى من الناحية الاستراتيجية

·         بوش اعترف بالفشل وتحمل المسؤولية شخصيا لمنع حدوث أي مساءلة

 

بقلم زبغنيو برجنسكي*

أثار خطاب الرئيس جورج بوش الأخير الذي طرح فيه خطته الجديدة حول العراق، خمس نقاط جديدة بالمناقشة والبحث:

أولا، إن الخطاب تضمن تحليلا واقعيا للوضع في العراق أكثر من أي خطاب سابق له· لقد اعترف الرئيس بالفشل على الرغم من أنه تفادى الحديث عن أية مساءلة عن الفشل باستخدام الحيلة التقليدية المتمثلة بتحمل الرئيس المسؤولية الشخصية عن ذلك· كما أن لهجة الخطاب كانت أقل تخويفا من الإسلام من بيانات الرئيس بوش منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، على الرغم من أن الرئيس بوش مازال غير قادر على مقاومة إغراء التبسيط الديماغوجي الشديد للتحديات التي تواجه الولايات المتحدة في العراق، حين يصفها بأنها صراع لحماية "ديمقراطية ناشئة" من المتطرفين ومحاولة لحماية المجتمع الأمريكي من الإرهابيين· فكلا هذين الهدفين تدور حولهما الكثير من الشكوك·

ثانيا، إن إرسال واحد وعشرين ألف جندي إضافي إلى العراق ليس سوى عملية تحايل سياسية ذات أهمية تكتيكية محدودة ولا جدوى لها على المستوى الاستراتيجي، وليست كافية لحسم الحرب عسكريا·

إن هذه الخطوة ستؤدي إلى إقحام الجنود الأمريكيين في حروب شوارع دموية لكنها لن تؤدي في النهاية إلى حل مشكلة الفوضى والصراع الطائفي، ناهيك عن التمرد ضد الأمريكيين·

ثالثا، قرار توسيع مستوى الانخراط العسكري الأمريكي في الوقت الذي يتم فيه فرض "شروط" معينة على النظام العراقي "الذي يتمتع بالسيادة"، والتركيز على الخطر الخارجي المتمثل بإيران وسورية، يضع إدارة بوش أمام خيارين لا ثالث لهما، حين يتضح عجز الحكومة العراقية عن الإيفاء بهذه الشروط، وهو ما سيحدث حتما، وأحد هذين الخيارين هو تبني سياسة إلقاء اللائمة على العراقيين والانسحاب، أي الانسحاب لأن الحكومة العراقية فشلت في الإيفاء بالتزاماتها· وهذا لن يوفر علاجا لسيناريو "أحجار الدومينو المتهاوية" المثير للريبة، الذي ما انفك الرئيس يشير إلى أنه حتمي، وينطوي على انعكاسات مريعة في حال الانسحاب الأمريكي من العراق في وقت مبكر وقبل تحقيق الأهداف الأمريكية في العراق·

 

عزل الذات

 

أما الخيار الثاني، وهو ربما يدور في أذهان الرئيس بوش، وهو توسيع الصراع بعمل عسكري ضد سورية أو إيران· إنه رهان آمن يدفع باتجاهه بعض المحافظين الجدد في البيت الأبيض وخارجه، ويحبذه آخرون من أمثال السيناريو جوزيف ليبرمان·

رابعا، لم يتطرق الخطاب إلى إمكانية بلورة إطار لحل سياسي في النهاية· فالبحث عن حل سياسي يتطلب حوارا حادا حول قرار أمريكي - عراقي مشترك بشأن تحديد موعد نهائي لانسحاب القوات الأمريكية من العراق، مع قادة سياسيين عراقيين حقيقيين يتمتعون بالاحترام ويبسطون سيطرتهم الحقيقية على الحكم، إذ تظهر استطلاعات الرأي أن غالبية الشعب العراقي تحبذ انسحابا للقوات الأمريكية خلال فترة قصيرة نسبيا، وأن من شأن موعد يتم التوصل إليه ثنائيا أن يسهل الجهود لإشراك كل جيران العراق في نقاش جدي حول الأمن والاستقرار الإقليميين· إن رفض الولايات المتحدة استكشاف إمكانية إجراء مفاوضات مع إيران وسورية، هي سياسة تنطوي على عزل الذات وينسجم مع النمط الدبلوماسي المعتاد لإدارة بوش والقائم على الشعارات بدلا من التخطيط الاستراتيجي·

خامسا، ويعكس الخطاب سوء فهم عميق للحقبة التاريخية التي نشهدها· فالولايات المتحدة تتصرف كقوة استعمارية في العراق· لكن الحقبة الاستعمارية انتهت· إن شن حرب استعمارية في حقبة ما بعد الاستعمار يحمل في طياته بذور هزيمة الذات· وهذا نقص مميت في سياسة إدارة بوش·

 

* مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر

عن: واشنطن بوست

طباعة  

السياسات الأمريكية الراهنة تقود لـ"عرقنة" فلسطين
 
إرسال قوات إضافية إلى العراق خطوة صغيرة ومتأخرة جداً