الجيران ـ أنقرة ـ بغداد ـ وكالات:
في كلمة ألقاها السيد رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا الأسبوع الماضي أمام الكتلة البرلمانية لحزبه، تطرق إلى موضوع كركوك والمحاولات الجارية لعزل تركيا عن محيطه الإقليمي· وفي هذا الصدد قال أردوغان: "لا يمكن ترك كركوك لأي فئة معينة، بل هي مدينة لجميع العراقيين· وفي الوقت الذي يصف بعضهم تركيا كونها دولة جارة للعراق، يحاول من جهة أخرى أن يجعل من تركيا دولة لا ترى ما يجري في العراق إلا من خلال المنظار··· معذرة فإنني أستغرب من الذين كانوا في ضيق بالأمس واستنجدوا بنا ورجوننا أن نحل مشاكلهم، أن يطلقوا مثل تلك التصريحات··· إن حقوق الجوار التي تربطنا مع العراق ليست حقوقا عادية·· حيث لدينا معه 350 كم من الحدود، وعوامل تاريخية وثقافية مشتركة فضلا عن وجود أقران لنا هناك، ولذلك ليس بالإمكان أن نبقى مجرد متفرجين على ما يدور في هذا البلد"
مؤتمر وجلسة سرية للبرلمان
وعقد البرلمان التركي الأسبوع الماضي جلسة مغلقة وسرية لمناقشة تطورات الأوضاع في العراق وخاصة في مدينة كركوك· وعقدت هذه الجلسة بناء على اقتراح قدمه حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الشعب الجمهوري المعارض· وناقش النواب خلال الجلسة تطورات الأوضاع في العراق والصراع الداخلي الدائر في المنطقة والتغيير السكاني لمدينة كركوك وعملية الاستفتاء على المدينة خلال العام الجاري إلى جانب الفعاليات المسلحة لمنظمة العمال الكردستاني· وهي قضايا شائكة لها علاقة بمجمل التطورات في علاقة تركيا بالعراق·
وكانت أنقرة قد شهدت عقد اجتماع لمناقشة التطورات في كركوك شارك فيه ممثلون عن الجبهة التركمانية العراقية وجبهتي التوافق والحوار والحزب الإسلامي وحزب الفضيلة والوقف الشيعي وممثلون عن الآثوريين والحزب الجمهوري العراقي وأعضاء في مجلس محافظة كركوك· ولفتت مصادر سياسية مطلعة إلى أن (أنقرة لم توجه دعوة لممثلي حزبي الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني لحضور الندوة الخاصة بكركوك والتي نظمها معهد الاستراتيجية الدولية المعروف بقربه من تركمان العراق)· وركز المتحدثون في الجزء الأول من الندوة علي ضرورة تقرير مستقبل كركوك من قبل جميع الأطراف والفصائل العراقية، فيما اتهمت الجهة المنظمة الحزبين الكرديين الرئيس بمواصلتهما ما يوصف بعمليات تغيير البنية الديمغرافية للمدينة من خلال توطين أعداد كبيرة من العائلات الكردية في المدينة ذات الأغلبية التركمانية·
استنكار واحتجاج
وأعلنت كتلة التحالف الكردستاني عن استنكارها دعوة تركيا لعدد من الأحزاب السياسية العراقية للمشاركة في مؤتمر حول مدينة كركوك باعتبار ذلك يعد تدخلا في الشؤون الداخلية·· ودعا بيان لها مجلس النواب العراقي ووزارة الخارجية العراقية لاتخاذ موقف حاسم يتناسب وخطورة هذه التدخلات السافرة والتهديد بقطع العلاقات السياسية·
وعقد مجلس محافظة كركوك اجتماعه الأسبوعي· وقد جرى مناقشة موضوع مؤتمر الذي عقد في العاصمة التركية أنقرة حول (كركوك) حيث وصف رزكَار على رئيس مجلس محافظة كركوك تصريحات أردوغان أنه تدخل فاضح في الشأن العراقي الداخلي·
رأي واشنطن في الموضوع
ومن جهته قال السفير الأمريكي في أنقرة إن مستقبل كركوك أمر يحدده العراقيون، وقالت وكالة الأنباء الكويتية إن السفير الأمريكي في أنقرة روس ويلسون شدد على أهمية أن يتولى الشعب العراقي بنفسه تحديد مستقبل كركوك وقال إن واشنطن وتركيا متفقتان تماما على هذه المسألة·
وحول رأيه بشأن تصريح رئيس الوزراء التركي أردوغان من أن أنقرة لن تصمت عن محاولات تغيير الواقع الديموغرافي لكركوك·· وما إذا كانت واشنطن تعتبر ذلك تدخلا في الشؤون الداخلية للعراق قال إن بلاده تعتبر مستقبل كركوك "أمرا ينبغي للعراقيين تحديده"· وقال "من الطبيعي أن يكون للولايات المتحدة وتركيا أو غيرها من الدول بعض الآراء الخاصة·· كما أن من المهم بمكان التعبير عنها لكن القرار النهائي يخص العراق وحده"·
بيد أنه استطرد قائلا "الأمر الثاني هو أن مستقبل كركوك مهم من ناحية تطوير العملية السياسية الداخلية للعراق"· وأكد هنا اتفاق واشنطن مع أنقرة في هذا الشأن مؤكدا ضرورة تشكيل مستقبل كركوك بطريقة تعزز فرص التقارب والاستقرار في العراق·
الأمم المتحدة تحذر
من جهتها حذرت الأمم المتحدة من "أزمة تلوح في الأفق" بمدينة كركوك مشيرة إلى أن عمليات عنف تجتاح المدينة· وقال تقرير للأمم المتحدة نقلته وكالة رويترز: إن كركوك التي يوجد فيها واحد من أغنى حقول النفط في العالم قد تصبح نقطة اشتعال إقليمية·
وقالت مجموعة دراسة العراق التي قدمت تقريرها الشهر الماضي للرئيس الأمريكي جورج بوش إن هناك "خطرا كبيرا" من أن الاستفتاء سيشعل المزيد من أعمال العنف في كركوك·
وحذر تقرير الأمم المتحدة من تصاعد العنف أيضا في الموصل وهي مدينة أخرى قريبة من إقليم كردستان العراق يعيش فيها الأكراد والعرب معا (تعايشا صعباً)· وأشار التقرير إلى أن متوسط عدد القتلى من المدنيين والشرطة في المدينة بلغ 40 قتيلا أسبوعيا في الآونة الأخيرة·
تركيا تستدعي سفراءها للتشاور
واستدعت الحكومة التركية سفراءها المعتمدين في كل من العراق والمملكة العربية السعودية وإيران وسوريإ من أجل التشاور معهم والخروج بخطة سياسية واضحة وجديدة إزاء العراق·
وذكرت وزارة الخارجية التركية في بيان لها: إنه من المتوقع أن السفراء وصلوا لحضور الاجتماعات التي استمر ت لمدة يومين· واجتمع البرلمان التركي أمس جلسة سرية لتقييم مستجدات الوضع العراقي وانعكاساته على البلاد· وترى تركيا أن بقاء كركوك مدينة عراقية متوافقة الأعراق وبقاء العراق موحدا من شأنه أن يعزز الاستقرار في تركيا وهي تنظر إلى مساعي الأكراد الحثيثة لإقامة دولة قومية لهم تهديدا لكيانها القومي الذي يجمع أيضا الأتراك والأكراد وقوميات أخرى في دولة تركية موحدة·