رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 27 ديسمبر 2006
العدد 1756

سلطان الدويش أكد أهميتها التاريخية والجغرافية
"كاظمة" منطقة ازدهار وحلقة وصل بين الشعوب والحضارات

                                      

 

كتب المحرر الثقافي:

ضمن موسمها الثقافي أقامت رابطة الأدباء محاضرة أدبية تحت عنوان "كاظمة البحور ودورها التاريخي والحضاري" تحدث فيها الباحث سلطان الدويش الذي أشار إلى أن منطقة كاظمة حظيت بأهمية كبيرة في الكثير من المصادر التاريخية بسبب موقعها المتميز على رأس الخليج العربي·

وقد أدار الأمسية وقدم لها الكاتب فهد توفيق حامد الذي قال: "مع تجدد لقاءات الباحثين والمهتمين بمسألة الحضارة، فإن ثمة سؤالاً مازال صداه الجدلي يتردد بين أروقة التاريخ والفكر والثقافة، يستمد جدله المزمن، عوامل صداه واختلاف وتيرة إيقاعه على مختلف الأزمنة، من إشكالية توقف الذهن البشري عند عتباتها طويلا حائرا باحثا عن الإجابة والجادة إلى طريق الكشف"، وطرح سؤاله، أيهما يطرح السؤال: "أيهما يصنع الحضارة الأرض أم الإنسان"، مجيبا أن الأرض هي الحاضنة لأسرار الطبيعة، وعناصر قوة الإبداع والخيال، والابتكار، بما حفلت به من مكونات مهمة تدخل في تراكيب أطوار الحياة على مختلف الأصعدة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، والسياسية"··· والإنسان هو ذلك العقل المستدرك لمنابع المعرفة والإبداع، بما يستلهمه الحس، وتتطلبه الحاجة إلى شق قنوات في أرض تستوعب جهد البشرية الدؤوب نحو بناء مجتمع يستوعب تلك الروافد من نهر الحياة المتفرعة في دلتا الأصعدة·

 

محافظة الجهراء

 

وقد أوضح الباحث أن "كاظمة" هي ما يطلق عليها الآن محافظة الجهراء، مشيرا إلى أهمية موقع كاظمة لكثير من علماء الآثار والتاريخ، بحيث أصبحت الشغل الشاغل لهم، مما جعلهم يسيرون البعثات المتتالية رغبة منهم في الكشف عنها ومع ذلك وعلى الرغم من عظيم الجهد الذي يبذل، فإن هذه الأطلال ظلت مستعصية في وجه كل محاولة للتعرف عليها، وهذا ما جعلني أصر بشدة على سبر أغوار هذه المنطقة، طمعا في جني ما عجز عنه الكثيرون، والآن وبفضل الله وبحمده، فإنني أرى بوادر تلوح في الأفق بقرب اكتشاف يسجل لي في اكتشاف موقع كاظمة"·

وأضاف المحاضر: لقد حظيت كاظمة بأهمية كبيرة في الكثير من المصادر التاريخية، وذلك لكونها تعتبر حلقة الوصل بين العديد من المراكز الحضارية في تلك المنطقة في حالة السلم، وما يترتب على ذلك من نشاط تجاري وازدهار اقتصادي، وكذلك فترات الحروب حيث أصبحت أرض كاظمة معبرا مهما لجيوش الفتح التي انطلقت لنشر الدين الإسلامي، وأيضا مسلكا للجيوش الغازية خلال فترات ضعف الخلافة الإسلامية·

إن أقدم الإشارات التاريخية التي ذكرت كاظمة هو ما ذكره ياقوت الحموي في معجم البلدان من أن كسرى ملك فارس قد أمر جنده بحفر خندق من هيت على نهر الفرات حتى كاظمة·

لم يغفل أيضا كثير من الشعراء المشهورين أرض كاظمة، فنجد أن جرير والفرزدق ومهيار الدليمي قد تغنوا بها"·

 

نشاط تجاري

 

وأشار الباحث إلى تأثر النشاط التجاري لكاظمة بالفتوحات الإسلامية للبلدان الواقعة على الخليج العربي قائلا: "لم يكن النشاط التجاري هو الوحيد لأهل كاظمة، بل كان لهم نشاط آخر هو رعي الإبل والماشية، وكان لتوافر المياه عن طريق الآبار أو تساقط الأمطار دور في توفير المراعي الجيدة وظهور العشب والشجيرات القصيرة مثل المرخ والعشر والأرطي والحمض والعرفج وغيرها التي اشتهرت بها كاظمة، وما زالت أغلب هذه الشجيرات متوافرة حتى وقتنا الحاضر· وقد ذكر أبوالفرج الأصفهاني قصة المرقش الأصغر، حيث كان يرعى إبلا له في كاظمة· كما ذكر ابن قتيبة وياقوت والبكري أن سعد بن إياد أبا عمرو الشيباني قال: "أذكر أني سميت برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أرعى إبل أهلي بكاظمة، وبطبيعة الحال فإن حرفة الرعي تتبعها أعمال كثيرة، منها توافر اللحوم واللبن ومشتقاته من زبدة وأجبان كذلك النسيج الذي يستخرج من وبر الإبل وأصواف الأغنام التي تصنع منها الملابس والخيام"·

 

شواهد أدبية

 

وأشار فيما يخص الشواهد الأدبية إلى أن أكثر الشعراء ذكر كاظمة كأنها الهام لشاعريتهم وخواطرهم، ومن هؤلاء ما قاله مهيار الدليمي وهو يصف نسيمها العليل، وهواءها الطلق:

يا نسيم الصبح من كاظمة

شد ما هجت الجوى والبرحا

الصبا إن كان لابد الصبا

إنها كانت لقلبي أروحا

كما ذكرها جرير، وفروة الأسد، وذو الرمة، وامرؤ القيس، وإن من أكثر الشعراء الذين ذكروها الفرزدق بقوله:

ومنا الذي يمنع الوائدات

وأحيا الوئيد فلم يوئد

وناجية الخير والأقرعان

وقبر بكاظمة المورد

وتحدث المحاضر عن الشواهد الأثرية لكاظمة ليقول:

"لقد قامت إدارة الآثار والمتاحف، منذ إنشائها، بالعديد من أعمال المسح الأثري في المنطقة الشمالية من جون الكويت، وكان الهدف منها البحث عن موقع كاظمة التي ورد ذكرها لدى الجغرافيين والمؤرخين العرب، إن أقدم مسح أثري جرى في منطقة كاظمة كان في عام 1958، على يد البعثة الدنماركية، حيث كشفت عن موقع يعود الى العصر الحجري الحديث، وفي عام 1953 زارها الأستاذ الدكتور عبدالوهاب عزام مع وفد من إدارة الآثار والمتاحف، فعملوا مسحاً للمنطقة، ولم يجر التعرف على أي أثر فيها، كما أجرت إدارة الآثار والمتاحف مسحاً للمنطقة، ولم يجر التعرف على أي أثر فيها، كما أجرت إدارة الآثار الأمريكية تريزا كارتر عام 1982، فكانت النتائج هي العثور على مبنيين حديثين مهجورين، ولم يستدل على الموقع، كما ورد في تقريرها وقام باحثون للآثار من إدارة الآثار والمتاحف بزيارات متعددة للمنطقة، ولم يتوصلوا الى أي كشوفات أثرية سوى شقف فخارية إسلامية حديثة·

وفي شهر أغسطس من عام 2002، أجرى فريق من قسم التنقيب مسحاً أثريا للساحل الشمالي الغربي لجون الكويت، وعثر على مستوطنة أثرية في المنطقة الحديثة التي تسمى بمنطقة كاظمة حالياً"·

 

مستوطنة أثرية

 

وأكد المحاضر أن الاكتشافات الحديثة والدراسات المقارنة التي أجريت على الموقع تشير الى أن هذا الموقع هو كاظمة التاريخية، التي طال البحث عنها، وهي عبارة عن مستوطنة أثرية شاسعة المساحة·

ثم قدم الدويش وصفاً عاما للموقع ليقول: "تقع مستوطنة كاظمة على مجموعة من التلال الأثرية القريبة من ساحل البحر، وتتميز أرض الساحل بصلابة القاع المكون من صخور جيرية ورملية ومياه أعمق، تخلو من الرواسب الطينية اللينة تقريبا·

وفي وقتنا الحالي أطلق سكان الكويت اسم الخرفشي على المنطقة القريبة من البحر، التي كشف فيها عن أطلال أثرية تنحصر بين محمية الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباج ومنطقة الخويسات· وأنشئت المستوطنة على سلسلة من التلال ترتفع عن سطح الأرض المجاورة مترين تقريبا، وهي على حافة منحدر صغير تغطيه طبقة من الرمال الناعمة التي تكون حديثاً، ويفصل بينها وبين البحر منطقة من الأرض المالحة السبخة، وتنتشر على سطحها نباتات النباك ومسطحات من الرمال المتحركة، ونعتقد أن المستوطنة كانت مبنية على شاطىء البحر، وأن مياه البحر انحسرت نتيجة العديد من العوامل الجيولوجية"·

وأن هذه التلال تعتبر استمراراً لانحدار سلسلة مرتفعات جبال الزور نحو البحر، وأنه في الجهة الشرقية من المستوطنة يوجد تجويف واسع تغطيه طبقة من الرمال·

 

وحدات سكنية

 

وألقى المحاضر الضوء على الوحدات السكنية للموقع وأن المستوطنة قسمت الى سبعة أقسام ليسهل دراستها، وأن التل الرئيسي يرتفع عن البحر حوالي 10.84 متر وهو التل الذي كشف فيه عن أول وحدات سكنية وجاءت منها أولى المعتورات·

وأكد المحاضر في ختام بحثه أن كاظمة كانت ميناء مهماً على رأس الخليج العربي، خلال العصرين الجاهلي والإسلامي، ولقد ازدهرت اقتصاديا خلال الفترة ما بين منتصف القرن السادس ونهاية القرن السابع الميلادي تقريبا·

طباعة  

نص
 
إعلان نتائج جائزة السلطان قابوس
 
دار سعاد الصباح تعلن أسماء الفائزين بجوائزها
 
شعر
 
إصدارات