رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 20 ديسمبر 2006
العدد 1755

مقال مجلة FOREIGN AFFAIRS الأمريكية الذي كشف عن نهاية مرحلة:
انتهت هيمنة أمريكا في الشرق الأوسط.. وهذه هي الأخطاء ...وهـذه هي الفرص!

·         من مصلحة أمريكا وأوروبا أن تكون المرحلة الخامسة الحالية أقصر مايمكن

·         الخطأ الأول كان الافراط في استخدام القوة العسكرية

·         الخطأ الثاني كان المراهنةعلى الديمقراطية لتهدئة المنطقة

·         ضرب منشآت إيران لن تكون له أهمية، وسيزيد العداء للأمريكيين ويحدث أزمة اقتصادية دولية

·         الفرص المتاحة مواصلة العمل والتعاون مع الدول "غير الديموقراطية" والمزيد من التدخل بأدوات غير عسكرية

 

انتهى عصر الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط وبدأت مرحلة جديدة في تاريخ المنطقة المعاصر سيشكلها لاعبون جدد وقوى جديدة تتنافس على مدّ النفوذ فيها والسيطرة عليها، وسيكون على واشنطن الاعتماد على الدبلوماسية أكثر من اعتمادها على القدرة العسكرية، هذا هو ملخص المقال الذي نشره "ريتشارد هس"، رئيس مجلس العلاقات الخارجية في عدد نوفمبر - ديسمبر 2006 من مجلة "الشؤون الخارجية" Foreign Affairs، وهذا هو القسم الثاني والأخير منه:

 

على رغم أن هذه الملامح الأساسية للمرحلة الخامسة في الشرق الأوسط غير جذابة على نطاق واسع، فلا يجب أن يكون هذا سببا للتسليم بأنها أمر قدري، الكثير منها مسألة درجة وليس نوعا، وهناك فرق أساس بين شرق أوسط يفتقر الى اتفاقيات سلام رسمية وشرق أوسط يحدده الإرهاب ونزاع الدول الداخلي والحرب الأهلية، بين شرق أوسط يضم إيران قوية وشرق أوسط تهيمن عليه إيران، أو بين شرق أو سط ذي علاقة غير مريحة بالولايات المتحدة وشرق أوسط محتشد بالكراهية لأمريكا· ويصنع الزمن فرقا أيضا، إذ يمكن أن تستمر فترة من الفترات في الشرق الأوسط طيلة قرن أو أقل طيلة عقد أو نصف عقد من الزمن، ومن الواضح أنه لمصلحة الولايات المتحدة وأوروبا أن تكون الفترة التي نشهد ظهورها حاليا أقصر ما يمكن، وأن تتبعها فترة أكثر اعتدالا، ولضمان حدوث هذا يحتاج صناع السياسة الأمريكية الى تجنب خطأين، مع انتهازهم في الوقت نفسه لفرصتين، الخطأ الأول سيكون الإفراط في الاعتماد على القوة العسكرية·

وكما تعلمت الولايات المتحدة من كيس تكاليفها في العراق، وتعلمت إسرائيل في لبنان، فإن القوة العسكرية ليست دواء لكل الأمراض، إنها غير مفيدة الى حد مزعج ضد ميليشيات منظمة تنظيما منفلتا وإرهابيين مسلحين تسليحا جيدا، مقبولين لدى السكان المحليين، ومستعدين للموت من أجل قضيتهم·

ولن يأتي تنفيذ ضربة وقائىة للمنشآت النووية الإيرانية بإنجاز ذي أهمية، وليس الأمر أن هجوما قد يخفق في تدمير كل المنشآت فقط، بل قدد يقود إيران أيضا الى إعادة تكوين مكونات برنامجها حتى بطريقة أشد خفاء، ويدفع الإيرانيين الى الالتفاف حول النظام وإقناع إيران بالرد انتقاما (عبر وكلاء على الأغلب) أو ضد مصالح الولايات المتحدة مباشرة· إن مثل هذا الهجوم سيعمق من تطرف العالمين العربي والإسلامي ويولد مزيدا من الإرهاب وأنشطة معادية للأمريكيين، والعمل العسكري ضد إيران أيضا سيدفع أسعار النفط الى مستويات أعلى، ويزيد من فرص حدوث أزمة اقتصادية دولية وركود على صعيد العالم، ولهذه الأسباب كلها، يجب التفكير بالقوة العسكرية كملجأ أخير فقط·

الخطأ الثاني ستكون المراهنة على بروز الديمقراطية لتهدئة المنطقة، صحيح أن الديمقراطيات الناضجة لا تميل الى شن الحروب إحداها على الأخرى، ولكن خلق الديمقراطيات الناضجة لسوء الحظ ليس مهمة سهلة، وحتى لو نجحت المهمة في نهاية المطاف، فإنها ستستغرق عقودا·

موقتا، يجب أن تواصل الولايات المتحدة العمل مع الكثير من الدول غير الديمقراطية، والديمقراطية ليست الجواب على الإرهاب أيضا· من المعقول أن الشباب البالغين من المحتمل ألا يصبحوا إرهابيين إذا انتموا الى مجتمعات توفر لهم فرصا سياسية واقتصادية، ولكن الأحداث الأخيرة توحي بأنه حتى أولئك الذين ينشؤون في ديمقراطيات ناضجة، مثل بريطانيا، ليسوا محصنين ضد جاذبية التطرف·

وواقعة أن حماس وحزب الله نجحا نجاحا مميزا في الانتخابات، ثم نفذا هجمات عنيفة يعزز القول بأن الإصلاح الديمقراطي لا يضمن الهدوء، وعملية الدمقرطة ذات أهمية ضئيلة في التعامل مع المتطرفين الذين لا أمل لمنابرهم الخطابية في الحصول على دعم الأغلبية· المبادرات الأكثر نفعا يجب أن تكون أفعالامعدة لإصلاح نظم التربية والتعليم، وتشجيع ليبرالية الاقتصاد والأسواق المفتوحة، وتشجيع السلطات العربية والإسلامية على الكلام علنا لنزع الشرعية عن الإرهاب، وإذلال مسانديه، ومعالجة الآلام التي تدفع الشبان والشابات الى الأخذ به أسلوبا·

أما عن الفرص التي يجب انتهازها، فالفرصة الأولى هي المزيد من التدخل في قضايا الشرق الأوسط بأدوات غير عسكرية، وفي ما يتعلق بالعراق، فبالإضافة الى إعادة انتشار للقوات الأمريكية وتدريب الشرطة والجيش المحلي، على الولايات المتحدة إنشاء منتدى للمنطقة لجيران العراق (تركيا والعربية السعودية بخاصة) والأطراف المعنية الأخرى تماثل تلك التي استخدمت لإدارة الأحداث في أفغانستان بعد التدخل في العام 2001، ويتطلب عمل هذا بالضرورة إدخال سورية وإيران معا في المنتدى· سورية التي يمكن أن تؤثر على حركة دخول المقاتلين الى العراق، والأسلحة الى لبنان، يجب أن يتم إقناعها بإغلاق حدودها مقابل منافع اقتصادية (من الحكومات العربية وأوروبا والولايات المتحدة)، والتزام بإعادة بدء المحادثات حول وضعية مرتفعات الجولان· في الشرق الأوسط الجديد هناك خطر أن تكون سورية مهتمة بالعمل مع إيران أكثر من العمل مع واشنطن·

إلا أنها سبق أن انضمت الى التحالف الذي قادته الولايات المتحدة خلال حرب الخليج الفارسي، وحضرت مؤتمر السلام في مدريد في العام 1991، وهما إشارتان توحيان بأنها قد تكون منفتحة على صفقة مع الولايات المتحدة في المستقبل·

إيران حالة أكثر صعوبة، ولكن طالما أن تغير النظام في طهران غير متوقع في المدى القصير، وأن ضربات عسكرية ضد المواقع النووية في إيران ستكون خطرة، وإعاقة النشاط الإيراني غير أكيدة، فإن أفضل خيار متوافر لواشنطن هو الدبلوماسية· على الولايات المتحدة أن تفتح، بلا شروط مسبقة، محادثات شاملة تتناول برنامج إيران النووي ومساندتها للإرهاب والميليشيات الأجنبية·

ويجب أن تعرض على إيران مجموعة كبيرة من الحوافز الاقتصادية والسياسية والأمنية، ويمكن أن يسمح لها بامتلاك برنامج تخصيب يورانيوم محدود إذا قبلت تفتيشاً غير مشروط على مستوى عال وسيكسب مثل هذا العرض دعما دوليا واسعا، يكون سابقا إذا أرادت الولايات المتحدة دعما لفرض عقوبات أو لتصعيد خيارات أخرى في حال فشل الدبلوماسية، وإعلان شروط مثل هذا العرض على الملأ سيزيد من فرص نجاح الدبلوماسية، ويجب أن يعرف الشعب الإيراني الثمن الذي سيدفعه جراء سياسة حكومته الخارجية الراديكالية، وفي ضوء قلق حكومة طهران من أي رد فعل جماهيري معارض، فستقبل على الأرجح عرض الولايات المتحدة·

وتحتاج الدبلوماسية أيضا الى إعادة إحياء في النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، الذي ما زال القضية التي تشكل على الأقل (وتدفع الى التطرف) الرأي العام في المنطقة، ولن يكون الهدف في هذه النقطة المجيء بالطرفين الى كامب ديفيد أو أي مكان آخر ولكن البدء بخلق الشروط التي يمكن أن تنطلق في ظلها الدبلوماسية· وعلى الولايات المتحدة أن تعلن تلك المبادئ التي تعتقد أنها يجب أن تكون عناصر تسوية نهائية، بما في ذلك خلق دولة فلسطينية على أساس حدود 1967 (سيكون على هذه الحدود أن تتكيف لضمان أمن إسرائيل وتعكس المتغيرات الديموغرافية ويجب تعويض الفلسطينيين عن أية خسارة تنتج عن التعديلات) وكلما كانت الخطة أكثر تفصيلا وكرماً سيكون أصعب على حماس أن ترفض التفاوض وتفضل المواجهة·

واتساقا مع هذا النهج على مسؤولي الولايات المتحدة الجلوس مع مسؤولي حماس تماماً مثلما جلسوا مع زعماء "الشين فين"، وبعضهم أيضا قاد الجيش الجمهوري الإيرلندي· مثل هذه المحادثات لن ينظر إليها كمكافأة للتكتيكات الإرهابية ولكن كأدوات مع احتمال أن تجعل السلوك منسجماً في خط واحد مع سياسة الولايات المتحدة الأمريكية·

وتتضمن الفرصة الثانية أن تعزل الولايات المتحدة نفسها بقدر المستطاع عن اللا استقرار في المنطقة·

وسيعني هذا كبح الاستهلاك الأمريكي للنفط واعتماد الولايات المتحدة على موارد الطاقة من الشرق الأوسط وهي أهداف يمكن أن يحققها تحقيقا أفضل تخفيض الطلب بزيادة (تتفق مع زيادة الضرائب وتعزيز السياسات التي ستدفع الى تقديم بدائل لمصادر الطاقة) ويجب أن تقوم واشنطن بخطوات إضافية أخرى لتخفيض تعرضها للإرهاب· إن قابلية التعرض للإرهاب مثل قابلية التعرض للأمراض لا يمكن القضاء عليها نهائياً ولكن يمكن ويجب عمل المزيد لحماية أفضل لأراضي الولايات المتحدة والاستعداد أفضل لمواجهة المناسبات التي لا مناص منها حين ينجح الإرهابيون· إن تجنب هذه الأخطاء وانتهاز هذه الفرص سيكون عوناً ولكن من المهم الاعتراف بأنه لا توجد حلول سريعة وسهلة للمشاكل التي تفرضها الفترة الجديدة·

سيظل الشرق الأوسط الجزء القلق والمقلق للعالم طيلة عقود قادمة وهو كاف بمجمله ليجعل المرء يحن الى الشرق الأوسط القديم·

طباعة  

3 خيارات "عراقية" أمام إدارة بوش
 
العرب ليسوا مسؤولين عن الهولوكوست وهتلر لم يختبىء في رام الله!