رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 13 ديسمبر 2006
العدد 1754

من إصدارات مدينة الشارقة
أحلام صغيرة ولكن

المميز

 

                                                

 

عندما قابلته أول مرة كان صغيرا في السن وكنت أحسبه ضعيفا لما أراه من نحول في جسمه كانت مشاعر الشفقة تمتلكني: كلما رأيته يعاني من صعوبة في تحريك قدميه المثقلة بقيود صناعية خصوصا كلما أراد التحرك هنا أو هناك يسانده في ذلك عكازتاه الصغيرتان اللتان يجمعهما دوماً الى بعضهما ويضعهما بجواره بعد أن يصل إلى غايته·

في كل مرة أراه: أدنو منه، فتقابلني ابتسامته المشرقة، غير عابئ بحاله·

أو بالأصح: بما نراه نحن فيه من اختلاف جسدي، فأمسح على رأسه وعلى كتفيه، ومع هذا ألمح على وجهه علامات الامتعاض كردة فعل لا شعورية على تصرفي هذا إلا أنه يعود ويبتسم لي عندما يظن أنني تضايقت من ردة فعله هذه!!

كنت أعتقد أن هذا الطفل يحبني كثيرا مثلما أحبه، وأنه يتعامل معي بهذه الروح المرحة، لخصوصية العلاقة التي تربطني به·

كنت أعجب بعباراته الرشيقة التي يستخدمها للهروب من أي حديث ربما لا يعجبه، أو لا يحب الخوض والإسهاب فيه، قائلاً:

- انظر ما أجمل عكازي؟!

مضت الأيام، والتقيت بصديق لي، أخذ يحدثني عن هذا الطفل، ظنا منه أنني لا أعرفه وما زال يعيد على ذكراتي تلك الصور الجميلة التي لم تغب عن مخيلتي أبداً وقال لي:

- هذا الطفل يجب أن يحصل على تقدير اجتماعي، لقهره الإعاقة وتخطيه الحواجز النفسية، وتسلحه بقدر كبير من الإيمان بقضاء الله وقدره·

 ويعلق صديقي على اقتراحه قائلاً:

أنا لم أسمع عن معاق يفاخر بعشقه لأدواته المساندة مثلما يعشق هذا الطفل عكازه؟!

وفي يوم تعمدت مقابلة هذا الطفل واستفزازه وبعد سؤال عن الحال والأحوال، حملت أحد عكازيه وقلت له مداعباً:

- ما شاء الله·· لديك عكازتان جميلتان

- هل تبيعني إحداهما؟

نظر إلي غاضبا!!! خطف العكاز من يدي!!!

وقال ساخراً:

- ما شاء الله أنت لديك عينان جميلتان:

- هل تبيعني واحدة منهما؟!

أوقعني سؤاله في حيرة ووضعني في حرج شديد حاولت الخروج منه بسرعة، فقلت له:

- وماذا لو فقدت هذا العكاز؟!

قال:

- لا شك أن فقده سيسلبني روحي! ولكن إذا حصل هذا فسوف أبحث لي عن عكاز أجمل منه!!

وعندما لم يعجبه حتى التفكير في هذا الاحتمال، أراد الهروب، وسألني:

- ماذا لو كنت أنت مكاني؟

- هل سيكون لك عكاز جميل مثل عكازي؟!

وأضاف صديقي قائلاً لي:

- حقيقة "يا صديقي" كم بيننا من ذوي الاحتياجات الخاصة من يحتاج أن نكون الى جواره ليتخطى الحواجز النفسية التي قد نكون نحن سبباً في وجودها لديه·

وليعلم أن ما هو فيه هو نعمة قبل أن يكون ابتلاء خصه به دون غيره رب العزة والجلال، وعليه أن يتحلى بالصبر والقناعة، ونحن الأسوياء لا فرق بيننا، ولا شيء يميزنا سوى ما نتعمد أن نظهره للآخرين من علم ومعرفة أو مكانة اجتماعية مرموقة يشار إلينا فيها بالبنان·

ولكن كل ذي حاجة خاصة لا شك أنه مميز بظروفه الخاصة وهذا في حد ذاته إشهار؟!

هم حقيقة يا أخي مميزون، مميزون، مميزون·

طباعة  

طارق القلاف أحرز ذهبية المبارزة
عودة "المعاقين" من ماليزيا بـ 12 ميدالية متنوعة

 
تحت شعار رسالة منطقة حولي التعليمية
روضتي أساس لبناء شخصيتي

 
مساهمات وتواصل لدينا داون وننتصر