الجيران ـ بغداد ـ كتب المحرر السياسي للجيران:
رغم معارضة أغلب المسؤولين العراقيين لما طرحه السكرتير العام للأمم المتحدة كوفي عنان حول عقد (مؤتمر دولي) لحل المشكلة العراقية واصفا الوضع في العراق بأنه مأساوي وكارثة إنسانية، إلا أن دعوة أنان لعقد المؤتمر الدولي لقيت استجابة خليجية وعربية وإسلامية ودولية·
ويخشى المسؤولون العراقيون المعارضون لفكرة عقد (مؤتمر دولي) وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية الطلباني ورئيس الوزراء المالكي والوزراء الشيعة والأكراد في حكومته فضلا عن رئيس قائمة الائتلاف العراقي السيد عبد العزيز الحكيم من أن يؤدي هذا المؤتمر الدولي الى إلغاء ماتم بناؤه في العملية السياسية الجارية في العراق منذ أربع سنوات وإلغاء ماتحقق من مستحقات انتخابية وماتم إنجازه على صعيد الائتلاف الحكومي والدستور، رغم أن تقرير لجنة بيكر نص على إجراء تعديلات وإصلاحات قد تؤدي الى إلغاء تلك المستحقات وتقلل من نفوذ الشيعة والأكراد وتعزز مخاوف المعترضين منهم·
والمقابل نرى أن التيار السني داخل الحكومة وخارجها أيد دعوة كوفي عنان الى عقد المؤتمر الدولي·
وصرح العديد من المسؤولين وقادة الجماعات السنية الى أن هذا المؤتمر قد يكون طريقا مناسبا لحل إشكاليات الوضع العراقي·
وكما يبدو أن الخلاف الدائر الآن داخل الطبقة السياسية العراقية هو خلاف حول أيهما الأفضل المؤتمر الدولي أم المؤتمر الإقليمي؟ ورغم أن هذه الأنتقائية لدى بعض المتخوفين من إشراك العالم الخارجي بترتيبات الوضع العراقي قد تجعلهم أكثر حساسية من غيرهم دون اعتبار لحقيقة أن أي جهد إقليمي أو دولي هو أمر مرغوب به حتى لوكان الجهد يجمع بين المؤتمرين، غير أن المراقبين يعتقدون أن الضغوط الإقليمية والدولية على الزعماء العراقيين لاتترك لهم خيارات كثيرة لكي ينتقوا مايشاؤون أو يعرقلوا جهدا دوليا ·
فتقرير لجنة بيكر الذي يوصي بإشراك العالم الخارجي بحل القضية العراقية هو تقرير بات يحظى بدعم الكثير من الأوساط الإقليمية والدولية·
ومما يؤكد هذا الاحتمال هو ماقاله رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي إن وفودا عراقية ستتوجه قريبا الى دول الجوار والإقليم والعالم للبحث في عقد مؤتمر حول العراق وسيتقرر على ضوء نتائج زياراتها فيما إذا سيكون المؤتمر المزمع عقده إقليميا أو دوليا·
لكن المالكي لايريد مجاراة رأي الخارج كثيرا أو يتراجع كثيرا أمام مقترح كوفي أنان فاشترط عقد المؤتمر في بغداد وهو يعرف أن ذلك غير ممكن إذا تم الخيار على إقليمي أو على دولي، كما أكد على أن العراق يرفض عقد أي مؤتمر يحاول الالتفاف على ما أنجزته العملية السياسية من انتخابات ودستور وحكومة للوحدة الوطنية مشددا أن أي مؤتمر من هذا القبيل يجب أن يكون لمصلحة مساعدة الشعب العراقي على تجاوز ظروفه الصعبة الحالية·
وهذا الكلام يؤكد ما قلناه أن الحكومة العراقية والمشاركين فيها من التيارين الشيعي والكردي لايريدون مؤتمرا يجردهم من مكاسبهم في وقت يتطلعون فيه بحذر الى توصية وردت في تقرير لجنة بيكر تدعوهم للتنازل قليلا وتوصي بإشراك القوميين والبعثيين وعناصر النظام السابق في السلطة·
ولكي يتم التقليل من أهمية أي مؤتمر إقليمي أو دولي إزاء الدور السياسي للعراقيين في حل مشكلتهم بأنفسهم، يكشف المالكي عن اتفاق داخلي قد تم على عقد مؤتمر للقوى والأحزاب السياسية العراقية منتصف الشهر الحالي حول المصالحة الوطنية · وقال إن هذا المؤتمر سيسعى الى الوصول الى ميثاق شرف لتحريم الاقتتال الطائفي وإخراج البلاد من مرحلتها الصعبة الحالية التي تتعرض لعدوان الإرهابيين والخارجين على القانون، لكن شكوكا كثيرة تحوم حول ماباستطاعة هذا المؤتمر إنجازه·
وبالطبع فإن الكثير من المراقبين يتمنون أن يتغلب العراقيون على صعوباتهم لكي يصلوا ببلادهم الى الاستقرار، لكن المشهد العراقي لايعطي فرصة لتحقيق هذه الأمنية، كما من غير المحتمل أن يحقق المؤتمر الداخلي مايمكن أن يحققه مؤتمر دولي يضع التزامات على جميع الأطراف، لا سيما أن 90% من أوراق اللعبة الجهنمية في العراق هي بأيدٍ خارجية·
