رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 29 نوفمبر 2006
العدد 1752

النسخة التاسعة للمهرجان المسرحي الخليجي 2006
استحقاقات فردية.. من غير زعامة إبداعية قُطرية(1)

 

 

·       البحرين تحصد السينوغرافيا  وجائزة التمثيل الرجالية الأولى

·       الإمارات تكتفي بجوائز  التمثيل الثانية النسائية والرجالية

·         السعودية، وقطر.. عروض ومشاركات بلا جوائز، ودعوة لمراجعة الحساب

·         ورشة فنية حول الإضاءة والسينوغرافيا.. قدمت الجديد، بلغة تقنية معاصرة

·         الكويت تحصد جائزة الإخراج عبرالهشيم.. وعُمان تصطاد جائزتي التأليف والتمثيل النسوية الأولى

·        ندوات تطبيقية تؤكد على فروسية نقّاد المرحلة.. وندوة فكرية تتناول ظاهرة المكان في العرض المسرحي

 

البحرين من الدكتور نادر القنّة:

اختتمت في العاصمة البحرينية المنامة مساء يوم السبت الحادي عشر من شهر نوفمبر 2006 أعمال الدورة التاسعة للمهرجان المسرحي للفرق المسرحية الأهلية في مجلس التعاون لدول الخليج العربية·

ويُذكر أن هذه الدورة التاسعة التي نظمتها المنامة خلال الفترة من الرابع من نوفمبر وحتى الحادي عشر منه، قد عُقدت بعد سلسلة من التأجيلات الخارجة عن إرادة الجهة المنظمة·· كما حظيت برعاية خاصة من لدن صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء في مملكة البحرين، حيث ساهمت رعايته المباشرة لأعمال هذه الدورة، واستقباله لأعضاء لجنة التحكيم، ورؤساء الوفود المشاركة في إنجاح هذا المهرجان، بعد أن قدم للجميع النصح والإرشاد، مؤكدا على أهمية الثقافة بشكل عام، والمسرح بشكل خاص في دفع مشاريع التنمية الوطنية الى الأمام، كما حثهم على البذل والعطاء بما فيه مصلحة المجتمعات في دول الخليج العربي·

 

حفل الافتتاح

 

نعود إلى حفل الافتتاح، وإلى إعلان البدء بإطلاق أجنحة الإبداع المسرحي في الدورة التاسعة في المنامة، حيث أناب صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء، وراعي المهرجان، سعادة الدكتور محمد بن عبدالغفار عبدالله وزير الإعلام ووزير الدولة للشؤون الخارجية  رئيس المهرجان بافتتاح الدورة التاسعة في الصالة الثقافية·

حضر حفل الافتتاح الشيخة مي بنت محمد بن إبراهيم آل خليفة الوكيل المساعد للثقافة والتراث الوطني، نائب رئيس اللجنة العليا مدير المهرجان، وكذلك كلثوم أمين المنسق العام للمهرجان/رئيس لجنة الورشة المسرحية، والدكتور عبدالله بن عقله الهاشم، الأمين العام المساعد لشؤون الإنسان والبيئة في مجلس التعاون، بالإضافة الى سفراء الدول الخليجية لدى مملكة البحرين، ورئيس وأعضاء اللجنة الدائمة للمسارح الأهلية في دول مجلس التعاون الخليجي، وأعضاء اللجنة العليا لمهرجان المسرح الخليجي التاسع، ورؤساء الوفود الرسمية للدول الخليجية المشاركة· وكذلك حضر حفل الافتتاح الفنانون المسرحيون الخليجيون، وضيوف المهرجان، ورجال الصحافة والإعلام في مملكة البحرين، وجمهور كبير من عشاق الثقافة المسرحية·

في حفل الافتتاح ألقى الدكتور إبراهيم غلوم رئيس اللجنة الدائمة للفرق المسرحية الأهلية في مجلس التعاون لدول الخليج العربية كلمة مطوّلة حول واقع الحركة المسرحية في منطقة الخليج العربي، أشار فيها الى أهمية هذا المهرجان ودوره في دعم الاشتغال المسرحي النوعي في دول المنطقة·· منوهاً الى "أن إقامة هذا المهرجان واستمراره تسع دورات هو أحد أهم ما قدمه المسرح والمثقفون في دول مجلس التعاون للحركة الثقافية في العقود الأخيرة"·

وقال: "يعد هذا المهرجان أهم ما شجعته الأمانة العامة من مشروعات ثقافية، حيث كرس عملياً فكرة العمل الثقافي المشترك· كما يعد تظاهرة حافظت على كيان الفرق المسرحية الأهلية في دول المجلس من الانقراض وسط مناخ الفضائيات وضراوة الثقافة الاستهلاكية وثقافة الإعلام الجديد وتكنولوجيا الاتصال"·

وقال غلوم في كلمته: "إن التحيز الداخلي الذي تعاني منه الفرق المسرحية الأهلية الخليجية لا يزال يؤثر على طريقة تفكيرها، وطريقة إنتاجها للعروض· وبالتالي، علينا أن نتجاوز العصبيات من أجل النهوض بالواقع الثقافي، ومن أجل خلق قيم مسرحية مثلى تساهم في النهوض بمستوى المهرجان"· ورأى غلوم أن هذا المهرجان ساهم الى حد بعيد في تقريب المسافات بين المثقفين الخليجيين وبين المسؤولين عن قطاعات الثقافة في دول المجلس الخليجي·

ثم توقف غلوم عند أهم العثرات والمشاكل التي تواجهها الفرق الأهلية في دول المجلس، وقال: "إن الكثير مما تتعرض له الفرق المسرحية اليوم من تهميش، وعُزلة، ومضايقة ناتج عن الثقافة الاستهلاكية والجديدة، التي ساهم في نشرها تطور وسائل الاتصال، وأصبحت تهدد بعض الكيانات الثقافية الراسخة والتقليدية والتي تعتبر الوسيلة الحقيقية لتطوير ثقافة الإنسان، وصياغة كيانه"·

وحول المكتسبات الفنية والثقافية التي حققها المهرجان بعد قرابة عشرين عاما قال: "إن المهرجان ساهم في تغيير معالم التجربة المسرحية في مختلف دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك من خلال ازدياد عدد الفرق المسرحية، ومن خلال تزايد اهتمام المسؤولين بالنشاط المسرحي الخليجي، ومثل هذه الإشارات والمكتسبات تجعلنا نتمسك بهذه التظاهرة، فهي التي تُبقي على براءة التجربة من حداثة الانهيار التي تدخل في شتى الوسائل وتستلب الفكر في أجيالنا· كما أنها - أي المكتسبات التي حققها المهرجان - تجعله دائما محط استشراف المخاطر، وأبرزها التراجع الفني، الذي سجلته تقارير اللجنة الدائمة على مستوى الأداء المسرحي للفرق، وعدم مأسسة المسرح مأسسة كاملة راسخة، بحيث يمكنها أن تدافع عن الفرق المسرحية الأهلية"·

وأشار غلوم في نهاية كلمته الى "أن المسرح من أبرز مهماته استقطاب الفئات العريضة من الشباب، من أجل بناء أفكارهم وإشراكهم في صناعة مستقبل المجتمع والثقافة في هذه المنطقة"·

 

العمل المشترك

 

في مستهل كلمته دعا الأمين العام المساعد لشؤون الإنسان والبىئة في مجلس التعاون الخليجي الدكتور عبدالله بن عقلة الهاشم الى ضرورة دعم أعمال اللجنة الدائمة  للفرق المسرحية الأهلية بشتى أشكال الدعم، سواء المادية أو المعنوية، حتى يتسنى لها الارتقاء بأعمالها، وأعمال الفرق المسرحية الى مستوى تطلعات المسرحيين والفنانين وجميع المهتمين بالأعمال الفنية، وقال: "إن العمل المشترك في مجال المسرح واحد من الجوانب المهمة والمشرقة للتعاون الثقافي والتواصل فيما يخدم المنطقة ودولها ومواطنيها"·

وأضاف: "إن الأمانة العامة، والدول المضيفة، واللجنة الدائمة للفرق الأهلية، والفرق المسرحية بمختلف عناصرها البشرية والفنية ما فتئت تتعاضد منذ الدورة الأولى، وحتى اليوم، لتحول هذا المهرجان الى حدث متفاعل تنتقل مواكبة بين عواصم دول المجلس ويلتحم المسرحيون في أرجائه في تنافس منبعه الرغبة الصادقة والتفاني المخلص في تطوير هذا الفن الذي بدأت طلائعه في هذه المنطقة قبل ما يزيد عن نصف قرن"·

وأشار الهاشم في كلمته الى "أن هذا المهرجان يأتي ونحن على مشارف الاحتفال بمرور خمسة وعشرين عاما على تأسيس مجلس التعاون· وبالتالي تدشين العمل المشترك في مختلف المجالات، ومن بينها التعاون الثقافي بمختلف أشكاله وتنوعاته"·

 

المسرح حاجة

 

أما الدكتور محمد عبدالغفار وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الخارجية، رئيس اللجنة العليا للمهرجان، ورئيس المهرجان فقد قال في كلمته: "إن اختيار مملكة البحرين لاستضافة المهرجان المسرحي الخليجي في دورته التاسعة ما هو إلا تشريف يليق بهذا البلد العريق في صلته بالمسرح وبالثقافة· وأن الوزارة سعت لأن تجعل من هذه الدورة حدثا ثقافيا يليق باسم الأشقاء في مجلس التعاون"·

وأكد بأن وزارة الإعلام حشدت من أجل ذلك كل طاقاتها وإمكاناتها المتاحة لتوفير كل سبل النجاح للمهرجان الذي يؤمل أن يكون مكملا للنجاحات التي حققتها المهرجانات السابقة بدول الخليج·

وأضاف بأن المسرح أصبح واحدا من أهم أشكال العمل الثقافي الذي يعبر بصدق عما تكتنزه أرضنا العربية الطيبة من إبداعات فنية وثقافية كبيرة، وتؤكد المدى الواسع الذي يتمتع به الإنسان العربي في الخليج من عراقة وذوق رفيع وحب للفنون، حيث كان المسرح دائماواحدا من أهم روافد التنوير والتفاعل والتقارب والتفاهم والإخاء· لذا فهو أحوج ما يكون اليوم الى أن نشد من عضده ونعزز من تأصيل مكانته في حياتنا الثقافية·

وقال في كلمته: إن المسرح حاجة وليس زينة ثقافية، ولا بد من وجوده في حياتنا، مثلما هي مشاركة الجميع اليوم أيضا حاجة لا يمكن الاستغناء عنها في بلد عرف المسرح مبكرا، فعشقه وتمسك به عندما وجده من أهم المنطلقات والأساسيات لصياغة حوار ثقافي يؤسس لمجمع مدني راق·

وعبر الوزير عن ثقته بأن هذه الدورة بما تحويه من عروض مسرحية مميزة وندوات فكرية وتطبيقية ومنافسة شريفة ستحظى بالنجاح والتوفيق وخاصة مع الجهود الكبيرة التي بذلتها اللجنة العليا للمهرجان وإدارة المهرجان والفرق الأهلية المشاركة وكذلك جميع من ساهم في التنظيم وسيساهم في إحياء الأنشطة·

 

مظلتي ما تزال مبللة

 

شهد حفل الافتتاح تقديم العرض المسرحي (مظلتي ما تزال مبللة)، من إنتاج قطاع الثقافة والفنون بوزارة الإعلام بمملكة البحرين، من تأليف وإخراج الفنان جمال الصقر، وبطولة: محمد عواد، عصام ناصر، حسين عبدالعلي، سناء صالح، عامر العالي، خليل المطوع، عمر عبدالرحمن، بالإضافة الى مجموعة من الاستعراضيين·

السينوغرافيا من تصميم ياسر ناصر، والاستعراضات من تدريب نضال الدرازي، والديكور لسعود مرزوق، والسيناريو السينمائي لجمال الصقر·

المسرحية تعالج برؤية فنية غير تقليدية حالة إنسانية يتعرض لها المواطن العربي أنور البسيط، حيث يقع عليه الاختيار ليكون مدرسا لمادة التاريخ في مدرسة صلاح الدين· ومن خلال شخصيته وتخيلاته، وإسقاطا على الواقع المعاصر، تتشظى شخصيته في مساحات أحلامه الى مجموعة من الشخصيات تتدرج من حالة القوة والتطرف الى الضعف والوهن والعجز، ليجسد في كل شخصية من الشخصيات التي يقدمها التناقضات الكائنة في الواقع العربي وكذلك التناقضات الكائنة في أعماق نفسه· حيث يحتاج الى كل موقف شخصية ويحتاج في تعاملاته مع الآخرين الى سلسلة من الشخصيات القادرة على خلق توازنات سيكولوجية وسسيولوجية مرضية·· حتى يبدو شخصا سوياً·

العرض خلط بين الواقع والخيال وجنح الى لغة الاستعراض الجسدي على حساب التمثيل الدرامي، وعمد الى توظيف رقصات فن "الهيب هوب" واستخدام الحركات الإيقاعية الموسيقية الشعبية·· كل ذلك من أجل خلق رؤية فرجوية جمالية تحمل قدراً من الإثارة والدهشة·

 

عروض المسابقة الرسمية

 

1- من خلال فرقة مسرح الشباب للفنون شاركت دولة الإمارات العربية المتحدة بعرض "آه قلبي" من تأليف أحمد بو رحيمة وإخراج وسينوغرافيا محمد العامري·

المسرحية من بطولة عبد الله حيدر البلوشي، آلاء شاكر، جمعة علي، أشواق، أحمد الزعابي، بدور، أحمد مال الله، منيرة محمد، إبراهيم العازم، أحمد سالم، بالإضافة الى مجموعة الفرقة الموسيقية·

يقدم العرض حكاية من زمن الغوص·· من التاريخ البعيد، والقريب· غير أن الفكرة تبقى هي الفكرة لم تتغير منذ الزمن الماضي: "المتاجرة بكل شيء حتى الإنسان، ففي هذه الدنيا تباع الأرواح وتشترى ويزداد طمع الإنسان بأخيه الإنسان وتدوس الأقدام الآخر الضعيف وهكذا تسترسل الحياة"·

يؤكد العرض المسرحي على أن المال ما زال عصب الحياة، وهو وحده القادر على الفرز الاجتماعي، إذ به وحده تعلو طبقة الى الواجهة ومن دونه تهبط طبقة من مكانتها الى القاع من غير التفاتة وتقدير للقيم الاجتماعية التي يبدو أنها تحت ضغط المال صارت شأنا استثنائيا فلا تأثير للقيم والثوابت والأخلاقيات تحت سطوة المال وهيمنته·

2- المشاركة البحرينية جاءت هذه المرة، في هذه الدورة بكثافة عالية ورؤية سياسية عميقة من خلال فرقة مسرح أوال·· حيث قدمت عرض "عذاري"·· وهي رؤية مسرحية مستخلصة من ثلاثية "عذاري- الحلم، الوهم، الدم" للكاتب البحريني علي الشرقاوي·

استند الإعداد الى جهود: جمعان الرويعي، محمد الصفار، خالد الرويعي، والسينوغرافيا والإخراج للفنان البحرين المتألق جمعان الرويعي·

العرض من بطولة: عبدالله ملك، ياسر القرمزي، عبدالله سويد، رانيا غازي، محمد الصفار، حسن محمد، حسن الماجد، يوسف بو هلول، عبدالرحمن محمود، فوز الشرقاوي، خلود جمال، شيماء جناحي، مروة مهدي، محمد سعد، مجيد رضي، عبد الله رشدان، أحمد عاشور، نجم مساعد، يوسف عبدالمجيد·

دراماتورج: محمد الصفار، التأليف الموسيقي لمحمد قاسم حداد، الأزياء لحمد سعد، الإضاءة لأحمد الفردان·· حسب نشرة المهرجان تتلخص المسرحية على النحو التالي:"مسرحية عذاري تنبض بالكلمات وتركز على الحالات النفسية والدرامية معا والمفعمة بالألوان والأغنيات والضوء والظلال· العرض يعتمد على أدوات بسيطة ولكنها غنية ومؤثرة من خلالها تنمو حركة الأحداث والشخوص ويتفاقم الصراع السياسي بين الفلاحين والحكام والمتعددين، وكل هذا يتم تجسيده داخل الأقمشة فتصبح جبالا حمراء وسوداء وبيضاء أو تلالا صغيرة، أو وحشا يلتهم الناس، أو بحراً وأحيانا وجه السلطة القامعة، ومخبريها ومسؤوليها المتغلغلين كالأذان والسياط في الجسد المسرحي الإنساني وذلك عن طريق استغلال المخرج لأجساد الممثلين بأزيائهم وتجمعاتهم وعبر أدوات بسيطة ويركز العرض على حركة الممثل وتضافرها بالضوء المتعدد والبقع،  هذا التضافر الحركي الضوئي الموسيقي هو روح العرض وهذه الحالات المسرحية الدرامية تغذي الفعل الدرامي، وتلونه بالظلال والإيماءات"·

3- المشاركة السعودية في هذه الدورة جاءت من خلال الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون "فرع الإحساء"·· حيث قدمت عرض "طرفة على الجسر" من تأليف الكاتب المسرحي السعودي عبدالعزيز السماعيل، ومن إخراج وسينوغرافيا المخرج الأردني زكريا المومني·· والمسرحية في الأصل مأخوذة عن قصة محمد بن أحمد الشدي·

العرض من بطولة: نوح الجمعان، عبد الله التركي، عبد الله المحجم، محمد الجعيري، فيصل المحسن، سلطان النوة، هيثم الرزق، إبراهيم الدريس، إبراهيم بو سعد، عبد الكريم الموسى، أحمد البن حمضه·· الديكور والأزياء ليوسف الخميس، والإشراف الفني لعلي الغوينم، الألحان لعبد الرحمن الحمد، الأداء الغنائي لعبد الرحمن النوة، الإضاءة لباسل الهلالي·

يستدعي العرض المسرحي شخصية الشاعر العربي "طرفة بن العبد" حيث يتكئ على حضوره نصاً وعرضا في محاولة لاستلهام حكايته، التي يختلط فيها الواقع بالخيال من غير حدود واضحة، عبر تقديم رؤية مسرحية فرجوية تعكس أزمة المثقف العربي في الزمن الراهن، مع إثارة المتحرك من الواقع السياسي الحاضر في المخيلة في الأصل، والذي لا نحتاج الى كثير من الجهد لتبيان معالمه ودلالاته وتزميزاته·

المسرحية تبحث في شخصية "طرفة بن العبد" ما بين ما هو ثابت في التاريخ العربي وما يقبله المنطق وما هو ماثل في الصياغة الأسطورية "هذه الشخصية التي ألهمت الكثير من الكتاب والشعراء والفنانين" هي الحكاية الظاهرة في العرض المسرحي غير أنه في بطنها تتحرك عشرات القضايا السياسية·· التي تشكل في مجملها أزمة الإنسان العربي في ظل استلابه، واغترابه، وانهزاميته، وعجزه عن تحرير ذاته من القيود السياسية والعسكرية الضاغطة عليه، ليعيد الاحترام والوجود الى كيانه·

4- من خلال فرقة مسرح مسقط الحر الأهلية شاركت سلطنة عمان بعرض مسرحية "منتهى الحب·· منتهى القسوة" من تأليف آمنة الربيع، وإخراج جاسم البطاشي·

العرض من بطولة: جاسم البطاشي، سميرة الوهيبي، محمد السيابي، عامر السيابي، علي عوض، عبد الله البطاشي، حمد البطاشي، أحمد المعمري، سعود الدغيشي، يوسف الدغيشي·· الأزياء لكاملة البلوشي، السينوغرافيا لأحمد البلوشي، الإضاءة لصالح البحراني·

المسرحية تقدم شكلاً جديداً من أشكال الكتابة غير التقليدية في التجربة المسرحية العمانية حيث تتحدث في إطار تكنيك عبثي لا يخلو من أنفاس توفيق الحكيم عن "الصراع القائم بين السلطة ورجل الشارع، من خلال المتناقضات الموجودة في الحياة والواقع المعاش، وتقييم الأمور بطرق شخصية من جميع الشخصيات، في إطار مجموعة من المتناقضات المركبة في عدد من المشاهد ويعتمد الخط الدرامي في المسرحية علي المشاهد المتصلة المنفصلة بين الشخوص، والأحداث والظروف المغطاة·

5- شاركت دولة قطر في المسابقة الرسمية من خلال فرقة الدوحة المسرحية التي قدمت عرض "أهل شرق" من تأليف وإخراج وسينوغرافيا الفنان عبدالرحمن المناعي·

العرض من بطولة: صلاح الملا، ليلى السلمان، علي سلطان، فرج سعد، سعد الكواري، دينا خفجي، إبراهيم محمد، محمد العبيدلي، محمد حسن، راشد الشيب نافذ السيد، عبد الرحمن محمد·

الإضاءة لناصر أحمد والماكياج لياسر سيف، والديكور من تنفيذ خالد سالم، ومحمد العبيدلي·

تدين فكرة المسرحية جيل عبدة المال، الذين أداروا ظهورهم لكل القيم النبيلة في المجتمع بحيث لم يعد لديهم من إرث الماضي شيء يتمسكون به فصاروا جيلا بلا إرث ولا تاريخ همهم الوحيد هو "المال" ولا شيء غير "المال"·· أما على مستوى الحكاية فإن المسرحية تتحدث بلغة معاصرة وشكل فرجوي لا يميل الى التعقيد: "عن الثروة وما تسببه من تفكك اجتماعي أسري، عندما لا تستخدم - أي الثروة - لخير الإنسان وتنميته من خلال إخوة يفترضون وجود إرث مالي كبير تركه والدهم، وفي سعيهم للبحث عن ذلك يحدث الصراع حتى يصل الى أقصى مراحله عندما يكتشفون أن ما يبحثون عنه مجرد وهم، وتلامس المسرحية في بعض أجزائها قضايا اجتماعية·

6- جاءت المشاركة الكويتية في هذه الدورة من خلال فرقة المسرح الكويتي التي قدمت عرض "الهشيم" من تأليف الكاتب المسرحي العراقي عبدالأمير الشمخي وإخراج فيصل العميري·

العرض من بطولة: مبارك سلطان، نصار النصار، حنان المهدي، بدر القلاف، فيصل العميري·· الموسيقى لوليد سراب والإضاءة لأيمن عبدالسلام، والتقنيات لعبد العزيز العبيد، والأزياء لخليفة الفهد مساعد في الإخراج مبارك المزعل·

المسرحية عبثية التركيب والصياغة نصا وعرضا ورؤية·· حيث تتحدث في فكرتها الأساسية حول استلاب الإنسان وغربته في زمن تتسلط فيه كل عناصر القوة والوحشانية، حيث لم يعد بوسع الفرد أن يكون متصالحاً مع نفسه، ولا مع الواقع الاجتماعي الذي ينتمي اليه، ولا مع المحيطات التي تؤطره في دوائر أوسع وأوسع·

ففي دواخلنا ثورة ذاتية نحو التغيير وفي دواخلنا وحوش ساكنة تبدأ من الخوف والرعب والرهبة تمنعنا أن نحرك ساكناً، غير أننا نحتاج الى انتفاضة داخلية قوية لتطهير ذواتنا من الازدواجية المعقدة والمركبة·· تلك هي الصورة العبثية القاتمة التي نعيشها في هذا الكون من غير تحديد لمساحات الجغرافيا، أو تكثيف للصورة المرئية، أو الاتكاء على لعبة الإسقاطات والترميزات·· بل هي دلالات كلية تقودنا الى عمومية الإنسان·· فالمسرحة من ألفها وحتى يائها مؤنسنة كتابة على الورق، وكتابة على خشبة المسرح بتوقيع شبيبة يرون أن حضارة العصر لا يصنعها إنسان خاوي الفكر، خائر القوى، بل يصنعها إنسان قادر على أن يكون ذاته، وأن يكون متصالحا مع كل شيء ومتوازنا مع المدارات الإنسانية المحيطة به·

حسب نشرة المهرجان فإن أحداث المسرحية "تدور حول مفهوم العلاقات الاجتماعية بين البشر، وكيف أن هذه العلاقات تتطور الى حد قد يراه البعض مرضيا، ولكن على العكس من ذلك نلاحظ، من خلال ما قدمه لنا الكاتب، أن هذه العلاقات تطورت الى الأسوأ وذلك من خلال ما تتطرق اليه شخوص المسرحية، وما ينتج عنه من أحداث درامية·

لا شك أن فيصل العميري تمكن بمهارة شديدة من تفكيك هذا النص العبثي وإبراز مفرداته الفكرية، ومضامينه ضمن لعبة مسرحية تعتمد كثيراً على جهود الممثلين، وتفجير طاقاتهم الإبداعية·

 

                            

 

طباعة