رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 22 نوفمبر 2006
العدد 1751

ثلاثة صراعات وعقليتان وطريق واحد للحل

                                      

 

·       الغرب يرى في الحروب الراهنة صراعا بين الحرية والإرهاب والشرق يرى أنها بين الحرية والاحتلال

·         هناك فارق جوهري بين هجمات 11 سبتمبر وصراعات الشرق الأوسط

 

بقلم مروان بشارة*:

هناك صراع جذري في الآراء وراء الحرب في الشرق الأوسط، سواء في فلسطين أو العراق أو لبنان مؤخرا· فأمريكا تنظر إلى كل من هذه الحروب باعتبارها صدام بين الحرية والإرهاب، بينما ينظر إليها العرب باعتبارها صداما بين الحرية من جهة والاحتلال والحروب الظالمة من جهة أخرى· وما لم تتم مصالحة سياسية ودبلوماسية بين المفهومين، فسوف يغرق الشرق الأوسط في المزيد من الحروب والفوضى إلى ما لا نهاية·

فإدارة بوش تتهم الأصوليين الإسلاميين ورعاتهم في طهران ودمشق بنشر ثقافة الكراهية والسلطوية ضد إرادة غالبية العرب· وتعتقد الولايات المتحدة أن هناك حبا للحرية على النمط الأمريكي داخل كل مسلم وأن مهمتها هي في دعم هذا الجانب بأي شكل من الأشكال· ففي النهاية، قضية الحرية في أمريكا تعتمد - وفقا لعقيدة بوش الجديدة - على قضية الحرية في الخارج·

 

في البدء كان الاحتلال

 

ومن جانبهم، ينحى العرب باللائمة على الحروب والاحتلالات الأمريكية والإسرائيلية، في تحويل مواطنيهم إلى مقاتلين من أجل الحرية ودفع الشباب العربي إلى الانخراط في مجموعات إرهابية كالقاعدة· وهم يحملون واشنطن وتل أبيب المسؤولية عن عمليات القتل والدمار وزيادة التطرف في سبيل تحقيق مصالح جيوسياسية ضيقة على حساب القيم الإنسانية·

وتنبثق عن هاتين المجموعتين المتناقضتين من المعتقدات، أساطير وصور مرتبطة بكل منهما، فالولايات المتحدة وحلفاؤها يستشهدون - من أجل تعزيز وجهات نظرهم - بهجمات الحادي عشر من سبتمبر وتفجيرات لندن ومدريد والمئات من الهجمات الأخرى، بينما يركز العرب على عمليات غزو واحتلال من قبيل حروب عام 67 وعام 82 وعام 2003 وأحداث مثل عمليات التعذيب في سجن أبوغريب وسجن الخيام ومعتقل غوانتانامو، فضلا عن مئات المجازر من دير ياسين عام 48 إلى مجزرة قانا في جنوب لبنان مؤخرا·

فالناس الذين يشعرون باليأس تحت الاحتلال ولا يوجد لديهم ما يخسرونه، يتحولون إلى أعمال الإرهاب التي يتم استغلالها من قبل المحتلين لتبرير مواصلة الاحتلال· إن حقيقة أن الأعمال الإرهابية التي تقوم بها حركات المقاومة غير شرعية، يجب ألا تحجب السبب الجذري لمثل هذه الأعمال، وهو الاحتلال العسكري الذي يجلب المعاناة للشعوب ويجعلها تشعر بالمهانة والكراهية· فالاحتلال هو حالة مستمرة من الاستفزاز·

وتشير هذه الصلة بين الاحتلال والإرهاب، إلى فارق حاسم بين هجمات الحادي عشر من سبتمبر وصراعات الشرق الأوسط الذي يجب ألا يظل رهينة للحرب الأمريكية على الإرهاب· فالغالبية الساحقة من العرب لا تقر بالصورة التي تتبناها شبكة القاعدة للإسلام· وليس هناك في المنطقة مثيل لحركة طالبان، سوى فئات قليلة في باكستان والمملكة العربية السعودية·

وإذا استمر هذا الصراع الجوهري في وجهات النظر، فإن حروب لبنان وفلسطين والعراق لن تفرز سوى المزيد من التطرف القومي والديني الذي من شأنه تعميق الهوة بين الشرق والغرب·

إنه لمن الضروري النظر إلى استراتيجية "الفوضى البناءة" التي تتبناها واشنطن (وهي استراتيجية طهران وتنظيم القاعدة أيضا) في سياق تنامي الأصولية الإسلامية· إن السياسات والمواقف التي يتبناها كل من الرئيس الأمريكي جورج بوش والإيراني محمود أحمدي نجاد تعمل على إضفاء طابع ديني على صراعات كانت استعمارية وامبريالية ويعيدان طرحها على شكل "الجهاد مقابل حملات صليبية"·

وإذا كان لنا من عبرة من القرن العشرين، فهي التعريف بهوية الخاسر النهائية في مثل هذه الصراعات· فالولايات المتحدة وحلفاؤها قد يمتلكون القوة النارية الأحدث والأكثر قدرة على التدمير، لكنهم أقل التزاما من خصومهم بكثير وأكثر قابلية لفقدان الزخم في مثل هذه المواجهات·

 

حل ممكن

 

الجنود الأمريكيون والبريطانيون والإسرائيليون ذوو التدريب العالي والتسليح المتقدم يكافحون من أجل البقاء في حربهم ضد متطوعين أصوليين ذوي تسليح متواضع ولكنهم أكثر استعدادا للتضحية بأرواحهم ونيل الشهادة· وفي الوقت الذي تحزن فيه أمريكا لقتلاها· تحتفل الجماعات الإسلامية والقومية بشهدائها· لقد ذاق العرب الأمرّين من التدخلات العسكرية الأجنبية في بلدانهم، ولكنها لم تنل من تصميم الفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين على مقاومة الهيمنة الأجنبية·

وباختصار، فإن الزمن ليس في صالح أمريكا وحلفائها· واستمرار متاعب قوى الاحتلال في الشرق الأوسط يلعب في صالح الأصوليين ويضعف القوى الديمقراطية المعتدلة·

وبالرغم من كل ذلك لا يزال هناك حل ممكن، وهو تطبيق المبادىء الأساسية لقرار مجلس الأمن رقم 1559 الذي يدعو إلى الانسحاب الكامل للقوات الأجنبية ونزع أسلحة المجموعات المحلية، على المنطقة بأسرها· وهذا يعني انسحاب الولايات المتحدة وإسرائيل من العراق وفلسطين، ومن الأراضي اللبنانية والسورية· على أن تكون هذه الخطوة مقدمة لنزع أسلحة كل المجموعات المسلحة وإطلاق سراح كل السجناء·

إن السبيل الوحيد لوقف دورة العنف والإرهاب في الشرق الأوسط وتمهيد الطريق نحو حرية حقيقية، يكمن في إنهاء الاحتلال العسكري·

 

·         أستاذ العلوم السياسية بجامعة باريس ومؤلف كتاب "فلسطين/ إسرائيل: السلام أو نظام فصل عنصري"·

عن: انترناشيونال هيرالدتريبيون

طباعة  

فتش عن "إيباك" واليمين المسيحي
لماذا الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل؟

 
البعثيون أفضل من يسحق الإرهابيين في العراق وعلينا مساعدتهم!!
هزيمة أمريكا في العراق... حتمية ولا سبيل لتفاديها