رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 22 نوفمبر 2006
العدد 1751

فتش عن "إيباك" واليمين المسيحي
لماذا الدعم الأمريكي غير المشروط لإسرائيل؟

                                            

 

·        ثلث الأمريكيين يتعاطف مع إسرائيل لدوافع دينية!

·       الأمريكيون يرون منفذي هجمات 11 سبتمبر في حزب الله وحماس ويرون أنفسهم في المدنيين الإسرائيليين

 

على كل من يشك في حجم الانقسامات بين الولايات المتحدة وأوروبا حول إسرائيل أن يحاول مناقشة الصراع الشرق أوسطي في بريطانيا مثلا، وأن يفعل الشيء ذاته في أمريكا· فالناس في هاتين المنطقتين يحصلون على التغطيات الإخبارية ذاتها تقريبا، ولكنهم يخرجون باستنتاجات مختلفة تماما· فالتركيز في المملكة المتحدة ينصب على استخدام إسرائيل للقوة المفرطة في التعامل مع خصومها· أما الأمريكيون فيميلون إلى جعل الشك لصالح المتهم "الإسرائيلي" ويلقون باللائمة على الطرف العربي·

وتظهر استطلاعات الرأي أن الأمريكيين يقفون بقوة، إلى جانب إسرائيل، فقد عبّر ثمانية من بين كل عشرة أمريكيين استطلعت آراؤهم في استطلاع "غالوب/ يو·إس·إيه· توديه" الذي أجري في أواخر يوليو الماضي، عن اعتقادهم أن الهجوم الإسرائيلي الأخير على لبنان، كان له ما يبرره على الرغم من أن الأغلبية أبدت قلقها من حجم الهجوم· وقال 44 في المئة منهم إن الولايات المتحدة تصرفت إزاء الهجوم بشكل صحيح· وكان استطلاع آخر سبق هذا الاستطلاع للصحيفة ذاتها، قد أظهر أن 53 في المئة من الأمريكيين يلقون باللائمة على حزب الله لتفجير الأزمة الأخيرة، مقابل 39 في المئة لاموا إيران و15 في المئة فقط لاموا إسرائيل·

وبالمثل، فإن الأمريكيين أكثر انحيازا من الأوروبيين في التعاطي مع الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني· فقد أظهر استطلاع لمؤسسة "بو غلوبال" Pew Glopal أجري خلال شهري مارس ومايو الماضيين، أن 48 في المئة من الأمريكيين يتعاطفون مع إسرائيل مقابل 13 في المئة فقط يتعاطفون مع الفلسطينيين، وبالمقارنة مع إسبانيا مثلا، 9 في المئة فقط من الإسبان قالوا إنهم يتعاطفون مع إسرائيل مقابل 32 في المئة مع الفلسطينيين·

والمؤسسة السياسية في أمريكا هي أكثر حزما في الوقوف مع إسرائيل من الرأي العام· ويمتد التأييد لإسرائيل من الليبراليين من أمثال نانسي بيلوسي في سان فرانسيسكو إلى المحافظين في أقصى الجنوب من أمثال بيل فيرست· فقد أصدر الكونغرس بجناحيه وبجهود الحزبين الرئيسيين القرارات التي تندد بحزب الله وتؤيد إسرائيل·

 

سباق الولاء

 

وفي الواقع، يخوض الجمهوريون والديمقراطيون سباقا من أجل إظهار الولاء والتأييد لإسرائيل· فقد طالب عشرون عضوا ديمقراطيا في الكونغرس الشهر الماضي، رئيس الوزراء العراقي نوري سحب انتقاداته للهجوم الإسرائيلي على لبنان، وهددوا بإلغاء زيارته إلى الكونغرس وقاد زعماء ديمقراطيون منهم هيلاري كلينتون مسيرات مؤيدة لإسرائيل· أما في بريطانيا فيواجه رئيس الوزراء توني بلير موجة غضب عارمة داخل حزبه بسبب تبنيه مواقف الرئيس بوش من الحرب الإسرائيلية على لبنان·

وتسيطر القوى الموالية لإسرائيل على جزء كبير من القاعدة الثقافية ودهاليز القرار في واشنطن· فبعض المعلقين من أمثال تشارلز كروثامر سخر من فكرة استخدام القوة المفرطة وعدم التكافؤ، في حين ركز معلقون يتخذون مواقف متذبذبة، على التشكيك في فعالية الأساليب الإسرائيلية وليس على أخلاقيتها، وظل الكتاب المنتقدون لإسرائيل على الهامش·

فلماذا تنحاز الولايات المتحدة لإسرائيل أكثر من أوروبا؟ الجواب الأكثر وضوحا يكمن في التأثير الذي يتمتع به اثنتان من أكثر القوى السياسية حضورا وهما اللوبي الإسرائيلي وتحديدا "إيباك" واليمين المتديّن في أمريكا· وتعتبر "إيباك" ذات الميزانية السنوية التي تتجاوز الـ 50 مليون دولار ويعمل فيها مئتا موظف ولها من الأنصار ما يتجاوز المئة ألف شخص، اللوبي الأقوى في واشنطن وربما تفوق في قوتها لوبي الأسلحة المعروف بـ National Rifle Association·

فقد تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت عن العلاقات بين بلاده والولايات المتحدة ذات يوم قائلا "حمدا لله أن لدينا إيباك، المناصر والصديق الأعظم لإسرائيل في العالم"·

ويقف اليمين المسيحي بقوة إلى جانب إسرائيل· فالإيفانجليكانيين البيض هم أكثر ولاء لإسرائيل من الأمريكيين العاديين، فأكثر من نصفهم يقول إنه يتعاطف بقوة مع إسرائيل (ويقول ثلث الأمريكيين الذين يتعاطفون مع إسرائيل إن دافعهم وراء ذلك هو ديني)· ويعتقد اثنان من كل خمسة أمريكيين أن الله هو الذي منح الشعب اليهودي أرض فلسطين، ويقول واحد من بين كل ثلاثة أمريكيين إن إقامة الدولة اليهودية كان خطوة باتجاه عودة ظهور المسيح·

ويحاول نشطاء اليمين المسيحي ترجمة هذا التعاطف الديني إلى دعم سياسي· فقد أنشأ المعلق التلفزيوني من تكساس جون هاجي الذي يؤمن بأن تأييد إسرائيل هو "أمر توارثي"، جمعية "مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل"· وتمكن من جمع أكثر من 3500 شخص من أنصاره من مختلف أنحاء الولايات المتحدة إلى واشنطن مؤخرا من أجل التعبير عن تضامنهم مع إسرائيل· وقد أرسل كل من الرئيس بوش ورئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت رسائل تأييد إلى هذا التجمع·

ومن المؤكد أن لمجموعات الضغط هذه تأثيرها· فالمسيحيون الإيفانجليكانيون يمثلون ربع جمهور الناخبين الأمريكيين ويشكلون حجر الأساس في قاعدة الرئيس بوش الانتخابية· ويحاول أعضاء الكونغرس دائما خطب ود "إيباك"· وإذا فهمنا موقف اليمين المسيحي من إسرائيل، فإن من الصعب فهم مواقف الحزب الديمقراطي المؤيدة لإسرائيل دون حدود· وفي هذا الصدد، ينبغي دراسة عاملين آخرين هما الحرب على الراديكالية الإسلامية والصلات الثقافية العميقة بين إسرائيل والولايات المتحدة·

 

منظور 11 سبتمبر

فالأمريكيون يرون أحداث الشرق الأوسط من منظور هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، فهم ينظرون إلى حزب الله وحماس بشعاراتهم الإسلامية ووجوه مقاتليهما المقنعة ويرون فيهم الناس الذين هاجموا الولايات المتحدة في ذلك اليوم· وينظرون إلى المواطنين الإسرائيليين ويرون أنفسهم· فالحرب على الإرهاب في أمريكا أصبحت من حقائق الحياة التي يتم ترديد الحديث عنها باستمرار· وقد عززت التصريحات الإيرانية حول محو إسرائيل عن الخريطة ومكاسب حماس السياسية في فلسطين، الإحساس بأن أمريكا مرتبطة بإسرائيل في حربهما ضد التطرف الإسلامي·

ولكن السبب الأكبر الذي يجعل الأمريكيين ينحازون بشدة إلى الإسرائيليين هو ثقافي· فالأمريكيون ينظرون إلى إسرائيل باعتبارها الديمقراطية الوحيدة في بحر من الأنظمة السلطوية، ويرون أن من حق هذه الديمقراطية استخدام القوة للدفاع عن نفسها· وينظر الأوروبيون - من ناحية أخرى - إلى إسرائيل بأنها تذكرهم بالقوى الرجعية بدءا بالحركات القومية وانتهاء بالنزعات العسكرية التي تخلصت منها القارة بعد الحرب العالمية الثانية·

ويعتبر الأمريكيون ذوي نزعة قومية شديدة وأكثر استعدادا لاستخدام القوة من الأوروبيين· فقد أظهرت دراسة ألمانية عام 2005 أن 42 في المئة من الأمريكيين يعتقدون أن الحرب ضرورية "تحت ظروف معينة من أجل تحقيق العدالة" مقابل 11 في المئة فقط من الأوروبيين· وأظهر استطلاع لمؤسسة Pew أن 66 في المئة من الأمريكيين والإسرائيليين يؤمنون بالاستخدام الاستباقي للقوة، بينما كانت النسبة في أوروبا أقل من ذلك بكثير·

 

تشققات

 

ومع ذلك، فإن هذا التأييد المطلق لا يعني أن الأمريكيين سوف يعطون الضوء الأخضر لإسرائيل لتفعل ما تشاء· فهناك درجة من القلق لدى الأمريكيين من سلوك إسرائيل المفرط في استخدام القوة في فلسطين وفي لبنان (أثناء الحرب الأخيرة)· وعبّر عضو الكونغرس الديمقراطي البارز تشاك هاغيل من مثل هذه المخاوف حين حذر من أن علاقات الولايات المتحدة مع إسرائيل "لا يمكن أن تكون على حساب علاقاتنا العربية والإسلامية"· وسخر ريتشارد هاس مسؤول التخطيط في وزارة الخارجية في عهد جورج بوش الأب ورئيس مجلس العلاقات الخارجية الحالي من شعار الرئيس بوش حول "ولادة الشرق الأوسط الجديد"، بل إن هذه المخاوف عبّر عنها رموز من المحافظين، فمثلا يقول طوني بلانكلي السكرتير السابق لرئيس مجلس النواب السابق نيوت غينغريتش والمعلق ذي التعليقات اللاذعة في صحيفة واشنطن تايمز "إننا نتجاهل الرأي العام العالمي بشكل يعرّضنا للكثير من المخاطر"·

لقد بدأت بعض التصريحات تظهر في التأييد الأمريكيين التقليدي لإسرائيل على شتى المستويات، وإن كانت لا ترقى بعد إلى درجة التوقف وطرح الأسئلة الجدية حول الثمن الذي تدفعه واشنطن جراء تأييد ودعمها المتواصلين للدولة العبرية·

عن: الأيكونوميست

طباعة  

ثلاثة صراعات وعقليتان وطريق واحد للحل
 
البعثيون أفضل من يسحق الإرهابيين في العراق وعلينا مساعدتهم!!
هزيمة أمريكا في العراق... حتمية ولا سبيل لتفاديها