رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 15 نوفمبر 2006
العدد 1750

لمنع قيام تحالف سني - شيعي..

 

 

·         محاولات القضاء على حزب الله فشلت والحل بإعطائه دوراً مركزياً في السياسات اللبنانية

·         نشر قوات أوروبية في جنوب لبنان يخدم مصلحة إيران

 

بقلم أوليفر روي*:

النصر الذي أحرزه حزب الله مؤخراً قد يكون قصير الأجل لكنه سلط الضوء على بعض التطورات الجديدة والمهمة، فللمرة الأولى يعجز جيش الدفاع الإسرائيلي عن تحقيق الانتصار في حرب شاملة والأهم من ذلك أن المنتصر هذه المرة هو حركة شيعية مدعومة من إيران وسورية وليست دولة، ففي حرب إسرائيل السابقة من عام 1948 وحتى عام 1982 كان العدو سنياً·

وفي الواقع لم تكن محاولة إسرائيل هذه المرة القضاء على "حزب الله" مرتبطة بحروب عربية- إسرائيلية سابقة·

وهي تؤشر الى العديد من الاتجاهات المعقدة والتي تبدو متناقضة أحيانا في الشرق الأوسط، الأول يتمثل في إحياء الجبهة الإسلامية الراديكالية التي تعارض عملية السلام بين العرب وإسرائيل، والثاني الانقسامات المتنامية بين السنة والشيعة في منطقة الخليج، وأخيراً الدينامية السياسية المتغيرة بعد أن دخلت مؤخراً حركات إسلامية راديكالية مثل "حزب الله" و"حماس" اللعبة السياسية من خلال صناديق الاقتراع·

لقد أدى تحالف حزب الله وسورية وإيران في جبهة راديكالية مناهضة لتسوية سلمية مع إسرائيل الى تعزيز الشعارات المناوئة للإمبريالية والعازفة على أوتار القومية العربية أكثر مما يمكن أن تفعله أية إيديولوجية إسلامية·

فالشارع العربي السني هتف باسم السيد حسن نصر الله باعتباره بطلاً عربياً جديداً كما كان جمال عبد الناصر في الخمسينات والستينات من القرن الماضي ولكن بزوغ نجم نصر الله غطى جزئياً على بريق زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في العالم العربي وباكستان·

 

هلال شيعي

 

وحقيقة أن هذه الجبهة يقودها الشيعة أو شيعة علمانيون "كما هو الحال في سورية" لها أهميتها أيضا فمنذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 ظلت الأنظمة العربية السنية المحافظة في الخليج والأردن تشعر بالقلق ليس من الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني بل مما تنظر اليه على أنه تنام لـ "الهلال الشيعي" الذي يجعل حقول النفط في شمال الخليج "العراق والبحرين وشمال شرق الممكلة العربية السعودية" تخضع للنفوذ الإيراني وقد أصدر رجال دين وهابيون فتاوى تندد بالشيعة لكنهم اضطروا للتراجع عنها بعد صمود حزب الله، فهؤلاء الذين نددوا بالشيعة هم أنفسهم أصدروا فتاوى جديدة تناصر حزب الله في حربه ضد إسرائيل وعلى مستوى الحكومات فإن الصمت الذي لاذت به كل من الأردن ومصر والسعودية بعد وقف إطلاق النار يمثل إشارة واضحة على درجة الإحراج الذي تشعر به تلك الحكومات·

ومن جهة أخرى سارعت كل من إيران وسورية الى إعلان انتصارهما أيضا، فالنظام السوري يسعى الى استعادة نفوذه في لبنان وهو سعيد لرؤية إسرائيل تدمر سلطة الدولة المركزية الضعيفة أصلا طالما أن الرد الإسرائيلي لم يطل سورية نفسها فمن دواعي المفارقة أن سورية يحميها ضعفها، إذ إن انهيار النظام في دمشق سيحمل حركة الإخوان المسلمين الى السلطة هناك عاجلا أو آجلا وهي حركة راديكالية حتى لو كانت أكثر اعتدالا من نظيرتها في مصر فلا إسرائيل ولا الغرب يرغب في إعطاء المزيد من الفرص للاسلاميين والأحزاب الإسلامية في العالم العربي·

وانتقم الإيرانيون لهزيمتهم في الحرب مع العراق في الثمانينات حين دعم السنة القوميون والحركات الإسلامية العراق في تلك الحرب باستثناء قلة من الشيعة الذين وقفوا الى جانب إيران بإنشاء حزب الله من رحم حركة "أمل" الشيعية، لقد عجزت إيران دائما عن توحيد الشيعة تحت رايتها سواء على أسس دينية أو سياسية، أما الآن فتلعب طهران ورقة "الشارع العربي" وتضعف شرعية الأنظمة العربية من خلال قيادة هذا التحالف الجديد بين الإسلاميين والقوميين العرب في الشرق الأدنى، ومع ذلك فإن هذا التحالف نفسه يلعب ضد إيران أحيانا وبالتالي فإن تزعم إيران لهذه الجبهة الراديكالية الجديدة لن يساعد بالضرورة في ردم الهوة بين السنة والشيعة في العراق·

 

أكبر الرابحين

 

وبالإضافة الى تسوية حساباتهم مع الأنظمة العربية يخوض الإيرانيون  حربا بالوكالة ضد الغرب، فطهران تسعى الى تجنب التعرض الى ضربة محتملة لمنشآتها النووية وفي هذا الإطار ترحب بالقلق الغربي من الثمن الباهظ للتدخل العسكري·

لقد أحسنت طهران التعاطي مع موضوع حدودها مع العراق وأفغانستان لإدراكها أن الوقت يعمل في صالحها في الوقت الذي تمثلت فيه على تأجيج الصراع في الشرق الأدنى، فإىران ترى أن من المناسب جداً لها نشر قوات أوروبية في جنوب لبنان تكون رهينة أية توترات بينها وبين مجلس الأمن الدولي حول العقوبات·

فمن الواضح أن إىران هي أكبر الرابحين من الحرب الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل، ولكن هذه الاستراتيجية قد تفيدها فقط طالما ظل ينظر الى سورية و"حزب الله" باعتبارهما بطلين شرعيين للقضية العربية وليسا جزءاً من الهلال الشيعي·

القضية الرئيسية الآن هي "حزب الله" الذي يقدم نفسه على ثلاثة مستويات: الأول أنه يتودد الى القومية العربية من خلال عرض نفسه كعنصر محوري في السياسات اللبنانية الداخلية والثاني، أنه يرفع لواء الحركات الإسلامية المناهضة للإمبريالية في العالم العربي متمثلة بإسرائيل والولايات المتحدة· وثالثاً، أنه يعزز التضامن الشيعي مع إيران، فربما أثار الحزب هذا النزاع مع إسرائيل الآن لتخفيف الضغط على حركة حماس لكن خطاب النصر الذي ألقاه نصر الله بعد الحرب أظهر "حزب الله" كبطل يدافع عن مصالح لبنان الوطنية ومن الواضح أن محاولات نزع سلاح حزب الله أو تهميشه قد فشلت وأن السسبيل الوحيد للتعاطي معه الآن هو إجراء إصلاحات سياسية في لبنان تمنح الحزب دوراً مركزياً كحزب لبناني·

وإذا ما أراد الغرب تفادي ولادة تحالف بين القومية العربية والأصولية السنية والهلال الشيعي وهو الأمر الذي سيوجه ساحات المعركة من أفغانستان وحتى لبنان فيجب عليه سحب الحركات الإسلامية مثل "حماس" و"حزب الله" أكثر فأكثر نحو دائرة العمل السياسي العام·

وهذا يعني تشجيع التواصل الى تسوية مناسبة في لبنان من خلال جمع كل الفرقاء اللبنانيين بعيداً عن تدخلات إيران وسورية ودعم دمقرطة سورية والتفاوض مع حركة حماس ويعني أيضا تخلي إسرائيل عن استراتيجاتها التي تقوم على أساس بناء الجدران والتمترس خلف حدود محصنة والرد على أي تهديد متخيل من جانب واحد·

 

عن الفايننشال تايمز

 *استاذ العلوم السياسية في باريس ومؤلف كتاب "الإسلام المعولم"

طباعة  

إصلاح صورة أمريكا في العالم يتطلب انتهاج سياسات "إنسانية"
 
أفيغدور ليبرمان.. وزير التهديد الاستراتيجي الإسرائيلي: سنلقي الفلسطينيين في البحر الميت "!"