رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 15 نوفمبر 2006
العدد 1750

إصلاح صورة أمريكا في العالم يتطلب انتهاج سياسات "إنسانية"

               

 

·       إرث الحرب الباردة جعل العالم الثالث  يفقد الثقة في النوايا الأمريكية

·        ليس صحيحا زعم بوش بأن العالم يكره أمريكا بسبب قيمها وحرياتها

·         يجب العمل على التخلص من مزاج العزلة والتعصب الذي يسيطر على مؤسسة الحكم الأمريكية

 

بقلم جوليا سويغ:

تراجع الموقع الأخلاقي للولايات المتحدة بشكل كبير منذ عام 2001، ويعود السبب بالدرجة الأولى الى النهج أحادي الجانب لإدارة بوش ورفضها التوقيع على بروتوكول كيوتو، وشن الحرب وما أعقبه من فوضى في العراق، وإقامة السجون السرية في أوروبا وممارسة التعذيب ضد السجناء في العراق وغوانتنامو، ويحاول الديمقراطيون إقناع المواطن الأمريكي بأنهم سوف يغيّرون كل هذه الأوضاع عند تسلمهم السلطة، ولكن من المستبعد أن يتسنى لهم ذلك في وقت قريب·

كما أن المشاعر المناهضة للولايات المتحدة حول العالم ليست ناتجة - ببساطة - عن الاستياء من سياسات الرئيس بوش الخارجية، بل هي متجذرة بعمق جراء عقود من الكراهية المتراكمة، وقد تحتاج معالجتها الى أجيال وأجيال·

ولنستعرض أهم أسباب هذه الكراهية:

أولا، إرث الحرب الباردة: فالتدخل الأمريكي في فيتنام والمؤامرات لقلب أنظمة الحكم في إيران وغواتيمالا وكوبا وغيرها، خلقت حالة من الشك العميق في الدوافع الأمريكية لدى دول العالم الثالث، وقد عبّر الأوروبيون كذلك، عن استيائهم من هذه السياسات وضيقهم من محاولات "الأمركة" الثقافية التي تعرضت لها قارتهم، ولكن الأمريكيين ينفون وجود مثل هذه الجوانب في الحرب الباردة·

 

افتراض خاطىء

 

ثانيا، القوة والضعف: فالقوة عادة ما تثير الاستياء لدى الآخر·

ولكن الولايات المتحدة فقدت القدرة على رؤية القوة من منظور أولئك الذين لا يملكون الكثير منها، ففي أمريكا اللاتينية، على سبيل المثال، افترض الأمريكيون بأن شعوب وحكومات بلدانها سوف ينظرون الى مصالح الولايات المتحدة في مجالات التجارة والمساعدات والديمقراطية والمخدرات والهجرة وغيرها، باعتبارها مصالحهم بصورة تلقائية، وبنى الأمريكيون سياساتهم على هذا الافتراض· ونغضب حين لا يحدث ذلك كما فعل دونالدرامسفيلد وزير الدفاع، حين وضع ألمانيا في سلة واحدة مع ليبيا وكوبا لمجرد أن برلين عارضت الحرب على العراق·

ثالثا، العولمة: في التسعينات قامت الولايات المتحدة من حكومة وقطاع خاص وصناع رأي عام، بتسويق العولمة باعتبارها متلازمة للأمركة، وقد وعد الرئيس بيل كلينتون بأن تكون الأسواق المفتوحة والمجتمعات المفتوحة وتقليص حجم القطاع العام، جسرا لدخول القرن الحادي والعشرين، وهكذا أصبحت الولايات المتحدة هي الجهة الملامة عن أي إخفاق للعولمة·

رابعا، ماتمثله أمريكا: لقد أخطأ الرئيس بوش بالقول إن الأجانب يكرهوننا بسبب قيمنا وحرياتنا، بل العكس هو الصحيح تماما، لقد تعززت مصداقيتنا في العالم بسبب التصور السائد بأن قوانينا وبرامجنا الحكومية تعطي معظم الأمريكيين فرصا متكافئة· ولكن بريق النموذج الأمريكي في الخارج بدأ يتآكل في وقت أخذت فيه الفجوة تتسع بين الغني والفقير والتعليم العام يتدهور وتكاليف الرعاية الصحية ترتفع وبرامج التقاعد تختفي، وقد تزعزعت الثقة بالعقد الاجتماعي الأمريكي نتيجة لما بدا وكأنه لا مبالاة من الحكومة الأمريكية تجاه معاناة ضحايا إعصار كاترينا في نيواورليانز، وأدى الجدل حول قوانين الهجرة أيضا، إلى تعزيز الشعور بأن الولايات المتحدة مجتمع هش ويعادي الآخرين ويخشى منهم·

ومع ذلك، فإنه لا يزال ثمة احترام للولايات المتحدة لكونها نموذجا يحتذى في العدالة والدمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، وإن لم يكن كما كان في الماضي، وبالرغم من الضرر العائد على الولايات المتحدة من المشاعر المناهضة لها، إلا أن انتشار هذه المشاعر من شأنه أن يلحق الضرر بالأمن الكويني أيضا·

 

منابع الكراهية

 

وليس في الأفق ما يبشّر بإصلاح هذا الوضع في وقت قريب، لقد حذّر الليبراليون الرئيس جورج بوش من أن الحرب على الإرهاب تحمل في طياتها مخاطر نثر بذور ردود فعل مستقبلية في العالم الثالث، ولكن لن تبدو الولايات المتحدة أقل قوة إذا فاز الديمقراطيون في انتخابات الكونغرس في شهر نوفمبر المقبل، ولن تختفي المنافسة القاسية على نطاق عالمي، ونتيجة لذلك، فإن منابع المشاعر المناهضة للولايات المتحدة لن تجف في وقت قريب·

ولكن هذه المشاعر قد تخسر إذا اتخذت السياسات الخارجية الأمريكية خطاً جديدا في السلوك البراغماتي والكرم والاعتدال والحصافة والتعاون والتعاطف مع الآخرين والعدالة والأخلاق واحترام القانون الدولي، ولكن ذلك لا يعني التهاون في التصدي للدول المعادية أو المجموعات الإرهابية، بل إن اعتماد السياسة الخارجية للولايات المتحدة على نشر القوة مع الأخذ بعين الاعتبار لكيفية النظر الى الولايات المتحدة، سيجعل أي عمل عسكري أمريكي مشروعا، أكثر قبولا في الخارج·

وفي هذا السياق، فإن الشخصيات - وليس شخص الرئيس فقط - تلعب دورا مهما في تحسين صورة الولايات المتحدة، فمثلا يمكن لمواطنين أمريكيين من أمثال بيل غيتس ووارين بافيت وغوردون مور وأنجلينا جولي وأوبرا وينفري وستيفن سبلبيرغ، أن يحملوا رسالة الى العالم، قد تعجز الدبلوماسية الأمريكية العامة عن إيصالها بالفعالية ذاتها·

كما أن الرموز لها أهميتها أيضا، ولهذا يتعين على إدارة بوش أن تسارع الى إغلاق معتقل غوانتنامو في كوبا·

إن استعادة موقعنا الدولي لا يتأتى فقط من كيفية خوض أو منع نشوب، الحرب المقبلة أو  إدارة عالم يتجه بشكل متزايد نحو الفوضى، فسياستنا الداخلية يجب أن تتغيّر أيضا، وينبغي العمل على إخراج المؤسسة السياسية من المزاج الراهن الحافل بالعزلة والتعصّب، ومعالجة المظالم الاجتماعية والاقتصادية وتقليص اعتمادنا علي النفط، إضافة الى اتخاذ المزيد من الإجراءات التي تساعدنا في تحسين موقعنا الأخلاقي وأمننا في آن معاً·

 

 *كبيرة الباحثين في مجلس العلاقات الخارجية ومؤلفة كتاب: "النيران الصديقة: فقدان الأصدقاء وخلق الأعداء في قرن مناهض لأمريكا"·

عن لوس أنجلوس تايمز

طباعة  

أفيغدور ليبرمان.. وزير التهديد الاستراتيجي الإسرائيلي: سنلقي الفلسطينيين في البحر الميت "!"
 
لمنع قيام تحالف سني - شيعي..