رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الاربعاء 8 نوفمبر 2006
العدد 1749

الانسحاب من العراق هو أسوأ الخيارات

                                      

 

·         الميليشيات أخطر مشكلات العراق وليس التمرد

·         أمريكا وبريطانيا تتساهلان مع التدخلات الإيرانية في العراق

·         مطلوب إعادة النظر في نظام الانتخابات القائم على التمثيل النسبي

 

بقلم مايكل روبن*:

الأنباء الواردة من العراق سيئة لكن العديد من التوصيات الآتية من لندن وواشنطن أسوأ فتقسيم البلاد سيطلق حملة من التطهير العرقي ويجعلها لقمة سائغة للطامعين من دول الجوار والاتصال بإيران وسورية لن يكون العلاج السحري فهذان البلدان لا يقيمان وزنا لتعهداتهما الدبلوماسية·

كما أن فرض زعيم قوي يحكم العراق سهل من حيث القول ولكنه صعب عند التطبيق ولا يوجد إجماع وطني عليه، ولا توجد صيغة سياسية سحرية يمكن أن تحل مشكلات البلاد، وتهدد مطالب الحد الأقصى التي تتمسك بها بعض الأطراف العراقية، إمكانية التوصل الى حلول وسط يدفع الأطراف الأخرى الى تقديم التنازلات· إن الانسحاب الأمريكي من العراق الآن هو أسوأ الخيارات على الإطلاق فهو سيمكن الإرهابيين من الانتعاش ليس في العراق وحده بل في العالم أجمع·

الحلول في العراق تتطلب معالجة دقيقة للمشكلات لقد فر من البلاد عراقي واحد من بين كل ستة مواطنين في عهد صدام حسين وليست هناك أية عوائق ثقافية الى الديمقراطية لدى من لجأ منهم الى دول غربية وهذا يعني أن المشكلة في العراق ليست الديمقراطية بل حكم القانون· إن أي حل للمأزق العراقي يتطلب إذاً تحسين الوضع الأمني وليس خلق فراغ، والعائق الأكبر أمام إقامة حكم القانون في العراق ليس التمرد بل الميليشيات·

وهذه الميليشيات موجودة من أجل هدف واحد هو تنفيذ ما رغب عنه المواطنون في صناديق الاقتراع بواسطة القوة·

فرق الإعدام

ومن أجل تحسين الأمن يجب على قوات التحالف تعزيز قوات الشرطة وتفكيك الميليشيات فالمشكلات في العراق مترابطة لقد أصبحت وزارة الداخلية ملجأ لرجال الميليشيات وغطاء لفرق الإعدام، وكما فعل التحالف مع قوات الجيش عليه إلحاق عناصر منه بقوات الشرطة بكل مستوياتها، ويجب ألا تكون نقطة تفتيش واحدة للشرطة دون عناصر من التحالف، ويجب ألا تقوم وزارة الداخلية بأية عملية مداهمة دون وجود جنود من قوات التحالف معها·

ومن الدروس المستفادة من تجربتنا في العراق أن الهدوء قصير الأجل لا يمكن أن يكون بديلاً للسعي الى تعزيز الأمن في المدى البعيد وفي حين أصبح معروفاً أن سياسة اجتثاث البعث هي التي أشعلت التمرد إلا أن وجود عناصر البعث كان سيسبب مشكلات ربما كانت أعقد وأخطر، فمثلا استعان الجنرال الأمريكي ديفيد بتراوس بضابط بعثي رفيع في الموصل كجزء من عملية مصالحة يدعى محمد خيري وعينه في منصب قائد قوات الشرطة في المدينة وصور المدينة بأنها مثال للهدوء لكن سرعان ما يتبين أنه كان واهما، فقد استغل خيري منصبه لتزويد المتمردين بالمعلومات والمعدات والأسلحة وكرر البريطانيون في الجنوب تجربة بتراوس بل إنهم ضحوا بالأمن في المدى البعيد من أجل هدوء قصير المدى وأدى ذلك الى تقوية الميليشيات بدلا من تحقيق الأمن في الجنوب، وعلى العكس مما اعتقد قائد الجيش البريطاني السير ريتشارد دانات فإن الاحتلال بحد ذاته ليس مسؤولاً عن تدهور الأوضاع في العراق، بل حقيقة إن الميليشيات أصبحت تشعر بما يكفي من الأمان لدرجة الاعتقاد أن بوسعها إلحاق الهزيمة بالجيش البريطاني·

ومواجهة مشكلة الميليشيات لا تقتضي بالضرورة التصادم المباشر معها بل العمل التدريجي على قطع التمويل والامتدادات لها فالميليشيات الشيعية الأكبر في العراق تتلقى الدعم من إيران، وليس مطلوباً الآن سوى إرادة سياسية من أمريكا وبريطانيا للتصدي للتدخل الإيراني في الشؤون العراقية، إن لدى المخابرات البريطانية معرفة تامة بخطوط الإمداد الإيرانية·

نظريات المؤامرة

إنه لمن الخطأ التخلي عن الديمقراطية في العراق ومن شأن ذلك تأكيد أسوأ نظريات المؤامرة في ما يتعلق بنوايا دول التحالف  ويسلم العراق الى دول الجوار، ومع ذلك لا تزال هناك حاجة لإصلاح نظام الانتخاب، فالنظام الراهن القائم على التمثيل النسبي يشجع على الخطاب الشعبوي ويعزز قوة الأحزاب السياسية التي ترعى الميليشيات وتشجع الأطراف المختلفة على تشكيل الأحزاب وفقا لخطوط إثنية وطائفية·

ويتعين على دول التحالف أن تمارس الضغوط على البرلمان من أجل التخلي عن القوائم الحزبية لصالح الانتخاب المباشر·

ومن شأن ذلك أن يجعل السياسيين أكثر قابلية للمساءلة أمام جمهور الناخبين وليس أمام كوادر الحزب ويشجع القادة السياسيين على مناقشة مشكلات الأمن والكهرباء والمدارس بدلا من الانخراط في سجالات خطابية لا طائل منها·

وفي الوقت الذي تتصاعد فيه أعمال العنف في العراق فإن من الصواب للقادة السياسيين في الولايات المتحدة وبريطانيا النظر في تغيير النهج الراهن ولكن التخلي عن العراقيين يجب ألا يكون خياراً مطروحاً على الإطلاق وبدلا من ذلك ينبغي لاستراتيجية التحالف معالجة مشكلة غياب حكم القانون مباشرة ويجب ألا يغيب عن بال صناع القرار السياسي في دول التحالف أن الحرب في العراق لها انعكاسات تتجاوز حدود العراق وبينما يعتقد الكثيرون في بريطانيا وأوروبا أن الحرب في العراق ليست مشروعة إلا أن عليهم ألا يضحوا بالمواطن العراقي العادي على مذبح مناهضة الولايات المتحدة·

 

 *باحث في معهد "أميركان إنتربرايز" وهو رئيس تحرير مجلة "ميدل إيست كوارترلي"

عن الفايننشال تايمز

طباعة  

هل بات الشرق الأوسط منطقة خاضعة للهيمنة الشيعية؟
 
الأفضل لأمريكا وإسرائيل التفاوض مع بن لادن وحماس