رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الاربعاء 8 نوفمبر 2006
العدد 1749

الأفضل لأمريكا وإسرائيل التفاوض مع بن لادن وحماس

                

 

·     علينا اتخاذ موقف متوازن  من الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني

·         سياساتنا في الشرق الأوسط تهدف الى خدمة المصالح النفطية لآل بوش وآل تشيني

 

بقلم تاكي ثيودورابولوس:

بعد خمس سنوات على وقوع مأساة الحادي عشر من سبتمبر 2001 لا تزال الولايات المتحدة بعيدة عن تحقيق النصر في حربها على الإرهاب، كمال أن الأخطاء التي يتم ارتكابها في العراق تؤدي الى دفع قطاعات واسعة من الشباب المسلم في العالم، نحو التطرف، ويبدو أحيانا أن إدارة بوش ليست خرساء فقط، بل صماء أيضا، فقد صرّح نائب الرئيس ديك تشيني مؤخرا أن إدارته تقوم بعمل جيّد، لأن تنظيم القاعدة لم يتمكن من شن هجمات جديدة وقتل المزيد من الأمريكيين داخل البلاد منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001· لقد أصاب نائب الرئيس في هذا، ولكنك لن تستطيع إقناع ذلك لعائلات ثلاثة آلاف جندي أمريكي قتلوا في أتون حرب عدمية في العراق، فضلا عن عشرات الآلاف من الجنود الذين يرقدون في المستشفيات وقد أصبحوا معاقين·

فالمؤامرة المزعومة لتفجير طائرة أمريكية فوق الأطلسي التي تحدثت عنها وسائل الإعلام قبل شهرين فقط، تشير الى أن الخطر الذي يتعرض له المواطنون الأمريكيون حول العالم هو حقيقي وشديد الفتك· فما هي خياراتنا ونحن نواجه احتمال حرب وعمليات سفك دماء لا تتوقف، كما يرغب بذلك المحافظون الجدد، إنه أمر في غاية السهولة· فلنتفاوض مع هؤلاء الأوغاد، كما كان سيوصي الجنرال العظيم دوغلاس ماك آرثر، لو كان حيا·

وهناك العديد من السوابق التاريخية، فالكل في البداية يرفض التحدث الى الإرهابيين، ولكن الجميع - بمن فيهم الإسرائيليون - فعلوا ذلك في نهاية الأمر· وكذا فعلت الحكومة البريطانية مع الجيش الجمهوري الإيرلندي بعد عقود من الرفض والممانعة من قبل الحكومات البريطانية المتعاقبة التي ظلت تشترط أن تلقي المنظمة سلاحها أولا، ولكن السيدة الحديدية مارغريت تاتشر تفاوضت معها دون أن تشترط إلقاء السلاح، وإن لم يكن بشكل رسمي وفعل جون ميجور الشيء ذاته، ثم تفاوض معها طوني بلير بشكل رسمي· والآن، يسود السلام إيرلندا الشمالية، وفي الواقع، فإن الحرب التي بدأت في أوائل القرن العشرين ثم تفاقمت عام 1972، قد وضعت أوزارها الآن·

حوار البنادق

وفي إسبانيا، تجري الحكومة مفاوضات مع منظمة "إيتا" الانفصالية في الباسك، وقد تقلصت أعمال العنف التي تنفذها هذه المنظمة، بدرجة كبيرة، وتراجعت عمليات الاغتيال ضد المدنيين الأبرياء·

ودعونا لا ننسى تغلب حوار الكلمة على حوار البنادق في جنوب إفريقيا، فمن ذا الذي كان يعتقد أن زعماء البيض المتشددين في جنوب إفريقيا، سوف يجلسون الى طاولة المفاوضات ويعقدون الاتفاقات مع "الإرهابيين المتعطشين للدماء" كما كانوا يطلقون على أعضاء "المؤتمر الوطني الإفريقي"؟ صحيح أن الأوضاع ليست مثالية وأن الجريمة لا تزال منتشرة في المدن، لكن المجازر أصبحت شيئا من الماضي، والحياة أصبحت أفضل بكثير مما كانت عليه إبان حقبة الفصل العنصري·

حتى أن الإسرائيليين تفاوضوا مع منظمة التحرير الفلسطينية، وما عليهم الآن، سوى التفاوض مع حكومة "حماس" المنتخبة بشكل ديمقراطي، وهو الأمر الذي مازالوا يرفضونه، ويقومون - بدلا من ذلك - باغتيال قادة الحركة ويواصلون فرص الحصار الخانق على قطاع غزة منذ عدة أشهر، وأدت الغارات الجوية الإسرائيلية على القطاع الى مقتل المئات من المدنيين الأبرياء، وبالرغم من الاتهامات الإسرائيلية بأن غزة أصبحت دولة إرهابية يديرها إرهابيون، إلا أن من مصلحة إسرائيل - في المدى البعيد - أن تتفاوض مع حركة حماس، ولكن أحدا لا يُسمع النصح حتى الآن·

ولكن المشكلة أن أول ما يفعله المتشددون من أمثال المحافظين الجدد في كل حوار، هو تجاهل السؤال الأهم، وهو ما الذي يريده تنظيم القاعدة؟ فأجندته تبدو واضحة تماما، ويأتي في مقدمتها مطالبة الولايات المتحدة باتخاذ موقف متوازن من الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني· وثانيا: أن تنسحب القوات الأمريكية والأجنبية عن بلاد المسلمين، وثالثا، وهو أسهل المطالب، أن تتوقف واشنطن عن دعم الحكام "المرتدين" في الدول الإسلامية·

القلعة الأمريكية

ودعونا نحلم للحظة واحدة ونتخيل أن يتم انتخاب بات بيوكانن رئيسا للولايات المتحدة، ففي مثل هذه الحالة، لن يكون هناك وجود لأي من هذه المطالب، لأنه كان سينفذها ضمن برنامج حكومته بعيدا عما يُطالب به تنظيم القاعدة، فالولايات المتحدة في عهد بيوكانن، ستحافظ على تحالفها مع إسرائيل، ولكنها ستضبط حكامها الحاليين· والإسرائيليون يجيدون الاستماع للرسائل الأمريكية· ولو انتخب بيوكانن في عام 96 أو عام 2000 لكانت هناك دولتان إسرائيلية وفلسطينية تعيشان بسلام جنبا الى جنب، الآن· ولكنا أوقفنا دعمنا للحكام الدكتاتوريين في العالم العربي ولسحبنا قواتنا من الدول الإسلامية المناوئة لنا· إن سياسة القلعة الأمريكية المحصنة لا تبدو خيارا جيدا بالنسبة لي، ولكنها أفضل من تكريس سياساتنا الخارجية لخدمة الشركات النفطية لآل بوش وآل تشيني·

ودعونا نواجه الحقائق· لقد قدّم لنا بن لادن العديد من المقترحات، فقد دعا عبر شبكة الإنترنت في عام 2002 واشنطن الى "التعاطي معنا على أساس المصالح والمنافع المتبادلة"· وقد يضحك المشككون على هذا العرض، ولكن يبدو ذلك، فاتحة مشجعة، فالتعامل مع أي عدو لا يعني المصادقة على أفعاله· فقد تفاوض الرئيس المصري الراحل أنور السادات مع عدوه اللدود مناحيم بيغن الذي كان إرهابيا بارزا ذات يوم، ودفع (السادات) حياته ثمنا لهذه الخطوة، ولكن التاريخ سيكتب عنه أنه كان رجلا شجاعا ضحّى بحياته من أجل السلام، وسوف يتبوأ مكانا أفضل بكثير من أولئك الذين يواصلون دق طبول الحرب والذين يدفعون غيرهم لخوضها·

المصدر: مجلة The American Conservative

طباعة  

هل بات الشرق الأوسط منطقة خاضعة للهيمنة الشيعية؟
 
الانسحاب من العراق هو أسوأ الخيارات