· دور جمعية حماية المال العام مكمل للسلطتين التشريعية والتنفيذية
· رسالتنا واضحة للحكومة: قبل التعاون تصحيح الأوضاع
· نحن بحاجة الى دور الشارع الكويتي في المراقبة والمتابعة
· اقترحنا استقطاع 25% من الأرباح السنوية في الاستثمارات وتوزيعها على الشعب
· السبب في الفساد قاعدة "من أمن العقوبة أساء الأدب"
أجرى الحوار محيي عامر:
أكد رئيس جمعية حماية المال العام وعضو مجلس الأمة أحمد لاري: أنه لا يستطيع أن ينفي وجود الفساد وعناصره في هيئة أو مجلس أو سلطة من السلطات الثلاث "التشريعية - التنفيذية - القضائية
وعن لجنة تقصي الحقائق للغزو العراقي على الكويت قال لاري: إن ملف تقصي الحقائق خفف كثيراً فضياع البلد خلال 24 ساعة كان يحتاج الى وقفة كبيرة بدلاً من تخفيف اللجنة من لجنة تحقيق الى لجنة تقصي الحقائق· وعن أهداف إنشاء جمعية حماية المال العام قال لاري: إن وزارة الشؤون قلصت دور الجمعية في التوعية واقتراح بعض القوانين، وكنا نتمنى أن يتمثل هذا الدور في التبليغ عن بعض القضايا، كما أشار الى أن الجمعية من خلال التنسيق مع لجنة حماية المال العام بمجلس الأمة في الاتجاه لتفعيل دورها، وأضاف أن المشكلة في الكويت تكمن في محاسبة الصغير وترك الكبير·
كما طلب من الحكومة قبل أن تطلب التعاون أن تقدم ما يبرهن على صدق نيتها في هذا التعاون، وفيما يلي نص اللقاء:
· تكاد لا تخلو الصحف اليومية من الفساد المالي والإداري في الكويت بل إن مسؤولين حكوميين يصرحون بذلك علناً ويشتكون من هذا الفساد وفي المقابل نجد أن رد الفعل المتعلق بضرورة الإصلاح ومحاربة الفساد لا تتواءم مع الدرجة التي وصلت اليها العديد من الملفات·· كالنفط والإنشاءات وغيرها فكيف تفسر هذه الظاهرة؟
- تعد ظاهرة الفساد ظاهرة عالمية نجدها بكثرة في الدول العربية ونرجع سبب ذلك الى ضعف المساءلة الرقابية خاصة في الدول النفطية، فوجود ثروات نفطية مع غياب الخطط الخمسية والبرامج الموجهة إضافة الى وجود أصحاب النفوس الضعيفة الذين يستغلون مناصبهم لقضاء مصالحهم الشخصية يفرز لنا هذا الفساد·
· ما دور جمعية المال العام في مواجهة الفساد والمحافظة على أملاك الدولة وثرواتها؟
- إن الناس المعنيين بالتصدي للفساد ومحاربته عدة جهات من بين هذه الجهات ما نطلق عليه مؤسسات المجتمع المدني التي من بينها جمعيات النفع العام وجاء تأسيس جمعية حماية المال العام بأهداف واضحة ومحددة من بداية تأسيسها عام 1997 انطلاقا من تأكيد الدستور الكويتي بأن الأموال العامة حرمة وحمايتها واجب على كل مواطن فمن هذا المنطلق تم تأسيس هذه الجمعية والتي يتألف أعضاؤها من مجلس الأمة ووزراء سابقين وأعضاء من المجلس البلدي وكثير من الفعاليات التي لديها دور في هذا الجانب، ودور جمعية حماية المال العام ليكون مكملاً للسلطة التشريعية، وقد يكون مكملا للسلطة التنفيذية من جانب التوعية واقتراح بعض التشريعات والقوانين، وحقيقة كنا نتمنى أن يأتي دورنا أكبر من ذلك، فعندما تم تقديم النظام الأساسي لوزارة الشؤون كان يحتوي على هدفين يختصر الهدف الأول بتقصي بعض المعلومات· أما الهدف الثاني فهو تقديم الشكاوى الى الجهات القضائية والمعنية ولكن ألغت وزارة الشؤون الهدف الثاني، وقلصت دور الجمعية في التوعية واقتراح بعض القوانين ولكننا في الاتجاه لتفعيل دورنا بالتعاون مع لجنة حماية المال العالم بمجلس الأمة وبالتعاون مع جمعيات النفع العام الأخرى وهيئات المجتمع المدني قد يمكننا من تفعيل دور شعبي نحو هذا الاتجاه·
· هل تلاحظون أن التعاطي الحكومي مع مسألة الفساد يوحي بتضارب الأهداف في بعض الأحيان، بمعنى أن وزراء أو أشخاصاً في السلطة يؤكدون رغبتهم في الإصلاح لكنهم يتعاملون بطريقة أخرى لا تصب في مصلحة مكافحة الفساد، إذ تقدم الحكومة على إنشاء جهاز خدمة المواطن الذي يقوم بخدمات مشبوهة لمرشحين في زمن الانتخابات فكيف يمكن فهم هذه المسألة من جانبكم؟
- إن جهاز خدمة المواطن يحمل في طياته العديد من علامات الاستفهام خاصة أيام الانتخابات وشكلت لجنة تحقيق من أجله من قبل البرلمان للتحقيق حول هذا الموضوع، ونحن واثقون من قدرة لجنة التحقيق في وضع النقط على الحروف وسيكشفون الحقائق لنا كاملة·
أما بالنسبة للوزراء فسنجتمع قريبا نحن أعضاء التكتل الشعبي مع كل من وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء ووزير المالية والتربية ووزير الدولة لشؤون مجلس الأمة، وكانت رسالتنا لهم واضحة: كيف تطلبون التعاون وداخل الحكومة كثيرا ممن تحوم حولهم الشبهات؟ بل إن هناك مخالفات هم قائمون عليها بعقود يستفيدون بها من قبل الدولة، فقبل أن يطلبوا التعاون لابد أولاً من تصحيح أوضاعهم لإثبات مدى جديتهم في محاربة الفساد·
· هل تشعرون أن تصرفات بعض النواب في المجلس الحالي والمجالس السابقة تصب بطريقة أو بأخرى في خانة تقوية قوى الفساد عبر مواقفهم من الكثير من الاستجوابات أو لجان التحقيق؟
- صوّت المواطن في هذا المجلس للإصلاح والتغيير وللأعضاء الوطنيين، فنحن متفائلون بهذا المجلس الذي سيقوم بدور كبير في مواجهة الفساد خاصة من خلال التنسيق بين التكتلات البرلمانية الثلاثة داخل المجلس "الوطني- الشعبي-الإسلامي" إضافة الى الاتفاق فيما بينهم على أهم الأولويات والقوانين وخاصة قانون أملاك الدولة·
ولكننا بحاجة الى دور الشارع الكويتي في مراقبة الكتل البرلمانية ومراقبة الأعضاء ومتابعتهم والاستمرار على النهج نفسه الذي اتخذوه أثناء تعديل مشروع الدوائر الخمس·
· البعض يرى أن الجهد الذي يبذله مجلس الأمة في محاربة الفساد لا يأتي بثماره دوماً ما تعليقكم؟
- لا أنكر أنه كان هناك غياب للأولويات والتنسيق بين الأعضاء ولكن بوجود التكتلات البرلمانية نتأمل أن نفعل شيئاً وذلك في ظل الضغط المستمر من الشارع الكويتي وإسراعه لمعرفة الحقائق ومتابعة الموضوعات وأؤكد أن مثل هذا الاهتمام من الشارع الكويتي سينعكس انعكاسا إيجابيا في مواجهة الفساد والقضاء عليه، ولا ننسى أيضا أهمية الدور الإعلامي في تسليط الضوء على قضايا الفساد لأن مثل هذا الاهتمام يؤدي الى تفعيل دور اللجان لمتابعة هذه القضايا·
· نريد معرفة تقييمكم لبعض نتائج القضايا المهمة التي كانت محط نقاش في المجلس؟
- نتائج لجنة تقصي الحقائق عن الغزو العراقي للكويت، تجارة الإقامات، ملف هاليبرتون، قضية الناقلات، أملاك الدولة الاختلاسات في الاستثمارات، مشتريات وزارة الدفاع·
إن ملف تقصي الحقائق عن الغزو العراقي خفف كثيراً، فضياع البلد خلال 24 ساعة كان يحتاج الى وقفة كبيرة ولكن منذ 92 لم يصل هذا الملف الى النتيجة المطلوبة بسبب تخفيف اللجنة من لجنة تحقيق الى لجنة تقصي الحقائق، مما أدى الى ضعف هذا الملف وفي اليوم الذي تفشى فيه الفساد في كل القطاعات والإدارات أصبحت الناس تعاني من مشكلة الماء والكهرباء وتعثر خدمات مرافق الصحة والتربية والمعاناة الكبرى من الازدحامات المرورية وكل ذلك يرجع الى سوء الإدارة وعدم وجود تخطيط استراتيجي وعدم وجود أهداف محددة فلو كان هناك وقفة جادة بعد التحرير لخطونا خطوات جادة نحو التنمية·
أما تجارة الإقامات فهي نتيجة أخرى من نتائج الفساد المالي والإداري بإعطاء الضوء الأخضر الى بعض المتنفذين خاصة بعد التحرير، وجلبهم كثيرا من العمالة وتركها في الشارع للتسول والكسب غير المشروع، فمشكلتنا هي محاسبة الصغير وترك الكبير، ولم تفرز تجارة الإقامات سوى عمالة رديئة تسببت في العديد من المشاكل وتخلق "مافيات" داخل الدولة لها شروطها وتصرفاتها وسلطاتها المنحرفة، ونحن مع إعداد تقرير يقوم بتحديد هذه العمالة الضارة وتقدير الحاجات الفعلية فقط·
وأرى أن تفعيل عنصر المساءلة والمراقبة البرلمانية فيه حل لكل هذه المشاكل·
وعن ملف هاليبرتون فقد شكلنا لجنة مرة أخرى لإعادة النظر في هذا الملف وفي انتظار النتائج وقضية الناقلات أمام المحاكم الآن في انتظار نتائجها أيضا·
أما بالنسبة لقضية أملاك الدولة، فكما سبق أن أشرت أنه من خلال التنسيق بين الكتل البرلمانية تم وضع هذه القضية من ضمن الأولويات وحددت جلسة خاصة لها خلال شهر نوفمبر المقبل·
وقد طرحنا قضية الاختلاسات في الاستثمارات الحكومية قريبا، ولدينا اقتراح من ضمن اقتراحات "التكتل الشعبي" وهو صندوق يتم من خلاله استقطاع %25 من الأرباح السنوية للاستثمارات الكويتية سواء كانت هذه الاستثمارات داخل الكويت أم خارجها، ووضع هذه الاستقطاعات داخل الصندوق وتوزيعها على المواطنين، وهذا الاقتراح يخلق نوعا من الرقابة غير المباشرة على هذه الاستثمارات، وهذا جزء من دورنا ولكن الجزء الأكبر الذي يتمثل في الرقابة المباشرة على الاستثمارات، فأرى أننا ننتهي أولا من القوانين العاجلة ثم الرقابة المباشرة ثانيا·
وعن مشتريات وزارة الدفاع فهي من الأمور التي يثار حولها الكلام ودورنا في الميزانيات المقبلة تحليليا وتقييميا·
· أين كان دور مجلس الأمة في هذا؟
- إن دور مجلس الأمة يتوقف على دور الشعب في إيصال من يراه أمينا ومناسبا، وإن التدخل الحكومي في مجلس الأمة متمثلا في الوزراء ومشاركتهم في التصويت يؤدي الى ترجيح كفة على أخرى، أي بمعنى ترجيح كفة الأقلية على الأغلبية، ولا نلوم المجلس لأن الأكثرية الشعبية في المجلس أرادت الإصلاحات ومحاربة الفساد، ولكن التدخل الحكومي في البرلمان وترجيح كفة الأقلية لم يساعدها في حل ذلك، وإنما ساعد الحكومة في تخلصها من الكثير من الاستجوابات والمساءلات السياسية وكل ذلك يؤدي في النهاية الى ضعف أداة مجلس الأمة في المساءلة القانونية، ولا يسعني غير أن أقول الخلل دائما في الحكومات وليس في مجلس الأمة·
· هناك أجهزة فاسدة بشكل واضح وصريح مثل بلدية الكويت ووزارتي الداخلية والشؤون الاجتماعية والعمل فيما يتعلق بالعمالة والاتجار بها، وتستمر ممارسات مثل هذه الأجهزة عقودا من الزمن·· إلا أننا لا نجد أي إجراء تصحيحي لمهام هذه الأجهزة؟
- إن تشخيص المتسبب في الخلل عملية سهلة ولكن تكمن المشكلة في التنفيذ، وذلك بسبب ضعف الأداة الرقابية التي ينتج عنها نظرة المفسدين الى المحاسبة بأنها غير فاعلة انطلاقا من قاعدة "من أمن العقوبة أساء الأدب"·
وبالتالي فلن تنحل جميع الأمور إلا إذا كان هناك تحديد وتفعيل في دور القوانين واللوائح والأنظمة والمساءلة وأن يكون هناك نية صادقة للإصلاح في السلطة السياسية·
· نريد أن تجيب بشفافية عن السؤال التالي: من يقف وراء الفساد في الكويت؟
- الفساد له أفراده وجهازه وأهدافه ونشاطه وفعالياته وهو متواجد في مراكز القرار السياسي والمالي والإداري، وباختصار الفساد متواجد في كل مكان، ولا نقدر أن نستثني أي هىئة أو مجلس أو سلطة من السلطات الثلاث (التشريعية - التنفيذية - القضائىة) بعدم وجود عناصر من عناصر الفساد بداخلها بسبب أصحاب النفوس الضعيفة الذين ليس أمامهم حاجز·
وأن الصراع أو التحدي المتواجد الآن هو صراع بين أناس يرغبون في الإصلاح وأناس يرغبون في استمرار الوضع كما هو عليه لامتصاص خيرات البلد· وهناك علاقة عكسية بين التنمية والإصلاح وبين الفساد فكلما زاد الفساد قلت التنمية والعكس صحيح·· فنتمنى تقليل وتحجيم هذه القوى حتى نتمكن من تنمية البلد وتطويره·