رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 4 اكتوبر 2006
العدد 1745

الكويت قبل 74 عاما:
صور نادرة في أرشيف رحالة عابرة

                      

 

كانت الكويت حين زارتها الرحالة والدبلوماسية والمصورة "فرياستارك" في العام 1932 مرفأ متواضعا يقع على رأس الخليج العربي، ولم يكن النفط الذي اكتشف في العام 1938 قد ظهر بعد، رغم أن وجوده كان يبدو محتملا في ضوء الكميات التي اكتشفت آنذاك في منطقة الأحساء السعودية على الساحل· وعلى العكس من وصولها الى بغداد قبل ذلك بثلاث سنوات، فقد وصلت الى الكويت بصحبة الميجور هربرت يونغ مستشار البعثة العليا في بغداد وزوجه، وفي هذا علاقة على مدى ما بدأت تحظى به من تقدير·

بعد أن هبط الزوار في ميناء "الشعيبة"، انتقلوا الى مقر القنصلية البريطانية و"حفلة عشاء حضاري" وفي صباح اليوم التالي زارت مخيم الكولونيل ديكسون وزوجه الذي كان معتمدا بريطانيا في الكويت ومعه انتقلت الى الكويت التي كان عدد سكانها يصل آنذاك الى 70 ألفا·

وزارت "فريا" السوق حيث اشترت أربعة أثواب نسائية·

وخلال وجودها شهدت تأثر صيد وتجارة اللؤلؤ بسبب الكساد الاقتصادي وظهور اللؤلؤ الصناعي الياباني المزروع، وكان ممكن آذاك كما تقول في إحدى رسائلها "الشراء لمن يملك أموالا كثيرة"·

ووصفت "فريا" متعتها وهي تتجول في السوق، وقالت إنه مكان جميل في "الهواء الطلق تغسله شمس الصحراء وهواؤها· ويحيط به جدار، وفيه العديد من الأماكن المفتوحة حيث يخيم فيه البدو" وتقول إنها فوجئت، بعد جو "بغداد" الدولي، بالتقشف في كل شيء، فالنساء لا يسمح لهن بالخروج عبر أسوار المدينة بلا تصريح مكتوب، وكانت الشوارع شبه متوحدة وبيوتها بلا نوافذ، وكان الناس الذين شاهدتهم يرتدون ملابس بيضاء على الأغلب (الرجال) وملابس سوداء (النساء)، وصادفت أحيانا وجودها إفريقية سمراء، وتقول إنه على رغم أنه لم يعد هناك استيراد للعبيد، إلا أن العبودية كانت لاتزال مزدهرة بوساطة التزايد الطبيعي بين عائلات العبيد التي يشكل أفرادها نصف غواصي اللؤلؤ· ومن بين كل المشاهد المثيرة التي شاهدتها، كانت مستثارة لدى رؤية السفن الخشبية في الميناء، المصنوعة من خشب أصفر فيستورد من مالابار، وأضلاعها من جذوع الأشجار، ولم تتذكر أمام هذه السفن إلا أساطيل الصليبيين وهي تسحب على رمال "عكا" و"عثليت"·

وبسبب إعجابها أو دهشتها أمام ما تصورت أنه عودة في الزمن الى الوراء، قامت بتفحص السفينة الطويلة المسماة "الباتل" زعيمة سفن صيد اللؤلؤ، و"البوم" الأكبر الذي يرحل الى  مناطق نائية تصل الى زنجبار· وأعجبتها خطوط "السنبوك البسيطة" واستقامة قاع "الجلبوت" وأكثر الزوارق قدما المسمى "حوارية" الذي كان مجرد حزمة من القصب مشدودة معا على شكل زورق، مع مساحة فارغة في الوسط ليجلس فيها الصياد·

في زيارتها الثانية للكويت بعد خمس سنوات، قامت برحلة الى جزيرة "فيلكا" وكان برفقتها المقيم البريطاني "جيرللو دي جاري"، ويوسف المطوع، وهو كما وصفته "رجل كبير السن ولطيف المعشر يعيش على دخل محترم جمعه قبل سنوات من التجارة بالعبيد، والتي أصبح يشير إليها الآن بعد أن لم تعد مقبولة في العالم المعاصر، كتجارة بالتمول"! ولاحظت أنه لم يعد أحد يأتي بالعبيد الى الكويت، وتتزايد أعداد الذين يتم تحريرهم في الكويت، فالزمن يتغير، رغم أنه ليس التغير السريع، وتوقعت أن تجيء الحضارة إلى هذا البلد تدريجيا، في حالة أكثر شبها بالزواج منها بحالة الاغتصاب، وأملت مع ذلك أن تظل هذه المدينة الصغيرة الفقيرة التي تشبه عروسا عذراء محافظة على سحرها الخاص·

ترجمة عن كتاب:

"فرياستارك في العراق والكويت"، السي روثفن، دار جارينت، 1994·

 

 

 

 

طباعة  

نفكر ببيت للطفولة.. ولكن ما هو البيت؟