شاهد رضا بورني- بومبي*
في بلد يشار اليه على نطاق واسع كأكبر الديمقراطيات في العالم، خضعت الحكومة الهندية لضغط إسرائيلي متصاعد وأمرت بفرض حظر شامل في الهند على بث القنوات الفضائية العربية، ويتعارض هذا الحظر الذي فرضته الحكومة الهندية على القنوات التلفازية العربية تعارضا تاما مع علاقة الصداقة التي تتخيل البلدان العربية أنها قائمة مع جارتها عبر بحر العرب، ويبدو أن هذا الحظر هو خطوة لضمان ألا يتسنى للشعب الهندي مشاهدة الفظائع التي ارتكبتها إسرائيل في الأيام الأخيرة في لبنان والأراضي المحتلة·
وقالت "نبيلة البسام" وهي سعودية من الأوساط التجارية تقوم برحلة الى بومبي لوكالة الأنباء العربية، إنها غضبت حين وجدت نفسها غير قادرة على مشاهدة القنوات العربية في فندق "أوبراو" البارز في بومبي· ولدى سؤالها مدير الفندق عن هذا الأمر قيل لها بأن قنوات الفضائيات العربية تم منع بثها في كل أرجاء الهند·
وعندئذ قامت نبيلة البسام التي حيرها الأمر بالاتصال هاتفيا برئيس التحرير في وكالة الأنباء العربية "خالد المعيني" ليتحقق من صحة المنع، وقالت له "يقول لي مدير فندق أوبراو بأن الحكومة الهندية فرضت حظرا على مشاهدة القنوات العربية·· لماذا؟ إنني أكره مشاهدة الـ CNN و BBC"·
وفي حديث مع الوكالة أشار مدير الفندق "موهت نيرولا" الى واقعة أن حظراً قد فرض بالفعل وقال "وزارة الإعلام الهندية قد وضعت قواعد معينة، وواجبنا هو أن نطيع ونتصرف وفق القواعد المرعية في البلد"·
وحين حاولنا الاتصال بوزير الإعلام "بريا رانجان داسمونشي" وجدناه مشغولا في البرلمان، ولم نحصل على تعليق له حول هذه القضية، ولكن موظفا في الوزارة شرح لماذا قررت الحكومة الهندية فرض الحظر، وشدد الموظف على أن الهند تتمتع بعلاقات وثيقة وودية مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية تفوق علاقاتها مع أية حكومة عربية·
ووفق مصدر حكومي آخر فإن الحظر إشارة واضحة الى كل الحكومات في الشرق الأوسط بأن الحكومات الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية تمتلك نفوذا في الهند أوسع مما تملكه أية حكومة عربية·
وأوضح عدد من كبار الصحافيين الهنود أن الحظر كان علامة على أن الهند خضعت للضغط الإسرائيلي لا الأمريكي بالأحرى، وقالوا بأن هذه الممارسة كلها مقصود منها إرهاب العرب وإظهارهم على أنهم إرهابيون، والحكومة الهندية بهذه الممارسة تشارك في الحجة غير المعقولة القائلة بأن قنوات مثل "الجزيرة" و"العربية" تعزز الكراهية وتشجع على الإرهاب·
ووصف محللون سياسيون في الهند هذا التحرك بالقول إنه لعبة المعيار المزدوج التي تلعبها الهند، فهي تقيم من جانب علاقات صداقة مع العالم العربي، بينما تلتحق من جانب آخر بأمريكا وإسرائيل في التشهير بالعرب، ويبدو أن اللوبي الموالي لإسرائيل يريد دق إسفين بين الهند وحلفائها العرب القدماء·
ويتناقض موقف الحكومة الهندية الراهن تناقضا صارخاً مع دعم الراحلة "أنديرا غاندي" للقضية الفلسطينية·
قرار حظر مشاهدة القنوات العربية هو قرار للحكومة الفيدرالية لعموم الهند اتخذته كما قال صحافي هندي بارز، تحت ضغط مكثف من الحكومات الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية·
وكان نضال الهند البطولي ضد الإمبريالية البريطانية مصدر إلهام للكثيرين من العرب، ويرى الفلسطينيون في كفاح الهند من أجل الاستقلال مثالاً بارزاً من أمثلة الخلاص من النير الإمبريالي، ومن المحزن أن تقوم أكبر ديمقراطية في العالم بعد خمسين سنة من الاستقلال بقمع الرأي البديل قمعا غير عادل، وتسمح لنفسها بأن تملي عليها القوى الأجنبية سياساتها·
المحللون السياسيون هنا يعتقدون بأن الحكومة الهندية ربما تكون في سلوكها هذا قد استخدمت مادة في نظام شبكات الكيبل التلفازية للعام 1995 التي تنص على أنه يمكن أن يفرض حظر على قنوات معينة أو برامج من المحتمل أن تخرب علاقات الهند الودية مع بلدان أجنبية وهي مادة تعتبر انتهاكا واضحاً للممثل الديمقراطية مثل حرية التعبير وحرية الكلام·
وأثار الحظر غماً وكآبة في إدارات فنادق بومبي ووعد "تشاد البيريكو" مسؤول العلاقات العامة في مجموعة فنادق ماريوت في واشنطن بمراجعة الموضوع مع زملائه لمناقشة القضية، والوصول الى جواب متكامل·
بينما تهرب مسؤولو فنادق أخرى مثل "فندق تاج" و"هلتون" و"شيراتون" و"حياة ريجنسي" من الإجابة إما بحجة أنهم خارج البلاد أو أنهم يحتاجون الى وقت لمناقشة الموضوع قبل إصدار أي تعليق·
صحافي في وكالة الأنباء العربية
عن موقع: www.globalresearch.ca