شعر عبدالله القصيمي
تقديم يحيى الربيعان
سبق أن تحرك قلم عاشق لبنان مفكر الدحر الشجاع عبدالله القصيمي عام 1983·· وراح يرسم مشاعره بقصيدة معبرة ضد أخطر جرائم حروب التجويع والتدمير في التاريخ·
لقد تحدث هذا النجدي الشريف باسم كل شرفاء هذه الأمة المستهدفة، وأطلق زفرات الألم·· وكان يردد: "إنني أكره الأرز وجبران لأنهم خالدون وأنا فان" وصديقه كمال جنبلاط يقول له·· يا أبا علي أنت بدوي الأسلوب غربي التفكير·· وها هي القصيدة بكاملها كما سجلها في 10/1/1983، التي اختار عنوانها (كنت يالبنان زهراً) وختمها بآهات حزينة·· وقال فيها:
آه من عاري بقومي
إنهم للعار قادة
آه من سادات قومي
إنهم مجد الجهالة
آه يا تاريخ قومي
أنت عار للرواة
أنت عار للرواية
كنت يالبنان زهراً
في عباءات العروبة
كنت يالبنان فجراً
في دياجير العروبة
كنت يالبنان عطراً
فوق أوحال العروبة
كنت يالبنان طهراً
من وقاحات العروبة
كنت يالبنان جسراً
فوق صحراء العروبة
كنت يالبنان كبيراً
فوق أوثان العروبة
كنت يالبنان شعراً
لم تؤلفه العروبة
كنت يالبنان حراً
لم تسامحك العروبة
كنت يالبنان شيئاً
لم تجربه العروبة
* * *
إن قومي صادقون
إن قومي كاذبون
صادقون إن قالوا كذبنا
أو قالوا صغرنا
إن قالوا جهلنا
أو قالوا هزمنا
كاذبون إن قالوا صدقنا
أو قالوا كبرنا
إن قالوا رأينا فعقلنا
أو قالوا قرأنا ففهمنا
أو قالوا كتبنا فنفعنا
وهدينا وبنينا وسمونا
أو قالوا نظرنا فرأينا
أو قالوا سُئلنا فعرفنا فأجبنا
أو قالوا نطقنا فصدقنا
أو قالوا فعلنا فبرهنا فقهرنا
صادقون إن قالوا كرهنا
ولعنّا واتهمنا ورفضنا
كل صناع الحياة
كل من قالوا لصحرانا اذهبي
أنت بعد اليوم حقل للرخاء
أنت بعد اليوم أجنحة الحضارة
مطعمة الحضارة مرهقة الحضارة هازمة الحضارة
بما صاغت وأعطتنا الحضارة
إن قومي صادقون
كلما قالوا افتضحنا وقبحنا
وهُزمنا وسُفهنا وسُفطنا
صمنا وصلينا وآمنا
بلا تقوى··· بلا دين بلا حب
بلا صدق، بلا فهم، بلا رب
كلما قالوا هجونا الله والتاريخ والكعبة
بما كنا·· بماقلنا كما جئنا··
كلما قالوا صلبنا الله في الكعبة
هجونا الله في الكعبة
آه من عاري بقومي
إنهم للعار قادة
آه من سادات قومي
إنهم مجد الجهالة
دع لهم مجد الوقاحة
دع لهم مجد الكراهة
زدهمو مجد العداوة
زدهمو مجد الشماته
آه من أمجاد قومي
إنها أبداً إشاعة
آه من تاريخ قومي
إنه أغبى رواية
آه يا تاريخ قومي
أنت عار للرواة
أنت عار للرواية
ومن أبيات القصيدة أيضاً:
كنت يالبنان فضحاً
لفراعين العروبة
كنت يالبنان حباً
رافضاً حقد العروبة
كنت يالبنان ضوءاً
راع فئران العروبة
كنت يالبنان طقساً
ليس طقساً للعروبة
كنت يالبنان عقلاً
بين أبواق العروبة
كنت يالبنان قلباً
مرهقاً قلب العروبة
كنت يالبنان تاجاً
فوق هامات العروبة
كنت يالبنان شدواً
فوق أنات العروبة
كنت يالبنان ديناً
لم يكن دين العروبة
كنت يالبنان درساً
لن تلقاه العروبة
