رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 أغسطس 2006
العدد 1740

الدالاي لاما الرابع عشر تينزن جياتسو:
نعم للحب والرحمة.. ولا للإعدام

                                 

 

الموت على وجه العموم شيء لا يريده أحد منا بل، هو في الحقيقة شيء لا نود حتى التفكير فيه، وحين يقع الموت موقعا طبيعيا، يكون عملا يتجاوز قدرتنا على إيقافه، أما حين يحدث إراديا وبتعمد فهو أمر بالغ السوء، بالطبع يقال، في نطاق نظمنا القانونية، إن هناك أسبابا وأغراضا معينة تدعو الى تطبيق عقوبة الإعدام، وتستخدم هذه العقوبة عقاباً وللمذنبين، ولمنعهم من تكرار الآثام وردع آخرين·

ولكن إذا تمعنا في الوضع بعناية أكثر، سنجد أن هذه ليست حلولاً حقيقية·

إن كل الأفعال المؤذية وتبعاتها المأساوية تقع أصولها في الأفكار السلبية والعواطف المضطربة، وهذه حالة عقلية نجد كوامنها في كل الكائنات الإنسانية· من وجهة النظر هذه، فكل واحد منا لديه إمكانية ارتكاب جرائم، لأننا كلنا عرضة لمواقف سلبية مضطربة وخصائص ذهنية سلبية، ولن نتغلب على هذه بإعدام الناس الآخرين·

إن ما يعد إجراميا يمكن أن يختلف اختلافا كبيراً من بلد الى بلد، ففي بعض البلدان، على سبيل المثال، يعتبر التعبير عن الرأي دفاعاً عن حقوق الإنسان جريمة· بينما يعد منع حرية التعبير في بلدان أخرى جريمة· وتختلف العقوبات على الجرائم اختلافا كبيراً أيضا، ولكنها تتضمن عادة أشكالاً مختلفة من السجن أو الأشغال الشاقة أو عقوبات مالية، وفي عدد من البلدان إيذاء جسديا· وفي بعض البلدان تكون عقوبة الجرائم التي تعتبرها الحكومة خطيرة هي إعدام الشخص الذي يرتكبها·

عقوبة الإعدام تقوم بوظيفة وقائية، ولكنها أيضا شكلا واضحا وضوحاً تاماً من أشكال الانتقام· إنها شكل قاس من أشكال العقاب ذات خصوصية لأنها لمرة واحدة وأخيرة· تنتهي فيها الحياة الإنسانية، ويحرم الشخص الذي تنفذ فيه عقوبة الإعدام من فرصة أن يتغير، أو أن يعوض الأذى الذي وقع أو يقدم عنه تعويضا·

وقبل أن ندافع عن عقوبة الإعدام علينا أن نفكر فيما إذا كان المجرمون هم أناساً سلبيين ومؤذين بالطبيعة أو أنهم سيظلون كذلك دائما في الحالة العقلية ذاتها التي ارتكبوا فيها جريمتهم أم لا·

أعتقد أن الجواب لا·· بالتحديد، فمهما كان الفعل الذي ارتكبوه مروعاً، أعتقد أن كل امرئ لديه إمكاينة أن يتحسن وأن يصحح نفسه· ولهذا السبب لدي تفاؤل في أنه يظل ممكنا ردع النشاط الإجرامي، وحماية المجتمع من تبعات مثل هذا النشاط، من دون اللجوء الى عقوبة الإعدام·

إن إيماني الكامل هو أنه من الممكن دائما أن يتحسن المجرمون، وإن عقوبة الإعدام بسبب أنها حكم نهائي تقف على النقيض من هذا، ولهذا السبب، فأنا أساند تلك المنظمات وأساند أولئك الأفراد الذين يحاولون وضع حد لاستخدام عقوبة الإعدام·

اليوم في الكثير من المجتمعات، تمنح أهمية ضئيلة جدا للتربية أو تطوير القيم الإنسانية بوساطة البرامج الاجتماعية والأعمال الفنية، وفي الحقيقة إذا أخذنا برامج التلفاز كمثال، يعد العنف بما في ذلك القتل، ذا قيمة تسلية وترويحية كبرى ويشير هذا الى مدى ما نحن فيه من ضلال·

أنا مؤمن بأن الكائنات الإنسانية ليست عنيفة بالطبيعة· ونحن على خلاف الأسود والنمور، لسنا مهيئين بالطبيعة بأسنان ومخالب حادة لنقتل· ومن وجهة نظري كبوذي، أؤمن بأن الطبيعة الأساسية لكل كائن واع هي طبيعة صافية، وأن أعمق طبائع العقل هي طبائع صافية· وتصبح الكائنات الإنسانية عنيفة بسبب الأفكار السلبية التي تظهر نيتجة بيئتها وظروفها·

إنني أساند مساندة قلبية خالصة التماساً يطالب تلك البلدان التي تطبق في الوقت الراهن عقوبة الإعدام، بأن تتخذ قراراً غير مشروط بتعليقها· وعلينا في الوقت نفسه أن نمنح دعماً أقوى للتربية، ونعزز إحساساً أعظم بالمسؤولية الشاملة، إننا بحاجة الى أن نوضح أهمية الحب والرحمة من أجل بقائنا، ونحاول تقليل تلك الظروف التي تشجع الميول القاتلة مثل انتشار الأسلحة في مجتمعاتنا الى أدنى حد ممكن· وهذه أمور يستطيع حتى الأفراد السعي في سبيلها·

عن موقع

www.engaged-zen.org

طباعة  

الريكي بين الواقع والخيال
طاقة كونية لعلاج الروح والجسد