رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 أغسطس 2006
العدد 1740

الريكي بين الواقع والخيال
طاقة كونية لعلاج الروح والجسد

                                                   

 

ديفيد هيرون

للريكي تاريخ فذّ نوعاً ما· والكثير من الكتب تقدم تواريخ متماثلة، وهذه الكتب هي التي سأقدم ملخصاً لها، ولكنني لا أدعي بأنني ضليع بتاريخ "الريكي" ولهذا، وبدلا من بذل الكثير من الجهد في مناقشة الماضي، والمسار الصحيح الذي سلكه الريكي في الوصول إلينا، أجد استخدام الطاقة وتجريب حقيقة واقع أوسع لكل ما يعنيه الريكي أكثر فائدة، ولكن هذا لا يعني القول بأن التاريخ غير مهم، فنحن ككائنات إنسانية نميل الى أن يكون رد فعلنا مستنداً الى الماضي ومن هنا من الطبيعي الرغبة في معرفة أصل الأشياء·

كل تواريخ "الريكي" مستمدة من القصص الشفهية التي وصلتنا من السيدة "تاكاتا" مع القليل أو لا أدلة قوية لأن وجود الريكي ظل في اليابان وحدها قبل الحرب العالمية الثانية وقد نوقش هذا الافتقار الى الأدلة الموثقة في كتاب "الريكي الأساس" للمؤلف "ديني شتاين" مع نظرة أخرى واردة في كتاب "الريكي اللمسة الشافية: دليل من الدرجة الأولى والثانية للكاتب وليم ل· راند من مركز تدريب الريكي·

ويثير الافتقار الى الأدلة القوية الشك، على سبيل المثال، فإن سجلات دخول "د· أسوي" في جامعة لويولا يجب أن تكون متوافرة إن كان قد دخلها فعلا، ومع ذلك فإن وليم راند يزعم أن طلبا مثل هذا أثبت أنه غير مثمر، وهناك أيضا اكتشافات قريبة العهد قام بها د· ديف كنج من جامعة ادمونتون البيرتا·

الذي توصل خلال رحلة له الى اليابان الى وجود ذرية لممارسي الريكي الذين تعلموا على يد د· أسوي، ولا تتضمن هذه الذرية اسم د· هاياشي، أو السيدة تاكاتا· وعلمنا هذا الاتجاه في البحث أشياء أكثر أهمية·

إن وجود جذور للريكي في اليابان قبل الحرب العالمية الثانية يجعل من غير المستغرب ضياع بعض التوثيق· ويبدو أن من ظل بعد د· هاياشي مع ضياع المصادر بسبب الحرب لم يعد يسمح لهم بممارسة الريكي، ولولا أن السيدة تاكاتا لم تتدرب على الريكي قبل الحرب،  وتأتي به الى أمريكا لفقد العالم تقنية العلاج هذه، ومثل هذا الجزء الضئيل الذي ورد على لسانها وحفظ الريكي ربما فقد ذكريات ثمينة، لأن المعرفة والاستمرارية لا يمكن حصرها في شخص واحد، ولكننا نأمل أن تعيد لنا الممارسة والحدس أية معرفة وممارسات ضائعة

ماذا تعني الريكي؟

إن المعرفة الضائعة، وخاصة الأدلة التي تدعم التاريخ اللاحق، تثير شكوكا محتملة، ولكن رغم هذا فإن الريكي ينطق عن نفسه في كل استخدام، للطاقة وجود حقيقي، وقد تمت تجربتها بسهولة فما أن يجرب المرء الطاقة  وخاصة إذا كان ممارساً ماهراً  للريكي حتى يجدها دائما ويظهر حقيقتها بسهولة، ومهما كان من شأن حقيقة وواقع المزاعم في التاريخ الذي ستذكره، فإن القدرة على ممارسة الريكي بسهولة تجيء من "مكان ما" وهي بالنسبة لي البرهان الوافي على أن مسار تطويري لوظيفتي كمعالج هو مسار حكيم·

"الريكي" كلمة يابانية تعني "طاقة قوة الحياة الكونية" والنصف الثاني من الكلمة "كي" هو ذاته الكلمة العينية ذاتها "تشي" أو "جي" التي تعني الطاقة التي تباطن كل شيء، والريكي نظام توصيل للطاقة الى شخص ما من أجل الشفاء وقد اكتشفها د· أسوي في أواخر القرن التاسع عشر، وكان أستاذا وربما مديرا لمدرسة مسيحية في اليابان، وتقول قصة الاكتشاف أن أحد التلاميذ سأله ذات يوم إن كان يؤمن بالمعجزات التي جاء بها المسيح "الشفاء وغيره"، ولكونه أستاذا مسيحياً فقد أجاب بنعم، وسأله التلاميذ إن كان يعرف كيف فعل المسيح معجزاته، فقال "لا" ومن الشائق أن نعرف أن القصة التي جاءت عبر صلات د· ديف كنج  في اليابان تقول إن "أسوي" كان بوذيا وليس مسيحياً كما قيل لنا عبر د· هاياتشي والسيدة تاكاتا ويبرهن هذا على صحة إدعاء البعض أن ملاكا "مسيحيا" أضيف الى القصة خلال رحلة د· هاياتشي الى جزر "هاواي" ليجعلها مقبولة أكثر لدى الجمهور المسيحي في أمريكا·

إذن وبعد سماع الأسئلة، صمم د· أسوي على اكتشاف الطريقة التي كان يتبعها المسيح في تحقيق الشفاء·

ودفعه هذا التصميم فوراً الى القيام برحلة استغرقت سنوات عديدة، فقد درس أولاً في مدارس مسيحية في الولايات المتحدة الأمريكية ليعرف عن المسيح أكثر، إلا أنه لم يصل الى نتائج، فلم يكن هذا النهج معروفاً في المدارس المسيحية·

وقيل أنه درس الكتابات البوذية ما دام بوذا كان من الذين مارسوا الشفاء أيضا، واستغرق هذا الأمر سنوات أكثر من الدراسة في دير في "الشرق" ولم يجد الأجوبة في أي مكان، وفي اليابان زار الكثير من المعابد سائلا عن الكيفية التي كان يتبعها بوذا في الشفاء، وفي كل معبد قال له الرهبان إنهم معنيون بعافية الوجود الروحي لا المادي·

وأخيراً عثر في دير صغير على بعض الكتابات السنسكريتية القديمة الهندية أو التيبتية "دل بحث ديني شتاين على أنه عثر على الكتب التي يتم بموجبها تحضير الدواء المسمى "دواء بوذا" وهي ممارسة شائعة لدى بوذية التيبت" وبعد بضع سنوات إضافية من الدراسة، شعر أنه توصل الى فهم ما، ويحتاج المزيد الى ممارسة تأملات عميقة فأعلن لرهبان هذا الدير عن نيته الصيام والتأمل لمدة 21 يوما في جبل قريب، وأنه إذا لم يرجع فعليهم أن يتبعوه ويستعيدوا جثته·

ومضى الى الجبل وهناك جمع 21 حجراً ليعد الأيام بوساطتها بأن يرمي حجراً كل يوم، وبهذه الطريقة يعرف الزمن الذي قضاه في تأملاته وفي اليوم العشرين لم يحدث شيء، فرمي بالحجر الأخير قائلاً: حسنا هذه هي النهاية فإما أن أحصل على الجواب  الليلة أو لا أحصل عليه·

وفي تلك الليلة تمكن من رؤية كرة من الضوء عند الأفق تتجه نحوه، وأول شيء خطر بباله أن يبتعد عن طريقها، ولكنه أدرك أن هذه قد تكون ما كان في انتظاره، وهكذا ترك للكرة أن تضرب جبينه، وما إن ضربته حتى وجد نفسه يؤخذ في رحلة، ويرى فقاعات بكل ألوان قوس قزح فيها كل رموز الريكي الرموز ذاتها في كتابات التيبت التي درسها ولكنه لم يكن قادراً على فهمها والآن أصبح قادراً على فهمها فهماً تاماً وهو ينظر إليها·

بعد عودته من هذه التجربة اتخذ طريقه عائداً، ومنذ تلك اللحظة صار قادراً على الشفاء، وفي يومه الأول وحده شفى ظفر إصبع مكسور، وجوعه هو، ومسنا يوجه، وشفى رئيس الدير من مرض أقعده الفراش، وتعرف هذه بالمعجزات الأربع الأولى· ورغب في استخدام هذه القدرات لمساعدة آخرين، فقضى السبع سنوات اللاحقة في حي شحاذين في طوكيو يعالج الناس الفقراء والمرضى هناك، ويرسلهم الى راهب يساعده في إيجاد عمل لهم، وبعد سبع سنوات بدأ يشاهد وجوها مألوفة هي وجوه الأشخاص الذين عالجهم وقد عادوا إليه، وحين سألهم عن سبب العودة، اشتكوا من أن الحياة خارج حي الفقراء شاقة وأن مهنة الشحاذة كانت أسهل بكثير لكسب العيش، لقد رموا بعيدا بنعمة العافية كما لو أنها لا قيمة لها من أجل العودة الى ما يفترض إنها الحياة المريحة التي عرفوها وأوقعه هذا الأمر في مأزق، فعاد الى الدين، وأدرك من هذه التجربة أنه لم يعلم الناس الإحساس بالنعمة مع الشفاء، وأنه ركز على الآلام الجسدية من دون التعامل مع المسائل الروحية فالناس لم يفهموا قيمة النعمة التي أتاحها لهم·

ولهذا عاد· أسوي الى الدين من أجل المزيد من التأمل والتخطيط، وبعد زمن قصير في الدين أنشأ قواعد للسلوك الأخلاقي، وتجول بهذه الخطة الجديدة في الريف متنقلا من قرية الى أخرى، وفي كل قرية وقف في مكان عام أثناء النهار رافعا شعلة مضيئة، وحين كان الناس يقولون له أنه ليس بحاجة الى شعلة في وضح النهار كان يقول لهم أنه يبحث عن القلة من الناس المعنيين بتحسين أنفسهم، وعلى هذا النحو ارتحل معلما وشافيا، عاملاً على الشفاء الروحي والجسدي على حد سواء·

خلال هذه الرحلات التقى د· اسوي بشخصية د· شوجيرو هاياشي، وهو ضابط احتياط بحري من عائلة معروفة وذو مستوى تعليمي ممتاز، وجاء لقاؤهما في السوق خلال إحدى محاضراته· وتأثر د· هاياشي تأثراً كبيراً بنزاهة وعقيدة د· أسوي، وحين طلب منه أن يرافقه في رحلاته وافق، وسافرا معاً يمارسان التعليم والعلاج، وبعد أن توفي د· أسوي أصبح د· هاياشي زعيم طريقة العلاج بالريكي، وافتتح عيادة في طوكيو بالقرب من القصر الامبراطوري، وضمت العيادة ثمانية أسرة في غرفة واسعة، وممارسين لكل مريض، أحدهما يعالج الرأس والآخر يعالج البطن، ثم يتعاون الاثنان على علاج الظهر·

وكان الممارسون يذهبون لعيادة المرضى في بيوتهم أيضاً، وكان على من يود أن يصبح ممارساً في تلك الأيام أن يقبله أساتذة الريكي الذي أصبح مؤسسة، وعليه أن يتطوع لممارسة الريكي يومياً ولساعات في العيادة بانتظام·

ويعتقد أن أول أستاذ ريكي تعلمت على يديه، فرات براون وهو واحد من 22 أستاذاً من أساتذة تاكاتا، أن د· هاياشي أنشأ الممارسة العلاجية باستخدام أوضاع معينة لوضع اليد على أماكن في الجسد، وبسبب خلفيته العسكرية فقد فضل د· هاياشي منهج علاج منظم وتوفي د· هاياشي في العام 1940 قبل الحرب العالمية الثانية مباشرة حين كان واضحاً أن اليابان ستدخل الحرب، ولكونه ضابط احتياط، فقد أدرك أنه سيتم استدعاؤه للخدمة، وبهذا سيكون مسؤولاً عن قتل الكثير من الناس، وهو ما لم يرغب به، وهكذا صمم على وضع حد لحياته، وبالإضافة إلى هذا رغب في نقل قيادة الريكي إلى السيدة تاكاتا، ربما لأنها لن تكون في اليابان، وستكون في أمان نسبي وقادرة على مواصلة ممارسة الطريقة·

السيدة تاكاتا، واسمها الكامل، "هاويو تاكاتا" من مواليد هاواي في العام 1900، وسافرت في الثلاثينات إلى اليابان لزيارة عائلاتها هناك، وخلال وجودها هناك أصيبت بمرض وأدخلت المستشفى، وقرر الأطباء إجراء عملية لها، وخلال الاستعداد للعملية ظلت تسمع صوتاً يقول لها إن العملية غير ضرورية، وأخيراً سألت طبيبها: "هل هنالك طريقة أخرى"؟ قبل ذلك كانت لهذا الطبيب أخت شفيت من مرض في عيادة د·هاياشي، فاقترح على السيدة تاكاتا أن تسأل أخته، وقامت هذه الأخيرة بمرافقتها إلى العيادة، وهناك بدأ علاجها، وبعد أن استردت عافيتها آرادت أن تتعلم بنفسها طريقة العلاج، ولكن د· هاياشي لم يرغب بتعليمها لأنها أجنبية إلا أنها أقنعته بتدريبها على طريقة العلاج، واستغرق هذا التدريب عاما كاملاً، وصلت معه إلى ما ندعوه الآن مرتبة الريكي الثانية، وبعد عام من التدريب عادت إلى هاواي، وهناك بدأت بممارسة العلاج مجاناً، وأخفقت أحياناً ونجحت في أحيان أخرى إلى أن تعززت قدراتها في نوفمبر من العام 1936 جاء د·هاياشي إلى هاواي للحديث عن الريكي، وخلال هذه الزيارة درب السيدة تاكاتا على كيفية تعليم هذه الطريقة، فأصبحت في مرتبة ما ندعوه الآن أستاذ الريكي، وبعد زمن، ومع اقتراب الحرب العالمية الثانية ظهر د· هاياشي لها في الحلم طالباً منها أن تأتي إلى اليابان، فسافرت، ووجدت د·هاياشي وقد أخرج ملابسه العسكرية الرسمية من المخزن وقد علم أن استدعاءه أصبح مسألة وقت وسيطلب منه أداء عمل لا يرغب به بسبب موقفه الروحي، وفي هذا الوقت نقل إلى السيدة تاكاتا·· قيادة طريقة الريكي، وقام بجمع كل أساتذة الريكي وأعلن تنصيبها، ثم أعلن أنه سيقتل جسده المادي بقطع ثلاثة شرايين، وفعل ذلك خلال حديثه، وظل ينزف إلى أن مات، وعادت السيدة تاكاتا·· إلى هاواي وواصلت استخدام تعاليم الريكي، ثم انتقلت في آخر الأمر الى كاليفورينا وواصلت هناك التعليم أيضاً، ولم تعلم أساتذة آخرين حتى العام 1975، وقبل وفاتها في العام 1980 قامت بتدريب 22 أستاذاً للريكي·

ترجمة عن موقع:

www.keiki.7gen.com/huistory.htm

 

 

طباعة  

الدالاي لاما الرابع عشر تينزن جياتسو:
نعم للحب والرحمة.. ولا للإعدام