الأهداف الصهيونية
وأكذوبة نوبل الكبرى
آدم يوسف
يتردد في الاوساط الأدبية بين الفينة والأخرى أن جائزة نوبل ولاسيّما الفرع الأدبي منها يخضع لتوجهات الرغبة الصهيونية، ولم يكن أحد ليمنح هذه الجائزة إذا لم يحظ بالرضى والقبول من المؤسسة الصهيونية كنا نتحفظ أحيانا ليس على الفكرة في حد ذاتها، وإنما على صيغة التعميم التي يبدي بها أولئك رأيهم·
ولكن مع مرور الوقت تبين لنا أن هذه الفكرة صحيحة جملة وتفصيلا، فمن غير المقعول في الأدب العربي على الرغم من عراقته التاريخية وتطور فنون الكتابة الإبداعية ألا يحظى سوى أديب واحد بهذه الجائزة فقد كنا نتوقع في زمن سابق أن تكون الجائزة، من نصيب رائد القصة القصيرة العربية د· يوسف ادريس ولكن أوهامنا ذهبت أدراج الرياح، وبعدها قلنا لعل الجائزة من نصيب الشاعر المفكر أدونيس وفي كل مرة تذهب أوهامنا أدراج الرياح· إن الأدب العربي يحظى بعشرات المبدعين الحقيقيين في مصر وسورية والمغرب العربي، وفي العراق والجزيرة العربية هل من المعقول ألا يكون أحد منهم يستحق هذه الجائزة التي نتلقف أخبارها في كل سنة بفارغ الصبر وسرعان ما نصاب بالإحباط، ولكن لماذا الإحباط بعد أن تأكد لنا أن هذه الجائزة صهيونية المنشأ وهي تمنح بناء على أهداف ومصوغات أبعد ما تكون عن الرأي النقدي السليم الذي يحلل النصوص بناء على التقنيات الفنية والإبداعية مع مقارنتها بتطور المرحلة الأدبية لكل أمة من الأمم·
وأما إذا جئنا لجائزة نوبل للسلام فتلك حكاية أخرى، ولقد أعجبني كثيرا مقال للروائي الكولومبي جابريل غارسيا ماركيز نشر مترجما في "الطليعة" العدد الماضي يؤكد فيه أنه يشعر بالخجل لارتباط اسمه بجائزة نوبل ويقول في مقاله البيان: إنه لمن عجائب الدنيا حقا أن ينال شخص، كمناحم بيجن جائزة نوبل في السلام، تكرما لسياسته الإجرامية التي تطورت في الواقع كثيرا خلال السنوات الماضية على يد مجموعة من أنجب تلاميذ المدرسة الصهيونية الحديثة إلا أن الموضوعية تفرض أن نعترف بأن الذي تفوق على الجميع هو الطالب المجد آرييل شارون، وعلى أي حال فإن فوز مناحم بيجن بجائزة نوبل في السلام يظل من عجائب الدنيا حقا، ولا يخفف من دهشتي القول بأن الدنيا مليئة بالطرائف وأن هناك ما هو أغرب·
لم أفاجأ كثيرا بمقال ماركيز الذي نشر سابقا في الصحافة العالمية ولم ينقل الى العربية إلا مؤخراً فمعروف عن ماركيز شجاعته في طرح آرائه المناهضة للصهيونية وإن كانت تعود عليه بالضرر في بعض الأحيان ولكن أليس من الغريب أن يفوز مناحم بيجن بجائزة نوبل للسلام سنة 1978م لتكون هذه الجائزة غطاء له ليرتكب مذبحة المخيمات الفلسطينية داخل بيروت سنة 1982م·
وأما آرييل شارون فإنه وبغطاء من جائزة نوبل الممنوحة لبيغن ارتكب مجزرة صبرا وشاتيلا، وسوف تكتمل حلقة الدهشة والتعجب حين ندرك أن شمعون بيريز الحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 1994 مناصفة مع إسحاق رابين وياسر عرفات هوالذي ارتكب مجزرة قانا الاولى ومازال ينادي باستمرارالحرب وقتل الابرياء في لبنان بدعوى أن هذه الحرب تحدد مصير إسرائيل·
بعد كل هذا أما زال هناك من يصدق أكذوبة جائزة نوبل، وينتظر ملايينها التي لا تأتي إلا على دماء وجثث الأبرياء· فلتذهب نوبل الى الجحيم ولنكن أكثر ثقة بمؤسساتنا المحلية وجوائزنا العربية التي نعرفها ونطمئن إليها جيداً·
adamyosef@hotmail.com