رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 2 أغسطس 2006
العدد 1739

حدود الدم.. أو خارطة شرق أوسط جديد!

·    صورة لشرق أوسط أفضل.. تقسم فيه إيران وتركيا والعراق والسعودية وسورية... إلخ

· دول مذهبية وطائفية ستكون أكثر ولاء  لأمريكا وخضوعا لقاعدتها اسرائيل

 

د. خليل السعيد

الكلمات المختصرة والقليلة التي صدرت عن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليسا رايس في الأسبوع الماضي وهي تصل إلى المنطقة العربية بدت غريبة فهي أمام القصف والتدمير الإسرائيلي للبنان بدأت  تتحدث عن صياغة شرق أوسط جديد وعن أن تقسيم سايكس بيكو الفرنسي للمنطقة  العربية لم يكن كافيا·

من يقرأ هذا المقال الذي نشرته مجلة القوة العسكرية الأمريكية في أوائل يوليو الراهن يدرك أن رايس كانت تلمح الى جبل الجليد الأمريكي الغاطس، هذا المقال يقول كل شيء، ولن يمنح فرصة للذين بللوا لحاهم بل سيكون عليهم أن يتحسسوا رؤسهم·

 

في موقع مجلة القوة العسكرية الأمريكية تموز 2006 نشرت خارطة جديدة للشرق الأوسط بمقال معنون "حدود الدم" للكاتب رالف بيترز حددت ملامح جديدة لخارطة شرق أوسطية جديدة والتقرير يفترض أن الحدود بين الدول غير مكتملة وغير عادلة خصوصا في قارة إفريقيا التي تكبدت ملايين القتلى وبقيت حدودها الدولية من دون تغيير، والشرق الأوسط الملتهب والمتوتر منذ عقود، هذه الحدود التي شكلتها أوروبا "الفرنسيون والبريطانيون" في أوائل القرن العشرين ومن قبل الدولتين اللتين كانتا تعانيان من هزائمهما في القرن التاسع عشر فكان التقسيم عبئا عليها، وجاء من عدم  الادراك لخطورة هذا التشكيل الذي قسم قوميات على جانبي الحدود وأصبحت كتلا قومية كبيرة ومبعثرة على جوانب الحدود لعدة دول وقد يضم الكيان السياسي  المستقل اثنيات وطوائف متناحرة·

إن حدود الشرق الأوسط تسبب خللا وظيفيا داخل الدولة نفسها وبين الدول من خلال اعمال لا أخلاقية تمارس ضد الأقليات القومية والدينية والإثنية أو بسبب التطرف الديني أو القومي والمذهبي· إن لم  الشمل على أساس الدين والقومية في دولة واحدة لن يجعل الأقليات سعيدة ومتوافقة والقومية الخالصة أو الطائفة وحدها يمكن تجد مبررا لتغيير الحدود ولتشكيل كيان سياسي لها كما يفترض التقرير وللمقارنة انظر هذه الخارطة السياسية قبل التقسيم في الرؤية الجديدة لشرق أوسط ما بعد التقسيم والذي نشر على الموقع·

في هذه الرؤية التقسيمات ليست على أساس خرائط معدة مسبقا بل أعدت على أساس وقائع ديموغرافية "الدين، القومية، والمذهبية" ولأن اعادة تصحيح الحدود الدولية يتطلب توافقا لإدارات الشعوب التي قد تكون مستحيلة في الوقت الراهن ولضيق الوقت لابد من سفك الدماء للوصول الى هذه الغاية التي يجب أن تستغل من قبل الإدارة الأمريكية وحلفائها يفترض أن اسرائيل لا يمكنها العيش مع جيرانها ولهذا جاء الفصل عن جيرانها العرب ولذا فإن الطوائف المتباينة التي لا يمكن التعايش فيما بينها من الممكن جمعها في كيان سياسي واحد·

الأكراد على سبيل المثال أكبر قومية موزعة علي عدة دول من دون كيان سياسي وعليه فإن الولايات المتحدة وحلفاءها لا تريد ان تفوت فرصة تصحيح "الظلم" بعد احتلال بغداد مستفيدة من فراغ القوة التي كان يشكلها العراق الذي أصبح مؤكدا الآن بأنه الدولة الوحيدة في العالم التي كانت الحاجز العظيم أمام تنفيذ المخطط الأمريكي للمنطقة·

الدول المستهدفة بالتقسيم والاستقطاع هي إيران، تركيا، العراق، السعودية، وباكستان وسورية والامارات، ودول ستوسع لاغراض سياسية بحتة، اليمن، الأردن، وافغانستان·

الدول الجديدة التي ستنشأ من تقسيم العراق تنشأ ثلاث دويلات "كردستان وسنيستان وشيعستان" "دولة كردستان الكبرى" وستشمل على كردستان العراق وبضمنها طبعا كركوك النفطية واجزاء من الموصل وخانقين وديالي، وأجزاء من تركيا وايران وسورية وارمينيا واذربيجان وستكون أكثر دولة موالية للغرب ولأمريكا·

دولة شيعستان وستشمل جنوب العراق والجزء الشرقي من السعودية والاجزاء الجنوبية الغربية من إيران "الأهواز" وستكون بشكل حزام يحيط بالخليج العربي "دولة سنيستان" ستنشأ على ما تبقى من أرض العراق وربما تدمج مع سورية وخلق "دولة بلوشستان الجديدة" التي ستقطع اراضيها من الجزء الجنوبي الغربي لباكستان والجزء الجنوبي الشرقي من ايران·

إيران ستفقد أجزاء منها لصالح الدولة الكردية وأجزاء منها لصالح دولة شيعية عربية وأجزاء لصالح اذربيجان الموحدة وستحصل على أجزاء من أفغانستان المتاخمة لها لتكون دولة فارسية·

أفغانستان ستفقد جزءاً من أراضيها الغربية إلى بلاد فارس، وستحصل على اجزاء من باكستان وستعاد اليها منطقة القبائل·

السعودية ستعاني أكبر قدر من التقسيم كالباكستان وستقسم السعودية الى دولتين، دولة دينية "الدولة الإسلامية المقدسة" على غرار الفاتيكان، وتشمل كل المواقع الدينية المهمة لمسلمي العالم، ودولة سياسية "السعودية" وسيقتطع منها أجزاء لتمنح الى دول أخرى "اليمن والأردن"·

وستنشأ دولة جديدة على الأردن القديم بعد أن تقتطع أراضي لها من السعودية وربما من فلسطين المحتلة لتشمل على كل فلسطيني الداخل والشتات "الأردن الكبير"·

اليمن سيتم توسعه من اقتطاع أجزاء من جنوب السعودية وتبقى الكويت وعمان بدون تغيير·

لماذا يتم عرض هذه الخارطة الآن؟·· ما هو الغرض من عرضها في موقع عسكري أمريكي رسمي؟

الإدارة الأمريكية كانت قد طرحت مبادئها وتصورها عن شرق أوسط "ديمقراطى" جديد ويبدأ بالغاء الخرائط الاستعمارية القديمة التي أنشأها الاستعمار الفرنسي والبريطاني في بداية القرن العشرين لانتقاء الحاجة إليها بسبب المتغيرات القومية والطائفية الجديدة للبلدان المعنية بالتقسيم·

التقسيم والاقتطاع وسيلة لإضعاف الدول التي تتعرض للتقسيم والاقتطاع الدول الجديدة التي ستنشأ ستكون موالية تماما للإدارة الأمريكية بحكم العرفان بالجميل للعناصر الانفصالية المستفيدة للدولة التي منحتها الاستقلال والدول التي ستتوسع ستكون مدينة أيضا بموالاتها لمشروع التقسيم والضم والأردن الكبير سيكون الحل الأمثل للمشكلة الفلسطينية واللاجئين الفلسطينيين ونقطة جوهرية لتخليص اسرائيل من مشكلة تواجهها باستمرار وهي التغيير الديموغرافي للسكان لصالح الفلسطينيين في حال تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة·

لكن السؤال: هل هذا الحل الممكن للتخلص من المشاكل التي تواجه استراتيجية الولايات المتحدة للسيطرة على العالم وعلى مصادر الطاقة؟·· أم أنها ستكون بؤراً جديدة للتوتر ونوعا جديدا من الحروب بين الكيانات القديمة والجديدة "المثال الكوري" والاقتتال الداخلي والتوتر غير المحسوب العواقب "تيمور الشرقية"·

إن محاولة تقسيم العراق بأيدي عملاء عراقيين باتت معروفة وكشفت معظم خيوطها فهل يمكن ان تجر الدول الآخر بالطريقة نفسها ربما يكون طرح الفكرة والخريطة التقسيمية مجددا هو ورقة ضغط على كل من:

1- تركيا·· في حالة معارضتها لمشروع الدولة الكردية في كردستان العراق المقترح خلقها في حال فشل المشروع الأمريكي السياسي والعسكري في العراق لتكون كردستان المكان الآمن لقواتها في حالة انسحابها·

2- ايران··· كتهديد مباشر على تدخلها السافر في العراق وتجاوزها لخطوط حمراء وضعتها الإدارة الأمريكية لها·

3- السعودية لمنعها من دعم "المتمردين" أو لفيدرالية شيعية في الجنوب·

4- باكستان·· لضمان عدم ترددها بضرب "طالبان" والعناصر  الإسلامية المتشددة وضمان بقائها ضمن المشروع الأمريكي·

5- اليمن والأردن، لإغراقهما بحلم التوسع، والأكراد بحلم خلق دولة جديدة لهم كمكافأة غنية لمدى دعمهم للمشروع الأمريكي هذا هو الحلم الأمريكي  وحلم الانفصاليين والتابعين والسائرين ضد أحلام ومستقبل شعوبهم·

إن التقسيم والاقتطاع لتشكيل دول جديدة أو لتوسيع دول قديمة لا يمكن ان يمر من دون اما الاتفاق وهو أمر مستحيل لدولة مستقلة ومستقرة ذات كيانات سياسية معترف بها دوليا بهذا الشكل، أو أن تتم بالتقسيم القسري بالشكل الذي ينجز حاليا في العراق، وتمنح الإدارة الأمريكية الآن وبسرعة الأولوية القصوى لإنجاحه، من ثم تعميمه على المنطقة ككل لقد كان من الضروري للدول المعنية بالتقسيم والاقتطاع أن ترى أن العراق سيكون الخطوة الأولى ومن هنا تجيء خطورة المقاومة العراقية بكل فصائلها لمشاريع الإدارة الأمريكية  وحلفائها في إفشال ليس الاحتلال نفسه ولكن انقاذ المنطقة كلها والعالم من هذا الشر القادم الذي قد يؤدي في نهاية المطاف الى إغراق العالم بسلسلة من الحروب قد تنتهي بحرب مدمرة للبشرية·

 

قراءة في المقال الأصلي

www.armedforcesjournal.com/2006/06/1833899

طباعة  

الابتزاز بالقنابل!
 
النازية الصهيونية لن تنجو من هذه الذاكرة(مواطن لبناني)