رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 26 يوليو 2006
العدد 1738

أمريكا تمول حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين

                                                    

 

·      المساعدات الأمريكية لإسرائيل وصلت الى 140 مليار دولار منذ قيامها أي بمعدل 15 مليون دولار يومياً

·        "إيباك" تقود السياسة الخارجية الأمريكية للولايات المتحدة

·        الترسانة العسكرية للدولة العبرية  تضم 3800 دبابة و 2000 طائرة مقاتلة و 1500 قطعة مدفعية

·         قرار التقسيم عام 47 أعطى 55% من فلسطين لليهود الذين كانوا يشكلون 70% من السكان فقط

·         إسرائيل هدمت 8 آلاف منزل وشردت سكانها خلال السنوات الخمس الماضية

·         الإعلام الأمريكي أقنع مواطنيه بأن كل من يقاوم الاحتلال "ارهابي"

·       الأمريكيون يشنون حرب إبادة في اماكن مختلفة  من أجل الهيمنة الاقتصادية والعسكرية على العالم

·         أمريكا شريكة في كل الجرائم التي ترتكبها اسرائيل ضد الإنسانية

·         66 % من سكان غزة تحت خط الفقر ونسبة البطالة 30%

 

 

بقلم: جاسون ميلر*

يقول الأسقف الجنوب أفريقي ديزمون توتو "انك إذا اتخذت موقفا محايداً في أوضاع تنطوي على ظلم، فقد اخترت الوقوف الى جانب الظالم، فإذا وقف فيل على ذيل فأر ووقفت على الحياد، فإن الفأر لن يغفر لك حيادك"· وفي غزة أزاح الفيل أخيراً قدمه عن ذلك الفأر ولكن لسوء حظ هذا الفأر أن الفيل أزاح قدمه عن الذيل ليضعها على الجسد بأكمله، ومع ذلك هناك من لا يزال يتبجح بالوقوف على الحياد، على الرغم من نزيف الدم الذي يراه من جسد الفأر، الذي حوله قدم الفيل الى ما يشبه العجينة المستوية بالأرض·

أما أنا فقد تخليت عن حيادي منذ زمن طويل، وأصبحت بفكري وصلواتي ودعمي وجهودي ككاتب صحافي وكناشر متواضع علي شبكة الانترنت وكمنشق على الامبراطورية الأمريكية مع الفلسطينيين، أنني أشعر بمرارة عميقة لحقيقة أن الولايات المتحدة تمول حرب الإبادة التي تقوم بها إسرائيل ضد الفلسطينيين من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين وأنا واحد منهم إنه ليغضبني أن اللجنة الأمريكية الاسرائيلية للشؤون العامة "إيباك" وأنصار اسرائيل المولعين بالحروب هم الذين يملون السياسية الخارجية لبلدنا·

لقد حصل الفيل على أكثر من 140 مليار دولار كمساعدات مالية من الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية حتى اليوم·

ويصل حجم المساعدات الأميركية لاسرائيل في المعدل الى 15 مليون دولار يومياً طوال هذه الفترة بينما كانت المنظمات الفلسطينية غير الحكومة تحصل على مبلغ 232 الف دولار يوميا خلال العقد المنصرم قبل أن توقف إدارة بوش هذه المساعدات لمعاقبة الفلسطينيين لاختيارهم القادة "الخطأ" في انتخابات ديمقراطية·

 

كرم أمريكي

 

وتملك إسرائيل بفضل الكرم الأمريكي قوة عسكرية لا تقهر فلديها أكثر من 3800 دبابة و 1500 قطعة مدفعية كبيرة وأكثر من ألفي طائرة مقاتلة ربما فيها طائرات أف -16 الأمريكية الصنع" ويعتقد على نطاق واسع أنها تمتلك قدرات نووية كبيرة·

وأخيراً تجرأ الفأر على عض إصبع قدم الفيل، فقد أقدمت بعض الفصائل الأصولية التي ترفض الاستسلام لحرب الإبادة الاسرائيلية على خطف جندي اسرائيلي  ومستوطن في الثامنة عشرة من عمره ومسن اسرائيلي يبلغ الثانية والستين·

وفي سياق المنطلق المقلوب الذي كثيراً ما يستخدمه الأمريكيون والاسرائيليون فإن خطف ثلاثة اسرائيليين يعطي لآلة الحرب الاسرائيلية الحق في صب جحيمها فوق غزة ولم يبق من المختطفين الاسرائيليين سوى الجندي جلعاد شاليت في مقابل 9800 أسير فلسطيني يقبعون تحت التعذيب في السجون الإسرائيلية منذ عقود كما أن أحداً لا يتحدث عن عشرات القتلى ومئات الجرحى الذي يسقطون يوميا جراء العدوان الإسرائيلي على غزة منذ اسابيع ناهيك عن أكثر من 4209 قلتى سقطوا خلال انتفاضة الأقصى التي اندلعت في الثامن والعشرين من سبتمبر عام 2000 إضافة الى أكثر من 30 ألف جريح في مقابل مقتل 1113 قتيلا فقط في الجانب الإسرائيلي·

وتقوم آلة الحرب الإسرائيلية في الوقت الذي أكتب فيه هذه المقالة بشن هجوم واسع على غزة بالدبابات والطائرات والقصف المدفعي المكثف حيث دمرت محطات الكهرباء والماء والجسور وشبكات الطرق وفصلت شمال قطاع غزة عن جنوبه، وأشارت تقارير صحافية مؤخراً الى أن الطائرات الإسرائيلية اخترقت المجال الجوي السوري بالتحليق فوق أحد قصور الرئيس بشار الأسد·

صائب عريقات المسؤول السابق في السلطة الفلسطينية وكبير المفاوضين اعتبر أن ما يحدث هو إعادة احتلال لقطاع غزة بشكل آخر من خلال السيطرة على الكهرباء والماء والمواد الغذائية والطبية ودعا الولايات المتحدة والمجتمع الدولي الى عدم السماح بحدوث ذلك·

 

إعدامات دون محاكمة

 

لقد هززت رأسي غير مصدق لما شاهدته في شبكة سي·إن·إن "الليبرالية" التي اعطت المبرر لإسرائيل في ما تفعله في غزة، إنه لأمر يتنافى مع أبسط قواعد المنطق أن يجادل أحد بأن لإسرائيل الحق في تدمير البنية التحتية ذات الأهمية البالغة لبقاء أكثر من مليون فلسطيني وفرض الحصار ضد هؤلاء الناس بشكل وحشي من أجل إنقاذ رهينة واحدة ومن أجل استئصال العناصر التي تطلق صواريخ القسام التي لم تقتل اسرائيليا واحداً·

حتي الآن إن ما تقوم به اسرائيل يمثل كما هو دائما شكلاً من أشكال سوء استخدام القوة وانتهاكاً لحقوق الإنسان·

ومع ذلك لماذا أشعر بالدهشة؟ لقد أقنعت وسائل الإعلام الأمريكية المواطن العادي في الولايات المتحدة وعلى مدى سنوات طويلة بأن من حق اسرائيل أن تعاقب بشدة المدنيين الفلسطينيين الذين لا حول لهم ولا قوة باستخدام أحدث منتجات الترسانة العسكرية الأمريكية·

لقد أصبحت اسرائيل متخصصة في عمليات الإعدام بدون محاكمة ولا تعبأ إن كان من تقتلهم مذنبين أم أبرياء·

تخضع اسرائيل كما راعيتها الولايات المتحدة لحكم قادة عسكريين ميكافيليين فمن يقومون بانتهاك القانون الدولي وحقوق الإنسان بشكل روتيني، ويعمل أبواق الدعاية في إعلام التيار العام بشكل دؤوب من أجل الحفاظ على التصور بأن البلدين يشكلان محوراً للقيم الأخلاقية والحضارة ولكن بدأت هذه الخرافة تتآكل سريعا·

خذ على سبيل المثال حقيقة أن 65 قراراً دولياً صدرت بحق إسرائيل في الأمم المتحدة خلال العمر القصير للدولة العبرية وتعبر هذه القرارات عن ادانتها للاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، وتنفيذها للعقوبات الجماعية وانتهاكاتها المتكررة لحقوق الإنسان الفلسطيني وسرقة الأرض الفلسطنية وانتهاكها لميثاق جنيف الرابع، فماذا كانت ردة فعل اسرائيل على كل هذه التنديدات؟ المزيد من الانتهاكات للقانون الدولي·

لقد ظلت اسرائيل ومنذ بداية الصراع تتمتع بميزة على الفلسطينيين ففي عام 1850 كان عدد سكان فلسطين 500 ألف نسمة، 80 في المائة منهم مسلمون، ومع حلول 1880صممت الحركة الصهيونية على إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وبدأ الصهاينة بإقامة المستوطنات اليهودية هناك ومع تنامي عدد المستوطين بدأت المواجهات تنفجر بين السكان العرب واليهود، وفي العام 1947 تدخلت الأمم المتحدة وأصدرت قرار التقسيم الذي يقضي بإعطاء 55 في المائة من فلسطين لليهود، مقابل 45 في المائة للعرب، في وقت لم يكن اليهود في فلسطين لا يمتكلون سوى 7 في المائة من أرض فلسطين لقد كان واضحاً أن اليهود كان لهم أصدقاء من كبار صناع القرار في العالم آنذاك·

وهكذا ضاعت فلسطين وفي عام 1948 تمكنت قوات العصابات الصهيونية المجهزة والمدربة جيدا من سحق المقاتلين الفلسطينيين الذين كانوا قلة في العدد وبدائيين في التسليح واقامت دولة اسرائيل التي أصبحت الآن تحتل 78 في المائة من أرض فلسطين التاريخية·

وفجأة وجد 750 ألف فلسطيني أنفسهم لاجئين وظلت إسرائيل منذ عام 48 ترفض تطبيق قرار الأمم المتحدة رقم 194 الذي يطالبها بضمان حق عودة هؤلاء اللاجئين الى ديارهم، وأصبح عدد هؤلاء اليوم الى اكثر من أربعة ملايين نسمة يعيشون في ظروف مأساوية في مخيمات موزعة بين الضفة الغربية وغزة وسورية ولبنان والأردن والعراق·

 

سلطة مشلولة

 

وفي عام 1967 احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية التي تمثل 22 في المائة المتبقية من أرض فلسطين، وكان من المفترض وفقا لاتفاقات أوسلوا عام 1993 قيام دولة فلسطينية على هذه الأرض ولكن اسرائيل واصلت سياسة قضم الأراضي وبناء المستوطنات من أجل حرمان الفلسطينيين من إقامة دولة ذات سيادة هذه الأوضاع وغيرها قادت الى اندلاع الانتفاضة المسلحة في سبتمبر 2000 أو ما عرف بالانتفاضة الثانية التي لا تزال مستمرة حتى اليوم·

اتخذ رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق آرييل شارون قراراً بسحب المستوطنين من قطاع غزة في سبتمبر 2005 لكن حافظ الإسرائيليون علي سيطرتهم على اجواء وموانئ وحدود غزة البرية وبذلك تحول الفلسطينيون الذين يعيشون في هذه المنطقة  الى سجناء·

وحين انتخب الفلسطينيون بشكل ديمقراطي حركة حماس لتمثلهم في الحكومة الشكلية المسماة السلطة الفلسطينية ردت اسرائيل بتجميد تحويل عائدات الضرائب والجمارك للسلطة الفلسطينية والتي تصل الى 60 مليون دولار شهرياً، هذا القرار اضافة الى وقف المساعدات الدولية، أدى فعليا الى شل السلطة الفلسطينية وفاقم من مشكلة الفقر القائمة أصلا في غزة والضفة الغربية·

وقد صنفت اسرائيل والعالم الغربي عموماً حركة حماس بأنها ارهابية بسبب تاريخها المقاوم للاحتلال ورفضها اجندة الإبادة الجماعية التي تنتهجها اسرائيل ضد الفلسطينيين، ولحركة حماس أيضا تاريخ ناصع في تقديم الخدمات الاجتماعية التي يحتاجها المجتمع الفلسطيني الذي ينوء تحت الفقر والبطالة بصورة ماسة·

لقد ظل الفلسطينيون لسنوات طويلة يخوضون نضالهم على الأغلب بطرق سلمية مستخدمين الأدوات البسيطة المتاحة لهم كالعصي والحجارة لكنهم لجأوا في السنوات الأخيرة الى وسائل أكثر عنفا كالعمليات الانتحارية وصواريخ القسام التي عادة ما تؤدي الى قتل مدنيين وعسكريين اسرائيليين ولكن الفلسطينيين يعانون نتيجة لذلك من ردود فعل بربرية علي كل المستويات من جانب اسرائيل·

فقد هدم الاسرائيليون أكثر من ثمانية آلاف منزل لعائلات فلسطينية خلال السنوات الخمس الماضية وفي إحداها قتلت احدى الجرافات الاسرائيلية ناشطة السلام الأمريكية راشيل كوري التي كانت تحاول منع الاسرائيليين من هدم المنازل·

وقد ورد في تقرير لاحدى لجان حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في عام 2004 أن الجرافات الاسرائيلية دمرت بطريقة همجية المنازل والطرق وشبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي ومن بينها 1497 منزلاً في رفح وحدها الأمر الذي جعل أكثر من 5 آلاف فلسطيني بلا مأوى·

وقامت اسرائيل باقتلاع حوالي 1.2 مليون شجرة زيتون وفواكه في المناطق الفلسطينية وقد الحقت نقاط التفتيش والسيطرة على المعابر ضررا كبيراً بالاقتصاد الفلسطيني·

فقد أصبح من غير الممكن نقل البضائع بشكل منتظم من المناطق الفلسطينية ويعيش الآن نحو 66 في المائة من سكان غزة تحت خط الفقر وتصل نسبة البطالة الى أكثر من 30 في المائة·

 

عقاب جماعي

 

وتعتبر مياه الشرب من المواد النادرة في المناطق الفلسطينية لأن الاسرائيليين يسيطرون على معظم مصادر المياه، ففي الضفة الغربية يحرم الفلسطينيون من مياه نهر الأردن، ويستهلك الفلسطينيون 17 في المائة فقط من أحواض مياه الضفة الغربية، بينما يستهلك الاسرائيليون 73 في المائة ويحصل المواطن الاسرائيلي على كمية من المياه تزيد أربعة أضعاف عن نصيب المواطن الفلسطيني، وتمنع إسرائيل سكان الضفة الغربية من حفر آبار ارتوازية جديدة وتحقق الشركات الإسرائيلية أرباحاً طائلة من المياه التي تستخرجها من أحواض المياه في الضفة الغربية ثم تبيعها للمستهلك الفلسطيني، وقامت اسرائيل بسحب كميات هائلة من أحواض المياه الجوفية في غزة قبل انسحابها تلك الأحواض التي امتلأت بمياه البحر المالحة·

ففي كل دول العالم يعتبر توفير مياه صالحة للشرب للناس حقا من حقوق الإنسان الا حين يتعلق الأمر بالفلسطينيين·

وتواصل إسرائيل بناء جدار الفصل العنصري عبر أراضي الضفة الغربية في تحد صارخ لقرار المحكمة العدل الدولية في لاهاي الذي اعتبر الجدار غير شرعي وطالب اسرائيل بهدمه وتعويض السكان الفلسطينيين الذين تضرروا من بنائه، ويعتبر الجدار نموذجا آخر على أساليب العقاب الجماعي التي تقوم بها اسرائيل ضد الأبرياء من المدنيين الفلسطينيين حيث إن من بين اهداف بناء الجدار ضم أراض فلسطينية جديدة والسيطرة على مصادر المياه، وقد قامت اسرائيل بقطع أكثر من مائة ألف شجرة زيتون وحمضيات من مسار الجدار وصادرت أكثر من أربعة ألاف دونم وهدمت 75 فدانا من مزارع البيوت البلاستيكية·

إنها لمفارقة حزينة أن تدعم الولايات المتحدة التي قاوم مؤسسوها الأوائل القوة الامبريالية الأكبر في ذلك العصر سياسة إسرائيل الاستعمارية الظالمة وحرب الابادة التي تقوم بها ضد الفلسطينيين وربما تكون المفارقة الأكبر حقيقة أن ترتكب اسرائيل الدولة التي اقيمت لتكون وطنا قوميا لمجموعة تعرضت لحرب الابادة النازية مثل هذه الجرائم الانسانية المعروفة ضد الفلسطينيين·

إنه في هذه المنطقة التي تبني فيها أمير السلام قضية الفقراء والمظلومين ضد الأثرياء والأقوياء والتي صلب لأجلها يحاول المتطرفون الاسرائيليون سحق أولئك الذين كان المسيح سيقف الى جانبهم لو كان لا يزال حياً·

وأنه لامر صحيح أن هناك فلسطينيين يتمسكون بالتمرد والعنف ويرفضون إدارة الخد الايسر لمن يضربهم على الخد الأيمن ولكن إسرائيل ظلت تلجأ الى ردود وحشية لمعاقبة أكثر من 80 في المائة من الفلسطينيين الذين يحنون الى السلم، ولسوء الحظ أن هناك بعض الأمريكيين الذين يعتبرون أنفسهم مسيحيين ويؤيدون مثل هذه الأعمال البربرية والتعسفية التي تقوم بها اسرائيل في المناطق الفلسطينية·

 

حرب إبادة

 

وإذا كان ثمة شك في تصميم رئيس الوزراء الجديد ايهود اولمرت على مواصلة حرب الابادة ضد الفلسطينيين فقد محاها مؤخراً وقام بتعميق محنتهم من خلال توغلاته العسكرية في قطاع غزة، وقال إنه يتوقع حملة واسعة ضد السلطة الفلسطينية وأن جميع الأهداف سيتم بحثها لهذه الحملة وكان لهذه التهديدات صداها المثير للقلق على المدنيين في غزة الذين لم تشف جراحهم من قمع الاحتلال بعد·

وقد شعرت بالحزن والأسف العميقين حين رأيت الدخان ينطلق مؤخراً من غزة حين قصفت الطائرات الاسرائيلية محطات الكهرباء وبدأت أتخيل مشاعري لو كنت فلسطينيا أعيش هناك·

وفي حين أنني أؤمن بالحلول السلمية إلا أنني أقبل بحق الأفراد أو المجموعات في الدفاع عن النفس، ولكن عدداً من المؤسسات الدعائية "ولا أقول الإعلامية" والتي تتولى التفكير والتحليل نيابة عنا تعمل على تضليل الكثير من الامريكيين للاعتقاد بأن العمليات العسكرية والاجراءات الاقتصادية التي تقوم بها الولايات المتحدة  وحلفاؤها والتي تفاقم معاناة المدنيين، هي إجراءات اخلاقية وقانونية، وفي وقت متزامن عملت هذه المؤسسات على برمجتنا كي نعتقد أنه إذا قام افراد من المجتمعات التي نحتلها بالتصدي لامبرياليتنا القمعية بما لديهم من وسائل عسكرية محدودة فإنهم يرتكبون اعمالا ارهابية أنني أرفض هذا التضليل أنني ادين العنف من الطرفين، لكني أقر أنه في بعض الحالات، من الضروري للضحايا ولا سيما ضحايا العنف الأمريكي والاسرائيلي، أن يلجأوا الى العنف من أجل الدفاع عن أنفسهم·

 

شركاء في الجريمة

 

على امتداد تاريخها قامت الولايات المتحدة بقتل واستعباد الملايين من البشر وشنت حرب ابادة ضد سكان البلاد الأصليين والآن، ضد العراقيين، فهل فعلت ذلك لأجل قضية عادلة ونبيلة الأهداف؟! إنها فقط من أجل الهيمنة الاقتصادية والعسكرية على العالم·

وما انفكت اسرائيل تشن حملة طويلة المدى ومتعددة الأوجه للقضاء على الفلسطينيين بمشاركة ورعاية الولايات المتحدة التي تتحمل مسؤولية متساوية مع اسرائيل على هذه الجرائم ضد الانسانية·

وبما أن الولايات المتحدة واسرائيل هما دولتان مارقتان وخارجتان على القانون الدولي وتمتلكان قوتين عسكريتين هائلتين جاءت ردود فعل المجتمع الدولي هزيلة، وهكذا بقي الفلسطينيون وحدهم في مواجهة حرب الإبادة هذه ولكن مهما قالت اسرائيل والولايات المتحدة وكل من يتحالف أو يتواطأ معهما، يبقى من حق حركة حماس أو "فتح" أو غيرهما من المجموعات الفلسطينية "الإرهابية" الحق في الدفاع عن النفس، وهو حق يكفله القانون الدولي·

وسيكون من الحكمة لو أصغى قادة اسرائيل والولايات المتحدة لكلمات البابا بول السادس: "إذا اردتم السلام فطبقوا العدالة" فظالما ظل الاسرائيليون يطبقون سياسات التطهير العرقي فسوف يواصل الفلسطينيون القتال من أجل البقاء ولن يلومهم في ذلك إنسان صادق وشريف على وجه البسيطة·

 

* كاتب ومحلل سياسي واجتماعي وعضو في منظمة العفو الدولية ومتضامن مع عدد من منظمات حقوق الإنسان الاسرائيلية والدولية مثل أوكسفام انترناشيونال وهيومان رايتس ووتش·

 

المصدر Global Research

طباعة  

صواريخ "حزب الله" و"حماس" أنهت هيمنة إسرائيل على الجو
الحرب الدائرة في لبنان وفلسطين تصوغ شكل الصراع الإقليمي لسنوات