رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 3 يوليو 2006
العدد 1735

غياب الزرقاوي وآفاق الاستقرار في العراق
لماذا أجهض البيت الأبيض ثلاث خطط سابقة لتصفية الزرقاوي؟

                            

 

·         مقتل الإرهابي الأردني - كما اعتقال صدام - لن يشكل نقطة تحول في التمرد العراقي

·       مات الزرقاوي لكن السلام والديمقراطية  والاستقرار في العراق تظل بعيدة المنال

·         اختراق الميليشيات لأجهزة الأمن العراقية أخطر من الزرقاوي

 

بقلم: ديفيد كورن:

موت الزرقاوي نبأ مفرح، وينبغي أن يكون كذلك لكل من يعيش في عالم متحضر، فهو إرهابي مسؤول عن قتل المدنيين بالقنابل أو بتقطيع الرؤوس·

لكن مقتله، بغارة جوية أمريكية، يبدو أن الأوامر صدرت بتنفيذها بعد إلقاء القبض على أحد مساعديه الذي كشف عن مكان اختبائه، قد لا يعني الكثير بالنسبة لتحقيق السلام والديمقراطية والاستقرار في العراق، فمجموعة "القاعدة في بلاد الرافدين" التي كان يتزعمها الزرقاوي لا يزيد عدد أفرادها عن بضع مئات من المقاتلين، أي أنها الشريحة الأصغر في التمرد العراقي، إن غيابه لن يكون له تأثير كبير على القوى التي تغذي القتال والفوضى في العراق، فعدد أفراد التمرد المدعوم من السنة يقدر بحوالي ثلاثمئة ألف مقاتل من أفراد الجيش العراقي السابق الذي حل في شهر مايو 2003، ولدى الميليشيات الشيعية الآلاف من المسلحين، وعلى الرغم من أن الزرقاوي كان زعيما شريرا ومسؤولا عن معظم أعمال الإرهاب الدراماتيكية، إلا أنه لم يشكل سوى الصورة الجانبية للمشهد العراقي الأوسع، لقد أبلغني ضابط في الاستخبارات العراقية مؤخرا أن المشكلة الأكبر في العراق ليست الزرقاوي ومجموعته من الجهاديين، بل الاختراقات للجيش وأجهزة الأمن العراقية، من قبل الميليشيات المختلفة·

فهذه المجموعات هي المسؤولة عن نشاطات فرق الإعدام "مثل الخطف والقتل"، التي روعت العراقيين، وعلى العكس مما يعتقده الكثيرون، يرى خبير الإرهاب في مؤسسة "راند" بروس هوفمان أن أكثر السعداء لمقتل الزرقاوي هما الرئيس جورج بوش ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، ثم يأتي بعدهما أسامة بن لادن ومساعده أيمن الظواهري، لأن منافسا قويا لهما غاب عن المسرح·

وبالنظر الى أن اعتقال صدام حسين في شهر ديسمبر 2003، لم يشكل نقطة تحول، كما كان يرى بعض المراقبين والمسؤولين الأمريكيين، ووصف الاعتقال آنذاك مدير وكالة المخابرات المركزية السابق جيمس وولسي بأنه "بداية النهاية"، لم يصر البيت الأبيض على أن موت الزرقاوي سيؤدي الى إحراز تقدم في العراق، بالضرورة، وأبدى الرئيس بوش واقعية معقولة حين تحدث عن الضربة الناجحة: "لقد مات الزرقاوي، لكن المهمة الضرورية والصعبة في العراق مستمرة، ونتوقع أن يواصل الإرهابيون والمتمردون هجماتهم بدونه، ونتوقع أن يستمر العنف"·

وأضاف الرئيس بوش أن "مقتل الزرقاوي يشكل ضربة موجعة لتنظيم القاعدة، إنه نصر في الحرب العالمية على الإرهاب"، لكنه لم يذكر أن غزوه للعراق هو الذي دفع الزرقاوي للتحالف مع بن لادن، فقبل الحرب، اعتبر خبراء الإرهاب الزرقاوي خصما لبن لادن وليس شريكا له، كما لم يذكر أن البيت الأبيض، قبل أربع سنوات، وقبل أن يصبح الزرقاوي رمزا كبيرا للإرهاب وقبل أن يصبح مسؤولا عن مقتل المئات "إن لم يكن الآلاف"، أحجم عن تصفية الزرقاوي حين كان قادرا على ذلك، في ذلك الوقت·

 

خطة محكمة

 

وفي شهر مارس 2004، أورد مراسل شبكة "إن· بي· سي" NBC NEWS جيم مكلاسويسكي، أن البيت الأبيض أسقط ثلاث مرات، مطالب للبنتاغون بمهاجمة الزرقاوي، الذي كان يعتقد آنذاك، أنه كان يدير مختبرا للأسلحة في شمال العراق، في منطقة لم تكن خاضعة لحكومة صدام حسين·

وكتب مكلاسويسكي يقول إن "الإدارة الأمريكية كانت تخشى من أن تدمير معسكر هذا الإرهابي في العراق يمكن أن يضعف حملتها للحرب على صدام"· ورأت إدارة بوش إبقاء الزرقاوي طليقا ليسهل لها ترويج الدعوة للحرب·

وهذه بعض مقتطفات تقرير كلاسويسكي: "علمت NBC NEWS أن إدارة بوش، قبل وقت طويل من شن الحرب على العراق، أتيحت لها الكثير من الفرص للقضاء على مجموعة الزرقاوي الإرهابية وقتله هو نفسه، لكنها لم تضغط على الزناد، ففي شهر يونيو 2002، أعد البنتاغون الخطط لمهاجمة معسكر الزرقاوي بصواريخ كروز وغارات جوية، وأرسل هذه الخطط الى البيت الأبيض، وذكرت مصادر الحكومة الأمريكية أنه تمت مناقشة هذه الخطط بشكل ساخن في مجلس الأمن القومي"·

وبعد ذلك بأربعة أشهر، أظهرت المخابرات الأمريكية أن الزرقاوي كان يخطط لاستخدام غاز الريسين في هجمات إرهابية ضد أهداف في أوروبا، وأعد البنتاغون خطة جديدة لضرب الزرقاوي فأجهضها البيت الأبيض أيضا، حيث كانت الإدارة في ذلك الوقت قد عقدت العزم على شن الحرب على العراق·

ووفقا لعضو مجلس الأمن القومي روجر كريسي أن "الاهتمام كان منصبا على بناء تحالف دولي لإطاحة صدام حسين، أكثر من تنفيذ سياسة الرئيس الخاصة بتوجيه ضربات استباقية ضد الإرهابيين"·

وأعد البنتاغون خطة ثالثة لمهاجمة الزرقاوي، ولكن مجلس الأمن القومي أحبطها أيضا، ويصر مسؤولون عسكريون أمريكيون على أن الخطة لمهاجمة معسكر الزرقاوي كانت محكمة لكن الإدارة خشيت أن تؤدي هذه العملية الى إضعاف حملتها للحرب ضد صدام·

ولم تهاجم الولايات المتحدة معسكر الزرقاوي في منطقة "كيرما" في شمال العراق في بداية الحرب، مما مكن الزرقاوي والكثير من أتباعه من الفرار والتواري عن الأنظار في مناطق عراقية أخرى·

لقد امتنعت إدارة بوش عن توجيه ضربة عسكرية للزرقاوي، لأنها كانت تريد غزو العراق، وهذا الغزو جعل الزرقاوي هدفا أكثر أهمية، وجعل منه سفاحا قويا، والآن، يلقى موته الترحيب من أوساط واسعة في العالم، لكن قد يتضح لنا - عما قريب - أن ثمة مبالغة في تصوير مدى تأثير هذا الإرهابي على مجرى الأحداث المأساوية في العراق·

مجلة: THE NATION

طباعة  

مقتل الزرقاوي قد يؤدي الى انشقاق التمرد أو تركيز الهجمات ضد أهداف عسكرية
لماذا يؤكد تنظيم القاعدة أن قائده الجديد في العراق عراقي وتصرّ الولايات المتحدة على أنه مصري؟!

 
القوات الأمريكية استغلت الزرقاوي غطاء لجرائمها في العراق