رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 10 مايو 2006
العدد 1727

قبل خسمين عاما في مثل هذا الشهر
قناة السويس تتحرر من القبضة الغربية

                                                                                

 

في الثامن من هذا الشهر، مايو، قبل خمسين عاما، أقدمت حكومة الثورة المصرية على إصدار قرار حاسم بتأميم قناة السويس، ذلك الشريان الحيوي للمواصلات بين الغرب والشرق، وبهذا القرار الذي أعلنه الرئيس جمال عبدالناصر شخصيا في خطاب شهير له، عادت قناة السويس الى أيدي أصحابها الشرعيين، وخرجت من حوزة مجموعة شركات غربية، فرنسية وإنجليزية ومالطية، وفتح تأميم القناة معركة لم تلبث أن دخلها البريطانيون والفرنسيون والإسرائيليون بقواتهم العسكرية بهدف إعادة احتلال القناة بالقوة، وأثارت هذه الحرب العدوانية أزمة دولية أطلق عليها أزمة قناة السويس، استنفرت فيها مصر مساندة قوية على نطاق شعبي واسع في الوطن العربي، وقطعت أنابيب البترول التي تملكها الشركات البريطانية، وسارع متطوعون عرب الى الجيش والشعب المصريين في الدفاع عن القناة ومحاصرة قوات الغزو التي تمكنت من اجتياح سيناء، والسيطرة على عدة مدن ساحلية مصرية، وحث الرئيس السورري آنذاك شكري القوتلي الاتحاد السوفياتي على التدخل لصالح العرب، والتوقف عن مجرد المساندة المعنوية، وبالفعل تحرك الاتحاد السوفياتي وأصدر والرئيس بولفانين آنذاك إنذارا قويا لقوات الغزو الإنجليزي - الفرنسي - الإسرائيلي، وهدد بضرب الأساطيل الغربية إن لم يتوقف العدوان وتنسحب القوات الغازية ومن جانبها سارعت أمريكا ممثلة بالرئيس أيزنهاور الى كبح جماح حلفائها، وإصدار الأوامر لإسرائيل بحسب قواتها من سيناء، وانتهى غزو مصر الذي حدث في ذروة تصاعد حركة التحرر العربية والعالمية، إلى هزيمة المعتدين هزيمة منكره، فقد على إثرها رئيس الوزراء البريطاني، "إيدن" والفرنسي "موليه" حياتهما السياسية، وبدأ انحسار قوى الاستعمار القديم الأنجلو - فرنسي عن الوطن العربي، بدءا بالعراق وأخيرا منطقة الخليج العربي·

كانت معركة قناة السويس في حقيقتها فصلا مهما من فصول التحرر العربي، وجاءت في سياق قرار مصر ثورة  23 يوليو تحقيق الاستقلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وكانت قد سبقت هذه المعركة محاولات غربية، شاركت فيها الولايات المتحدة لمنع تمويل المشروع الاستراتيجي المهم، مشروع بناء السد العالي في مصر الذي كان من المخطط إن يوفر لمصر قاعدة نهضة صناعية وزراعية غير مسبوقة تخرجها من عالم الإقطاع الزراعي القديم الذي رزحت تحته قرونا طويلا، ويمدها بأسباب جديدة للطاقة الكهربائية قادرة على تحريك صناعاتها الجديدة·

وكان قرار تأميم القناة هو الرد المناسب على الضغوط الغربية، لأنه وفر لمصر السيطرة على موردها المالي وعائداته التي كانت من نصيب الشركات الغربية وحملة أسهمها من إنجليز وفرنسيين وطليان ومالطيين، وقدم إسنادا مهما لمشروعاتها الإنمائىة، وعلى رأسها السد العالي·

طباعة