بيروت - خاص بالطليعة:
لم يعد القول بأن التدخل الأمريكي في الشؤون اللبنانية ينطلق من فراغ، وبخاصة بعد انخفاض وتيرة الحدة في الخطاب "الحربي" الذي أطلقته قوى 14 آذار (قوى الأغلبية الحكومية البرلمانية) في ساحة الحرية يوم 14 فبراير الماضي، إثر الاتصالات الأمريكية، وعلى رأسها الزيارة الخاطفة التي قامت بها وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليزا رايس، بزعماء قوى الأغلبية·
وظهر واضحاً أن التصعيد الذي بدأ يتفاوت حدة، يرتفع ويتناقص، إنما يجري على إيقاع القضايا الأكبر التي تشغل الحكومة الأمريكية، لا على إيقاع زعماء الأحزاب والطوائف اللبنانية، فقد أصبحت قضية البحث عن الحقيقة في اغتيال الحريري تحتل مرتبة ثانوية، كما تراجعت حدة الهجوم على سورية، كما لوحظ أن المبادرات العربية، التي وصلت والتي لم تصل بعد، على حد سواء، قد توقفت فجأة، وتحولت المعركة ضد الرئيس اللبناني إميل لحود الى قضية فيها نظر، بعد أن كانت معركة حياة أو موت بالنسبة للأغلبية الحاكمة، وبدأت تتسرب معلومات عن أن الأطراف التي وضعت شروطها أمام دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى طاولة حوار بين الكتل البرلمانية، تتجه نحو الذهاب الى الطاولة!
من المعتقد الآن، وفي أوسع الأوساط الشعبية، أن محور عون - نصر الله بدأ يستعيد جزءا من مكانته في الساحة اللبنانية· وفي ظل تساؤل الأوساط الشعبية عما فعلته حكومة الأغلبية بشأن التدهور الاقتصادي والاجتماعي والانفلات الأمني بين فترة وأخرى، بدأت القضايا المرفوعة كشعارات، سواء كانت إثارة العداء ضد سلاح المقاومة أو ضد سورية أو ضد ميشيل عون، بالانحسار·
التراجع الأمريكي في الساحة اللبنانية ليس مؤشرا على أولوية ساحات أخرى فقط، بل على تعقيد الوضعية اللبنانية التي لم يعد ينفع معها تعاطي الإدارة الأمريكية عبر المنظور الإسرائيلي الضيق، ولا تعاطيها مع قضايا المنطقة بالأسلوب ذاته، لقد سمحت كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية، لنفسها بالانجرار الى معركة واسعة ضد قوى عديدة في المنطقة، فهل ثمة إعادة تقدير تأخذ الآن مجراها في دهاليز صناع القرار الأمريكي؟!