رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 محرم 1427هـ - 8 فبراير 2006
العدد 1714

فوز حماس فرصة لتحقيق السلام علينا عدم السماح لإسرائيل بإهدارها

بقلم: ويل هاتون

إنها لحظة حاسمة للشرق الأوسط· وقد تتحول حركة حماس الى نظير إسلامي للمؤتمر الوطني الإفريقي والشين فين، وتتفاوض مع إسرائيل من أجل صنع السلام، أو أن انتصارها في الانتخابات التشريعية الفلسطينية سيمثل مرحلة جديدة من العنف واليأس الإرهاب· إن الأصولية الإسلامية وإيديولوجية التفجيرات الانتحارية والإحساس بالظلم لدى الفلسطينيين تمثل مزيجا مميتا تعتبر حركة حماس التعبير الأكثر وضوحا عنه· ولعله من المستحيل الافتراض بأن حركة حماس يمكنها أن تتخلى عن الالتزام بتحرير كامل فلسطين أو عن مقاومة المطالب الصهيونية حتى النهاية، والآن، وبعد أن حصلت الحركة على التفويض من الناخبين، فربما لا يتوقع المرء سوى العنف طريقا مسدودا على الصعيد السياسي· ولكن يمكنني المجازفة وتوقع الأفضل وبأن "حماس" سوف تحاول الابتعاد عن الإرهاب· فلأنها حصلت على هذا الموقع المتقدم في نظر الفلسطينيين من خلال دورها الذي لا مساومة فيه أثناء الانتفاضة الأولى والثانية، فإن عليها أن تفعل شىئا في هذا الرصيد السياسي الذي اكتسبته·

فقد كان قرارها المشاركة في الانتخابات التشريعية وفقا لعملية أوسلو، تغيرا بحد ذاته· لقد كانت حركة حماس دائما حركة سياسية بقدر ما هي دينية، والآن، وبعد فوزها في الانتخابات، فقد أصبحت أسيرة دينامية سياسية وليست إرهابية·

 

حزب الأغلبية

 

لقد عبرت الحركة يوم الجمعة الماضية الخط بعد أن أصبحت تمثل حزب الأغلبية، وفجأة، لم يعد قادة حماس وحدهم هم الذين يقررون، أن الإرهاب أمر مبرّر، بل عليهم تبريره داخل البرلمان وأمام الرأي العام الفلسطيني الأوسع· فالاحتلال قد يستمر، ولكن الموقف السياسي لحركة المقاومة الرئيسية قد تغيّر·

وتتمثل مشكلة الإرهابيين عادة في أنهم يصنعون أنفسهم منذ البداية، خارج أي عملية قانونية أو ديمقراطية بناءة· فهم يقررون لأنفسهم أن العمل الإرهابي له ما يبرره· ولكن الإرهاب ليس حربا لأنه لا توجد خلفها عملية تبرير عام أو شرعية رسمية· كما أنه ليس عنفا سياسيا، لأن الأهداف التي يختارها تطال قتل وجرح أبرياء من غير المقاتلين·

إن عمليات الاغتيال أو تفجير هدف عسكري تمثل عنفا سياسيا، لا إرهابا· فلها مسوّغ وترمي الى تحقيق هدف سياسي، لكن تفجير أحد المطاعم أو المقاهي ليس كذلك· وهكذا، فإن غياب عملية قانونية أساسية والعشوائىة في انتقاء الهدف وقتل الأبرياء، هو ما يميّز العمل الإرهابي·

إن تبرير الإرهاب كمبدأ عام هو أمر غير ممكن· فهناك أعمال إرهابية ترمي الى تحقيق أهداف معينة مثل إنهاء سياسة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا·

ولكن ذلك لا يعدو كونه قبولا للسياسات الواقعية Realpolitik التي تعكس الطرف الذي نقف الى جانبه· إن مقاومة الفلسطينيين للاحتلال القاسي وعمليات مصادرة أراضيهم أمر مفهوم، ولكن ذلك لا يعني أن بوسع هذه المقاومة أن تحتمي بمبدأ أخلاقي عام يبرر الإرهاب· والإرهاب يظل إرهابا حتى لو كان يستهدف تصحيح خطأ عظيم، كالذي تفعله "حماس" مع الاحتلال الإسرائيلي· وإذا لم يعرض الإرهابي نواياه لشكل من أشكال الرقابة كالمشاركة أو التصويت من قبل الشعب الذي يعمل الإرهابي من أجله، يصبح ما يقوم به عمليات قتل·

 

الدافع الأخلاقي

 

ولهذا السبب كان النصر الانتخابي الذي أحرزته حركة حماس مهما· فلا يمكن للحركة التملص من حقيقة أن الدافع الأخلاقي لها وقد أصبحت حزب الأغلبية، لم يعد ذاتيا· ولم يعد بوسعها التخطيط لعملية انتحارية دون أن تعرض ما تخطط له أمام المساءلة الديمقراطية والعملية القانونية والرأي العام الفلسطيني الأوسع، أو أنها ستعرض نفسها للاتهام بأنها تمارس النفاق الأصولي· فالفلسطينيون قد يوافقون على ضرورة مقاومة إسرائيل بالعنف، ولكن ذلك سوف يصبح الآن إعلان حرب وليس عملا سريا من أعمال الإرهاب، وحماس لا ترغب بالحرب·

 

الخطأ الأسوأ

 

وهذه الحقيقة تفرض على حركة حماس تغيراً غير عادي· فقد أشار اثنان من قيادات الحركة البارزين أن ميثاقها الذي يدعو الى انسحاب إسرائيل الى ما قبل حدود عام 1948  يمكن تعديله· وقبلت الحركة بعدم فرض تطبيق الشريعة الإسلامية·

وبالإضافة الى ذلك، تمتلك فلسطين المؤسسات الوليدة لديمقراطية حقيقية، ففيها ثلاث صحف يومية تمتلك هامش الحرية الأوسع في العالم العربي، ولديها مجلس قضائي مستقل وملتزم بتطوير قضاء مستقل وتطبيق حكم القانون· ولديها نظام سياسي ذو قطبين وانتخابات حرة· ويتوجب على "حماس" أن تلعب ضمن هذا الإطار، فضلا عن إدراكها بأن حركة فتح ترغب في استعادة السلطة منها· ولذلك تجدد "حماس" نفسها في سباق مع الزمن من أجل إقامة نظام حكم صلب ونبذ الإرهاب والحفاظ على الهدنة ومحاولة التوصل الى تسوية طويلة المدى· والحقيقة السياسية المشجعة هي أن الحركة تفعل ذلك حتى الآن، مع كل الشرعية التي اكتسبتها داخل فلسطين·

إن أسوأ خطأ يمكن أن يرتكبه المجتمع الدولي هو رفض التعامل مع "حماس"· بل على العكس من ذلك، إن هذا هو الوقت المناسب لا لتزام الغرب أكثر من ذي قبل بدعم وتقوية البنية التحتية الديمقراطية ومؤسسات الرفاه في فلسطين· ولعله من السابق لأوانه الآن الحديث عن تقد في عملية السلام، لكن يمكن أن تثبت حركة حماس أنها شريك واعد في السلام لا تقل في ذلك عما كانت عليه حركة فتح وياسر عرفات ذات يوم·

والمفارقة هنا أن حركة حماس ما كانت لتنال فرصتها دون القناعة الأمريكية أن عبور مستنقع الشرق الأوسط لا يتأتي إلاّ بتعزيز الديمقراطية فيه·

وهذه العملية لا تقتصر على الانتخابات بل إنها لا تكتمل إلاّ بحرية الصحافة والمحاكم المستقلة والاتحادات المهنية وباحترام رغبة جمهور الناخبين·

ويتعين على حماس الآن، تبرير أفعالها أمام جمهور واع، ولا يمكن للإرهاب أن ينجح في هذا الاختبار الشعبي· ولكن الشعبية التي كسبتها الحركة لشجاعتها، ستتيح لها خيارات في الاستراتيجية السياسية لم تمتلكها حركة فتح على الإطلاق· ومهمة الغرب الآن هي التأكد من أن ذلك سوف يحدث وأن لا يدع إسرائيل تفوّت هذه الفرصة·

 

"عن: الأوبزرفر"

طباعة  

أفكار إسرائيلية قلقة من هرتزليا