رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 محرم 1427هـ - 8 فبراير 2006
العدد 1714

أفكار إسرائيلية قلقة من هرتزليا

                                                          

 

إما حكم إسرائيلي عنصري أو الانتحار!

 

جوناثان كوك:*

ستكرس الكثير من التحليلات طيلة الأيام المقبلة لأهمية انتخابات يوم الأربعاء الفلسطينية للمجلس التشريعي، وما تحمله من نذر بالنسبة لأزمة الشرق الأوسط· ولكن هذا المشهد الفريد، ودور حماس الرئيس فيه ألقى بالظلال على دراما أكثر أهمية كانت تدور في منطقة أبعد·

القليلون جدا علقوا على الأحداث التي تكشفت في "مؤتمر هرتزليا"، أكثر تجمع إسرائيلي سنوي لصناعة القرار أهمية· فقد تجمع في هذا الأسبوع سياسيون ورجال أعمال وجنرالات وأكاديميون وصحافيون في منتجع هرتزليا المقصور على الاجتماعات المغلقة، والقائم على شاطئ البحر بالقرب من "تل أبيب"، ليتبادلوا أفكارهم حول قضايا البلد المركزية كما عبر عنها عنوان المؤتمر التالي "ميزان الأمن القومي الإسرائيلي"·

إن هذه المناقشات والخطب التي تقوم على أساس المؤتمر السابق، تكشف عن اتجاه السياسة الإسرائيلية في السنة المقبلة أكثر مما تكشف عنه مناقشات الكنيست والاجتماعات الوزارية والمؤتمرات الصحافية مجتمعة·

مؤتمر هرتزليا الأول في ديسمبر من العام 2000، أطلق النغمة الرئيسية، فركز على مفتاح القلق الذي يواجه صناع القرار الإسرائيلي عشية انطلاق الانتفاضة في المناطق الفلسطينية· وصعد كبار السياسيين من اليسار واليمين، بدءا من شيمون بيريز ووصولا الى ارئيل شارون، الى خشبة المسرح، لا ليتحدثوا عن الاستراتيجية العسكرية، بل ليناقشوا "الشيطان الديمغرافي" (أي التكاثر السكاني الفلسطيني) الذي يهدد "الدولة اليهودية" بالانهيار·

ووضعت هذه المناقشة علامة على تغير في المد السياسي، لأن إسرائيل ظلت تضع طوال عقود تضع تمييزا حادا بين مجموعتين من السكان الفلسطينيين واقعتين تحت حكمها: "العرب - الإسرائيليون، الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية والذين انكرت عليهم الدولة هويتهم الفلسطينية دائما، وهناك فلسطينيو المناطق المحتلة· ومنذ انعقاد مؤتمر هرتزليا فصاعدا، تم التخلي عن هذه السياسة· وصار كل الفلسطينيين بين شواطئ البحر الأبيض المتوسط ونهر الأردن يجمعون معا في كتلة واحدة، ويصنفون بتعابير ديمغرافية، بوصفهم عرقا معاديا ساعيا الى تحقيق هيمنة عددية· وحذّر المتحدثون في هرتزليا من أنه إذا لم يكبح التزايد السكاني الفلسطيني، فإنه سيجبر إسرائيل إما على تبني حكم فصل عنصري أو على الانتحار القومي·

وفي أعقاب مؤتمر العام 2000 أصدر المنظمون تقريرا وضعوا فيه عدة توصيات لإبطال القنبلة الديمغرافية الموقوتة، مثل أنه يجب جلب المزيد من المهاجرين الى إسرائيل، ويجب سحب حقوق المواطنة من بعض العرب - الإسرائيليين، وعلى السلطة الفلسطينية أن تقبل "مقايضة الأراضي"، فتأخذ مناطق محاذية للضفة الغربية مأهولة بكثافة بالعرب - الإسرائيليين مقابل معظم المناطق التي بنيت فيها المستوطنات اليهودية·

وأكد على هذه الاستراتيجية الجديدة مؤتمر هرتزليا في شهر ديسمبر 2003، وفي ذلك المؤتمر كشف شارون عن خطته عن فك الارتباط الأحادي مع غزة، ذلك الشريط الرفيع من الأرض، إلا أنه مع ذلك كان إحدى المناطق التي فرضت أكثر التهديدات الديمغرافية مباشرة على إسرائيل·

وبالقطع مع 1,4 مليون فلسطيني في غزة وإبعادهم، اشترت الدولة اليهودية لنفسها مساحة من بضع سنوات تلتقط فيها أنفاسها· ولكن ضياع غزة لا يوفر إلا إنقاذا مؤقتا، فخلال هذا الأسبوع وفي جوقة غنائية (كورس) واحدة يبدو أنه تم إعدادها لإبقاء عيون وفود "هرتزليا" على الكرة، حذر أساتذة إسرائيل في مسائل الديموغرافيا "سرجيو ديلا برجولا" و"آرنون سوفير" من الانهيار الوشيك للدولة اليهودية إذا لم تتخذ إجراءات إضافية ضد "تهديد" معدلات ولادة الفلسطينيين·

ونصح "ديلا برجولا" بأنه حتى بعد الانسحاب من غزة، فإن لحظة التعادل العددي تقترب بسرعة: "إذا لم يأت التعادل الديمغرافي في العام 2010، فسيأتي في العام 2020" كما حذر على صفحات الجريدة اليومية الليبرالية "هآرتس"· وفي الوقت ذاته قال "سوفير" لقراء جريدة "يديعوت أحرونوت" الأكثر توزيعا، إن رئيس الوزراء بالوكالة "ايهود أولمرت"، والذي يعتقد على نطاق واسع أنه هو الذي جعل شارون يتبنى قضية فك الارتباط، كتب إليه قائلا: "لقد حان وقت التوقف عن التفكير بالتعابير النظرية، واتخاذ قرارات أخلاقية، وتقديم أجوبة تضمن لإسرائيل باستمرار وجود أغلبية يهودية واضحة وطاغية"·

وهذه كانت أيضا رسالة "أولمرت" في هذا الأسبوع في مؤتمر "هرتزليا"، حين ألقى خطابا افتتاحيا عشية الانتخابات الفلسطينية· إن هذا الذي ورث قيادة حزب "كاديما" الشاروني، ويتوقع أن يكون رئيس وزراء إسرائيل القادم، أقل تهيبا بكثير من سلفه في الحديث عن الالزامات الديمغرافية في قلب صناعة السياسة الإسرائيلية· وقد لمح الى أن فك ارتباط إضافي، وهذه المرة في الضفة الغربية، أصبح أمرا حتميا لا يمكن تجنبه· وقال إن إسرائيل كانت ماضية نحو إقامة "حدودها النهائية، وبذلك خلق دولة فلسطينية: "الخيار بين السماح لليهود في العيش في كل أجزاء أرض إسرائيل، وبين العيش في دولة ذات أغلبية يهودية يستلزم التخلي عن أجزاء من أرض إسرائيل· لا يمكننا مواصلة السيطرة على أجزاء من المناطق التي تعيش فيه أغلبية الفلسطينيين"·

إذن، ما هو نوع "الدولة" التي ينوي "أولمرت" ومنافسوه في الانتخابات (ومعظمهم سينتهي بهم المطاف الى التجمع في حكومة تحالف بعد الانتخابات الإسرائيلية العامة في 28 مارس) عرضها على الفلسطينيين من أجل خلاص دولتهم اليهودية وأغلبيتها اليهودية؟

مؤتمر "هرتزليا"، وللمرة الثانية يقدم علامات دالة· فقد أصر المتحدثون، بدءا من عمير بيرتس (زعيم حزب العمل) ومرورا بشاؤول موفاز، ووصولا الى تزيبي لفني (الليكودية البارزة التي انضمت الى كاديما) أنه ستعطى للفلسطينيين دولة على أي شيء يتبقى بعد أن تبتلع إسرائيل الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية، وتضمها الى "الجانب" الإسرائيلي من الجدار· وكلهم متفقون على أن دولة مثل هذه لن تتضمن بالتأكيد شرقي القدس، أي الجانب الفلسطيني من المدينة الذي ضمته إسرائيل بطريقة غير شرعية بعد حرب العام 1967·

بل حتى بنيامين نتنياهو (زعيم بقايا الليكود وخصم فك الارتباط الشاروني) أطلق أولوياته في "هرتزليا"، بزيادة مد الجدار عميقا في الضفة الغربية لضم المزيد من الأراضي المفترض أن تحدد من جانب واحد شكل دولة فلسطينية مستقبلية·

القادة الإسرائيليون متفقون على أنه ستظهر دولة فلسطينية الى الوجود ناقصة عاصمتها الوحيدة الممكنة، أي شرقي القدس، ومضغوطة ضمن سلسلة من الجيوب وراء "حاجز أمني"· فإذا رفضت إسرائيل أيضا، وهو ما يبدو محتملا، السماح بأي صلة بين الضفة الغربية وغزة، فسيكون العمل على تدمير وحدة الشعب الفلسطيني، وتدمير أية فرصة لقيام دولة فلسطينية ذات معنى قد اكتمل· ولكن سيكون قد تم الحفاظ على الدولة اليهودية·

لقد برهنت ست سنوات من مؤتمرات "هرتزليا"، على أن مفاوضات السلام حول قيام دولة فلسطينية لم تكن أبدا موضع اهتمام القيادة الإسرائيلية· لقد عقدت الدولة اليهودية العزم وحصرت تفكيرها منذ زمن طويل في ما هو الأفضل لحماية مصالحها·

 

* مؤلف كتاب "الدم والدين: كشف قناع الدولة اليهودية والديمقراطية"

(ديلي ستار - 27/1/2006)

 

* * *

 

إيهود أولمرت في مؤتمر هرتزليا:

حقنا هو في كل أرض إسرائيل.. ولن ننساه لحظة واحدة!

 

·         القدس لنا والكتل الاستيطانية في الضفة  الغربية، وللفلسطينيين ما يبقى وراء الجدار

·         الكثافة السكانية الفلسطينية هي التي تلزمنا  فقط بالتخلي عن أجزاء من أرض إسرائيل!

 

انعقد ما بين 21 - 24/1/2006 مؤتمر هرتزليا الصهيوني السنوي، وهو المؤتمر الذي قام إثر الانتفاضة الفلسطينية، انتفاضة الأقصى في العام 2000، وأصبح تقليدا إسرائيليا يلتقي فيه قادة إسرائيل من سياسيين وعسكريين وصحافيين وباحثين لمناقشة وضعية إسرائيل بالعلاقة مع قضاياها الداخلية، ومع صراعها مع الفلسطينيين والعرب، وعلاقاتها الإقليمية والدولية، وبخاصة مع الاتحاد الأوروبي والدول الآسيوية، وصولا الى وضع السياسات العسكرية والإعلامية والاقتصادية والاجتماعية لإسرائيل ومواجهة المستجدات الإقليمية والدولية·

في مؤتمر هذا العام، كما في المؤتمر المنطلق في العام 2000، ظل محور النقاش حول كيفية مواجهة "التزايد السكاني" الفلسطيني، وحصار المقاومة الفلسطينية وفرض الشروط الإسرائيلية على الفلسطينيين وسلطتهم بما يضمن المصالح الإسرائيلية فقط· خطاب رئيس الوزراء بالوكالة "إيهود أولمرت" الذي نترجم الأجزاء المهمة منه هنا في مؤتمر هرتزليا بالغ الوضوح، ويعكس بالفعل ما تفكر به إسرائيل، ويلقي الضوء على ما يعنيه "السلام" بالنسبة إلى هذه الدولة، وما تعنيه "خريطة الطريق"، وما يعنيه تعبير "دولة فلسطينية":

لا شك بأن أكثر الخطوات التي نواجهها أهمية ودرامية هي تحديد حدود دائمة لدولة إسرائيل، لضمان وجود أغلبية يهودية في البلد·

لقد عرف "زيف جابوتنسكي" أهمية الأغلبية اليهودية بنفاذ بصيرة قاطعة كما هي طريقته: "إن تعبير أمة يهودية" واضح وضوحا مطلقا: إنه يعني أغلبية يهودية· لقد بدأت الصهيونية من هذا، وهو أساس وجودها، وستواصل العمل على إنجازه وإلا فسيكون مصيرها الضياع"·

إن وجود أغلبية يهودية في دولة إسرائيل لا يمكن الحفاظ عليه مع مواصلة السيطرة على السكان الفلسطينيين في يهودا والسامرة وقطاع غزة· إننا نقف بثبات الى جانب الحق التاريخي لشعب إسرائيل في كل أرض إسرائيل· فكل تل في السامرة وكل واد في يهودا هو جزء من وطننا التاريخي· نحن لا ننسى هذا، ولو للحظة واحدة، ولكن الخيار بين الرغبة في السماح لكل يهودي بالعيش في أي مكان في أرض إسرائيل، وبين وجود دولة إسرائيل كبلد يهودي، يرتب التخلي عن أجزاء من أرض إسرائيل· وهذا ليس تخليا عن الفكرة الصهيونية، بل هو تجسيد جوهري للهدف الصهيوني: ضمان الوجود لدولة يهودية وديمقراطية في أرض إسرائيل·

ومن أجل ضمان الوجود لوطن يهودي قومي، لن نكون قادرين على مواصلة حكم مناطق تعيش فيها أغلبية من السكان الفلسطينيين· يجب أن نخلق حدودا واضحة قدر الإمكان، حدودا ستعكس الواقع الديموغرافي على الأرض· وستحافظ إسرائيل على سيطرتها على المناطق الأمنية وكتل المستوطنات اليهودية وتلك الأماكن ذات الأهمية الوطنية العليا للشعب اليهودي، وفي المقام الأول يروشاليم موحدة تحت السيادة الإسرائيلية· فلا يمكن أن تكون هناك دولة يهودية، من دون العاصمة يروشاليم في مركزها·

إن هذا هو المسار الذي أعلنه رئيس الوزراء شاون قبل بضع سنوات، وقد عملنا، نحن الذين كنا شركاءه في تشكيل هذا المسار، معه لإنشاء حركة جماهيرية جديدة ستحدد مسارنا في السنوات القادمة، وتدفع إسرائيل الى الأمام·

إن وجود أمتين، إحداهما يهودية والأخرى فلسطينية، هو الحل الكامل لكل طموحات كلا الشعبين ومشكلاتهما القومية، بما في ذلك قضية اللاجئين الذين سيتم استيعابهم حصرا في دولة فلسطينية· لن نسمح بدخول اللاجئين الفلسطينيين الى دولة إسرائيل، هذا هو موقفنا الواضح الذي يدعمه الموقف الأمريكي الجلي الذي تم التعبير عنه في رسالة رئيس الولايات المتحدة في شهر أبريل 2004 الى رئيس الوزراء· والطريقة الوحيدة للوصول الى هذا الهدف هو التطبيق الكامل لخريطة الطريق، ورؤية الرئيس بوش في حزيران 2002·

خريطة الطريق تقوم على فكرة بسيطة وعادلة: إذا تخلى الفلسطينيون عن طريق الإرهاب وأوقفوا حربهم على مواطني إسرائيل، يمكن لهم أن يحظوا باستقلال قومي في دولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة، حتى قبل حل كل القضايا المعقدة المرتبطة باتفاقية نهائية· كل هذه القضايا ستحل لاحقا خلال المفاوضات بين البلدين بالطريقة المقبولة التي تحل بها البلدان خلافاتها·· لقد ألزم الفلسطينيون برئاسة محمود عباس، أنفسهم بتطبيق سلسلة من الخطوات الملموسة التي ستلغي القدرة على تهديد إسرائيل والعملية السياسية بالإرهاب· ومن بين هذه الخطوات تفكيك كل المنظمات الإرهابية بدءا من حماس، ومصادرة الأسلحة غير الشرعية، وفرض القانون والنظام في منطقتهم، وتطبيق إصلاحات حكومية وأمنية ومالية، وإنهاء التحريض وتعليم كراهية إسرائيل·

خريطة الطريق تحدد أنه فقط بعد كل استكمال كل هذه الخطوات، سيكون لهم مكانة الاستقلال القومي وحقوق والتزامات متساوية في المجتمع الدولي، وهذا ليس مطلبا إسرائيليا فقط، بل مطلب دولي عام· فهو مطلب بلدان الاتحاد الأوروبي وروسيا بقيادة الولايات المتحدة، ومطلب الأمم المتحدة والدول العربية المعتدلة وعلى رأسها مصر والأردن·

وستواصل إسرائيل، ووراءها دعم دولي واسع، المطالبة بتنفيذ كل مراحل خريطة الطريق· فإذا واصل الفلسطينيون التملص من التزاماتهم، فلدينا القدرة على الدفاع عن إسرائيل والضرب ردا على الإرهاب وعلى أولئك الذين يقومون به، كما نفعل حتى اليوم، بل حتى بكثافة أشد· إن الحرب الصعبة على الإرهاب لم تتوقف ، ولن تتوقف ما دام هناك تهديد لأمن مواطني إسرائيل، وسيكون ردنا على الإرهاب تسريع بناء السياج الأمني جنبا الى جنب مع تحسين قدرات جيش الدفاع الإسرائيلي والقوى الأمنية الأخرى، وتوسيع مدى حرية تحرك إسرائيل أيضا·

 

* * *

 

وزيرة الخارجية الإسرائيلية:

ماذا لو وضع قرار التقسيم على طاولة الأمم المتحدة؟

 

 

 

·    دولة فلسطينية  في ما تبقى بعد الكتل الاستيطانية وابتلاع القدس مقابل تصفية قضية اللاجئين

 

هذه مقتطفات تلخص جوهر رؤية وزارة الخارجية الإسرائيلية كما طرحتها الوزيرة ليفني في مؤتمر هرتزليا في 24/1/2006، لمشكلة إسرائيل الحالية، والتي يقف اللاجئون الفلسطينيون في قلبها· وتوضح الكلمة خطوطا أساسيا لما رسمته إسرائيل وترسمه من تصفية لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين على أساس التزام دولة "الغيتوات" المقترحة في ما سيتبقى من أراض في الضفة الغربية، والتي ستحمل اسم "دولة فلسطينية" باستيعابهم فيها حصرا· وهذا شرط أساس من شروط سماح إسرائيل بقيام هكذا "دولة"، بالإضافة الى شروط القضاء على قوى المقاومة الفلسطينية وبتجريدها من أسلحتها، وتفكيك تنظيماتها:

هنالك هدفان يمكن إيجازهما كما يلي: الأول موضوعه الحاجة الى الحفاظ على الوجود اليهودي في أرض إسرائيل، والثاني موضوعه وجود دولة ديمقراطية ذات سيادة في أرض إسرائيل· وتقود طبيعة هذين الهدفين الى نتيجتين مختلفتين· الوجود المادي هو في المقام الأول قضية أمنية· ووجود دولة ديمقراطية يفرض الحاجة الى الحفاظ على أغلبية يهودية، والتضحية كما هي الحال الآن، بجزء من أرض إسرائيل· وتفرض حماية وجود دولة من هذا النوع إنشاء دولة أخرى للشعب الفلسطيني·

هنالك اختلاف في تقديراتنا، ويجب أن نسأل إن كان الزمن يعمل لصالحنا أم لا· لمن يريد ضمان وجود الدولة اليهودية، كل يوم يمر يعد انتصارا، فمن وجهة نظره الزمن يعمل لصالحنا، ومن منظور ذلك الذي يستهدف الحفاظ على وجود دولة يهودية وديمقراطية، فإن الزمن يعمل ضدنا، والتزامنا هو أن نجد حلولا في الوقت الذي نحافظ فيه على طريقة حياتنا في دولة آمنة· والزمن يعمل ضدنا من منظور المجتمع اليهودي الدولي أيضا، فمسارنا يتآكل بمرور الزمن، واليوم يبدو كما لو أن نظرة العالم لا تساند وجود إسرائيل كدولة قومية يهودية· فإذا لم يقتنع بعضنا بدولتين لأمتين، في وقت تحضر فيه هذه الفكرة على الأجندة الدولية، فسيكون الوقت متأخرا· علينا أن نسأل ماذا سيحدث اليوم لو أن قرار 29 نوفمبر وضع على طاولة الأمم المتحدة· (قرار تقسيم فلسطين في العام 1947)· قد يحدث اختلال آخر في المسار كنتيجة لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، ليس لاجئي العام 1967 فقط، بل ولاجئي العام 1948، بوصفهم عنصرا في حل دائم· فمثلما تحتضن الدولة (إسرائيل) كل يهودي يريد أن يأتي إليها، هناك حاجة أن يتم الأمر نفسه في مفهوم الدولة الفلسطينية· وإذا تركنا هذه القضية مفتوحة، فإننا ندمر أنفسنا على المدى الطويل وسنفقد رؤية هدفنا: دولة إسرائيل كدولة قومية·

إن أول صيغة هناك حاجة الى قبولها هو دولة مقابل قضايا اللاجئين· إن دولتين قوميتين تنهيان قضية اللاجئين· وكل من لم يصرح بهذا علنا حتى الآن يحتاج الى التصريح به، لأننا بحاجة الى القول "نعم" لدولة قومية فلسطينية·

الجانب الثاني يتعامل مع المسؤولية والحاجة الى ضمان أنه لن يكون هناك تهديد وجودي مادي لدولة إسرائيل· علينا أن نضمن أن عملية السلام لن ينتج عنها وجود دولة إرهابية· لقد حددت خريطة الطريق التي أنشأت إمكانيات سياسية دولة قومية كهدف نهائي، ولكن العملية تنقسم الى مرحلتين· المرحلة الأولى كانت الالتزام بتفكيك المنظمات الإرهابية والدمقرطة· وحاليا هناك انتخابات في السلطة الفلسطينية، وهكذا هنالك ديمقراطية على ما يبدو، هذه ليست هي القضية، وأستطيع مواجهة كل من يشير بإصبع الاتهام الى الاهتمام الإسرائيلي بالسلطة الفلسطينية، إن نتائج الانتخابات لن تؤثر فقط على هذه السلطة، بل وستؤثر على إسرائيل أيضا· ولا يمكننا إلا مواجهة هذا· إن طبيعة الدمقرطة وفق الديمقراطية كما هي في النموذج الأوروبي لا تسمح بمشاركة أحزاب منخرطة بالإرهاب، سواء أن تنتخب أو تخوض الانتخابات البرلمانية، وطلبي من أوروبا هو أن تطبق قواعدها على منطقتنا أيضا· لقد كانت هناك فرصة لوضع كل فريق أمام خيار التخلي عن طرقه الإرهابية· ولكن أبو مازن قال إن تطبيق هذه المعايير ليس مسموحا لنا، وهكذا انعكس الترتيب، اسمحوا بالانتخابات، كي يكون البرلمان قادرا على إقرار مثل هذا التشريع· إنني أقول هذا الآن لأن المجتمع الدولي يرى في انتخابات السلطة الفلسطينية انتخابات مشروطة، ويرى فيها الفرصة لمحاربة النشاط الإرهابي من الداخل·

وافترض أنه في المرحلة التالية للانتخابات، علينا أن نطلب تمسكا بهذه الالتزامات، ستكون هناك محاولة للقول "ولماذا لا"· بالتأكيد سنبدأ بسماع أصوات تدعي أن عليك أن تجيئ الى البرلمان مسلحا ولكن ليس الى الوزارة، أو سيدعون أنه من الممكن الحفاظ على وضعية بسلاحين، أو تمويه الإرهاب بأساليب مختلفة· وقد لاحظنا أن الأفكار التي جاء بها "جيمي كارتر" نصت على أن مشاركة حماس في الانتخابات تدمر شرعية الانتخابات·

لئن كنت قد تحدثت عن الصيغة الأولى لدولة ولاجئين، فالصيغة الثانية هي الحدود والمستوطنات، حين تقام الحدود ستكون إسرائيل بوضوح في جانب،  والمستوطنات في الجانب الآخر· وأنا لا أضع يروشاليم في الصورة، فهذا أمر سيناقش في المستقبل· إن نطاق عملنا واهتمامنا في المقام الأول هو أمن إسرائيل، والحفاظ على المواقع اليهودية، تحت سيادة إسرائيل، مثل يروشاليم· والحفاظ على الكتل الاستيطانية·

طباعة  

فوز حماس فرصة لتحقيق السلام علينا عدم السماح لإسرائيل بإهدارها