كتب مظفر عبدالله:
هو التكريم الثاني الذي حصل عليه د·غانم النجار، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت في أقل من شهر بمناسبة اختياره عضوا في لجنة الخبراء الدوليين المعنيين بحقوق الإنسان في منظمة الأمم المتحدة· فبعد التكريم الأول الذي أقامته 16 جمعية نفع عام قادتها الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان في جمعية الخريجين، وتصادف مع الاحتفال الدولي بصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ها هي جمعية أعضاء هيئة التدريس وبالتعاون مع النادي السياسي لطلبة العلوم السياسية في جامعة الكويت تقيم الحفل التكريمي الثاني للدكتور النجار وبرعاية وزير الخارجية د·محمد الصباح والذي كان يوما عضو هيئة تدريس في الجامعة·
وقد ذكر رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس د·عجيل الظاهر في كلمته الحضور بالنفس التطوعي الذي تميز به د·النجار دائما في خدمة القضايا الأكاديمية في الجامعة والذي امتد خارج أسوارها ليكون متطوعا من الطراز الأول في الحقل الإنساني ليحصد اليوم ثمرة هذا العمل المتواصل ليكون خبيرا في أرفع وأكبر منظمة في العالم وهي الأمم المتحدة·
كلمة مدير جامعة الكويت د·نادر الجلال والذي أناب عنه د·يعقوب الكندري أبرزت الصفات الشخصية والعملية للمحتفى به، وأكدت على التزامه بالقيم الرفيعة والنشاط غير المتوقع في خدمة الجوانب الأكاديمية في جامعة الكويت، وكذلك قضايا حقوق الإنسان التي جاءت بعد ممارسة وخبرة طويلة أهلته ليكون في مصاف خبراء الأمم المتحدة·
أما كلمة رئيس النادي السياسي وممثل طلبة العلوم السياسية خالد المطوع فكانت على قصرها مؤثرة وذات معنى، حيث كشفت للحضور طبيعة تعامل د·النجار مع طلبته والتي تعتمد على التقدير والرعاية الكبيرة من دون إغفال عنصر المثابرة الشخصية للطالب في البحث والتعلم الذاتي، حيث قال الطالب المطوع إنه يتذكر كم مرة "إنزف" من د·النجار وأنه لو قدر له بعد التخرج أن يرجع إلى قاعة المحاضرات لاختار أن ينهل ويتعلم من خبرة أستاذه وعلمه·
بعد ذلك جاءت كلمة المحتفى به د·النجار، وهو نادرا مايلقي كلمات مكتوبة، ويعتمد على الارتجال الجاذب للحضور فكما أثر وتأثر في الحضور الذي جاء لحفل جمعيات النفع العام كان الحال كذلك في حفل تكريم الجامعة· وقد روى قصة وثبت موقفا من حدث قريب·
أما القصة فكانت ما رواه الشيخ سالم الصباح عن أبيه أمير دولة الكويت السابق الشيخ صباح السالم يرحمه الله مع رئيس جمهورية الباكستان الأسبق ضياء الحق والذي صدرت أحكام في عهده بإعدام خصمه ذو الفقار علي بوتو، وكان - كما يروي الشيخ سالم في إحدى الندوات التي أدارها د·النجار في كلية التجارة بالعديلية أوائل التسعينات كان أمير دولة الكويت الشيخ صباح السالم قد نصحه بعدم تنفيذ الحكم قائلا له بأن العنف لا يولد إلا العنف، وقد حدث وأن قتل ضياء الحق لاحقا في حادث طائرة شهير· والشاهد في رواية هذه القصة التي قال النجار إنه سمعها وعلم بها لأول مرة في تلك الندوة، هو رغبته في تأكيد نبذ العنف خاصة في التعامل السياسي حيث ربط هذه الرواية بصدور حكم محكمة الجنايات الأسبوع الماضي على 37 شخصا متهمون بالقيام بأعمال إرهابية والانخراط فيما يسمى بتنظيم "أسود الجزيرة" المرتبط بتنظيم القاعدة وقال: "أنا حزين لصدور أحكام بالإعدام"، لأن للكويت إرثا وتاريخا من التسامح وقبولا الآخر وليس هناك من دليل أكبر وأبلغ تأثيرا من عدم استمرارية الحكم العرفي في البلاد لأكثر من 4 شهور بعد تحريرها من الغزو العراقي الذي شطبها من الوجود قرابة 7 شهور، فيما دول أخرى لم تتعرض لما تعرضت له الكويت من طمس للهوية ولا تزال تدير أمورها بحكم الطواري لعقود من الزمن!
د·النجار كان له مرور سريع وخاطف لبعض الفعاليات الدولية في كلمته أعطى من خلالها الجمهور العبر والدروس، فأن يقوم 420 محاميا أمريكيا بالدفاع عن نزلاء ينتمون لـ27 جنسية في معتقل غوانتنامو - والذي وصفه بسبة في جبين العالم وليس الولايات المتحدة الأمريكية فقط - فهذا يدعو للتأمل في كيف يقوم من يسميهم البعض بـ"الكفرة" في الدفاع عن "الأصوليين" المسلمين·
وكيف كانت نتائج مشاركته في مؤتمر خاص بمناهضة التعذيب ونحن في عام 2005 حيث كان "يفترض" أن هذا الموضوع قد توارى واختزل في أروقة بعض الأنظمة المهترئة في دول العالم الثالث·· لكنها الكارثة "على حد قوله"·· الكارثة أن نناقش التعذيب في زمن تعلو فيه برامج وسياسات التنمية وتطوير ودعم حقوق الإنسان الثقافية والتعليمية·
وفي ختام حديثه قال - وكأنه يريد إشعال الهمم - إن عملي في الأمم المتحدة في الفترة الأخيرة يصب في اتجاه تطوير آليات الحفاظ على حقوق الإنسان من خلال المفوضية المختصة بذلك، والهدف هو الوصول إلى التحدي الأكبر وهو كيف يمكن الانتصار للإنسان الضعيف وهو ما اعتبره تحديا تحفه المخاطر·
وزير الخارجية د·محمد الصباح الذي رعى الحفل أثاره الحماس وقرر المشاركة في كلمة ارتجالية رغم قوله إنه "لم يكن مقررا لي إلقاء كلمة" لكن تأثره بكلمة "أبوصقر" دفعته للحديث حيث قال إن حضوره إلى الحرم الجامعي جاء بدافع من مقولة "وقل ربي زدني علما" واعتبر أن لقاءاته المتفرقة بالدكتور النجار كانت دائما مفيدة فهو شخصية متطورة ومتجددة وأنه سينقل ما سمعه هذه الليلة إلى أبنائه·
د·الصباح ذكر الحضور بعدد من الشخصيات الكويتية التي تبوأت مناصب وجوائز دولية وإقليمية في العام 2005، واعتبر ذلك مصدر فخر واعتزاز وسمي هذا العام عام "أبناء الكويت" وأشار إلى كل من يوسف الحجي وحصوله على جائزة الملك فيصل للأعمال الخيرية، ومحمد الصقر عضو مجلس الأمة وحصوله على منصب رئيس البرلمان العربي، ود·عبدالله الهاشم الذي اختير أمينا عاما مساعدا لمجلس التعاون الخليجي، وعبدالله المنصور كأمين عام مساعد لجامعة الدول العربية·
وختم حديثه بالقول نبارك لأنفسنا قبل د·غانم بحصوله على هذا المنصب الرفيع·
وكانت فرقة التلفزيون قد قدمت عروضا تراثية مميزة ابتهاجا بهذا الحدث·