* إقحام النشر الإلكتروني في التعريف عبث لا طائل منه
كتب محرر الشؤون المحلية:
عادت النقاشات المستفيضة والندوات حول مشروع قانون المطبوعات الجديد الى الساحة مرة أخرى، فبعد أن تحرك جانب مهم كان يمثل عقبة رئيسية يتفق عليها الجميع متمثلة في فتح الباب أمام إصدار تراخيص جديدة، وجد المهتمون أنفسهم أمام تفاصيل القانون التي لا تقل أهمية عن تلك العقبة، ورغم ترحيبنا في "الطليعة" بقبول مجلس الوزراء التعديل الذي دفع به وزير الإعلام إلا أننا ذكرنا في كل مرة تناولنا فيها هذا الموضوع بجميع العقبات الأخرى بل فصلنا في مخاطرها·
التعديل الذي أقره مجلس الوزراء لا يشكل الطموح المتمثل في فتح تراخيص الصحف كحق يكفله الدستور لأنه اكتفى بتأكيد حق من يرفض طلبه بالتظلم أمام القضاء وهذا أيضا حق كفله الدستور، لكنه في القياس للقانون الحالي يمثل تعديلاً الى الأفضل لا أكثر، لكن مشروع القانون مليء بالثغرات التي ستبقى المطالبة في تعديله مستمرة، نذكر منها العقوبات المبالغ فيها والتي
سبق أن قلنا إنها تحيل رئيس تحرير الجريدة الى رقيب مسبق على زملائه المحررين خشية الوقوع في فخ المخالفات المالية المرهقة، يضاف الى ذلك الثغرة التي أبقت إمكانية محاكمة الصحافي بناء على قانون غير قانون المطبوعات مثل قانون الجزاء الذي تتعدى أحكامه الحبس الذي ألغاه مشروع قانون المطبوعات، فالمشروع أخرج عقوبة الحبس من الباب ليدخلها من الشباك وربما العكس أصح·
أما الإضافة الخطيرة التي تناولها المشروع فهي إقحام النشر الإلكتروني ضمن تعريف النشر، وهذا يمثل سابقة خطيرة ليس لكون النشر الإلكتروني مختلفاً في جميع جوانبه عن النشر التقليدي فقط بل لأننا سنكون أول دولة تعاقب من ينشر في الدول الأخرى فقط لكونه يسكن الكويت، فمن الذي أعطى أو سيعطي المشرع الحق في محاكمة كويتي أو شخص يسكن الكويت لنشره ما يخالف "القانون الكويتي" رغم أن المنشور مخزن في البرازيل على سبيل المثال؟ بل كيف سيحاكم غير الساكن في الكويت إذا ما تناول شأنا كويتيا وخالف القانون؟ هل سيوضع اسمه على الحدود بانتظار محاولة دخوله الكويت أم ستقوم الحكومة بتبليغ شرطة الإنتربول للقبض عليه وتسليمه للكويت؟ إن فكرة النشر الإلكتروني تمثل ثورة عالمية تفوق في مداها تأثير اكتشاف الكهرباء وربما الثورة الصناعية بأكملها، لهذا تمثل هذه الثورة عنصرا جديدا لا تزال أكثر الدول تقدما بل وتأثرا فيه غير قادرة على تحديد الأطر القانونية لمعالجة "المخالفين" وربما فكرت الدول القلقة من أمر النشر الإلكتروني للتفكير في أسلوب "عولمي" لمعالجة هذا الجانب، أما أن تشرع كل دولة قانونا أو جزءاً من قانون من دون معرفة الأبعاد الواقعية لإمكانية تطبيقه فهذا عبث لا أكثر·
يبقى أن بعض الأصوات التي علت مؤخرا ومؤخرا فقط للوقوف ضد القانون ربما يفسر دخولها على الخط خشيتها من التبعات الاقتصادية لفتح الباب على مزيد من الصحف ما قد يمثل خسارة في المداخيل الإعلانية وربما خسارة في الكوادر المهنية إذا ما زاد الطلب واستمر العرض على ما هو عليه·