* إذا استمر الوضع هكذا فـ"الحسم" سيكون لمن سيصرف أكثر
* تدخل الكويتيون في كل أزمة مرت بها الأسرة الحاكمة لمصلحة الكويت والأسرة معا
كتب محرر الشؤون السياسية:
لا تزال أصداء المحاضرة التي ألقاها الدكتور أحمد الخطيب تتردد في الأجواء السياسية سواء لدى جمهور الشباب الذي لبى الخطيب دعوتهم رغم كونه مقلاً في المشاركة المباشرة في مثل هذه الأنشطة السياسية، كما لا تزال الأصداء تنعكس على الأوساط السياسية الفاعلة بمن في أولئك أطراف من الأسرة الحاكمة رغم اختلافهم فيما بينهم، ويمكن تلخيص ردات أفعالهم بين الترحيب والقلق والانزعاج كل من موقعه وبناء على مصالحه·
أكلتم حين أكل الثور الأبيض، هذا مختصر تحذير الخطيب من استمرار العبث في الدستور· فالجميع خاسر في هذه الحالة، المجتمع يفقد استقراره وفرص التنمية لأجياله القادمة والأسرة الحاكمة تفقد سندها بعد أن حولت نفسها من أسرة راعية للمجتمع تلعب دور الأب لأبنائه إلى أسرة ينافس أفرادها المواطنون في كل شيء ويصطفون أطرافاً ضد هذا وذاك· بعبارة أخرى استبدلت الأسرة الحاكمة - بسبب صراعات أطرافها - مكانتها السامية كراعية للمجتمع الكويتي بمكانة عادية يمكن لأي كويتي توليها وربما بنجاح أكبر وأصبحت (الأسرة) كمن يترك الذهب لاهثاً وراء النحاس·
فقد كان حديث الدكتور الخطيب عن علاقة الكويتيين بالأسرة الحاكمة خاليا من المجاملة مركزاً على ثوابت التاريخ والعقد الاجتماعي الذي وثّقه الدستور ومن منطلق إيمانه الكامل بأن الدستور لم يأت لمصلحة الكويتيين على حساب الأسرة الحاكمة بل كان من مصلحة الطرفين، وبقراءة سريعة لأحداث المنطقة في أواخر الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الماضي يتمكن الإنسان من معرفة قيمة هذ الدستور الذي ثبت حكم الأسرة في وقت كانت أنظمة الحكم تتطاير يمنة ويسرة، فالدستور ثبت الأسرة من دون منازع وأسس بينها وبين الكويتيين علاقة يندر مثيلها في الوطن العربي بأكمله·
كما أن من يعود إلى أبعد قليلاً من ذلك سيجد أن الكويتيين تدخلوا عندما اختلفت الأسرة في العام1921 وأسسوا مجلس الشورى الذي بعث بكتاب إلى الأسرة سلم إلى الشيخ أحمد الجابر ينص على ضرورة أن تختار الأسرة واحداً من الثلاثة المتنافسين (الشيخ أحمد الجابر والشيخ عبدالله السالم والشيخ حمد المبارك) كما اشترط أعضاء المجلس على من تختاره الأسرة حاكما أن يحكم بالشورى وكان ذلك تذكيرا مكتوبا بالعقد الاجتماعي غير المكتوب· الكويتيون كما يقول الخطيب تدخلوا لما فيه مصلحة الأسرة في كل مرة اختلف أبناؤها حتى عندما أعلن الشيخ مبارك الصباح نفسه حاكماً بعد أن أزاح أخويه من الحكم بطريقة لم يقبلها الكويتيون تدخلوا في حينها ولم يقبلوا ذلك الأسلوب وعندما انفرد الشيخ مبارك في الحكم احتج التجار وهاجر ثلاثة منهم منذرين بهجرة المزيد الى أن أدرك الشيخ مبارك خطورة ذلك على الكويت فأرسل ابنه الشيخ سالم للتفاوض معهم وإعادتهم إلى وطنهم·
والدكتور الخطيب الذي عاصر الشيخ عبدالله السالم يعلم جيداً أهمية الدور الذي لعبه في ترسيخ الحكم الدستوري، بدأ بالمصالحة مع التجار والتشاور مع الكبار والشباب والسماح بإنشاء الأندية الثقافية بل وإصراره على سن قانون موقت بعد إلغاء اتفاقية1899 إلى حين تأسيس الدستور كما أقسم اليمين الدستورية أميراً بعد انتخاب أول مجلس أمة رغم كونه أميراً قبل إقرار الدستور لكنه فعل ذلك لترسيخ أسس الدولة الحديثة التي أصبحت الأسرة الحاكمة جزءاً أساسياً منها موثقا ضمن الدستور في مواد لا يمكن تعديلها·
تذكير الدكتور بعلاقة الكويتيين بأسرة الحكم لم يأت من فراغ بل من واقع مرير ومزعج يعلم مدى خطورته أبناء الأسرة قبل غيرهم، فالتناحر على الحكم و"وراثة الأحياء"، كما سماها رئيس الوزراء لم تنته وإن خفتت مظاهرها العلنية ولا تزال التفاصيل الأخطر لم يتفق عليها مثل استمرار الفصل بين ولاية العهد ورئاسة مجلس الوزراء ومشاركة وزراء وضعوا في لائحة الممنوعين من المشاركة منذ تولي الشيخ صباح رئاسة الوزراء بالأصالة، هذا الصراع إن استمر هكذا من دون حسم وبقيت الدوائر الانتخابية على حالها لن يفرز سوى مزيد من الصراع العلني حول من يشترى مقاعد برلمانية أكثر في المجلس القادم فمع توفر المال والاستعداد لإنفاقه من الطرفين ستتحول المعركة الانتخابية القادمة إلى ساحة منافسة شديدة تستعمل فيها جميع السبل القديمة والمبتكرة· السبب بالتأكيد يعود إلى دور المجلس المحوري في تحديد الشخصية التي تتولى ولاية العهد، فهناك آراء تدور حول ترشيح ثلاثة أسماء مرة واحدة لذلك المنصب بدلاً من البدء بترشيح شخصية واحدة ليختار منها أعضاء المجلس واحداً·
لذا فإن تحذير الدكتور الخطيب من مغبة استمرار الوضع من دون حسم مع استشراء الفساد المالي والسياسي في كل قطاعات المجتمع، سيؤدي بنظره ليس إلى ضياع المجتمع الكويتي بل ضياع هيبة أسرة الحكم وتفككها كذلك، وهذا مربوط في تصور الخطيب بالعبث الذي طال الدستور حتى أصبح حبراً على ورق بعد أن وصلت القوى المتنفذة في الحكم إلى إفراغ مجلس الأمة من دوره التشريعي فشرّعت قوانين مخالفة للدستور وأبطلت دوره الرقابي فعاثت في البلد فساداً وإفساداً·
الخطيب الذي آلمه هذا الوضع لم يجد بداً من توجيه رسالته إلى المجتمع الكويتي كله عبر جيل الشباب الذين يرى فيهم بصيص أمل رغم عزوف الكثيرين منهم عن الحياة العامة وغمر أنفسهم في تفاصيل الحياة الاستهلاكية من دون هدف واضح وبعد أن فقدوا سلاح التعليم الذي تحول إلى نظام لتفريخ حملة الشهادات وأرباع المتعلمين، هؤلاء الشباب الذين رغم كل هذا لا يزالون مدفوعين بنزعة الإصرار على الدخول في معترك الحياة العامة وأن يكون لهم دور في تغييرها هم الذين وضع الخطيب أمله وأمل جيله عليهم في محاربة الفساد وانتشال المجتمع الكويتي من قعر الانحدار على كل المستويات مؤكداً على أن الطريق الطويل للإصلاح يبدأ من دستور 1962 ويستمر بتطبيق مواده واحترامها، ويكون قد خرج عن الجادة عندما يبتعد عنه·
******************
تصريح باقر أثار لغطاً كبيراً
كيف "استرجعنا" أموال "الناقلات" والقضية لم تنته بعد؟!
كتب محرر الشؤون القضائية:
تصريح وزير العدل ووزير الدولة لشؤون البلدية حول استرداد الدولة جميع الأموال المسروقة في قضية الاختلاسات في شركة ناقلات النفط أحدثت التباسا لدى المتابعين للقضية وأثارت قلقهم·
فماذا يعني قول باقر بأننا استرجعنا أموال الناقلات، هل يفهم من ذلك تمهيدا لإغلاق الملف المحال الى القضاء في الكويت وفي المملكة المتحدة البريطانية؟ وقد صدرت أحكام نهائية فيها في محاكم لندن، أما في الكويت فما زالت أمام القضاء منذ 13 عاما؟ وقد صدرت فيها أحكام جنائية جرى إبطالها لأسباب إجرائية لم تكن مقنعة، وأعيدت منذ نحو خمس سنوات الى اللجنة القضائية التي تحقق في الدعاوى القضائية ضد الوزراء وما زالت اللجنة لم تبت في مسألة توجيه الاتهام، وإذا أضيف تصريح الوزير باقر الى استطالة مدة التحقيق فمن الطبيعي أن يصبح الأمر مثيرا للقلق وبشدة، خاصة أنه جرت محاولات سابقة للفلفة القضية·
يقول باقر بأننا استعدنا جميع الأموال المسروقة في قضية الناقلات وهي 102 مليون دولار، واستطرد قائلا إن هذا يعني أن كل المبالغ التي تمت سرقتها تمت تغطيتها بل ودخلنا في الفوائد المستحقة، حيث نقوم بتحصيلها الآن ولنا على هذا الكلام الملاحظات التالية·
أولا: إن القضية هي قضية اختلاس وسرقة أموال عامة، لها عقوبات إذا ثبتت التهمة أشد بكثير من استرداد الأموال المسروقة وإلا يصبح الأمر سهلا أمام سراق المال العام، ما دامت العقوبة فقط إرجاع الأموال المسروقة متى تم اكتشاف ذلك·
ونذكِّر الوزير باقر بموقف علي البغلي إبان توليه وزارة النفط واكتشاف فضيحة الاختلاس فاتخذ قراره الجريء بإحالة الأمر إلى النيابة العامة، وموقف الدكتور عبدالمحسن المدعج إبان توليه حقيبة وزارة النفط عندما رفض التسوية عرض المتهمون بسرقة أموال الناقلات إرجاعها مقابل إسقاط الدعوى، وكان موقف المدعج الصلب أمام الضغوط التي مورست عليه بأن سحب القضية أو إرجاعها يعني تشجيعا لسرقة المال العامة·
"اسرق فإن اكتشفت رد ما سرق" وكان الله غفورا رحيما·
ثانيا: إن المبالغ المطالب بها حسب الأحكام الصادرة من محكمة القاضي موربيك البريطانية هي 135 مليون دولار لتصبح مع الفوائد نحو مئتي مليون دولار أو أكثر وليس 102 مليون دولار كما قال الوزير· وهذه المبالغ لو استثمرت خلال مدة العشرين عاما منذ بداية السرقة في عقد الثمانينات لأصبحت المئة مليون مليارا أو مليارات ومؤشرات ذلك بادية في مظاهر الثراء الفاحش لمن قام بالسرقة·
ثالثا: هنالك دعوى مقامة حاليا من شركة الناقلات ضد المتهمين الأربعة بمبلغ 25 مليون دولار ولم يصدر فيها حكم نهائي قابل للتنفيذ حتى الآن، مما يتناقض مع كلام الوزير بأن الناقلات أو المال العام استرد حقوقه كاملة·
رابعا: لجنة فحص البلاغات القضائية التي أحيل إليها البلاغ المقدم من وزير النفط السابق (د· عادل الصبيح) في ضوء قرارات مجلس الأمة ضد خمسة متهمين بمن فيهم الوزير الأسبق وما زالت لم تنته من عملها ولم تصدر قرارها النهائي، إما بإحالة الأوراق للمحكمة أو حفظ الدعوى ضد الوزير·
خامسا: هنالك خشية من أن يترتب على تصريح الوزير باستلام الناقلات أموالها كاملة المساس والطعن بجدية دعاوى شركة الناقلات والمرفوعة ضد المتهمين الخمسة بمن فيهم الوزير الأسبق أمام المحاكم والبلاغ المقدم أمام لجنة فحص البلاغات القضائية، وسيقوم محامو المتهمين بالاستشهاد بذلك التصريح الذي نزل عليهم من السماء ومن مرجعية رسمية قانونية كويتية (أحمد باقر وزير العدل) لإثبات براءة ساحة موكليهم من أي مطالبات إضافية فوق المبلغ الذي ذكره الوزير·
وما يزيد إثارة القلق أن الصحيفة التي يملكها أحد المتهمين أبرزت الخبر بالمانشيت العريض في صفحتها الأولى "وزير العدل: استوفينا جميع أموال الناقلات بإيحاء أن القضية انتهت مما يثير الشكوك حول ما إذا كانت هنالك صفقات في الظلام الوزير باقر في تصريحه لم يقتصر كلامه على سرقة الناقلات بل أشار الى الاختلاسات والسرقات من الاستثمارات والتي أيضا ما زالت أمام القضاء الكويتي منذ 13 سنة لم يبت فيها بينما أصدر القضاء الإنجليزي أحكامه فيها والتي قال باقر بأنه تم استرجاع قسما من هذه الأموال·
المطلوب من الوزير باقر أن يوضح ما إذا كانت الحكومة جادة في المضي في الدعاوى المقامة ضد المتهمين وإعطاء تفسير للتأخير الطويل في البت في هذه القضايا·
******************
معظم الإيجابيات بضغوط خارجية!
الإصلاح في الكويت ·· "حمل كاذب"
كتب غسان الدوسري:
تحاول الحكومة في كل مناسبة يتم الحديث فيها عن الضغوط الدولية من أجل الإصلاح في المنطقة الخليجية والعربية على حد سواء، أن تظهر بمظهر الطرف غير المعني بهذه الدعوة على اعتبار أن الكويت دولة مؤسسات وقانون، وأنها "جزيرة دستورية" وسط محيط عشائري، وهي تستعين في هذه المواجهة بإرث عقدي الستينيات والسبعينيات، حيث كانت الحكومات آنذاك مع الحركة الشعبية والنيابية تعملان بشكل فاعل لرسم سمعة سياسية للبلاد· فكان ما سمي بدور الوسيط الذي لعبته الحكومة في إطفاء أكثر من خلاف خليجي خليجي وكذلك في بعض الخلافات العربية، إضافة إلى التقدم والتطور الذي حصل في أصعدة مختلفة ثقافية واقتصادية··· وكان ذلك في السابق من الزمن!
لكن الواقع اليوم يكشف عكس ما تظهر الحكومة من قوة في مواجهة هذه الضغوط، ويكفي لإثبات ذلك الكثير من القرارات والقوانين التي صدرت في السنوات القليلة الماضية بسبب تلك الضغوط التي لم تعد من أكبر دول المنطقة العربية كمصر والسعودية وسورية، فما بالنا ببلد صغير كالكويت·
فقضية مكافحة الإرهاب وغسيل الأموال ما هي إلا صورة من صور تلك الضغوط وتحديدا الأمريكية، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر وما تلاها من استراتيجية واضحة ومشددة تخص تجفيف منابع الإرهاب، وها نحن اليوم نشهد اجتماعات كويتية أمريكية وكويتية دولية لحل هذه الإشكالية التي سكتت عنها الحكومة سنوات·
أما قضية العمالة، فقد ظلت الكويت تماطل عقودا من الزمن وتؤخر إصدار قانون العمل في القطاع الأهلي، وقد أنجز مؤخرا ويتطلب موافقة مجلس الأمة عليه·
ومعلوم أن ملف العمالة يسبب قلقا واضحا للكويت والدول الخليجية عموما بسبب طبيعة اقتصادها الخدمي والريعي، وبدا مؤخرا أن هذا الملف قد شكل مادة قوية لتقارير الاتجار بالبشر الصادرة عن الخارجية الأمريكية وبشكل سنوي، وينسحب على ملف العمال موضوع العمالة المنزلية حيث تحاول الحكومة عبر وزارة الداخلية إصدار بعض القرارات والإجراءات التي تحد من تعسف القطاع الذي لا يحميه قانون خاص رغم بلوغهم 350 ألف نسمة تقريبا·
وعلى صعيد مكافحة الفساد، فيبدو الأمر أكثر وضوحا من زاوية إغراق وسائل الإعلام بمصطلحات "الشفافية" و"محاربة الرشوة"، وهي مصطلحات استخدمها مسؤولون كبار في الدولة وعلى رأسهم رئيس الوزراء نفسه إلا أن المراقب للواقع الفعلي على الأرض يجد أن الأمور تمشي على عكس ما يعلن من شعارات جميلة وبراقة فاتفاقية المكسيك لمكافحة الفساد الصادرة عام 2003 لا تزال الدولة تتجاهلها، ما يعكس تناقضا حادا بين القول والفعل، ولم يكن التفاعل الحكومي مع هذا الملف من ناحية سلبية فقط، بل تخطى ذلك ليكون تفاعلا إيجابيا "ولكن من زاوية سيئة" عبر إنشاء جهاز لخدمة المواطن، في خطوة جريئة لتكريس الفساد والتعدي على أجهزة الدولة الرسمية واختصاصاتها·
وعلى صعيد حقوق الإنسان، رفضت الحكومة إنشاء هيئة وطنية مستقلة تعنى بحقوق الإنسان كما يحدث في دول خليجية قريبة كقطر أو دول عربية كمصر· وجاء الرد صريحا بأن الحكومة لا تريد مثل هذه الهيئة دون أن تكون تحت سيطرة وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل!! وأن ما يوجد من جمعيات نفع عام عاملة في هذا الحقل كاف! كما تم قبول وقف استغلال الأطفال في سباقات الهجن والاستعاضة بهم بالروبوت الآلي بعد جهد جهيد، وتقارير دولية صدرت عن منظمة هيومن رايتس ووتش والحكومة الأمريكية أيضا·
ويتندر البعض عن الأسباب التي تجعل أي اجتماع بين مسؤول كويتي والسفير الأمريكي مثمرة وينتج عنها قرارات جيدة وصالحة للبلد وأمنه وسمعته· ويتساءل هؤلاء؟ لماذا لا يأخذ الكويتيون المبادرة؟ لماذا لا يكافحون الفساد في مؤسسات الدولة؟ وما الذي يمنع من تقديم خدمات طبية جيدة لوقف الصرف الهائل على "السياحة الطبية" التي تقودها وزارتا الداخلية والدفاع؟ ومن كان يقف ضد صدور قانون العمل في القطاع الأهلي؟ ولماذا كانت المماطلة في قانون الحقوق السياسية للمرأة الى أن اشتدت الضغوط وحصل ما حصل مؤخرا؟ ولماذا تماطل الحكومة ثانية في موضوع الدوائر الانتخابية وكان آخرها بدعة التأجيل 6 أشهر بحجة رسالة واردة من لجنة الداخلية والدفاع البرلمانية تطلب هذه المدة؟
ولمحاولة إيجاد تفسير لكل الأسئلة السابقة تؤكد مراجع سياسية شعبية أن السبب في ذلك هو حجم الفساد السياسي الذي أسسته الحكومات المتعاقبة بعد قانون تعديل الدوائر في العام 1980 والذي ولد تحالفا قوىا ومحكما ما زال يسيطر على مسيرة الدولة، ذلك هو التحالف الحكومي مع القوى الدينية، على حساب القوى الوطنية الأخرى التي همشت تماما ولا يكاد يكون لها تأثير على الحياة العامة في الكويت· فقد أدى الحلف الحكومي الديني الى تشويه الدستور وإصدار قوانين مخالفة له، وفرض رؤى غريبة على المجتمع الكويتي، وتعطيل تطبيق الكثير من القوانين وليست "مذبحة معرض الكتاب" كما أسماها بعض الكتاب والسياسيين ببعيدة، وها هو قانون حقوق المرأة السياسية يذيل بشرط غامض وشاذ يسيء للمرأة بالدرجة الأولى وهو ما يخص المشاركة وفقا لضوابطه للشريعة الإسلامية!!
ولعل موضوع "بيت الحكم" الذي وصل ذروة نقاشه الساخن في رمضان الماضي، وتحلل أطرافه وأطراف برلمانية من مواقفهم في الأيام القليلة الماضية بصورة دراماتيكية وكأن شيئا لم يكن هو بيت القصيد من كل تفاصيل الحياة السياسية في الكويت اليوم، إذ إن تراجع ما سمي بـ "الحسم" أرجع الأمور الى المربع رقم واحد مرة أخرى·
وقد كانت إشارات د· أحمد الخطيب في ندوته الأخيرة في جامعة الخليج حول ضعف تطبيق القوانين وامتهان الدستور وحسم أمور الحكم جرس إنذار للجميع مجلسا وحكومة·