رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الاربعاء 19 ذوالقعده 1426 هـ . 21 ديسمبر 2005
العدد 1708

عادل المشعل في معرضه الشخصي الديسمبري
أثار أسئلة المستقبل··· واندفع يبحث في فضاءات التجريب اللوني

                     

 

·         استخدم تكنيكات تعبيرية وتجريدية وترميزية وخانته التوظيفات الكولاجية

·         غرقت خطوطه في اللامتناهيات··· وأنشأ مدناً مفاتيحها التفسيرية في كيمياء الألوان

·         في لوحته "الناس اللي تحت"··· صاغ رؤية تجريبية فكرية عميقة الفكر وثرية الدلالات

·         نقل الماضي بالإحساس الداخلي التأثيري من غير الاستعانة بأشكال الواقع

 

                                                                            

 

كتب الدكتور نادر القنّة:

ما يميز التجربة التشكيلية للفنان عادل المشعل، بشقيها: الزيتي والإكريليكي في مقاساتهما المتعددة، أنه فنان قلق، لا يستكين في اتجاه معين، ولا يقتنع بما هو كائن·· لذا، فأنت تراه في اشتغالاته التشكيلية دائم البحث، ودائم السؤال عن صياغة مستقبلية مقبلة، تتجاوز كل إخفاقات الماضي ورهانات الحاضر··· وهنا تستطيع أن تقول بضمير مرتاح: إنه الحلم الأثيري الخالد الذي يشغل الفنانين الحالمين، المسكنين بهمّ السؤال، وقلق الحالة، وأوجاع الذات، وعشق الارتحالات الذهنية والوجدانية·

وعادل المشعل الذي يزاوج في اشتغالاته الثقافية بين "القلم والفرشاة" و"الكلمة واللون" و"شاعرية الحرف وإيقاع الخط" في حقلي الصحافة والفنون التشكيلية، لا تراه هنا استثناء في الصورة، والموقف، والتفكير·· بل هو واحد من أولئك الفنانين والكتاب والصحافيين الذين يشغلهم "الزمن الآتي" انطلاقا من حاضر يبدو بالنسبة إليهم غير مقنع، ولا يلبي احتياجاتهم·

من هنا، فإننا نراه في إنجازاته التشكيلية دائم "البحث" عن فضاءات لونية متجددة تخدم طبيعة تصوراته، وموضوعاته "الطوباوية" التي تجنح في شموليتها نحو: الشفافية، والروحانية، والرومانسية، مستخدما في تحقيق ذلك تكنيكات تعبيرية "متدفقة"، وأخرى تجريدية "بارزة" وثالثة واقعية "مستترة"، ورابعة ترميزية "مهيمنة" على الخط، واللون، وكنه الموضوع· بالإضافة الى ما يدشنه من توظيفات "كولاجية" تبدو في نظر البعض، وكذلك في نظر الرؤية النقدية عبئا على اللوحة، وعلى الموضوع، وما تمثله أحيانا من كسر لإيقاع الخط، وهرمونية الألوان، وفانتازية البناء التعبيري للوحة· بل ولضربة الفرشاة وظلال امتدادها·

ففي معرضه الأخير الذي جاء تحت شعار "شفافية··· امرأة" ديسمبر 2005، والذي قدم من خلاله "تسعا وأربعين" لوحة· قام بإنجازها في فترات مختلفة من رحلته الفنية، كما أنها تشكل خلاصة تجاربه التشكيلية على اختلاف تقلباتها المذهبية، واختباراته لقدراته التكنيكية··· يمكننا الوقوف بصورة جلية عند أهم السمات الفنية والثقافية المكونة لطبيعة اشتغالاته·· وأولها: غرق خطوطه، وأفكاره في رمزية لا متناهية، تحتاج الى جهود مضاعفة من الرؤية النقدية لاستكناه فلسفة ما يرمي إليه، ويسعى الى تحقيقه· وثانيها مزاوجته المتكررة بين تعقيد الترميزات والخطوط وتجريبية اللون، عبر توظيف دلالات نسقية تسمح بتعدد القراءات النقدية، والخطابات "النصية" التأويلية تبعا للثقافة الجمالية البصرية للمتلقي· مما يجعل لوحاته التشكيلية دوما في محل امتلاك "حس" نقدي متطور، وموضوع حديث بين أهل الفن، والمتابعين من الذائقة الجمالية·

وثالث هذه السمات: إصراره الدائم على حشر الكثير من التفاصيل في لوحاته·· وهي تفاصيل تجنح في بعضها نحو التصورات الميتافيزيقية، والتكوينات الغرائبية الموحية القابلة للتفسير والتأويل· مما يجعل اللوحة غير منتهية عند دلالة معينة، أو خطاب تأويلي تفسيري قائم بذاته·

وبالتالي فإن هذه التفاصيل الكثيرة والمتشعبة والمتداخلة في كثير من جوانبها تمنح اشتغالاته الفنية ثراء إضافيا، ويجعلها - مع مرور الزمن - أكثر جدلية، وأكثر استمرارية بفعل عنصر "اللامتناهي"·

ورابع هذه السمات شغفه اللامحدود بعدم التمسك بشكل معين - باستثناء ما أقحمه على لوحاته من موتيفات كولاجية - بهدف إثراء لوحته التشكيلية بتعدد إمكانات التعبير، المنطلقة من إحساساته الداخلية· فربما تفضي مجموعة خطوط الى معنى معين، ولكن بمجرد تقاطعها مع خط مغاير، فإن المعنى هنا يتجدد وفق هذا التقاطع، كما يتجدد وفق منظور العلاقة بين المتلقي وخطاب اللوحة· وهذا الأسلوب التكنيكي يجعله دوما في حل من المقولات الشعارية الثابتة، التي يصعب فيها تجاوز سقف الشعار، وحدود المعنى·

وخامس هذه السمات تحرير الألوان من الصياغات المذهبية، والطابع النمطي، والأطر المدرسية··· هادفا من وراء ذلك الى إطلاق مكنونات اللون بدرجاته المختلفة وإيقاعاته المتباينة، غير آبه بالتقليدية، والثوابت السائدة·· وهي سمة تدفعه دوما الى المزيد من التجريب، وإثارة الأسئلة عبر التطبيقات المختلفة، بما يحقق غاياته وأهدافه من الاشتغال في الفن التشكيلي· فعندما تنصب الجهود على تحليل الألوان في ما قدمه من إنجازات تشكيلية فإننا نضع أيدينا على علاقات لونية جديدة تساهم في إثراء المضمون الروحي، والشفاف في معالجاته التعبيرية والتجريدية·

أما السمة السادسة في تجربته التشكيلية فإنها تتموضع بقدرته الفنية على جعل كل لوحة تشكيلية تبدو "مدينة بأكملها"·· بل مدينة مشحونة بالعواطف، وممتلئة بالأسرار، والأسئلة، ومؤطرة بالألغاز والطلاسم، حيث يسمح لنا بالولوج الى دهاليزها عبر أكثر من نافذة، لنلتقي في النهاية عند نقطة مركزية واحدة تشكل عصب اللوحة، ومفتاح سلسلة أسرارها·

عالم الذكرى وآثار الزمن

في معرض تقديمه للفنان التشكيلي عادل المشعل، وتحت عنوان "قصائد مدورة لاستعادة الماضي" كتب الفنان عبدالرسول سلمان رئيس الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية نائب رئيس الرابطة الدولية للفنون ومنسق الإقليم العربي، يقول: "يمكننا" أن نشير الى لوحاته التي توصل الفنان الى التخلص من إلحاح الزخرفة وتوظيفها لخدمة موضوعه، أي عدم الاكتفاء بطرازها المظهري، بل بالإمساك بنسيجها الروحي المهيمن على ملامح الأشياء، والمستقر في أشكالها بدلالات مختلفة·

وهو أيضا يحاول أن يتجاوز المشكلة نفسها عن طريق اللون باستثماره لتنويعاته التراثية المختلفة التي تخلق مرادفا ذهنيا نستطيع من خلاله مسح التراب عن وجه الماضي بلحظة مرسومة تشكل اختصارا للأحداث، وتمكنا من الروح المعلقة بين الأرض والقلب· وهي ضرورية لوصف حالة الانبهار والألق الذهني وامتداد الخيوط بين عالمين متناقضين ومتآلفين في آن واحد، عالم الذكرى وآثار الزمن·

هكذا نجح "عادل المشعل" في نقل الماضي···· دون الاستعانة بأشكال الواقع·· لكن هدفه هو التطوير والتجديد"·

نماذج من اشتغالاته

في الوقت الذي لا يعير فيه الفنان عادل المشعل أي انتباه أو خصوصية لشخصانية الجسم البشري، ولا ينزع نحو تشريحه Dissection جزيئيا·· فإننا نجد اهتمامه ينصب على فيزيقية هذا الجسد بوصفه معبرا عن حالة شعورية معينة، منطلقها إحساساته الداخلية، من غير أن يتيح لهذا الجسد فرض هيمنته على اللوحة حتى وإن احتل معظم مساحتها·

وبالتالي، فإن الحضور هنا ليس حضورا لشخصانية الجسم البشري، بقدر ما هو تأكيد على الحالة التعبيرية للحالة الإنسانية·· وليس أدل على ذلك من لوحتيه "أم العروس" قياس (140x 60) و"الراقصة" قياس (120  100x)· ففي اللوحة الأولى ثمة اختفاء لمشاعر الحزن والفرح على الوجه البشري، وإطلاقها في تجريبيته اللونية الجديدة، وفي الثانية يتيح لخصوصية اللون حالة من التجلي عبر ضربات فرشاته المنتظمة في إيقاعاتها، والانفعالية في إحساسات وجدانه·

أما في لوحته الجروتسكية الزيتية "أكثر من وجه" قياس (100  80x) فإنه يعمد الى تغييب الطابع الأناتومي للوجوه المتكررة في اللوحة بأنماط مختلفة، مقابل إظهار مهاراته الفنية "كأناتوميست" في تبيان المظاهر التفصيلية لتكوينات لوحته، بوصفها مدينة "طوباوية"، تحمل سؤال المستقبل·· الكل فيها غائب، والحضور فيها فقط للنمط المستقبلي، من غير علاقات سسيولوجية·· وهذا التكوين سمح له بإظهار انفعالاته الدفينة وهو يتعامل مع موجات لونية تجريبية، تتقارب تارة، وتتباعد في أكثر الأحيان· حيث ينتقل انتقالا فجائيا من اللون الأزرق الى الأصفر الى الأسود الى الأبيض الى الأحمر الصارخ ومن ثم الى الأخضر·

الأسلوب التكنيكي ذاته يتكرر معه في لوحاته الإكريليكية "جداريات" قياس (100  100x) و"القرية" قياس (100  70x) و"جداريات/ تنويع مغاير" قياس (100 100x) و"القرية 2" قياس (100 70x

وتتأكد طبيعة الغياب الجسماني للكتلة البشرية في زيتية "الناس اللي تحت" قياس (100 90x) مقابل إظهاره الفاقع لطبيعة الموضوع، الذي يعلن عن وجود طبقية مقيتة قاتلة تجعل البسطاء يبدون في مدينتنا مغيبين، منسيين، لا أثر لهم·· بل إنك تحتاج الى جهاز ميكروسكوبي لمشاهدتهم مع أنهم كثر·· بل هم أكوام أكوام، أشبه ما يكون بالنفايات· ومرد ذلك بالطبع يعود الى ضغط المدينة الحديثة والتي يؤكدها بواسطة مقارباته اللونية، وانفعالاته الصارخة· وهو الأمر ذاته يتكرر في إكريليكيته "رجل من زمن العولمة" قياس (100 70x) حيث يبدو كل شيء مشوها أمام الإنسان وحضارته المدنية·

طباعة  

1 – Zoom
 
2 – Zoom
 
3- Zoom
 
وطن في السما
لقاء العملاقين لحام وإمام في السينما العربية 2006

 
فضاءات
 
بدء تصوير مسلسل اسمهان الأطرش·· ونانسي مرشحة لدور البطولة
 
الموت يُغيب الشاعر والكاتب المسرحي الأردني سليمان عويس