كتب محرر الشؤون المحلية:
تلقت "الطليعة" ردا من وزارة الإعلام بشأن ما نشر في العدد السابق من مخالفات مالية كبيرة حدثت في قطاع الإذاعة بلغت مئات الآلاف من الدنانير، وكانت أولى المفاجآت أن الرد جاء خاليا من التوقيع، وهو أمر لم يحدث قط من جانب أي جهة رسمية، فالكتب الرسمية سواء كانت موجهة الى الصحف أو غيرها يجب أن تحمل اسم وتوقيع الشخص المخول بتوجيهها، أما ما حصل في رد وزارة الإعلام فكان مذيلا باسم "إدارة العلاقات العامة"!!
وقد حمل الرد تناقضات ومغالطات كثيرة:
فهو أولا: يثبت صحة المعلومات التي ذكرناها بشأن تحويل لجنة حماية المال العام بالوزارة الشكوى التي نشرناها الى الإدارة القانونية، ولكن الرد لم يجب عن السؤال التالي: إذا كانت لجنة حماية المال العام بالوزارة (وهي لجنة محايدة أعضاؤها من خارج الوزارة) تحيل القضايا والشكاوى التي ترد إليها الى الإدارة القانونية بالوزارة فما هو مبرر وجود اللجنة أصلا؟! وكان مصدر اعتراضنا على هذه الإحالة أن الإدارة القانونية خاضعة إداريا
وعمليا لمسؤولين في الوزارة هم أساسا جزء من المشكلة وعلى علم كامل بتفاصيل هذه الشكوى وشكاوى أخرى مشابهة منذ أكثر من عام، وقاموا بالتحقيق فيها إلا أنه لم تخرج نتائج التحقيق من مكاتبهم حتى اليوم!! فكيف تحول الشكوى الى جهة هي جزء من المشكلة وطرف أساسي فيها؟!
ثانيا: إن الرد يحمل تناقضا غريبا بين فقرتين منه ففي جزء من التقرير تؤكد الوزارة (أو كاتب التقرير) أن لجنة حماية المال العام تنتظر أن تزودها الإدارة القانونية بنتائج التحقيق، حيث جاء في هذه الفقرة ما نصه: "وذلك تمهيدا لاتخاذ القرار المناسب بشأنه مع وجود تعليمات صريحة من الوزير بإحالة هذا التقرير الى نيابة الأموال العامة في حالة التثبت من صحة ما ورد فيه من ادعاءات·· وما زالت التحقيقات مستمرة في هذا الموضوع حتى تاريخ كتابة هذه السطور"، وواضح من هذا الكلام أن الوزارة لم تحدد رأيا في القضية نظرا لعدم انتهاء التحقيق وهذا أمر طبيعي، ولكن لنقرأ معا ماذا يقول الرد ذاته في جزء آخر منه؟ يقول النص: "وبالنسبة الى التقرير المنشور على صفحات جريدتكم فقد ورد على نحو مرسل ويفتقد الى ما يسانده من مستندات وخلافه ويبدو أن مصدره غير متيقن من المعلومات التي أوردها به ولا يمتلك الأدلة والبراهين على صحتها"، ونحن نتساءل هنا: هل يعقل أن يكون كاتب الرد شخصا واحدا؟! نشك في ذلك، فإذا كانت الوزارة لم تنته من التحقيق في الموضوع فكيف توصلت الى أن التقرير لا يستند الى الأدلة والبراهين وأتى على نحو مرسل!!
ثالثا: إن الرد يحمّل الموظف صاحب الشكوى المسؤولية في عدم الذهاب الى النيابة العامة بل إن الرد يذهب الى أبعد من ذلك حين يتهمه بجريمة التقاعس وعدم الإبلاغ عن تجاوزات يعلم بصحتها، وهنا يقتبس الرد من المادة رقم 18 من قانون حماية الأموال العامة أنه: "كل من علم بوجود مشروع لارتكاب جريمة مما نص عليه هذا القانون أو علم بوقوعها بالفعل وامتنع عن إبلاغ ذلك الى النيابة العامة، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات"·
وهذا أمر غريب جدا حيث يعلم وكيل الوزارة والوكلاء المساعدون ومدير الشؤون القانونية الحاليون بشكاوى مشابهة وأجريت فيها تحقيقات مطولة وقد اطلع هؤلاء كلهم على معلومات تتعلق بالتعدي على الأموال العامة، فلماذا لم يلجؤوا الى النيابة العامة للإبلاغ عنها؟! فهؤلاء المسؤولون هم من يفهم القانون أكثر من الموظفين العاديين كصاحب الشكوى الذي بسبب جهله بالقانون (وهذا ليس عيبا فيه أو انتقاصا منه) كان يخضع لتحقيقات تجريها الإدارة القانونية في شكاوى كيدية موجهة ضده رغم عدم إخطاره رسميا بالاستدعاء بل كانت الإدارة القانونية تكتفي بتبليغه شفاهة وهو أمر غير قانوني البتة كما يعرف المسؤولون في الوزارة وعلى رأسهم موظفو الإدارة القانونية ومديرها·· فمن الذي يفهم القانون؟ ومن الذي يفترض به أن يسارع الى الإبلاغ عن السرقات لدى النيابة العامة؟!
إن هذا الرد بتفاصيله المرتبكة والمتناقضة أمر يدعو الى الأسى والأسف، ويتطلب تدخل وزير الإعلام د· أنس الرشيد فورا في الموضوع من خلال إعطائه التعليمات الصريحة والواضحة لأركان وزارته للتعامل الجدي مع الموضوع وعبر إحالته الى النيابة العامة لأنه يفترض بالوزير بعد هذا الرد أن يعرف أن هناك في الوزارة من لا يريد للموضوع أن يظهر الى السطح ويريد تضييع معالم القضية حتى تضيع معها المسؤولية ونحن في "الطليعة" نعلم أن الوزير ليس له مصلحة بتاتا في إبطاء التعامل مع هذه التجاوزات المالية الخطيرة لأنها بالنهاية تؤثر على سمعة مسؤولي الوزارة وكل الموظفين ما لم تحسم بشكل سريع· ولينل المسيء جزاءه وليأخذ المجدّ حقه في المكافأة وليتحمل كل طرف ما ارتكبت يداه من سرقات·
وفيما يلي نص الرد:
السيد الفاضل رئيس تحرير جريدة "الطليعة" المحترم تحية طيبة وبعد،،،
الموضوع: رد وزارة الإعلام على ما نشر بالعدد رقم 1705 الصادر بتاريخ 30/11/2005 بشأن الكشف عن تجاوزات مالية بقطاع الإذاعة·
تتقدم وزارة الإعلام لجريدتكم الغراء بجزيل الشكر وذلك لحرصها الدائم على مصلحة الوطن وسعيها الدؤوب للكشف عن أي مساس بالصالح العام في ظل المناخ الديمقراطي الذي تحياه البلاد وتحت مظلة الدستور التي تكفل بضمان حرية الرأي والنهوض بالعمل الصحافي·
ونفيدكم علما بأن الوزارة وبتوجيهات مباشرة من الوزير د· أنس محمد أحمد الرشيد لم ولن تتوانى عن التصدي لأي شبهة فساد قد تثار داخل أروقة الوزارة وعن التعامل مع أي أمر من هذا القبيل بسرعة وحزم من خلال الإجراءات القانونية والأنظمة الإدارية المتبعة، ومن هذا المنطلق فقد صدر القرار الوزاري رقم 36/2005 بشأن تشكيل لجنة ثلاثية للنظر في الشكاوى المرتبطة بأحكام القانون رقم (1) لسنة 1993 بشأن حماية الأموال العامة بمشاركة من جهات خارجية وهي إدارة الفتوى والتشريع ووزارة المالية بالإضافة الى وزارة الإعلام وقد تشكلت هذه اللجنة وباشرت أعمالها من بعد أن تم ترشيح أعضائها من قبل الجهات المذكورة وبمعرفة ديوان عام المحاسبة وقد أحيل لهذه اللجنة تقرير مشابه للتقرير المنشور بجريدتكم·
وعلى الفور وبعد أن تمت مناقشته باجتماعات اللجنة اتخذت اللجنة قرارا أوليا بإحالة هذا التقرير للجهة المختصة بالتحقيق داخل الوزارة والإيعاز إليها بعدم استثناء أي طرف من المذكورين فيه، على أن تزود اللجنة بنتيجة التحقيق فور الانتهاء منه، وذلك تمهيدا لاتخاذ القرار المناسب بشأنه مع وجود تعليمات صريحة من الوزير بإحالة هذا التقرير الى نيابة الأموال العامة في حالة التثبت من صحة ما ورد فيه من ادعاءات وفقا للقواعد القانونية المعمول بها في هذا الصدد، وما زالت التحقيقات مستمرة في هذا الموضوع حتى تاريخ كتابة هذه السطور·
كما نود الإشارة الى أنه وعلى الرغم من حرص وزارة الإعلام على الحيلولة دون وقوع مثل هذه التجاوزات المالية بكل قطاعاتها وإداراتها المختلفة إلا أن ذلك لا يقلل من حرصها الدائم على سمعة وكرامة موظفيها من القذف والتشويه المفتقر الى الأدلة والبراهين والامتناع عن الانسياق خلف الشكاوى الكيدية والمزاعم الباطلة وغير المبنية على أسس صحيحة·
وبالنسبة الى التقرير المنشور على صفحات جريدتكم فقد ورد على نحو مرسل ويفتقد الى ما يسانده من مستندات وخلافه ويبدو أن مصدره غير متيقن من المعلومات التي أوردها به ولا يمتلك الأدلة والبراهين على صحتها ولو كان غير ذلك لسارع بالإبلاغ عن تلك التجاوزات الخطيرة لدى النيابة العامة إذ إن تقاعسه أو امتناعه عن الإبلاغ رغم تأكده من صحة هذه المعلومات ولديه من المستندات والأوراق ما تثبت ذلك، يعد مخالفا للقانون حسب المقرر بنص المادة رقم 18 من القانون رقم (1) لسنة 1961 بشأن حماية الأموال العامة أنه: "كل من علم بوجود مشروع لارتكاب جريمة مما نص عليه هذا القانون أو علم بوقوعها بالفعل وامتنع عن إبلاغ ذلك الى النيابة العامة، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن ثلاث سنوات···"·
ومع ذلك فإن الوزارة سوف تضع هذا الأمر قيد اهتمامها الى أن يتم التحقق من صحة الوقائع التي انطوى عليها أو عدم صحتها·
ولا يسعنا في الختام إلا التعبير عن اعتزاز وزارة الإعلام بجريدتكم وبمساعيها الحميدة للكشف عن مواطن الفساد بكل صوره وأشكاله سواء بوزارة الإعلام وفي غيرها من الجهات دون الانزلاق خلف المهاترات غير الجدية والمزاعم غير المسؤولة·
هذا وتفضلوا بقبول فائق الاحترام،،،
مع تحيات إدارة العلاقات العامة بوزارة الإعلام
من كواليس الــقــضــيــة
بعد أن نشرت "الطليعة" في عددها السابق تفاصيل السرقات المالية التي بلغت مئات الآلاف من الدنانير في قطاع الإذاعة بالإعلام رصدت مصادرنا بعض ما يجري في كواليس الوزارة، هذا بعضها:
" لم تقم الإدارة القانونية باستدعاء "بعض" الموظفين والمسؤولين المتهمين بالتجاوزات إلا بعد نشر "الطليعة" للشكوى في الأسبوع الماضي رغم أن الشكوى محالة الى الإدارة القانونية منذ 11/10/2005·
" الإدارة القانونية لم تستدع أيا من المعدين الوهميين الذين وردت أسماؤهم في الشكوى حتى كتابة هذا الموضوع!
" صاحب الشكوى قدم (125) ورقة ثبوتية ومستندا ومع ذلك يقول الرد إن الشكوى كيدية وتفتقر للإثباتات!!
" الإدارة القانونية بعثت بالشكوى ومستنداتها كاملة الى "مهندس" التجاوزات (أ· ي) لقراءتها والرد عليها دون أن تستدعيه للتحقيق!
" حينما طلبت "القانونية" من قطاع الإذاعة المساعدة في استدعاء "المعدين الوهميين" قال مسؤولو القطاع إنهم لا يملكون أي عناوين لهم ولا يعرفون هواتفهم النقالة لأنهم لا يعملون بالوزارة رغم أن "الطليعة" نشرت أرقام حساباتهم والبنوك التي حولت إليها الأموال!!
" تقدم بتاريخ (28/11/2005) عدد من المتهمين الرئيسيين وهم من أبطال الفضيحة ببلاغات تفيد بحدوث سرقة أوراق ثبوتية من مكاتبهم!! "يذكروننا بحرائق المخازن في البلدية كل عام"·
" ثلاث كاميرات في مبنى الإعلام رصدت "الهوشة" الشهيرة التي حدثت بين مراقب ومدير بكل تفاصيلها من ركل ورفس وعض وبالألوان، ولكنها لم ترصد سرقات المكاتب·· "والله لغز محير"!
" انهالت الشكاوى الكيدية على الموظف الذي تقدم بالشكوى، فموظفة تتهمه بابتزازها وأخرى تقول إنه يشاهد مواقع إباحية على الإنترنت "قبل عام" والعجيب أن الإدارة القانونية سارعت باستدعائه بشكل غير رسمي للتحقيق معه في هذه الأمور الكيدية التي لم تخرج إلا بعد أن قدم الشكوى أما فضائح السرقات فتتعامل معها القانونية "على أقل من مهلها"!!
" الموظف صاحب الشكوى حرم من عضوية لجنة البرامج في الإذاعة وتم نقله من البرنامج العام الى محطة الغناء العربي··· "وياليلي يا عين"·