كتب المحرر الثقافي:
الندوة الثقافية الوحيدة المصاحبة لإقامة معرض الكتاب الثلاثين، قدم فيها الروائي المصري جمال الغيطاني شهادة إبداعية تنقل فيها بين سنوات نصف القرن من الكتابة في الرواية ومحطات من حياته· قدمه فيها الروائي إسماعيل فهد إسماعيل·
بدأ الغيطاني شهادته من الولادة والبلدة وسنوات التكوين الأولى والعائلة: "ولدت في قبيلة عربية اسمها "جهينة" تسكن سوهاج في صعيد مصر، ولكن أول صورة في ذاكرتي كانت عن القاهرة القديمة، وليس صدفة أن أول صورة ارتبطت في ذاكرتي عام 1948 كانت غارة جوية إسرائيلية على القاهرة، وشاء القدر أن أعمل محررا عسكريا في عام 1968، وأعرف أنها الغارة الوحيدة التي شنت على القاهرة، فأنا ابن وطرح القاهرة القديمة"· وأضاف: "أبي كان موظفا صغيرا وكنا نعيش في أسرة ريفية معزولة في درب قصر الشوق، وهذا الدرب كان يحمل الكثير من المتناقضات، ولم يكن أحد في البيت له القدرة على الكتابة· وربما لو ساعدت الظروف والدي لأصبح روائيا· والقراءة فتحت لي آفاقا ذهبية، وسفرا لا ينتهي، وكنت أقرأ كل ما تقع عليه يدي، ونتيجة لوجود جامع الأزهر فقد كانت هناك مكتبات تخدمه، ولقد تكونت معارفي من خلال الكتب التي تخدم طلبة الأزهر، وكانت تعرض على الرصيف"·
وعن لغته الأولى قال: "كنت وقتها أستخدم لغة الروايات التي أقرؤها، ولم أفكر في الكتابة، ومن هذا الرصيف قرأت في اتجاهين متوازيين، الأول حول التراث القديم، والآخر يتعلق بالروايات المترجمة، وقد كانت الثقافة متاحة على الرصيف، ومن ثم فقد تعرفت على نجيب محفوظ في أحد شوارع القاهرة القديمة، ثم عرفت طريقي الى دار الكتب المهيبة··· وشعرت برغبة غامضة في كتابة قصة سمعتها من الوالد لتكون هي أول قصة أكتبها"·
وعن توظيف الواقع أو الهروب من جحيمه الى الرمز التاريخي قال الغيطاني: "كنت أشاهد السيدات وهن يخرجن الى الشارع مطالبات جمال عبدالناصر بالبقاء، ثم جاء الرد الروحي من الكتاب، وبالنسبة لي لم أذهب الى المرحلة التي انتصرنا فيها ولكن ذهبت الى المرحلة التي هزمت فيها السلطة المملوكية المستقلة أمام سليم الأول"، وأضاف: "أنا معني بقضية الحرية وهي مصيرية، وضد القهر··· وبدأت اهتمامي بالعمارة في وقت مبكر، ونتيجة لظروفي الخاصة درست الفنون والصنايع، وأنا من كبار صناع السجاد في مصر، وأنا محظوظ في هذه الحال، لأن هذا الفن علمني الصبر، ولي كتاب سيصدر قريبا عن الألوان"· وأضاف: "في أوراق شاب عاش ألف عام، والزيني بركات استخدمت التراث العربي، في تحقيق هذه الخصوصية، وفي الزيني بركات درست كل ما يتعلق بالعصر المملوكي من ملبس ومأكل وعادات وخلافه، ولقد قسمت هذه الرواية الى سرادق وليس فصولا، وبذلت جهدا في هذه الرواية يمكن فيه أن أتعلم اللغة اليابانية"·
وفي ختام "الشهادة الإبداعية" تطرق الغيطاني الى الكويت ودورها الثقافي وطرح بعض الاقتراحات: "هذا البلد - الكويت - له دور في الثقافة العربية، وهي تتعامل منذ الاستقلال مع الثقافة بالنزاهة، وعندي طموح أن تظل الكويت في مسيرتها الثقافية المتميزة، ومن الأشياء المؤثرة بعد الغزو عدم توقف سلسلة "عالم المعرفة" وغيرها، كما أطالب المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بإحياء مشروع القاموس العربي الذي كان مقره الكويت، ثم تأثر المشروع بالغزو، وأرجو أن تتعاون الأمة العربية في انطلاق هذا المشروع العربي، لأن آخر قاموس أنتج في القاهرة للمؤرخ اليمني مرتضى الزبيدي، كما أطالب الجامعة العربية بتبني هذا المشروع الذي لا يكلف أكثر من ثمن عربة مصفحة"·
وأضاف: "إسرائيل جعلت من اللغة العبرية الميتة لغة حية، ونحن نفعل عكس ذلك··· والمشروع الآخر حول رصد جائزة عربية تنافس جائزة نوبل، وأتمنى من الكويت أن تنطلق منها هذه الجائزة"·