· هل نحن بحاجة إلى زيادة الإنتاج إلى هذه المعدلات التي قد ترهق وتستنزف المكامن؟
· المشروع لم يأخذ حقه من النقاش العلمي الموضوعي
· الكويت ليست بحاجةإلى 3 ملايين برميل يوميا
كتب هادي درويش:
قال النائب السابق عبدالله النيباري إن طريقة عرض مشروع حقول الشمال رافقته حملة تضليل واسعة النطاق شملت كل الجوانب وان اللقاءات التى كانت تعد لمناقشة هذا الموضوع كانت تهدف للترويج للمشروع وليس للاستماع الى وجهات النظر المخالفة له، وأكد أن المشروع لن يعود بالفائدة على الكويت بل العكس صحيح، وأن كل المبررات التى صاغها الفريق المؤيد للمشروع غير صحيحة ومن اليسير كشفها والرد عليها·
ومن جانبه قال هاشم الرفاعي نائب رئيس شركة التنمية إن العالم بحاجة لنفط الكويت حسب الدراسات الأخيرة وبالتالى سوف يرتفع الإنتاج لتغطية هذه الحاجة حتى عام 2010 من4 الى5 ملايين برميل يوميا، وبين خلال الندوة التى أقامتها جمعية الخريجين الكويتية أن المشروع بدا بعد التحرير مباشرة كفكرة وتم العمل فيه فعليا عام 1993· وفيما يلى التفاصيل:
النيباري: جدل
قال النائب السابق عبدالله النيباري إن مشروع حقول الشمال أخذ جدلا واسعا داخل الكويت وخارجها، ومن ناحيتي الشخصية بذلت فيه جهدا من خلال تقديم الاقتراح لقيام اللجنة المالية والاقتصادية بالزيارات المتعددة الى النرويج وإيران والسعودية وشفنا تجاربهم·
والآن وإذا كنا نريد تطوير حقولنا فما هي السبل الأنسب؟ وإذا أردنا أن نستعين بشركات أجنبية فما هي الاتفاقية أو التعاقد الأنسب؟ وخلال الترويج للمشروع قيل إن الكويت والسعودية هما الدولتان الوحيدتان اللتان لا تستعينان بالشركات الأجنبية وهذا أمر غير صحيح لأن الشركات الأجنبية لم تفارقنا في الكويت منذ تأميم النفط وحتى قبل الغزو وبعده، وفي تقديري أن المشروع لم يأخذ حقه من النقاش العلمي الموضوعي·
وقال النيباري إن المشروع رافقته حملة تضليل للمجتمع الكويتي والترويج لمشروع كأننا نروّج لعطر أو ملابس أو باقات ورد، وهذه طريقة غير مسبوقة لعرض أي مشروع قانون في الكويت وحتى أي مكان في العالم، نعم لقد حدثت نقاشات ولكن معظمها عبارة عن حملة ترويج ولم يكن الرأي الآخر مطروحا إلا في عدد محدود من اللقاءات وهذا ليس عملا فنيا أو اقتصاديا أو قانونيا، على الأقل كان المفترض أن يتم عرض الرأي الآخر·
تبديد التضليل
وقال النيباري بأن مهمتي خلال هذه الندوة تبديد هذا التضليل وعرض الحقيقة لكي يبنى قرارنا على صواب، فبداية هذا العقد ليس العقد المناسب لتطوير حقولنا وصيانتها وليس العقد المناسب لمصلحة الكويت، وكثير من الأرقام التى استخدمت غير صحيحة وكانت تهدف للترويج للمشروع والتضليل·
وأضاف: أما كيف نتعامل مع مشروع تطوير حقول الشمال فعلينا أن ننظر إلى ما فعلناه منذ عام 1992 حتى الآن؟ وكيف استطاعت شركة نفط الكويت بالتعاون مع الشركات العالمية بطريقة عقود تقديم خدمات فنية إلى إرجاع الإنتاج من الصفر الى مليونين ونصف برميل يوميا بعد الغزو العراقي للكويت؟ فكيف نبرر التخلي عن هذه الطريقة ونذهب لأخرى وهي تعاقد وتسليم نفطنا لمدة 20 سنة فقط لزيادة 300 ألف برميل فقط!! في المقابل إذاكنا قد استطعنا أن نرجع لمعدل إنتاج مليونين ونصف برميل يوميا خلال فترة ما بين 1992 وحتى الآن، فلماذا لا نستمر بالطريقة نفسها اذا كنا بحاجة لزيادة الإنتاج·
وأوضح بأن خطة تطوير حقول الشمال كانت موجودة ومدروسة من قبل الغزو من خلال الاستعانة بجميع البيوت الاستشارية وتم تحديد كل مواصفات التطوير بما فيها دراسة المكامن والدراسات التحليلية وعدد الآبار وأين تحفر والتكلفة وغيرها قبل هذه الشركات مثل "شلومبرجيه" و"SSI" و"شركة هاليبيرتون" وغيرها، و تم وضع المواصفات الجاهزة للتنفيذ بقدرات ذاتية وبمساعدة هذه الشركات والبيوت الاستشارية·
وبعد الغزو أعيد تحديث الخطة مع نفس البيوت الاستشارية وتم الاستعانه بشركة البترول البريطانية "BT" في موضوع حقول الشمال، فنحن عمليا ما زلنا نستعين بالشركات الأجنبية والخبرات التى توفرها·
وقال النيباري إن التقنية التى سيتم استخدامها هي عبارة عن حقن الآبار بالمياه واحيانا يتم استخدام الغاز لرفع الإنتاج في حالة اذا كان ضعيفا - أي إنتاج النفط - هذه التقنية ليست صعبة وليست جديدة كما يقول مندوبو الحكومة وهي معروفة منذ 60 سنة وتمارس بالمنطقة منذ 30 سنة وهي مطبقة بالسعودية·
مشروع حقول الشمال يتطلب في المرحلة الأولى ضخ 300 ألف برميل يوميا من المياه في المرحلة الأولى وفي المرحلة الثانية أو الثالثة سيتطلب ضخ تقريبا مليون برميل· حاليا السعودية تحقن في حقل "غوار" وهو أكبر حقل نفط في العالم 7 ملايين برميل يومي من المياه باستخدام 14 محطة طاقة كل واحدة 500 ألف برميل يوميا، كما قامت السعودية بتطوير بعض الحقول ومنها حقل شيبة في الربع الخالي بالاستعانة مثلنا باتفاقيات الخدمات الفنية أو باستئجار خدمات الشركات المختلفة التى تقوم بتقييم المكامن وحفر الآبار وتثقيبها وغيرها من الأمور، شركات الخدمات هذه طورت إمكاناتها بحيث أصبحت تملك القدرة على إدارة المكامن، وإحدى هذه الشركات وهي "شلومبرجر" سوف تقوم بإعداد معهد تدريب في السعودية لتوسيع خدماتها·
الأمر الأهم أننا نحن في الكويت نستخدم هذه التقنية (تقنية الطمر بالمياه) في حقل الوفرة· والمشروع الحالي لتطوير حقول الشمال وضع منذ 1996 وتم تحديثه في سنة 1998 وبدأ تنفيذه منذ سبع سنوات وارتفع إنتاج حقول الشمال إلى 650 ألف برميل يوميا ولولا انفجار "مركز تجميع 15" عام 2002 لوصلنا الى 700 ألف برميل أو أكثر، ومع ذلك أطرح هذا التساؤل: هل نحن بحاجة الى زيادة الإنتاج إلى هذه المعدلات التي قد ترهق وتستنزف المكامن·
العمالة الوطنية والتدريب
وقال النيباري إن موضوع التدريب وموضوع العمالة الوطنية طرح سؤال بشأنه في اللجنة المالية فقال مندوبو الحكومة بأن حجم العمالة في المشروع يقدر بحوالي 465 شخصا بينما العاملون في مرحلة الإنتاج لدينا 5000 شخص ولو افترضنا أن الشركة سوف تقوم بالتدريب وهذا عليه علامة استفهام لأن الشركة تريد أن تنتج بأرخص الأسعار فلماذا تقوم بالتدريب؟ ولنفرض أنها قامت بالتدريب من الطبيعي أنها لن تدرب كل الطاقم ولنفرض أنها قامت بتدريب %10 من 465 شخصا يعني 46 شخصا!! السعودية ترسل بعثات لمختلف دول العالم من دون استخدام الواسطة أو إعادة الامتحانات، يأخذون المتميزين في المرحلة الثانوية ويقومون بتدريبهم لمدة سنة كاملة ومن ينجح يرسل للخارج وسنويا يرسلون 300 شخص، وحاليا لديهم تقريبا 1000 شخص خارج السعودية للتعليم والتدريب، إذاً هل يمكن أن نقوم بحل مشكلة التدريب التى تأخرنا فيها لسنين طويلة عن طريق تدريب 64 شخصا، فإذاً عملية التدريب من خلال المشروع المقترح لن تفي بالمتطلبات التى نريدها، وحاليا يقدر عدد الكويتيين العاملين في حقول الشمال النفطي بألف (1000) مشتغل وسيتم أخذ 465 شخصا منهم، والاتفاقية المقترحة تنص على أنه سيتم إعارتهم للشركة لمدة 6 أشهر وبعدها تأخذ من تريد منهم، وبالتالى لن يكون هناك ضمانة لمن يعمل، والعقد لا يلزم الشركة في حال عدم توافر كفاءات وطنية توظيف %70 كويتي من العمالة·
تطوير "الشمالية" غير صحيح
وقال ان الشركة سوف تستثمر مليارين و800 مليون، وجزء من حملة التضليل أن المشروع سوف يطور المنطقة الشمالية وهذا غير صحيح، لأن المشروع ليس تطوير المنطقة الشمالية بمعنى بناء مدن وميناء وما يتطلب ذلك من مرافق حقول الشمال وإنما استكمال تطوير حقول الشمال لأن خطة تطوير حقول الشمال هي تحت التنفيذ والدليل على ذلك وهذا جواب الحكومة في اللجنة المالية التي أقرت بأنه تم رفع الإنتاج من 400 ألف برميل إلى 650 ألف برميل يوميا، والمصاريف الرأسمالية المطلوبة للمشروع معظمها صرف وبلغ ما صرف حوالي 3 مليارات و200 مليون دولار تقريبا والمشروع تقدر تكاليفه بحوالي 4 مليارات دولار أي لم يتبق من احتياجات الصرف إلا مليار دولار فقط·
وبيّن النيباري أن هناك جوا عاما في البلد يميل إلى عدم الثقة في الحكومة وبالتالي أي شيء يعمل من خارج الحكومة فهو أفضل في هذا الجو وبالخصوص إذا كانت شركة أجنبية، وبالتالى في هذا الجو يمرر هذا المشروع ودون تدقيق ودون الالتفات الى مصلحة الكويت·
وأوضح أن تبرير المشروع لأن المطلوب الوصول الى إنتاج 3 ملايين برميل يوميا، هذا المشروع سوف يرفع الإنتاج خلال أول أربع سنوات الى 900 ألف برميل ويبقى عند هذا المستوى أربع أو خمس سنوات وفي السنة التاسعة أو العاشرة يبدأ بالنزول إلى أن ينخفض إلى 400 ألف برميل يوميا، وقالوا إن من مبررات زيادة إنتاج حقول الشمال هو إراحة حقل "برقان" والاستعانة بالتعويض من إنتاج حقول الشمال خلال أول أربع سنوات وبعدها سوف يتراجع الإنتاج الى أقل من 600 مليون برميل؟ فكيف سيتم تعويض النقص؟ من الطبيعي سيتم العودة الى حقل "برقان" وهذا يعنى أن عذر إراحة برقان لن يتحقق، إذاً اهداف المشروع المذكورة أن الوصول الى إنتاج 3 ملايين برميل وإراحة حقل "برقان" غير صحيحة·
الدفع مقابل الخدمة
وقال النيباري إن الصيغة المعمول بها حاليا مع الشركات التي تستعين بها هي صيغة تقديم مساعدة فنية وهي عبارة عن الدفع مقابل الخدمة التي تقدم أو الخبراء الذين يستعان بهم وهي صيغة مطبقة بالسعودية وبعض الدول الأخرى، بينما المشروع المقترح شيء مختلف تماما إن الشركة تستثمر من خلال عقد استثماري والشركة تتقاضى أرباحا ولكن بدلا من تسميتها أرباحا أطلقوا عليها كلمة رسوم وهي عبارة عن واحد دولار و60 سنتا على الإنتاج من المكامن القديمة ودولارين و60 سنتا على إنتاج المكامن الجديدة ويضاف الى ذلك %50 من المصاريف الرأسمالية و%50 من مصاريف التشغيل، وهذا ليس خدمات وإنما هو استثمار تجني من ورائه الشركة، وبالتالي الشركة سوف تستثمر تقريبا مليارين وسوف تحصل بالمقابل على 10 مليارات·
وأكد النيباري أن الكويت ليست بحاجة الى إنتاج 3 ملايين برميل يوميا من النفط وأنه ليس بمقدور احتياط الكويت أن تنتج ذلك على مدى 20 عاما، وأن هذه المعلومات والبيانات لم تعط لمجلس الأمة، مشيرا الى أن إنتاج حقل برقان سوف لن يزيد إنتاجه عن مليون و700 ألف برميل يوميا وحقول الشمال سينخفض إنتاجها من 900 ألف برميل الى 400 ألف برميل يوميا أي بمجموع مليونين و100 ألف برميل، فأين سوف نعوض الـ900 ألف برميل؟ للوصول إلى معدل إنتاج 3 ملايين برميل، هناك من يقول أيضا إن معدل إنتاج مليون و700 الف برميل كثيرو بالنسبة لحقل برقان أو ليست الطريقة المثلى لانتاجية حقل برقان·
وأضاف أنه في الجانب التشريعي تم تكييف العقد "الاتفاقية المقترحة" لتبدو وكأنها اتفاقية تقديم خدمات بتسمية ما تتقاضاه الشركات من أرباح على أنها رسوم إنتاج ولكن بنود الاتفاقية تنص على أن الشركات تلتزم بكل المصاريف اللازمة للإنتاج أي أنها تستثمر أموالا وتتقاضى أرباحا· وهذا يتناقض مع نص المادة 152 من الدستور التي تنص على أن أي استثمار في مورد طبيعي من موارد الثروة الوطنية كالبترول يجب أن يكون بقانون، وليس وفقا لقانون يفوض الحكومة بالدخول في عقود لاستثمار الثروة النفطية· وقد كان تقرير لجنة الشؤون التشريعية في هذا الشأن حاسما بأن أي اتفاقية بشأن استثمار الثروة النفطية يجب أن يكون بقانون والتعديلات التي أدخلتها اللجنة المالية والاقتصادية على أهميتها إلا أنها لا تطهر القانون من مخالفته لنصوص الدستور·
الرفاعي: تنظيم الانتاج الأولي
ومن جانبه بيّن هاشم الرفاعي أن الخطوات الأولى لتطوير حقول الشمال (مشروع الكويت) بدأت منذ عام 1991 بعد التحرير مباشرة كفكرة حيث كان المهم الانتقال من مرحلة الانتاج الأولي الى مراحل متطورة من الانتاج الثانوي والذي يعتبر أكثر تعقيدا ومخاطرة مالية للكويت وللعمل من الناحية الفنية·
في عام 1991 جاءت توصية من شركة نفط الكويت عندما كان الدكتور حمود الرقبة "وزيرا للنفط آنذاك" بالتروي في هذا الموضوع والعمل على تنظيم الإنتاج الأولي والوصول الى حاجة السوق المحلي ثم نفكر بعدها في هذا المشروع والعمل فيه، وفعلا في عام 1993 وصل إنتاج الكويت آنذاك الى مليون برميل في اليوم أى حجم الإنتاج كما كان قبل غزو النظام العراقي، واسترجعت الكويت حصتها بالكامل من الأوبك، وبعد تلك الفترة طرح المجلس الأعلى للبترول التساؤل للقطاع النفطي "ماذا بعد هذه المرحلة؟ وما الخطط المستقبلية؟" بدأنا بمعرفة حجم الأضرار في الحقول النفطية من الوثائق التى جمعناها وغيرها من الأمور التى ساهمت في التأخير بالتركيز على "مشروع الكويت"، حيث شكلت لجان فنية من مختلف المسؤولين في القطاع النفطي كثيرة لجمع المعلومات والبيانات وإعداد الدراسات الخاصة بهذا المشروع، حيث أوقف المشروع لحين استكمال شركة نفط الكويت جميع المسوحات الزلزالية في مختلف مناطق الكويت وغيرها من المعلومات المتوافرة عن المكامن وكيفية تشغيلها بعد ذلك تم طرح نتائج هذه الدراسة ودخلت في استراتيجية شركة نفط الكويت عام 1995 بالاضافة الى دراسات عديدة منذ فترة منتصف السبعينيات التى بينت بأن حاجة العالم الى النفط الكويتي تتراوح مابين 4 الى 5 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2010م، موضحا أن هذه البيانات موجودة لمن يريد أن يطلع عليها، وقال إن هناك حاجة للنفط الكويتي وانعكس هذا التوجه على استراتيجية نفط الكويت الإنتاجية وبالتالي زيادة الإنتاج الى 4 أو 5 ملايين برميل مع ضمان عدم اختلاط النفط مع المخزون الطبيعي للأرض وبالتالى صعوبة استخراج واستخلاص النفط منها·
وبين الرفاعي أن شركة نفط الكويت تبين لها أن الكثير من مكامنها غير مستغل استغلالا كامل حيث إن %70 من مكامن الكويت تصدر وتفرز غازات بنسب كبيرة وهناك حقول عكسها تماما، حيث أغلب هذه الحقول التى تفرز الغازات متواجدة في الشمال·
وقال إن مشروع القانون المعدل لحقول الشمال لعام 2005 يأخذ بجميع التساؤلات التي تطرح لتلافي بعض الثغرات في المشروع السابق عام 2000، مضيفا أنه تم تزويد اللجنة المالية والاقتصادية بمجلس الأمة بكل المعلومات المطلوبة·
ردود
ورد الرفاعي على بعض التساؤلات حول إمكانية قيام شركة نفط الكويت بهذا الدور قال إن التكنولوجيا النفطية الحديثة هي كم متكامل وليست حضارة أو عملية بسيطة في الإنتاج أو غيرها من العمليات النفطية، إضافة الى ما تعانيه من البيروقراطية وضغوط خارجة عن إرادتنا لا نستطيع من خلالها التطوير من قدراتنا·
وأكد الرفاعي أن الشركة تضمن حق العمالة ورواتبها إذا ما رغبوا في الانضمام للشركة الجديدة·