كرس مارك جريل - القدس:
تتهم وثيقة سرية للخارجية البريطانية إسرائيل بالاندفاع نحو ضم المنطقة العربية من القدس، مستخدمة في ذلك بناء المستوطنات اليهودية غير الشرعية وجدارا يتمدد في الضفة الغربية، في تحرك يستهدف منع أن تصبح القدس العربية عاصمة فلسطينية·
وتقول الوثيقة برؤية صريحة غير معتادة في التقييم البريطاني لنوايا إسرائيل، إن حكومة أرييل شارون تعرض للخطر إمكانية الوصول إلى اتفاقية سلام بمحاولاتها وضع مستقبل القدس الشرقية العربية خارج التفاوض، وتهدد بدفع السكان الذين يعيشون في المدينة إلى أحضان الجماعات الراديكالية· وكانت هذه الوثيقة التي حصلت عليها الغارديان قد قدمت إلى اجتماع المجلس الوزاري للاتحاد الأوروبي الذي ترأسه وزير الخارجية جاك سترو يوم الاثنين مع توصيات بالتصدي للسياسة الإسرائيلية، وضمن ذلك الاعتراف بالأنشطة السياسية الفلسطينية في القدس الشرقية، ولكن المجلس قام بتأجيل النظر في القضية إلى الشهر المقبل بسبب ضغوط مارستها إيطاليا، كما تقول المصادر، التي تعتبرها إسرائيل أقرب حلفائها في الاتحاد الأوروبي·
من جانب آخر، وصفت إسرائيل التوصية بنقل اجتماعات الاتحاد الأوروبي مع السلطة الفلسطينية من رام الله إلى القدس الشرقية كاعتراف بالمطلب العربي على أنها "حدث سلبي"· وتدعي إسرائيل بأن الجزء الشرقي من القدس الذي احتلته في حرب العام 1967 هو جزء من "عاصمتها الموحدة"· والمعروف أن كل الحكومات تقريبا تقيم سفاراتها في تل أبيب لأنها لا تعترف بهذا الادعاء الإسرائيلي·
وتقول الوثيقة، التي وضعتها القنصلية البريطانية في القدس الشرقية، كجزء من عمل رئاسة بريطانيا للاتحاد الأوروبي، إن السياسات الإسرائيلية موجهة لمنع القدس من أن تصبح عاصمة فلسطينية، وبخاصة سياسة توسيع الاستيطان في المدينة وحولها·
وتقول إن خطة شارون القائمة على ربط القدس بمستوطنة معاليه أدوميم الكبيرة في الضفة الغربية ببناء آلاف البيوت الجديدة، "تهدد باستكمال تطويق المدينة بالمستوطنات اليهودية، وتقسيم الضفة الغربية إلى منطقتين جغرافيتين منفصلتين"·
وتضيف "إن النشاطات الإسرائيلية في القدس انتهاك لالتزاماتها تجاه خريطة الطريق (خطة السلام) والقانون الدولي على حد سواء"·
وتتوصل وزارة الخارجية البريطانية في وثيقتها أيضا إلى أن الجدار الإسمنتي المتمدد، الذي تؤكد إسرائيل أنه إجراء أمني، يستخدم لمصادرة الأراضي العربية في المدينة وخارجها و"أن هذا الضم بوضع اليد على الأرض الفلسطينية سيكون من المتعذر إلغاؤه من دون إجلاء على نطاق واسع بالقوة للمستوطنين، وتغيير مسار الجدار"·
وتتضمن الوثيقة أيضا القول بأن السيطرة الإسرائيلية الصارمة على حركة الفلسطينيين من المدينة وإليها هي محاولة لتقييد النمو السكاني العربي! "فحين يكتمل الجدار، ستسيطر إسرائيل على كل المنافذ إلى القدس الشرقية، وتفصلها عن المدن الفلسطينية المجاورة لها مثل بيت لحم ورام الله، ومن ورائها الضفة الغربية، وسيحمل هذا تبعات خطيرة بالنسبة للفلسطينيين"·
وتمضي الوثيقة إلى أن دافع إسرائيل الرئيس المؤكد تقريبا هو دافع ديموغرافي، فخطة القدس الكبرى ذات هدف واضح وهو الإبقاء على نسبة سكان القدس الفلسطينيين بحدود لا تزيد عن %30 من مجموع سكان القدس· وكل هذا، يقلل إلى حد كبير فرص تحقيق حل وجود دولتين، لأن جوهر المطلب الفلسطيني هو مطلب السيادة على القدس الشرقية·
وتقول الوثيقة "إن الفلسطينيين يشعرون بقلق عميق حول وضعية القدس، وهم يخشون أن تنفذ إسرائيل خطتها تحت غطاء فك الارتباط، وتحمل الإجراءات الإسرائيلية خطر استثارة سكان القدس الفلسطينيين الذين هم هادئون حتى الآن"·
تعليقا على ما ورد في الوثيقة، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ، مارك ريجيف، "إن إسرائيل تؤمن بأن القدس يجب أن تظل العاصمة الموحدة لإسرائيل· وهي ملتزمة في الوقت نفسه بأن القدس هي إحدى قضايا الوضع النهائي!"·
" (الغارديان 2005/11/25) "