كتب باسل محمد:
شهدت الجولة الأولى للمرحلة الثالثة للانتخابات البرلمانية في مصر، والتي جرت في تسع محافظات حيث تم التنافس على 136 مقعدا، أعنف المصادمات بين قوات الأمن والناخبين من مؤيدي مرشحي المعارضة وجماعة الإخوان المسلمين، مما أسفر عن مقتل أحد المواطنين وإصابة المئات في دوائر عدة·
وقد بلع الصدام والعنف بين الحزب الوطن الحاكم وقوى المعارضة الذروة في هذه المرحلة من الانتخابات، وكان العنف هو سيد الموقف في غالبية الدوائر، ولم يتوقف عند الدوائر التي يتنافس فيها 49 من مرشحي جماعة "الإخوان المسلمين" بل امتد ليشمل بقية الدوائر خصوصا في "الحامول" في محافظة كفر الشيخ حيث يخوض المنافسة فيها وكيل مؤسس "حزب الكرامة" حمدين صباحي في مواجهة مرشح الوطني علي رجب·
وقد أسفرت نتائج الانتخابات عن فوز 9 مرشحين فقط (4 حزب وطني 4 مستقلين انضموا فيما بعد للحزب الوطني وواحد حزب الوفد" وسوف تجري الإعادة على 127 مقعد من بينهم 34 من مرشحي الإخوان وخمسة من المعارضة و90 مرشح من الحزب الوطني والباقي من المستقلين·
وقد حملت جماعة الإخوان المسلمين الحكومة مسؤولية عدم فوز أي من مرشحيها في الجولة الأولى من المرحلة الثالثة، وقد ذكر القيادي بالجماعة د· عصام العريان، أن عدم نجاح أي مرشح للإخوان حتى الآن يرجع الى منع الناخبين من دخول مكاتب الاقتراع والتلاعب في نتائج الفرز، مشيرا الى أن وزارة العدل أصرت على إسناد عمليات فرز النتائج الى قضاة قال نادي القضاة إنه سيضعهم على قائمة سوداء·
ومن بين الذين سيخوضون جولة الإعادة من قوى المعارضة رئيس الحزب الناصري ضياء الدين داود، ووكيل مؤسس حزب الكرامة "ناصري" حمدين صباحي، ونقيب المحامين (ناصري مستقل) سامح عاشور ومحمود أباظة حزب الوفد·
وقد شهدت الانتخابات تدخلا واسعا للشرطة لمنع الناخبين من دخول الكثير من مكاتب الاقتراع، ما أدى الى مواجهات بين الغاضبين ورجال الأمن·
وذكرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان إن قوات الأمن التي حالت دون وصول ناخبين الى أحد مراكز الاقتراع، قتلت مؤيدا للمرشح حمدين صباحي بمدينة بلطيم الواقعة على البحر المتوسط وأصابت عشرات آخرين، لكن وزارة الداخلية ذكرت في بيان لها أن القتيل سقط في اشتباك بين أنصار صباحي ومرشح الحزب الوطني·
وقد احتج نادي القضاة بمصر على هذه الأحداث وطالب من أعضائه الذين يشرفون على الانتخابات النيابية، الانسحاب من لجان الاقتراع إذا استحال قيامهم بعملهم بسبب قيام الشرطة بمنع الناخبين من الاقتراع·
وقد أكد المستشار هشام بسطويس، وهو عضو بلجنة مراقبة الانتخابات بنادي القضاة، إن خمسة قضاة انسحبوا بالفعل وحملوا صناديق الاقتراع معهم الى مقر اللجنة العامة بالمنصورة "محافظة الدقهلية"، وأضاف أن ثلاثة قضاة ممن يشرفون على الانتخابات تعرضوا للضرب·
الإخوان يدخلون الإعادة بـ 34 مرشح والمعارضة بخمس مرشــحين
تضاؤل فرص مبارك الابن في تأسيس حزب جديد
استبعدت مصادر سياسية رفيعة المستوى أن يكون طريق جمال مبارك لتأسيس حزب جديد والخروج من الحزب الحاكم وتركه للحرس القديم، مفروشا بالورود·
وأكدت هذه المصادر أن القيادة السياسية تتحفظ على مساعد مبارك الابن لمغادرة الحزب الوطني والانضواء تحت راية حزب مستقل حيث لا زالت القيادة تراهن على استمراره في الحزب الحاكم وعدم تعريض الاستقرار السياسي في البلاد للخطر·
وقد أوضحت هذه المصادر أن خبرة مبارك الابن لم تصل بعد الى حالة النضج السياسي التي تسمح بخوض مثل هذه التجربة، حيث أن لجنة السياسات التي يرأسها فشلت في تقديم نفسها كخيار إصلاحي ولم تبدو إلا تحالف بين رأس المال والسلطة وكثيرا ما لاقت انتقادات من عديد من الجهات ومن شخصيات من داخلها·
ونبهت المصادر الى أن مبارك الابن لم يستطع تقديم نفسه كواجهة إصلاحية أو ليبرالية حيث حكمت الممارسات الشمولية أسلوب إدارته للأوضاع داخل لجنة السياسات، كما أنه كثيرا ما يضيق صدره بأي انتقادات لدرجة أنه قام بفصل د· محمد السعدني من لجنة السياسات بسبب اعتراضه على بعض القوانين التي تخدم رجال الأعمال ضد الأغلبية الفقيرة·
وأشارت هذه المصادر الى أن القيادة السياسية قد تفكر في بديل للجم طموحات جمال مبارك وإقناعه بعدم مغادرة الحزب الحاكم، وإجراء تغييرات دراماتيكية داخل الحزب، والانحياز التام لتيار لجنة السياسات في صراعه مع الحرس القديم وتعيين مبارك الابن أمينا عاما للحزب، والاكتفاء باحتفاظ صفوت الشريف بمقعده كرئيس لمجلس الشورى فقط·
غير أن هذا الخيار لا زال محل دراسة من مستشاري الرئيس المكلفين ببحث الحلول المثلى لإنقاذ الحزب الحاكم من المأزق الذي يعاني منه منذ سنوات·
