رام الله - "الطليعة":
أصبحت التظاهرات ضد جدار النهب الإسرائيلي في الضفة الغربية تتواصل أسبوعيا، وتستقطب أعدادا كبيرة من المتضامنين من المنظمات المدنية الغربية، ويساريين من داخل إسرائيل، مع الفلسطينيين، وتتخذ هذه التظاهرات التي تشهد إقامة أنشطة احتجاجية متنوعة قرية "بعلين" مركزا للتجمع· وقد شارك فيها مغنون أمريكيون وعازفون من بولندا بالإضافة الى أعضاء منظمة التضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني الأكثر بروزا في هذا المجال·
ولوحظ في الفترة الأخيرة أن هذه التظاهرات "السلمية" بدأت تسبب ضيقا بالغا لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، فهي تجعل قضية جدار النهب حية في الأذهان، وتلعب دورا كبيرا في تأليب الرأي العام الدولي ضد ما أصبح يصطلح عليه باسم الجدار العنصري، مع ما يتبع ذلك من دعوات لمقاطعة إسرائيل بوصفها دولة عنصرية بدأت تفعل فعلها في أوساط المؤسسات المدنية الغربية، وبخاصة الكنسية·
وفي ظل هذا لجأ الجيش الإسرائيلي كما كشفت الصحافة الإسرائيلية، الى اختلاق ذرائع تتيح له قمع هذه التظاهرات التي أصبحت أسبوعية ومجدولة ومنظمة، وضرب واعتقال أو حتى قتل المشاركين فيها· ومن ذلك ما كشفت عنه صحيفة "يديعوت أحرونوت" حين نقلت عن ناشطين يساريين يشاركون في التظاهرات ضد الجدار، من اكتشافهم لوجود جنود إسرائيليين يرتدون ملابس عربية يقذفون القوات الإسرائيلية بالحجارة· وهو ما أكده بعد ذلك مسؤولون في الجيش عن وجود هؤلاء الجنود في التظاهرات· وقال أحد المشاركين في التظاهرات "إن بعض مجهولي الهوية المقنعين بدؤوا بتحريض المتظاهرين على قذف الجنود بالحجارة، وبدؤوا بأنفسهم· وحين سألهم بعض القرويين عن هوياتهم، قالوا إنهم فلسطينيون من "اللد" وصلوا مع الفوضويين! إلا أن أمرهم سرعان ما اكتشف، إذ تبين أنهم جنود متخفون بملابس عربية، وأنهم لم يأتوا معنا من اللد"· وأضاف هذا المشارك بأن ثلاث سيارات عسكرية إسرائيلية وصلت بعد لحظات وخلصت هؤلاء المتخفين بعد أن انكشف أمرهم· بعض المتظاهرين لاحظ أن الجيش الإسرائيلي يستخدم هذه التكتيكات دائما لتحويل تظاهرات الاحتجاج الى تظاهرات عنيفة، كذريعة لقمع التظاهرات·
وزعم ناطق باسم الجيش الإسرائيلي أن هذه هي أول مرة يستخدم فيها الجيش جنودا من وحدة مساندة متخفية كيساريين من أجل التعرف على زعماء المظاهرات واعتقالهم·
صحيفة هاآرتس أكدت من جانبها (14/10/2005) في تقرير لها هذه الواقعة، إلا أن تقريرها المترجم الى طبعتها الإنجليزية لم يتضمن كل ما ورد في الطبعة العبرية· فقد جاء في الطبعة العبرية أن الجنود لم يفرقوا المتظاهرين المزيفين، بل قاموا بالتظاهر باعتقالهم وقاموا بنقلهم من مكان الحادث، وأشارت الطبعة العبرية أيضا الى الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي الذي استخدمه الجيش ضد المتظاهرين، والى أن الوحدة العسكرية ذاتها نشطت في التظاهرة في "بعلين" قبل بضعة أشهر· وحينها قرر قاض عسكري بأنه ليس من سلطة هذه الوحدة المسماة "وحدة السجون" أن تنشط في المناطق المحتلة· ولا يعرف ما إذا كانت هذه الوحدة عادت الى نشاطها لتخريب الاحتجاجات بإذن خاص أم لا·